لنا: دل هذا الخبر على أن جميع مايغنم يجب فيه الخمس قل أو كثر وأنه يجب عندمايغنم وأنه لايملكه الغانم وإن باعه استحق على المشتري ورجع بالثمن على البائع ولم يختلف في هذه .... وإنما الخلاف فيما يغنم من أهل البغي فذهب قوم إلى أنه لايغنم والآية والرواية تحجهم.
215 خبر: وعن القاسم بن محمد، قال: كنت جالساً عند ابن عباس فأقبل رجل من العراق فسأله عن السلب فقال: السلب من النفل وفي النفل الخمس.
لنا: دل هذا الخبر على أن السلب يجب فيه الخمس إذ لم يرو عن أحد من الصحابة خلافه، وعلى هذا لو قال الإمام: من قتل /90/ قتيلا فله سلبه فإنه يجب فيه الخمس. وذهب قوم إلى أنه لاخمس فيه، واستدلوا بماروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاهم سلب القتلى ولم يرو أنه أخذ منها الخمس، وبما روي عن عوف بن مالك قال: قلت لخالد بن الوليد يوم مؤتة: ألم تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يخمس السلب. فقال: نعم. وبما روي أن البراء بن مالك لما قتل المرزبان بلغ سلبه ثلاثين ألف درهم فقال عمر: إنا كنا نخمس الأسلاب وإن سلب البراء مالا ولا أرانا إلا خامسيه فقوم ..... ألف درهم، ودفع إلى عمر ستة آلاف قالوا: إن قول عمر إنا كنا لانخمس الأسلاب دل على أن أخذ الخمس غير واجب ولاحجة لهم في هذه الأخبار. فأما خبر عمر فلولا أنه واجب ما أخذه وأما خبر عوف بن مالك وماروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطاهم سلب القتلى، ولم يررو أنه أخذ منها الخمس فإنه محمول عندنا على أنه صلى الله عليه وآله وسلم ترك الخمس تنفلا على القاتل ولم يررد أنه أخذ منها الخمس. ويحتمل أيضاً أن يكون الراوي ترك ذكر الخمس وذكر ماسواه وقول الله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه} وهذا يجمع كلما يغنم وعلى هذا إن مايجبى من أرض الخراج والأرض الصلحية يجب فيه الخمس.(2/52)
216 خبر: وعن أبي هرريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( الركاز الذي ينبت مع الأرض )) .
217 خبر: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( في الركاز الخمس )) . قالوا: يارسول الله وما الركاز؟ قال: (( الذهب والفضة الذي خلقه الله في الأرض يوم خلقت )) .
218 خبر: وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عما يوجد في دار الخراب العادي. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( فيه وفي الركاز الخمس )) .
لنا: دل هذا الخبر على أن الركاز هو المعدن لأنه لافرق بينه وبين مايوجد في الخراب العادي والركاز كلما يغيب في الأرض ومن ذلك الركز وهو الصوت الخفي، ويقال: ركز فلان وضحه في التراب.
219 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام إيجاب الخمس في المعادن.
220 خبر: وعن أبي الحارث الأزدي أن أباه كان اشترى معدناً استخرجه رجل بمائة شاة فقال علي عليه السلام: ما أرى الخمس إلا عليك فخمس المائة الشاة.
لنا: دل على أن كل ما استخرج من الأرض ويغنم يجب فيه الخمس. وذهب قوم إلى أنه لايجب فيما يستخرج من الحجر الخمس، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ليس في الحجر زكاة )) وقال أبو حنيفة: كلما ينطبع إذا غنم ففيه الخمس. وقال أبو يوسف: مثل قولنا في الدر واللؤلؤ وكلما يخرج من البحر من الحلية أنه يجب فيه الخمس، وعلتنا التمول وعلة أبي حنيفة الإنطباع.
221 خبر: وعن علي عليه السلام أنه وضع على أجمة فرس أربعة آلاف كل سنة.
لنا: دل هذا على أن كلما يصطاد يجب فيه الخمس في بر أو بحر.
من ذكر تسمية الخمس وذكر من توضع فيه(2/53)
222 خبر: وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنها بعثت إلى أبي بكر /91/ فقالت: مالك ياخليفة رسول الله أأنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أم أهله؟ قال: بل أهله. قالت: فمابال سهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( إن الله سبحانه إذا أطعم نبيه طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم مقامه )) فرأيت أن أردده على المسلمين. فقالت: أنت وماسمعت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعلم.
لنا: دل هذا الخبر على أن سهم رسول الله صلى الله عليه وأهله في الخمس للإمام الذي يقوم مقامه ورأي أبو بكر أنه في مقامه وعليه أجمع عامة الفقهاء أن للإمام ما للرسول.
223 خبر: وعن جبير بن مطعم قال: لما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهم ذوي القربى أعطى بني هاشم وبني المطلب ولم يعط بني أمية شيئاً فأتيت أنا وعثمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلنا: يارسول الله هؤلاء بنو هاشم فضلهم الله تعالى بك فما بالنا وبني عبدالمطلب وإنما نحن وهم في النسب شيء واحد. فقالك إن بني المطلب لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام.
