دل هذان الخبران على أن لصاحب المال أن يشتري من المصدق مايأخذه من الصدقة، وذهب قوم إلى أنه لايجوز واستدلوا /84/ بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لعمر: (( لاتعد في صدقتك )) حين أراد ابتياع فرس كان حمل عليه في سبيل الله ونحن نحمل هذا الخبر على أنه قال ذلك خشية المحاماة التي ربما تقع لمشتريها وإذا جاز بيعه من سائر الناس جاز بيعه من المتصدق لأنه قد خرج عن ملكه.
166 خبر: وعن ابن عباس أن معاذاً قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (( إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة ألا إله إلاالله وأني رسول الله فإن أطاعوك فاعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم )) .
167 خبر: وعن عمر بن عبدالعزيز أنه كتب إلى أيوب بن شرحبيل: أن خذ من المسلمين من كل أربعين ديناراً ديناراً ومن أهل الكتاب من كل عشرين ديناراً ديناراً ثم لاتأخذ منهما شيئاً فإني سمعت ذلك عمن سمع من رسول الله صلى الله عليه وأهله.
168 خبر: وعن عمرو وعائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأخذ من عشرين ديناراً نصف دينار من كل أربعين ديناراً ديناراً.
169 خبر: وعن أنس بن سيرين في حديث له قال: قلت لأنس بن مالك اكتب لي سنة عمر قال: فكتب: أن خذ من المسلمين من كل أربعين درهماً درهماً ومن أهل الذمة من كل عشرين درهماً درهماً وممن لاذمة له من عشرة دراهم درهماً.
170 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يبعث ....... ومصدقيه لأخذ الصدقات وكذلك فعل أبو بكر وعمر وأمير المؤمنين عليه السلام.
171 خبر: وعن عمر قال: ادفعوا صدقة أموالكم إلى من ولاه الله أمركم.
172 خبر: وعن أبي بكر قال: لو منعوني عقالا مما أعطوه رسول الله صلى الله عليه وأهله لقاتلتهم عليه.(2/42)
173 خبر: وعن عمران بن حصين أنه بعثه بعض الأمراء على الصدقة فلما رجع قال لعمران: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني أخذناها من حيث كنا نأخذ على عهد رسول الله صلى الله عليه وأهله ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله صىل الله عليه وأهله.
لنا: دل على أنه لاتحمل صدقات بلد إلى مساكين بلد غيره إلا أن يرى الإمام ذلك صواباً.
174 خبر: وعن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعجل من ..... ممن صدقه عامين.
175 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه بعث ساعياً على الصدقة فأتى العباس فقال له العباس: إني أسلمت صدقة مالي لسنتين فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره فقال: صدق عمي.
176 خبر: وعن علي عليه السلام أن العباس رحمه الله سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك.
لنا: دلت هذه الأخبار على أنه يجوز تعجيل الزكاة في الأموال الحاصلة فأما فيما أخرجت الأرض ولم يكن موجوداً فإنه لايزكي الإنسان ماليس عنده ولايجزيه ذلك لقول الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} والمعدوم ليس بمال.
من باب صفة من توضع فيهم الزكاة
177 خبر: وروي أن سلمة بن صخر ظاهر من امرأته فأمره النبي صلى الله عليه وأهله أن /85/ ينطلق إلى صاحب الصدقة ببني زريق ليدفع إليه صدقاتهم.
لنا: دل على أنه يجوز أن يصرررف الصدقة إلى صنف واحد من الثمانية الأصناف إذا رأى الإمام ذلك لضرب من الصلاح، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وهو مروي عن ابن عباس وعمر وحذيفة وسعيد بن جبير وأبي العالية ولم ييرو عن أحد من الصحابة خلافه فصار كالإجماع ويؤيد ذلك قول الله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}.
178 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لاحظ في الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب )) .(2/43)
179 خبر: وروي أن فتية من بني هاشم سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يوليهم شيئاً من الصدقات ليصيبوا منها مايصيب الناس ويؤدوا مايؤدوا فامتنع وقال: (( إن الصدقة لاتنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس )) .
180 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ليس المسكين بالطواف الذي ترده التمرة والتمريان والأكلة والأكليان لكن المسلكين الذي لايجد مايعينه )) .
