قلنا: لا يمتنع أن يكون تحريم لحوم الحمير قبل تحريم لكحوم الخيل، وذلك أنه كان مباحاً، ثم نهى عنه، ولأن خبر الإباحة، وخبر الحظر إذا اجتمعا كان خبر الحظر أولى أن يؤخذ به، ولأنها ذوات حوافر فاشتهت البغال، والحمر الأهلية، لا يجري في الأضحية.
808 خبر: وعن محمد بن الحنيفة، عن علي عليه السلام، أنه قال لابن عباس: نهى رسول الله صلى عليه وأهله، عن أكل لحوم الحمير الأنسية، وعن متعة النساء يوم خيبر.
809 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي عليهم السلام، عن النبي صلى الله عليه وأهله، مثله، وما رواه جابر عنه.
810 خبر: وعن مجاهد عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وأهله، نهى عن أكل لحوم الحمير الأنسيّة.
811 خبر: وعن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وأهله، مثله، ولا خلاف في ذلك اليوم.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه سأله رجل، فقال: يا رسول الله إنه لم يبق من مالي ما أستطيع أن أطعم أهلي إلا حمير لي، قال: فأطعم أهلك من سمين مالك، فيما كرهت لكم حوال القربة.
قلنا: يحتمل أن يكون السائل سائل عن الحمير الوحشية، فأذن له وأخبر أنه كره حوال القربة، ويحتمل أيضاً أن يكون ذلك/172/ قبل تحريم أكلها للأخبار الواردة بتحريم أكلها يوم خيبر.
813 خبر: وعن الصعب بن جثامة، قال: مرني رسول الله صلى الله وأهله، وأنا بالأبواء..... فأهديت له لحم حمار وحشي، فرده عليّ، فلما رأى الكراهه في وجهي، قال: ليس بنا رد عليك، ولكنا حُرُمً، ، وروى هذا الحديث من طرق شتا.
دل على أن أكل لحم حمار الوحش جائز لغير المحرم، وبه قال عامة الفهاء، والعلماء، ولا نص فيه ليحيى بن الحسين عليه السلام، إلا أن كلامه في الأحكام في كتاب المناسك، يدل على جواز أكله، لأنه قال، ولا يشترين، ولا يأكلنّ ـ يعنى المحرم صيداً ـ من طير، ولا ذوي(8/32)
لف، و لاحافر مما صيد له، ولا لغيره، فيبه على أن أكله جائز لغير المحرم، لأن ما كان حظر أكله، لأجل الإحرام جاز أكله لغير المحرم، وذهب الناصر، وأبو العباس الحسيني، عليهما السلام إلى أنه لا يجوز أكله، والأصل فيه ما قدمنا.
814 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: أحلت لكم ميتتان الخبر، فذكر الجراد، ولا خلاف في جواز أكله، وإطلاق النبي صلى الله عليه وأهله، القول في جواز أكله.
تدل على أنه يجوز أن يؤكل على أي حال مات، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وحكى عن الناصر عليه السلام، قوم أنه يحل منه ما صيد، وهو حي، والأصل الخبر، ولأن النبي صلى الله عليه، أطلق القول فيه، ولم يستثر شيئاً من شيء.
815 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه أذن للمحرم في قتل الغراب على أي حال، وفي بعض الأخبار الغراب .....
دل على أن الغراب إلا يقع لا يحل أكل لحمه، ولأنه ذو مخلب من الطير.
قال القاسم عليه السلام: ولا بأس بأكل الغراب، والمراد به السود الصغار،، التي يلتقط الحب، وهي كسائر الطيور المباح أحلها كالجاج، وشبهها. ,به قال أبو حنيفة وأصحابه، وحكى عن الناصر عليه السلام، أنه قال: لا يجوز أكل لحمه، والضبع، والدلدل ذوا ناب من السباع، ولا يحوز أكل لحمها، قال اللقاسم، ولا بأس بأكل ما نبتت على العدرة، إذا غسل ونظّف منها، وبق، قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وذلك أن الأحرا التي يحصل منها فيه يكون قد استحالت إمتحالة لم نتولها أثر في النظر، والمطعم، والشم، فكان كاللبن المستحيل عن الدم، ويجود ذلك وجئ على هذا أن الميتتة، وما جرى مجراها، إذا أوقعت في الملاحة، وصارتملحاً، واستحالت إستحالة تامة بحيث لا يبقى من الميتتة أثر جاز أكله، وكان ظاهر اللبن هذه الأشياء النجسة المحرمة، إنما كانت محرمة ، إنما كانت محرمة لصفاتها التي تختصها، فإذا زالت تلك المعاني والصفات، زال ذلك الحكم.(8/33)
ويدل من مذهبه في ذلك قوله في الدود الخارج من الدبر: إنه لا يخرج إلا إلا ومعه غيره من العذرة، فتنتقض الطهارة فبيّنه على أنه طاهر، وإن كان مستحيلاً عن النجاسة مخلوقاً منها، وكذلك غيره، ويدل على هذا أن الخمر إذا صارت خلاً حل أكله، هذا قوله الأول في أن الخمر إذا صارت خلاً، حل أكله، ثم رجع/173/ عنه قدس الله روحه، قال: في كتاب رؤس المسائل في الخمر النية لا تؤثر في يمين المصبوب، وإنما تأثيرها في الخروج من الإثم، وقال في قوله الأول: ولوصت عصيراً بينه التحليل، فانقلبت العصير خمراً، ثم صارت خلاً، الأقر أنه جائزا إستعمأله، ويطهر عنده بالإستحالة، وقال في قوله الثاني: أن القوي عندي أن من صب عصيراً في أنابيبة التحليل، ثم وجده خمراً أنه