255 ـ خبر: وعن جابر قال: سأل رجل نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم عن وقت الصلاة، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: (( صل معي )) فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصبح حين طلع الفجر، ثم صلى الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم صلى العشاء قبل غيبوبة الشفق، فلما كان اليوم الثاني دعاه فصلى صلاة الصبح، فانصرف (1) والقائل يقول: طلعت الشمس أم لا، ثم أخَّر الظهر إلى وقت العصر أو قريباً منه، ثم أخر العصر والقائل يقول: غربت الشمس أم لا، ثم أخر المغرب إلى أن قال القائل: غاب الشفق أم لا، وأخر العشاء إلى شطر الليل، ثم قال: (( الوقت فيما بين هذين الوقتين )) ثم صلى العشاء قبل ثلث الليل (2).
256 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه مثله، وفيه أنه أقام الفجر حين انشق الفجر والناس لايكاد يعرف بعضهم بعضاً.
257 ـ خبر: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن للصلاة أوَّلاً وآخراً، وإن أوَّل وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها /23/ حين يدخل وقت العصر )) (3).
__________
(1) ـ في (ب، ج، د): فلما انصرف.
(2) ـ في (أ، ب، ج): وقبل ثلث الليل. والحديث أخرجه الطحاوي 1/147، ومن طريقه المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ.
(3) ـ أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ، والترمذي 1/283 رقم (151)، والطحاوي 1/149، وأحمد 2/232، والبيهقي 1/375، والدار قطني 1/362 .(1/86)


258 ـ خبر: وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة إلى وقت الأخرى )) (1).
لنا: وهذا يحتمل أن يكون عنى الوقت الذي لاتشترك فيه الصلاتان، وللظهر والعصر ثلاثة أوقات، وقت يختص الظهر به، وهو قدر أربع ركعات عند أول زوال الشمس، لاتجزي فيه صلاة العصر، ووقت تختص العصر به وهو قدر أربع ركعات في آخر وقت العصر، لاتجزي فيه صلاة الظهر، ووقت يشتركان فيه وهو مابني هذين الوقتين، والأخبار المتقدمة تدل على هذا، فدَلَّ على أن التفريط هو ترك الصلاة إلى وقت يختص بالأخرى.
واستدل من يقول إن أول العصر حين يصير ظل كل شيء مثليه بما روي عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس، وإنما مثلكم ومثل أهل الكتاب من قبلكم، كمثل رجل استعمل رجلا عملا فقال: من يعمل إلى نصف النهار بقيراط، فعملت اليهود. ثم قال: من يعمل إلى صلاة العصر بقيراط، فعملت النصارى على ذلك، ثم أنتم الذين تعملون من صلاة العصر إلى مغرب الشمس بقيراطين، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: نحن أكثر أعمالا وأقل عطاء )) وقالوا: هذا يدل على أن وقت العصر أقل من وقت الظهر، وقالوا: تعليمه الأوقات في اليوم الثاني نسخ للأوقات في اليوم الأول.
__________
(1) ـ أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ، و مسلم......، وأبو داود 1/118 رقم (443)، والنسائي 1/294، والطحاوي 1/165، وابن ماجة 1/228 رقم (898)، والبيهقي 1/376، وابن خزيمة 2/95 رقم (989)، والترمذي 1/334 رقم (177)، والدار قطني 1/386 .(1/87)


قلنا: أما تعليمه فقد علمه جبريل، وعلم هو السائل، فلو كان الوقت الأول منسوخاً لما علمه أو تعلمه، ولابد أن يكون أحدهما قبل الآخر، ولأن في الخبرين: (( الوقت مابين هذين الوقتين )) . وأما الخبر الذي رووه فإن صح فإنه ورد على طريق التشبيه وضرب المثل، فلعله أراد آخر وقت العصر الذي يختص به، لأن الله تعالى يقول: { ومابلغوا معشار ما آتيناهم}. وهذا يشتمل على الرزق والعمر، وهذا في الأجل، فبان أنه أراد به وقت العصر المختص به. وأما الاستعمال فيحتمل أن يكون المراد به من أول النهار، لا من وقت الظهر، وهذا أضعف من أن يطول فيه الكلام.
259 ـ خبر: وعن أبي بَصْرة الغفاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المغرب فقال: (( إن هذه الصلاة عُرِضَت على من كان قَبْلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها منكم أوتي أجرها مرتين، ولاصلاة حتى يطلع الشهاب )) . وفي بعض الأخبار: (( حتى يطلع الشاهد )) .
واستدل مخالفونا بما روي: (( أن النبي صلى الله عليه كان يصلي إذا وجَبَت الشمس )) . وبما روي: كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المغرب إذا توارت بالحجاب.
لنا: وهذا لاينافي ما اعتمدنا عليه، لأن حقيقة غروبها طلوع النجم، للآية (1).
260 ـ خبر: وعن حميد بن عبدالرحمن قال: رأيت عمر وعثمان يصليان المغرب في رمضان إذا أبصرا الليل الأسود ثم يفطران بعده.
261 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء )).
لنا: وهذا يحتمل أن يكون المراد به إذا كان مع المصلي جوع يشغله عن تأدية الصلاة على كمالها، ويدل على بقاء وقتها بعده.
__________
(1) ـ إشارة إلى قوله تعالى: {ولما جن عليه الليل رأى كوكباً}.(1/88)