دل على أن المسكين من لايجد مايكفيه وأن الذي تكفيه العطية ليس بمسكين وقد قيل في تفسير قوله تعالى: {أو مسكيناً ذا متربة} هو من يلصق جلده بالتراب من العرى ذكره المؤيد بالله قدس الله روحه. قال: ويحمل قول الله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} على وجهين: أحدهما أنه يروى أنها كانت لغيرهم ملكاً وأنهم كانوا أجراء يعملون فيها ونسبها إليهم كما تنسب الدار إلى من يسكنها وإن لم يملكها وعلى هذا قال الله تعالى: {لاتدخلوا بيوت النبي} وقال في موضع لنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم: {وقرن في بيوتكن} فنسب البيوت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في موضع ونسب البيوت إلى نسائه في موضع آخر. والوجه الثاني أنه يحمل على أن تكون السفينة قليلة الثمن لشركاء كثير فيكون كل مايخص كل واحد منهم طفيفاً نزراً قال: وأهل اللغة تفرق بين الفقير والمسكين. وروي عن ثعلب أبي العباس أن العباس قال: قيل لأعرابي أفقير أنت؟ قال: بل مسكين وأنشد:
... أما الفقير الذي كانت حلويته ... وفق العيال فلم يترك له سبد
فسماه فقيراً مع أن له حلوية.
181 خبر: وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتألف أهل الدنيا المائلين إليها إما لمعونتهم وإما لتخذيلهم ولم يخالف فيه أحد من العلماء وإنما الخلاف في ثبوته إلى الآن فإن أباح قال: قد رفع حكم التأليف لتمكن الإسلام والإجماع يحُجُّهُ وأيضاً فلم يرد به له نسخ يعمل به.(2/44)
182 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الولا لمن أعتق )) .
لنا: دل على أن ولي المكاتب لمن كاتبه. قال الهادي إلى الحق عليه السلام: الرقاب هم المكاتبون، وهو قول عامة الفقهاء، وذهب مالك إلى أن المراد رقاب يبتاعون في الصدقة ويعتقون ويكون ولاهم لجميع المسلمين، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( الولا لمن أعتق )) يحجه لأن جميع المسلمين لايمكنهم الاجتماع في ملك وعتق، وقول الله تعالى: {وفي الرقاب} يدل على أن الدين قد صار في رقبة المكاتب وليس كذلك من يشتري ويعتق.
183 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الحج والعمرة من سبيل الله )) .
دل على أن بناء المساجد /86/ وحفر السقايات وأشباه ذلك من سبيل الله، وأنه ماخص الجهاد بقوله: {في سبيل الله}.
184 خبر: وعن أبي الحوراء السعدي قال: قلت للحسين بن علي عليه السلام: ماتحفظ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في فيَّ فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلعابها فألقاها في التمر فقال رجل: يارسول الله ماكان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي. قال: (( إنا آل محمد لاتحل لنا الصدقة )) .
185 خبر: وعن علي عليه السلام أنه قال: إن الله حرم الصدقة على رسرول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعوضه بهما من الخمس عوضاً مما حرم عليه وحرمها على أهل بيته خاصة دون أمته فضرب لهم مع رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله منهما عوضاً مما حرم عليهم.
186 خبر: وعن ابن عباس قال: ما اختصنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشيء دون الناس إلا بثلاث: إسباغ الوضوء، وأن لانأكل الصدقة، وأن لاننزي الحمير على الخيل.
187 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأبي رافع: (( الصدقة لاتحل لآل محمد ومولى القوم منهم )) .(2/45)
لنا: دلت هذه الأخبار على أن الصدقة لاتحل لبني هاشم وهم آل علي عليه السلام، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس، وآل الحارث. وذهب قوم إلى جواز أعطاء بعضهم لبعض، واستدلوا بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تصدق على أرامل بني عبدالمطلب وهذا محمول عندنا على وجهين: إماأن يكون المراد به صدقة التطوع، وإما أن يكون أعطاء أرامل بني المطلب بن عبدمناف فروى الراوي أرامل بني عبدالمطلب وأراد أرامل بني المطلب والمطلب هو أخو هاشم وعبد مناف أييضاً أخو هاشم وأمية بن عبدشمس ولاخلاف في أن بني أمية ليسوا من أهل الخمس وهذا يلزم الشافعي ويحجه لأنه ادعا أنه من أهل الخمس لما كان من بني المطلب ولما كانت الصدقة مطهرة وشبهها رسول الله صلى الله علييه وآله وسلم بغسالة أوساخ أيدي الناس وكان بنو هاشم من الناس وممن تطهره الصدقة كانت صدقاتهم محرمة على فقرائهم كصدقات سائر الناس.
188 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لمعاذ: (( أعلمهم أن عليهم في أموالهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم )) .
دل على أن من ملك ماتجب فيه الصدقة من أي الأصناف أنه غني ومن لم يملك ذلك وملك دونه فهو فقير.
189 خبر: وروي أن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألاه من الصدقة فرآهما جلدين فصعد البصر فيهما وصوبه وقال: (( إن شئتما أعطيتكما ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب )) .(2/46)