دل على أنه يحرم نكاح أم المرأة دخل الرجل بإبنتها أم لم يدخل، وقد قال تعالى: { وأمهات نسائكم} ولم يشرط فيهن ما شرط في الربائب، وذهب الإمامية إلى أن الشرط عام فيه، وفي الربائب ورووا عن على عليه السلام أنه جعل أمهات اليتامى عند الباب فميز له بناتهن، وقد روى زيد بن على عليه السلام، عند عليه السلام، خلاف ما قالوا وهو أنه قال: عليه السلام، حرم الله سبحانه من النسب سبعا، ومن الضهر سبعا، فأما السبع من النسب فهن الأم، والثيب، والأخت، وبنت الأخت، وبنت الأخ، والعمة، والخالة، وأما السبع من الضهر فامرأة الأب، وامرأة الأبن، وأم المرأة، دخل بالثيب أم لم يدخل بها، ثم إبنتها إن كان دخل به وإن لم يكن دخل بها فهي حلال، والجمع بين الإختين، والأم من الرضاعة، والأخت من الرضاعة، فإن قيل: أليس قد قال الهادي إلى الحق عليه السلام، في أول كتاب النكاح في كتاب الأحكام، ثم حرم سبحانه أمهات النساء على أزواج بناتهن، أو كانوا قد دخلوا فكيف حكمتم عنه تحريم المرأة على الزوج دخل من بإبنهتها أو لم يدخل، قيل له أنه عليه السلام، ذكر أمهات النساء في الأحكام في موضعين، فقال: في أول الموضعين، ما حكيت عنه ولم يذكر حالهن في تحليل ولاتحريم، إذا لم يكن الأزواج دخلوا ببناتهن، ولم يكن في هذا نقض لما حكمناه، وقال: حين يوسط الكتاب لا يجوز أن ينكح الرجل أم إمرأة ملك العقد نكاحها، دخل بها أم لم يدخل بها لأنها محرمة مبهمة التحريم فقطع في هذا الموضع ما كان موقف منه.
314: وعن زيد بن على، عن أبيه، عن جده، عن على عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: لا يتزوج الرجل المرأة على عمتها، ولا على خالتها، ولا على إبنة أخيها، ولا على إبنة أختها، ولا الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى.
315خبر:عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه، نهى أن تنكح المرأة على عمتها وعلى خالتها.(4/2)
316 خبر: وعن أبي هريرة، إنما الخالة على إبنة أختها، لاتنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى، على الكبرى.
لنا أنه يحرم مثل ذلك من الرضاع، لقول صلى الله عليه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب.
317 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلا، عن أبيه، عن جده القاسم عليه السلام، أن عبدالله بن جعفر جمع بين إبنة أمير المؤمنين عليه السلام،زوجة له، ووجهه أنه ليس بينهما خرمة بسبب ولا رضاع فأشبهنا الأجنبيتين، ولا خلاف فيه اليوم، وإن كان قد حكي الخلاف فيه عن بعض السلف.
318 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: للتي طلقها رفاعة ثلاثا، أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتىتذوق عسيلته ويذوق عسيلتك، يعني الزوج الذي يزوج بها بعد رفاعة.
319 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن على عليه السلام، مثله.
320 خبر: وعن كعب بن مالك، أنه أراد أن يتزوج يهودية، أو نصرانية، قال النبي صلى الله عليه وسلم، عن ذلك، فقال: إنها لا تحصنك.
321 خبر:عن أبي ع الحسني رحمه الله بإسناده، أن النبي صلى الله عليه، نهى كعب بن مالك، وفي بعض الأخبار و ع فإنها لا تحصنك.
دل هذا الخبر على أنه لا يجوز نكاح الذميات للمسلمين،والمراد بقوله صلى االله عليه، أنها لا تحصنك/137/ أي لا يثبت لك العفاف، ويؤيد ذلك ما روي.
322 خبر: وعن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: <من أشرك بالله فليس بمحصن> وذهب قوم إلى جواز نكاح الكفائيات، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، إلا أن الشافعي فرق بين الإماء والحرائر، فحرم نكاح الإماء.(4/3)
وقولنا هذا إجماع أهل البيت عليهم السلام، إلا ما روي عن زيد بن على عليه السلام في إحدى الروايتين عنه، والأحرى مثل قولنا، والأصل في ذلك قول الله تعالى: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} فجعل إيمانهن شرطا في صحة نكاحهن، وقد جعل الله تعالى الإيمان شرطا في صحة النكاح في غير هذا الموضع جيث يقول: {ومن لم يستطع مننكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} فشرط الإيمان في الحرائر والمملوكات، وقال تعالى: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانو أبائهم أو أبنائهم أو أخوانهم أو عشيرتهم} والزوجية تجمع المودة والرحمة بين الزوجين، لقوله تعالى:{ومن أيته أن لكم من أنفسكمم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} وأما احتجاجهم لقول الله تعالى: { اليوم أحلت لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} فإن المراد به بذكر الذين أوتوا الكتاب هاهنا الذين أسلموا منهم، لقول الله تعالى: { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا} إلى قوله{منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون فجل منهم مؤمنين وجعل منهم أمة مقتصدة} فإن قيل فما الفائدة في ذكر أهل الكتاب هاهنا وكان ذكر المؤمنات يجزي.
