دل هذان الخبران على أن المحدث والجنب والحائض لايطوفون بالبيت حتى يتوضأ المحدث ويغتس لالجنب والحائض ويتوضيان بعد أن تطهر الحائض. قال الهادي إلى الحق عليه السلام: ولو أن جنباً طاف ناسياً أو امرأة حائضاً فعليهما إعادته إن كانا بمكة وإن كانا قد لحقا بأهليهما فعلى كل واحد منهما يديه ومتى عادا قضى ذلك الطواف ولو أنه نسي طواف النساء فعليه الرجوع من حيث كان ويكون حاله حال /119/ المحصر فإن جامع قبل أن يعود ....... فعليه بدنة ولايجزي الطواف إلا بالطهور ..... بقول: ولايجزي الطواف إلا بالطهور. أن طوافه يكون ناقصاً نقصاً لابد معه من الإعادة إن أمكنت الإعادة أو الجبر بالدم.
160 خبر: وعن ابن عباس أنه قال: الطواف بالبيت صلاة فأولوا الكلام فيه. وقال القاسم عليه السلام: وأكره الكلام في الطواف فإن تكلم لم يفسد.
161 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا )) .
162 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سعى بين الصفا والمروة.(3/27)


دل هذان الخبران على أن السعي واجب وهو عندنا من الفروض التي تجبر بالدم إذا فاتت، وهو مروي عن زيد بن علي عليه السلام والحسن وعطاء وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي: هو شرط في الحج مثل طواف الزيارة وقد فرق الله بينهما وأمر بالطواف أمراً مشدداً فقال تعالى: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} ثم قال في السعي: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلاجناح عليه أن يطوف بهما}. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الحج عرفة فمن أدركها أدرك الحج )) . فصح ماقلنا وأشبه سائر الفروض كالمبيت بمزدلفة والوقوف عند المشعر الحرام والرمي والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق وطواف القدوم وطواف الوداع فهذه فروض تجبر بالدم إذا فات بعضها ولايفوت الحج بفواتها كما يفوت بفوات الأركان الثلاثة التي هي: الإحرام، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة. وحكي عن قوم أنهم قالوا: ليس السعي بواجب وقد دللنا على وجوبه بفعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوله.
163 خبر: وعن جبير بن مطعم، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( يابني عبد مناف لاتمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة من ليل أو نهار )) .
164 خبر: وعن أبي سعيد الخدري أنه رأى الحسن والحسين عليهما السلام قدما مكة فطافا بالبيت بعد العصر وصليا.
165 خبر: وعن ابن عباس وابن عمر مثله.
166 خبر: وعن ابن عمر وابن الزبير أنهما طافا بعد الفجر وصليا.
دلت هذه الأخبار على جواز الطواف في كل وقت إلا في الأوقات الثلاثة التي نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن صلاة التطوع فيها إذ لابد من صلاة عقيب الطواف عند المقام.

من باب مايجب على المحرم توقيه
167 خبر: وعن ابن عباس أنه قال: لارفث الجماع ولافسوق المعاصي ولا جدال في الحج لاتمار صاحبك حتى تغضبه.(3/28)


168 خبر: وعن محمد بن الحنفية وإبراهيم والحسن والشعبي أن المحرم إذا لبس قميصاً ناسياً أو جاهلا أنه يشقه ويخرج منه ولاشيء عليه وهو قلنا، وقول الشافعي وأبو حنيفة يخالفنا في ذلك. والوجه فيه ماروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبس ثوباً مخيطاً فشقه وخرج منه ولم يرو أنه فدى.
169 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه رأى أعرابياً محرماً عليه جبة فأمره بنزعها ولم يأمره بالفدية.
170 خبر: وعن ابن عمر وسعيد بن جبير أن من قص ظفراً أو حلق شعرة أو شعرتين أو نسي /120/ رمي حصاة أو حصاتين أنه يتصدق بشيء من الطعام.
171 خبر: وعن جعفر بن محمد عليه السلام مثله.
172 خبر: وعن أبان بن عثمان بن عفان قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( لايُنكِح المحرم ولايَنكح ولايخطب )) .
173 خبر: وعن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن علياً عليه السلام وعمر قالا: لاينكح المحرم ولاينكح فإن نكح فنكاحه باطل.
174 خبر: وعن ابن عمر قال: لايتزوج المحرم ولايزوج.
ولم يرو الخلاف في هذه الخبار إلا عن أبي يوسف فإنه قال: لابأس به هو ومن قال بقوله، واستدلوا بماروي عن ابن عباس أنه قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بميمونة وهو محرم وقد وردت أخبار تعارض هذا الخبر منها ماروي:
175 خبر: عن ميمونة بنت الحارث قالت: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسرف ونحن حلالان بعد أن رجع من مكة.
176 خبر: وعن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهي بالمدينة قبل أن يحرم.
177 خبر: وعن أبي رافع قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان حلالا وبنا بها حلالا فصح ماروينا مع أن ميمونة من أعرف الناس بذلك وكذلك أبو رافع لأنه الرسول في أمر النكاح.(3/29)


