وجه قولنا: ما تقدم ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة، ومحمد ،أنه لو واطأها ورضيت ذلك وأتقها وكرهت التزويج أنه يحكم عليه بأن يسعى له في قيمتها فصح أن تزوحها عوض، فصح أن تتمول، وهو ما ذكرنا من قيمتها، ولا خلاف في أن من تزوج امرأة على ..................... وإن مدة، أو حرمه، عيد له مدة، إن ذلك جائز، إذا كان بعدل عشرة دراهم فما فوقها، وحكى عن زقرانة، قال: إذا أسعت من التزويج، فلا سعاية عليها.
وجه قولنا: أنها فوتت عليه حقا يصح/154/ أن تتموله.
فإن قيل: روي عن عائشة أنها قالت: إن حورية ابنت الحارث، كانت وقعت في سهم لثابت بن قيس، أولا بن عمر فكانيته، فأتت النبي صلى الله عليه، تستعين على كنايتها، فقامت، فقال: هل لك في خير من ذلك، أقضي عنك كنايتك، وأتزوجك، قالت نعم، قال: فقد فعلت.
قلنا: ليس في الحديث أنه إذا كاينها حتى عتقت، وتزوجها وإنما فيه أنه عرض ذلك عليه، ويجوز أن يكون الأمر لم يتم في ذلك، حتى ملكها، ثم أعتقها، وجعل عنقها صداقها، ليكون، ذلك جميعا بين الخبرين على أن ابن عمر كان أعرف من عائشة بذلك إذ كانت حويرية في سهمة.
427 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه لما لاعن بين عويمر العجلاني، وبين زوجته، قال عويمر: مغالية مالي، يعني ما أعطاها من المهر، فقال: النبي صلى الله عليه: لا مال لك إن كنت صدقت عليها فيما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها، فذلك أبعد.
428 خبر: وعن زيد بن على، عن أبيه، عن جده، عن على عليه السلام، في رجل تزوج امرأة، ولم يفرض لها صداقا، ثم توفي قبل أن يفرض لها ، وقبل أن يدخل بها، قال: لها الميراث، وعليها العدة، ولا صداق لها.(4/32)


429 خبر: وعن زيد، وابن عمرمثله، وبهذا قال: يحيى عليه السلام، في الأحكام، وهو قول القاسم عليه السلام، وهو أحد قولي الشافعي، وأبو حنيفة، وقال: يحيى عليه السلام في المنتخب: فها مهر مثلها، وهو قول أبي حنيفة، ورواية الأحكام أصح له، وهي المعمول عليها، وإنما قال عليه السلام في المنتخب: لها مهر مثلها، لأنه لم يكن صح له جرح أمير المؤمنين عليه السلام لمعقل، وذلك أنه روي عن معقل بن سباب الأشمعي، أن رسول الله صلى الله عليه، قضى بذلك فيامرأة، فقال: لها تزويج إبنه وأشق فجرحه أمير المؤمنين عليه السلام، وقال: لا تقتل قول إعرابي يقال على على عقبيه على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه.
قوله صلى الله عليه، على كتاب الله وسنة رسوله، أن الذي قاله هو سنة تجري مجرى الرواية، عن رسول الله صلى الله عليه، على أنه عليه السلام أنه قدوة، وإن لم يسنده.
فإن قيل: فأنتم قلتم خبر فاطمة بنت قيس في أن النبي صلى الله عليه، لم يجعل لها سكي، ولا يفقه مع جرح عمر لها، فما أن كريم على .......... له، وقيل خبر معقل مع جرح علي له.(4/33)


قلنا: عن هذا جوابان، أحدهما أن جرح علي عليه السلام، ليس كجرح عمر على بقولنا، والثاني أن عمر جرحها بما ليس بجرح، وذلك أنه روي أنه قال: لا يقتل حديث امرأة لا تدري أصدقت أم كذبت، ولا يكون مثل هذا جرحا، وليس مثل قول أمير المؤمنين في معقل، فإن قيل: روي عن عبدالله بن مسعود، مثل ما روي عن مقعل، قلنا إنما روي عن عبدالله، يدل على أنه قاله باجتهاده، لأنه روي أنه قال: أقول فيه برأيي فإن يكن صحيحا فمن عند الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه بريئان، وقول علي عليه السلام: أولى ولائه، قال: فيه ما يدل على أنه من السنة، وأيضا فإنه لا خلاف في أنه إذا طلقها قبل الفرض، والدخول، فلا مهر لها، فكذلك إذا مات قبلهما فإن قيل: فإن لها المتعة في الطلاق، قلنا: ولهذا كان الميراث، ونفقه العدة إذا مات، ولا خلاف في التي فرض لها زوجها مهرا ومات ولم ........... أنها تستحق المسمى مع الميراث، إلا ما حكي عن الناصر عليه السلام أنه جعل الموت كالطلاق بأن قال: تستحق النصف مما سمي لها والإجماح ججة.
430 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من كشف خمار امرأة أو نظر إليها وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل>.
431 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من كشف عورة امرأة وجب صداقها>.
432 خبر: وعن الأحنف بن قيس، أن عليا عليه السلام، وعمر قالا: إذا أغلق بابا أو أرخى سترا فالصداق كاملا وعليها العدة.
433 خبر: وعن الحسن أنه قال: قضى المسلمون أنه إذا أغلق بابا، أو أرخى سترا وجب المهر ووجبت العدة.
434 خبر: وعن زرارة بن أوفان، قال: قضى الخلفاء الراشدون أن من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب عليه المهر، ووجبت العدة.(4/34)