لنا: دل هذا الخبر على أن سهم ذوي القربى يشترك فيه الفقير والغني، ودل أيضاً على أن بني المطلب لم يعطهم لأجل النسب ولو أعطاهم لأجل النسب لكان حقهم ثابتاً في سهم ذوي القربى فدل على أنه أعطاهم تنفلا باستطابة نفوس بني هاشم.(2/54)
224 خبر: وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: سألت علياً عليه السلام فقلت: يا أمير المؤمنين أخبرنا كيف كان صنع أبي بكر وعمر في الخمس؟ فقال: أما أبو بكر فلم يكن في ولايته أخماس وأما عمر فلم يزل يدفعه إلي في كل مخموس حتى كان خمس سوس وجندي سابور فقال وأنا عنده: هذا نصيبكم أهل البيت من الخمس وقد أخل ببعض المسلمين واشتدت حاجتهم أفتطيب أنفسكم عنه؟ قال: فقلت: نعم. قال: فوثب العباس وقال: لا أنعمن بالذي لنا. فقلت: ألسنا أحق من رفق بالمؤمنين وشفع أمير المؤمنين قال: فقبضه إليه وماقضاناه ولاقدرت عليه في ولاية عثمان ثم أنشأ علي عليه السلام يحدث فقال: إن الله حرم الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعوضه سهماً من الخمس عوضاً عما حرم عليه وحرمهما على أهل بيته خاصة فضرب لهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهماً عوضاً مما حرم عليهم.
225 خبر: وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن علي عليه السلام قال: ولاني عمر حقنا من الخمس فقسمته حتى كان آخر سني عمر أتاه مال كثير، فقال: ياعلي هذا حقك أو حقكم فخذوه واقسمه حيث تقسمه. قال: فقلت إن بنا عنه غنى وبالمسلمين حاجة فاردده عليهم. قال: فقال العباس: لقد نزعت اليوم عنا شيئاً لايرجع إلينا. قال: فقال عليه السلام: مادعاني إليه أحد حتى قمت مقامي هذا.
226 خبر: وعن ...... صاحب اليمامة: كتب إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربى فكتب ابن عباس: إنه لنا. وقد كان عمر دعانا إلى رأيه في تسليم بعضه لينكح به ...... ونقضي به غراماً ....... فأبينا إلا أن يسلم كله لنا ورأينا أنه لنا.
227 خبر: وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً عليه السلام يقول في حديث طويل: يقول: قلت: يارسول الله إن رأيت أن تولينا حقنا من الخمس في كتاب الله فاقسمه حياتك حتى لاينازعنيه أحد بعدك فافعل ففعل ذلك فولانيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقسمته /92/ حياته.(2/55)
لنا: دلت هذه الأخبار على أن سهم ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حق لهم، وأنه للفقير والغني والذكر والأنثى والكبير والصغير.
وذهب قوم إلى أنه لايجب لهم. وذهب قوم إلى أنه كان واجباً وسقط وجوبه بعده، واستدلوا بماروي أن عمر قال: إن لكم حقاً ولايبلغ علمي أقليل لكم أم كثير فإن شئتم أعطيتم منه بقدر ما .... فأبينا عليه إلا كله فأبى أن يعطيناه كله. ولاحجة لهم بهذا الخبر لأن عمر قد قال: إن لكم حقاً وهذا إيجاب وقوله: لا أدري أقليل أم كثير لايوجب سقوطه.
واستدلوا أيضاً بما روي عن فاطمة عليها السلام أنها أتت النبي صلى الله عليه تشكو أثر الرحا في يدها وبلغها أنه أتاه شيء فسألته خادماً فلم يجبها إلى ذلك وقال: (( ألا أعلمك خيراً لك من ذلك تكبرين الله عز وجل وتهللينه كذا وكذا )) . قالوا: وهذا يدل على أنه لم يكن لها فيه حق، ونحن ندفع قولهم بأن يحتمل أن يكون حقها فيه لايبلغ خادماً ويحتمل أيضاً أن يكون استطاب نفسها لحاجة المسلمين كما قد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لا أدع أهل الصبغة بطوي بطونهم ولا أجد ما أنفق عليهم )) .
واستدلوا أيضاً بما روي عن الحسن بن محمد بن علي عليه السلام أنه قال في سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسهم ذي القربى: أجمع رأيهم أن جعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله وذلك في أمارة أبي بكر وعمر. وهذا أيضاً لاحجة لهم فيه على سقوط وجوب هذين السهمين ويحتمل أن يكون ذلك باستطابة نفوس المستحقين لأنه قال: أجمع رأيهم فدل على الرضى من أهله.
وماروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعطى بني المطلب فيحتمل أن يكون أعطاهم برضى بني هاشم كما فعل عمر، ولأنه لم يعط بني عبدالمطلب لقرابتهم لأن بني عبدشمس وبني نوفل لم يختلف أحد في أنه لاحق لهم في الخمس ومنزلتهم ومنزلة بني المطلب في النسب واحد لأن هاشماً والمطلب ونوفلا وعبدشمس أولاد عبد مناف بن قصي.(2/56)