لنا: وهذه الأخبار تدل على صحة ماذهب إليه يحيى عليه السلام في الأحكام. وقال في المنتخب: أمرها إلى الإمام وقد حمل قوله في المنتخب على موافقة مافي الأحكام. وذهب قوم إلى أن أمر الأراضي إلى الإمام كلها التي لامالك لها، واستدلوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ليس للمرء إلا ماطاب به قلب إمامه )) . وهذا عندنا مبني على أمر خاص، إذ من مذهبنا بناء العام على الخاص، واستدلوا أيضاً بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم /81/ أنه قال: (( موتان الأرض لله ولرسوله ثم لكم )) . ونحن نحمل هذا على أنه أراد أنها مباحة.
138 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والنار )) .
139 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لايحل مال امرء مسلم إلا بطيبة من نفسه )) .
140 خبر: وعن عمر أنه قال: ليس لمتحجر بعد ثلاث سنين حق ولم يرو فيه عن أحد من الصحابة خلاف، فهو يجري مجرى الإجماع. قال أبو العباس الحسني رحمه الله: وأظنه عن علي عليه السلام.

من باب زكاة أموال التجارة
141 خبر: وعن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (( أنه كان يأمر أن تخرج الصدقة من الرقيق بعد البيع )) .
142 خبر: وروى أن سعاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضروا يشكون العباس وخالداً فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( أما العباس فإني تسلفت صدقته لعامين وأما خالد فإنه حبس أدراعه واعتده في سبيل الله )) .
143 خبر: وعن عمر أنه قال لحماس بن عمرو: (( أَدِّ زكاة مالك )) . فقال: إنما مالي الحطاب والأدم. فقال: (( قومها وأَدِّ زكاتها )) .(2/37)


144 خبر: وعن عمر وابن عباس القول بزكاة العروض. وعن علي عليه السلام قال: (( عفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإبل العوامل تكون في المصر وعن الغنم تكون في المصر، وعن الدور والرقيق والخيل وكذا مالم يرد به تجارة حتى عد الياقوت والزمرد والكسوة وغير ذلك )) .
لنا: دلت هذه الأخبار على وجوب الزكاة في أموال التجارة إذا بلغت قيمتها النصاب وإن كانت مختلفة وحال الحول وهو قول عامة الفقهاء. وذهب مالك وأهل الظاهر إلى أنها لاتجبب ولاحجة لهم إلا ماروي عن ابن عباس أنها لاتجب، وقد روي عنه أنها تجب فتدافع الخبران عنه فسقطا، ودلت الأخبار على أن الذهب والفضة وأموال التجارة يضم بعضها إلى بعض ويوفي بعضها بعضاً وأن الواجب ربع عشر القيمة لأن كلها مال للتجارة.
145 خبر: وروي أن زينب امرأة ابن مسعود وكان لها طوق فيه عشرون مثقالا فأمرها ابن مسعود أن تخرج زكاته خمسة دراهم.
146 خبر: وعن علي عليه السلام قال: (( عفا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الإبل العوامل تكون في المصر، وعن الغنم تكون في المصر، وعن الدور والرقيق والخيل والخدم ...... والكسوة واليواقيت والزمرد مالم يرد به للتجارة )) .
147 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ابتاعوا في أموال اليتامى لاتأكلها الزكاة )) .
ذكر المؤيد بالله قدس الله روحه أن كل مال اشتري للتجارة فإنه يصير بنية الفتية خارجاً من التجارة ويكون للفتية وكلما اشترى للفتية فلا مدخل للنية في أن يكون مالا للتجارة فإن .... للتجارة كان ..... من مال التجارة وقاسه بالمسافر أنه يصير مقيماً بنية الإقامة ولايكون المقيم مسافراً بنية السفر، ويحكى ذلك عن أبي العباس الحسني رحمه الله /82/.

من باب مايؤخذ من أهل الذمة(2/38)