دلت هذه الأخبار على أن من خلى بزوجته بحدث لا تكون معهما غيرهما أن المهر لزمه كاملا ويجب عليها العدة إذا كانت تصلح للجماع. وهو قول علي عليه السلام وسائر أهل البيت عليهم السلام وعمر وعثمان وزيد بن ثابت وابن عمر وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي. وقال: في قوله الثاني وهو الأشهر من قوليه أنها لا تستحق المهر بالخلوة كاملا وجه قولنا ما تقدم وقول الله تعالى: {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وأتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا من شيئا} وهذا تمام ................. الدليل ثم بين تعالى حكم الخلوة فقال: {وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض} والإفضاء هو خلوة الزوج بها بحيث لا ساتر بينهما وهو مأخوذ من الفضا يبين ذلك ما روي: <لا يفضي رجل إلى رجل ولا امرأة إلى امرأة إلا إلى ولده أو والده> فبان أن المراد بالإفضاء ليس هو الجماع ويحتمل أن يكون هذا لورود النهي عن النحو، ومما يؤكد قولنا أنها قد سلمت نفسها إليه تسليما صحيحا فاستحقت كمال العوض كما أن من باع سلعة فسلمها تسليما صحيحا استحق العوض وحكم النكاح في استحقاق العوض أكد من حكم سائر العقود، إلا ترى أن في مسائل العقود إذا تلف المعقود عليه قبل التسليم لم يكرم العوض ولا خلاف أن موت المعقود عليها قبل الدخول يوجب العوض قثبت ما قلناه.
يرد به النكاح خبر من باب ما
............. ابن عمر قال: تزوج النبي صلى الله عليه امرأة من بني عفار فأدخلت عليه فرأى في كشحها وضحا فرجها. وقال: <دلستم علي دلستم علي> وفي بعض الأخبار قال لها: <الحقي بأهلك>.
435 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام أنه قال: يرد النكاح بأربعة أشياء الجنون، والجذام، والبرص، والقرن.
436 خبر: وعن الشعبي، عن علي عليه السلام. قال: إن كان دخل بها فهي امرأته، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما.
437 خبر: وعن عمر مثل ذلك.(4/35)


438 خبر: وعن الحسين بن علي عليهما السلام، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه كان يقول: <لا تديموا النظر إلى المجذومين ومن كلمهم منكم فليكلمهم وبينه وبينهم قيد رمح>.
دلت هذه الأخبار على أن النكاح يرد بأحد هذه العيوب الأربعة التي هي الجنون والجذام والبرص والقرن، إذا لم يعلم بها الزوج، والرتق يكون في حكم القرن عند عقد النكاح، وأنه إن وطي فإنها تكون امرأة له إن شاء طلقها وإن شاء تركها، وإن لم يطئها كان الفراق فسخا لا طلاقا، فإن خلا بها ولم يطئها ووجد فيها أحد هذه العيوب فلا مهر لها وهو إجماع أهل البيت عليهم السلام إلا الناصر عليه السلام فإنه قال في البرص: لا ترد به المرأة. وقال أبو حنيفة: لا ترد الحرة بهذه العيوب. وقول الشافعي مثل قولنا وجه قولنا ما تقدم من الأخبار ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في أن التي خلى بها زوجها وهي محرمة أو صائمة في رمضان أو حائض أنها لا تستحق كمال المهر فكذلك من بها احد هذه العيوب وقد علمنا أن الرتق اشد منعا للتسليم البضع من الإحرام، فإن قيل فقد أوجبتم المهر كاملا لمن خلا بها زوجها ولو لم يطئها فكذلك هذه قلنا: إنما قلنا في السليمة التي سلمت نفسها تسليما صحيحا، ألا ترى أنه لو كانت صغيرة لا يجامع مثلها، أو كان معهما في البنت غيرهما، أو كانت حائضا أو محرمة، أو صائمة في رمضان، وخلابها أنا لا توجب عليه المهركاملا لأنها لم تسلم نفسها تسليما صحيحا، فكذلك من بها أحد هذه العيوب، لم تسلم نفسها تسليما صحيحا، ويؤكد ذلك أن من شرى دار أو سلمها البائع للمشتري، وهي في يد غاصب أنه لا يكون ذلك تسليما صحيحا، فإن قيل: روي عن علي عليه السلام، أنه قال: هي إمرأته، إن شاء أمسك، وإن شاء طلق.
قلنا: هذا الخبر روي عن الشعبي، وبد روي عنه ما قدمنا، فد لعلى أن المراد به الدخول، والدخول هو الوطئ لقول النبي صلى الله عليه: < من كشف جاز>(4/36)

63 / 146
ع
En
A+
A-