قلنا: لأنه روي أن قوما ممن أسلم من العرب كانوا يأنفون من نكاح المسلمات من أهل الكتاب ويعافون طعامهم لا خلاف في أن الوثنية والمجوسية، لا يجوز نكاحهما لكفرهما، فكذلك اليهودية والنصرانية، وقد روي عن النبي صلى الله عليه، أنه قال: سيواتهم يعني الجوس، سنة أهل الكتاب ولا خلا ف أيضا في أن الذمي لا ينكح المسلمة فكذلك المسلم لا ينكح الذمية، وقال الشافعي لا يحل للمسلم نكاح الأمة الذمية للكفر، فكذلك الحرة.(4/4)
323 خبر: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه: لا يجوز شهادة ملة على ملة إلا ملة الإسلام، فإنها تجوز على الملل كلها.
دل هذا الخبرعلى أن الكفر ملل، وأنه لا يجوز التناكح بين أهل ملتين.
324 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: لا توارث بين أهل ملتين.
دل هذا أيضا على صحة قولنا، لا تناكح بين أهل ملتين، إذ قد حكم الله بالميراث بين الزوجين، فصح أنهما من أهل ملة واحدة.
325 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه: <إنما عبد تزوج بعيرا إذن مولاه فهو عاهر> ولا خلاف في هذا.
326 خبر: وعن عطا، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه: <لا يزوجن النساء إلا من إلا من كفأ ولا ينكحهن إلا الأوليا ولا مهر دون عشرة دراهم>
327 خبر: وعن سلمان/138/ أنه قال: أمرنا أن ينكحكم ولا تنكح إليكم مع أنه قد حطب إلى عمر إبنتة.
328 خبر: وعن أبي هريرة، أن أبا هند حجم رسول الله صلى الله عليه في النافوخ، فقال النبي صلى الله عليه، يابني بياضة، أنكحوا أبا هند وأنكحوا إليه.
329 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه زوج ضباعة إبنة عمر بن الزبير بن عبد المطلب المقداد بن عمرو.
330 خبر: وعن زيد بن هلالة إبنت عوف، أخت عبد الرحمن بن عوف.
331 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أننه زوج إبنته من عثمان بن عفان وأخرى من أبي العاص.
332 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه زوج ابنته من عمر بن الخطاب.
333 خبر: وعن سلمان، أنه خطب إلى عمر ابنته؛ فأنعم له فشق ذلك على ابنه عبدالله، فذكر ذلك لعمر بن العاص، وسأله أن يدبر فأتى عمر وسلمان، فقال: هنيئا لك يا أبا عبدالله تواضع لك عمر. فقال: لي تواضع والله لا تزوجتها.
334 خبر: وعن عمر، أنه قال: لأمتعن ذوات الأحساب أن يزوجن إلا من الأكفاء بمحضر من الصحابة.(4/5)
335 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <إذا حاكمم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ألا تفعلوا يكن فتنة وفساد كبير.
336 خبر: وعن ابن عمر وعائشة أن النبي صلى الله عليه قال: <العرب بعضها أكفاء لبعض؛ قبيلة بقبيلة، وحي بحي، ورجل برجل، والموالي بعضها أكفاء لبعض؛ قبيلة بقبيلة، وحي بحي، ورجل برجل>.
337 خبر: وعن واثلة بن الأسقع، قال، قال رسول الله صلى الله عليه: <إن الله اصطفى كنانة من بني إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم>.
دلت هذه الأخبار على أن الكفؤ يراعى في الدين والنسب، ولا حكم يتعلق بما ذكر صلى الله عليه من جهة الشرع إلا الأكفاء في النكاح وأراد صلى الله عليه بقول: <العرب بعضه أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة> ولم يقل المسلمون بعضهم أكفاء لبعض. وقول سلمان وهو منم أكابر المسلمين: أمرنا أن ننكحكم ولا تنكح إليكم. وقول رسول الله صلى الله عليه: <إذا حاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه> والنسب جملة الخلق فصح أن الكفؤ في الدين والنسب.
فأما الأخبار التي وردت في تزويج غير الكفؤ فذلك جائز إذا رضيت به المرأة والأولياء فإن كره الأولياء نكاح غير الكفؤ لم تنكح، وكذلك إذا كرهت المرأة ألا ترى أن العبد إذا دلس بنفسه على حرة فتزوجها ثم علمت أنه عبد أن لها فسخ النكاح إن شاءت ذلك.(4/6)