178 خبر: وعن الصعب بن خثامة قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالأبواء أو بودان فأهديت له لحم حمار وحش فرده علي فلما رأى في وجهي الكراهة قال: (( إنه ليس ...... عليك ولكنا حرم )) .
179 خبر: وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أهدى الصعب بن خثامة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حمار وحش قال: (( لولا أنا محرمون لقبلنا منك )) .
180 خبر: وعن عبدالله بن الحارث بن نوفل قال: إن أباه ولي طعام عثمان قال: فكأني أنظر إلى الحجل فوق الخفان فجاءه رجل فقال: إن علياً يكره هذا فأرسل إلى علي عليه السلام فجاءه وذراعاه ملطخان بالخمط فقال: إنك رجل كثير الخلاف علينا فقال علي عليه السلام: أذكر الله رجلا شهد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد أتى بعجز حمار وحش فقال: إنا محرمون فأطعموه أهل الحل. فقام عدة رجال فشهدوا ثم قال: أشهد رجلا شهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى بخمص بيضات من بيض النعام فقال: إنا محرمون فأطعموا أهل الحل.(3/30)


دلت هذه الأخبار على تحريم أكل الصيد على المحرم سواء اصطاده أو اصطيد له أو لغيره أو صلاه محل أو محرم، وذهب أبو حنيفة إلى جواز أكل صيد المحل للمحرم إلا أن يكون المحرم اصطاده أو دل عليه أو أشار إليه وعند الشافعي إذا لم يصده ولايصاد له، واستدلوا بما روي عن أبي الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( صيد البر حلال لكم وأنتم محرمون مالم تصطادوه أو تصد لكم )) . وبما روي عن عبدالله بن أبي قتادة قال: كان أبو قتادة في نفر محرمين وأبو قتادة محل فرأى أصحابه حمار وحش فلم يره كلهم حتى أبصره فاختلس من بعضهم سوطاً /121/ فصرعه فأكلوا منه فلقوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسألوه عنه فقال: هل أشار إليه أحدكم؟ قالوا: لا. قال: فكلوا. والخبر الأول محمول عندنا على أنه إذا صاده حلال في وقت إحرامهم فإنه يحل لهم إذا أحلوا فبين أنه لايدوم التحريم إذا ؛لوا وصاده حلال في وقت إحرامهم. والخبر الثاني محمول عندنا على أنه صلى الله عليه وآله وسلم أجاز لهم ذلك للضرورة فكان ذلك خاصاً لهم لكونهم مضطرين، وأما قوله: هل أشار أحدكم إليه؟ فيحتمل أن يكون أراد أن يبين لهم مايلزمهم من الجزاء بالإشارة أو الدلالة.

181 خبر: وعن عبدالله بن الحارث، عن أبيه، قال: خرجت مع علي وعثمان حتى إذا كنا بمكان كذا وكذا قربت المائدة وعليها يعاقيب وحجل فلما رأى علي ذلك قام وقام معه أناس فقيل لعثمان: ماقام هذا إلا كراهة لطعامك فأرسل إليه فقال: ماكرهت من هذا فوالله ما أشرنا ولا أمرنا ولاصدنا؟ فقال علي عليه السلام: {أحل لكم صيد البحر} إلى قوله: {وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرماً}.
182 خبر: وعن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( لاجناح في قتل خمس من الدواب العقرب والفأرة والكلب العقور والغراب والحدا )) .(3/31)

51 / 146
ع
En
A+
A-