واستدل مخالفونا بما روي عن النبي صلى الله عليه أنه قال: (( لاتزال أمتي بخير مالم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم )) . والأخبار المشهورة المتظاهرة تَحُجُّهم والآية، /24/ ويحتمل أن يكون المراد به أنه أول الوقت.
262 ـ خبر: وعن ابن مسعود أنه صلى المغرب حين غابت الشمس، وقال: هذا والله الذي لاإله إلا هو وقت هذه الصلاة، ثم قرأ: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل} وأشار بيده إلى المغرب، فقال: (( هذا غسق الليل )) . وأشار بيده إلى المطلع.

[الجمع بين الصلاتين]
263 ـ خبر: وعن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا زاغت له الشمس وهو في منزل جمع بين الظهر والعصر، وإذا لم تزغ له حتى ارتجل سار حتى يدخل وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، وإذا غربت الشمس وهو في منزل جمع بين المغرب والعشاء، وإذا لم تغرب حتى ارتحل سار إلى وقت العشاء، ثم نزل فجمع بين المغرب والعشاء.
264 ـ خبر: وعن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعدما يغيب الشفق، ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (( كان إذا جد به السير جمع بينهما )) . وفي بعض الأخبار أنه قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل.
265 ـ خبر: وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً من غير خوف ولاسفر، وروي بغير هذا الإسناد، فقلت: ماحمله على ذلك؟ فقال: أراد أن لايُحْرِج أمته.
266 ـ وروي عن ابن عباس: من غير سفر ولامطر.
267 ـ وروي عن ابن عباس أنه قال: ربما جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المغرب والعشاء في المدينة.(1/89)


268 ـ خبر: وعن نافع عن ابن عمر قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للعشاء الآخرة، فخرج إلينا حين ذهب ثلثا الليل أو بعده، ولاندري أي شيء شغله في أهله أو في غير ذلك، فقال حين خرج: (( إنكم تنتظرون صلاة ماينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن تثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة ))، ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى.
269 ـ خبر: وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر )) .
270 ـ خبر: وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله.
271 ـ خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه نهى عن الصلاة حين تطلع الشمس، وحين تغرب.
لنا: وهذا النهي للمختار فأما المضطر فيجوز، للأخبار.

[النوافل]
272 ـ خبر: وعن خارجة بن حذافة العدوي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة الغداة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: (( لقد أمركم الله الليلة بصلاة هي خير لكم من حُمْر النعم )) . قلنا: ماهي يارسول الله؟ قال: (( الوتر جعلها الله لكم مابين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر )) .
273 ـ خبر: وعن علي عليه السلام أنه أتاه رجل فقال: إن أبا موسى الأشعري يزعم أنه لاوتر بعد طلوع الفجر. فقال علي عليه السلام: (( لقد أغرق في النزع وأفرط في الفتيا، الوتر مابين الصلاتين ومابين الأذانين )) فسأله عن ذلك فقال: مابين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، ومابين الأذانين أذان الفجر وإقامته.
لنا: قوله عليه السلام: (( ومابين الأذانين )) يحتمل أن يكون وقتاً للمضطر، ويحتمل أن يكون وقتاً لقضائه لمن فاته بالليل، وقد نَدَب الله تعالى إلى التهجد به، والتهجد لايكون إلا بعد القيام من النوم، قال الله تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك.. } الآية /25/ .(1/90)

18 / 146
ع
En
A+
A-