يجب أراقتها، وقد أممر بإراقتها حين بقولي، وإليه أشار الناصر عليه السلام، وقال في المسئلة، وقد ذهب كثير من أصحابنا إلى أنها إذا صارت خلاً بنفسها، لايجوز شربه، أن العصير أول ما يخرج يجب أن يقالج ويطرح في ما يمنعه من أن يصير خمراً، وليس حكم الشيء المانع المستحيل عن النجاسة المانعة كحكم الجماد المستحيل عن النجاسة، أو الحيوان المستحيل من النجاسة لبن المائع المستحيل عن النجاسة المائعة، لا بد أن ينجس به الإناء في كونه... ولا يمكن تطهير الإناء منه، وليس كذلك اللبن المستحيل من الدم، لأن الله تعالى أوجب تحريم الدم بأن يكون مسفوحاً، فقال تعالى: {أودماً مسفوحاً والدم الذي في العروق والضرع، ليس بمسفوح، وأيضاً فإن النجاسات التي في باطن البدن لا حكم لها، وإدا ترك العصير، أو التمر، أو الزبيب، أوما أشبه ذلك في إناء وصب على الجامد منه الماء، وختم عليه، ولم يعالج بشء يمنعه من أن يكون خمراً، فإنه يستحيل خمراً لابد من ذلك فإن ترك استحال خلاً وقوا في ذلك في حال كونه خمراَ، أو لم يقيس في أنه لأبده أن يصير خمراً، وكذلك يستوي فيه ما ارتد خمراً، وما ارتد خلاً فعي هذا لابد أن(8/34)
ينجس الإناء منه ف حال كونه خمراً فيتنجس الخل لكونه في افناء النجس، ولأن القاسم عليه السلام، شرط الغسل في جواز أكل ما نبت على العذرة، ويؤيد ما ذهبنا إليه ما روي من أن النبي صلى الله عليه وأهلله، أمر بإراقة الخمر حين ترك تحريمها، فلو كان الخمر تطهر لالإستحالة، لما أمر بإراقتها، وكان يأمر بتخليلها، لأنه قد نهى عن إضاعة المال، وقلنا يجب أن يعالج العصير، وشبهه بما يمنعه أن يصير خمراً، قد قيل أن يعالج بالخردل، وقد دل عليه قول القاسم عليه السلام في مسائل ابن جهشيار، إذا طرح في العصير الخردل، وطلي الجانبيه بالخردل، ليلاً يغلي، ويصير صافيا عقيقا، فلا بأس بشربه، إذا لم يسكر كثيرهه فنبه على أن الخردل يمنعه من أن يصير خمراً، وإن طرح عليه مانع حامض مثل ماء الحومراء، وماء الفلفق، أو الخل المعالج، حتى يكون غالباً عليه، فإنه يستحيل من الحلاةو إلى الحموضة، ولا يصير خمراً والله أعلم.
816 خبر: وعن يحيى بن الحسين، عن جده القاسم عليه السلام، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <إذا وضعت موائد آل محمد عليهم السلام، حقت لهم الملائكة، بعد قول الله عز وجل: ويستغفرون لهم، ولمن أكل من طعامهم>.
817 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه نهى أن يأكل الإنسان من الطعن ما يضرة.
قال المؤيد بالله/174/ قدس الله روحه، وهو نهى الكراهة للضرر الذي فيه، لا أن عينه محرمة بدلالة أنه مما يتطهر به للصلاة عند عدم الماء، ولأنه مما إبتدأ الله خلقه، وكل شيء أنتد خلقه مما ليس بحيوان، وما يحبص بحيوان، فأكله حلال، وكذلك الطين، ولا يلزم عليه حشائش السموم، لأن تحريمه، إنما هو للضرب، بلا أن أعنانها محرمة، وليس يلزم عليه الخمر أيضاً لأنها ليست مما خلق الله عز وجل ابتدأ.(8/35)
818 خبر: وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله: من أكل من خضراً وأنكم هذه ذوات الريح بلا يقربن من مسجدا، قال: الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنوا أدم.
819 خبر: وعن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله، من أكل من هذه البقلة، فلا يقرب المسجد حتى يذهب رائحها ـ يعني الثوم ـ.
820 خبر: وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله:<من أكل ثوما، أو بصلا، فليعتزلنا، أو ليعتزل مسجدنا، وليقعد في بيته>.
دل على أن الثوم إنما نهى عن أكله، لأجل التأذي بريحة لا لأنه محرم بعينه.
فإن قيل: روي عن ابن عمر، أنه نهى رسول الله صلى الله عليه وأهلله عن أكل الثوم بخيبر.
قلنا: نهى عنه لأجل التأذي بريحه، للأخبار الواردة فيه.
821 خبر: وعن علي عليه السلام، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وأهله، أن نأكل الثوم، وقال: لولا أن الملائكة ترك عليّ لأكلته.
فدل ذلك على أنه مباح، وأن النهي ورد لأجل التأذي بريحه.
822 خبر: وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <لا تديموا النظر إلى المجذومين، ومن كلمة منكم فليكلمه وبينه وبينه رمح>.
823 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال لعبدالرحمن بن عوف، وقدتزوج، أو لم، ولو بشاة.
824 خبر: وعن يحيى بن الحسين عليهما السلام، عن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <لو دعيت إلى كراع، لأجبت ولو أهدي إليّ دراع، لقبلت> وعن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله:< أجيبوا الدعوة، إذا دعيتم إليها>.
من باب الأشرية.(8/36)