148 خبر: وعن أنس أن عمر جعل على أهل الذمة نصف العشر، وعلى أهل الشرك ممن لاذمة له يعني المستأمنين من أهل الحرب العشر بمشورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
ومعلوم أن المراد به إذا اتجروا وسافروا.
149 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام أنه قال: إذا اتجر أهل الذمة يؤخذ منهم نصف عشر مما يأتون به من أموالهم ويتجرون فيه على المسلمين في أرض الإسلام إذا أتوا من بلد شاسع إلى بلد شاسع. قال عليه السلام: وعلى ذلك وقعت المصالحة.
لنا: ويقال عمر ذلك بمشورة من الصحابة يجري مجرى السنة والواحد من الصحابة إذا قال قولا بمحضر الصحابة ولم ينكر ذلك أحد جرى مجرى السنة. يؤيد ذلك أن يحيى عليه السلام احتج في باب الرجم بأن قال: وقد رجم عمر وهو في وفارة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبين أن قول الصحابي إذا لم ينكر عليه أحد من الصحابة كان كالمتفق عليه.
150 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( ليس على المسلمين عشور وإنما العشور على اليهود والنصارى )) .
لنا: دل على أنه لم يرد عشور الزرع وإنما أراد ماذكرنا مما يؤخذ من أموال أهل الذمة إذا سافروا بها إلى بلد شاسع واسم العشور ينطلق على العشير وينطلق أيضاً على نصف العشير ألا ترى أن مايسقى بالسواني يؤخذ منه نصف العشر ولايمتنع أن يسمى عشوراً.
151 خبر: وعن عمر بن عبدالعزيز كتب إلى أيوب بن شرحبيل أن خذ من أهل الكتاب من كل رجل من عشرين ديناراً ديناراً فإني سمعت ذلك ممن سمع النبي صلى الله عليه يقول ذلك.
لنا: دل على أنه عنى به مايؤخذ منهم إذا سافروا من نصف العشر، ودل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد أمر بذلك.
152 خبر: وعن علي عليه السلام أنه كان يجعل على المياسير من أهل الذمة ثمانية وارادين وعلى الأوساط أربعة وعشرين درهماً وعلى الفقراء اثني عشر درهماً.(2/39)


153 خبر: وعن عمر أنه وضع الجزية على أهل السواد وجعلهم ثلاث طبقات على ماقد ذكرنا، وذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير منهم.
لنا: قول أبي حنيفة مثل قولنا في هذا، وذهب الشافعي إلى أن المأخوذ منهم دينار على كل حالم. واستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أخذ من أيلة وهم ثلاثمائة ثلاثمائة دينار. وبما روي أنه قال لمعاذ: (( خذ من كل حالم ديناراً )) . ونحن نحمل هذين الخبرين على أنه علم أن هؤؤلاء المأخوذ منهم كانوا فقراء، وكانت قيمة الدينار اثني عشر درهماً، ويحتمل أيضاً أن يكون أخذ ذلك منهم صلحاً لأن في الحديث الذي احتج به أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرض على أهل اليمن في كل عام على كل حالم ذكراً أو أنثى أو عبد ديناراً أو قيمته من /83/ المعافرية ومعوم أن المرأة والعبد والصبي لايؤخذ منهم إلا على سبيل الصلح فمن هاهنا قلنا أنه يحتمل أن يكون أخذ منهم على سبيل الصلح.
154 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن قتل النساء والولدان.
لنا: وهذا يدل على أنه لاجزية على النساء والولدان. قال أبو العباس الحسني رحمه الله: وكذلك الشيخ الهرم وهو مروي عن محمد بن عبدالله عليه السلام في سيره. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: فأما العبيد فإنهم مال لمواليهم ولو أوجبنا عليهم الجزية لكنا قد أوجبنا عليهم في أموالهم شيئاً لم يجب.
155 خبر: وعن الهادي إلى الحق عليه السلام أنه قال: إن بني تغلب نصارى الجزيرة يؤخذ منهم ضعفا مايؤخذ من المسلمين من ركابهم، قال: إن ذلك مما وقعت عليه المصالحة بدلا من الجزية.
156 وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صالح نصارى بني تغلب نصارى الجزيرة على أن يؤخذ منهم ضعفا مايؤخذ من المسلمين.
157 خبر: وعن عمر أنه صالح نصارى بني تغلب على أن يأخذ منهم ضعفي ماعلى المسلمين فإنهم أنفوا من الجزية وهموا .... لانتقال إلى دار الحرب وإن ذلك كان بمحضر من الصحابة.(2/40)


158 خبر: وعن علي عليه السلام أنه قال في بني تغلب نصارى الجزيرة لأن مكن الله وطأتي لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذراريهم فإني كتبت الكتاب بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أن لايصبغوا أولادهم.

من باب كيفية أخذ الزكاة
159 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( من أدى زكاة ماله أدى الحق الذي عليه )) .
160 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لايحل مال امرء مسلم إلا بطيبة من نفسه )) .
161 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( مابال أقوام نبعثهم فيجيئون فيقولون هذا لي وهذا لك أفلا جلس في بيت أبيه )) .
162 خبر: وعن علي عليه السلام أنه قال: هدايا الأمراء غلول.
لنا: دلت هذه الأخبار على أن الهدايا إلى العمال والقضاة لاتجوز، وأنها تعود إلى بيت مال المسلمين إلا أن يجيزها الإمام لهم لضرب من الصلاح، وعلى هذا أنه لاينزل العامل على من يأخذ منه الصدقة وأن القاضي لايحضر الولائم.
163 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: (( إياك وكرائم أموالهم )) .
164 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( لاتحل الصدقة )) يعني إلا لخمسة: رجل اشتراها بماله أو أهديت له، أو عامل عليها، أو غاز في سبيل الله، أو غارم.
165 خبر: وعن عبدالله بن يزيد، عن أبيه أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالت: كنت تصدقت على أمي بوليدة وأنها ماتت وتركت تلك الوليدة. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث )) .(2/41)

38 / 146
ع
En
A+
A-