قال يحيى بن الحسين عليه السلام: فإن استرى جارية حسنة الحال موصوفة بالفراهة ثم أفلس وقد ساء حألها أو اغورب أو زمنت لم يكن له غير أخذها بنقصانها كما يأخذها بزيادتها فكان تحصيل مذهبه عليه السلام أنه رأى البعض على ودهين نقص لا يمكن تقسيط الثمن عليه ابتداء ولا يمكن أفراده بالعقد كالعوز والزمانة ونكسار الجذع وانهدام الجدار فهذا يأخذه بنقصانه ولا يرجع بالنقصان على المشتري ولأنفسهم الورية إلا أن يترك السلعة ويكون أسوة الغرماء إن رضي ذلك والنقصان الثاني هو ما يمكن تقسيط الثمن عليه ابتداء ويمكن إفراده بالعقد كأن يشتري الناقة وفصيلها أو الجارية/149/ وولدها أو الأرض ودرعا فيها أو النخيل وفيه ثمر قد أبره البائع فهذا يأخذ البائع ما لحق من عين مأله وما تلف منه كان فيه اسوة الغرماء والزيادة أيضا على وجهين زيادة في عين السلعة لا يمكن إفرادها بالعقد ولا يمكن تقسيط الثمن عليها كأن تكون صغيرة فكبرت أو عجفا فسمنت فهذا بأخذها زائدة، ولا شيء عليه للغرماء وزيادة يتفرد بالعقد، ويمكن تقسيط الثمن عليها، كأن تلد الجارية، أو تنتج الناقة أو الفرس، ويكون حملها عند المشتري، أو يرزع الأرض، أو يؤبر النخل المشتري، فهذا يكون للمشتري دون البائع، لأنه لم يقع عليه عقد البيع ولا دخل في البيع، وأما إذا كانت الزيادة أو النقصان في عين السلعة وذاتها فالأصل في أن البائع يأخذ سلعته على أية حال كانت قول النبي صلى الله عليه وأهله: <أن من وجد متاعا عند رجل قد أفلس فهو أحق به من سائر الغرماء> ولم يفصل بين أن يكون زائدا أو ناقصا وبه قال الشافعي.
685 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه حبس ناسا من أهل الحجاز اقتتلوا فقتلوا بهم قتيلا.
686 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه حبس رجلا في تهمة وقال مطل الغنى ظلم.
687 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه حبس رجلا اعتق شقصا له في مملوك حتى باغ غنيمة له.(7/95)


688 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه قال: <لي الواحد يحل عرضه وعقوبته> ومعلوم أنه بالعقوبة الحبس.
689 خبر: وعن زيد بن علي عن أبائه عن علي عليه السلام أنه كان يحبس في النفقة وفي الدين وفي القصاص وفي الحدود وفي جميع الحقوق.
دلت هذه الأخبار على أن من تبين منه الظلم أنه يحبس، وكذلك يحبس للتهمة وعلى هذا إذا ادعى رجل الإفلاس، وادعى غرماؤه أنه مؤسر حبسه الحاكم حتى يأتي بالبينة على إفلاسه، فإذا ثبت عند الحاكم إفلاسه خلي عنه فإن ادعى الغرماء إيساره بعد ذلك فعليهم البينة وعليه اليمين نص عليه يحيى عليه السلام في المنتخب والأخكام وقال في الفنون إن البينة على من يدعي أنه مؤسر واليمين على من يدعي الأعسار، وهذا محمول على أن يكون ظاهره ظاهر الإعسار ويحتمل أيضا أن يكون مجوعا عنه والصحيح ما ذكه في المنتخب والأحكام.
700 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأله أنه حجر على معاذ وباع مأله للغرماء وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة لا يباع عليه مأله إلا الدنانير والدراهم وبيع الدراهم بالدنانير فإنه يباع عليه استحسانا ويقاس بيع المنافع على بيع الدنانير والدراهم وبيع الدراهم بالدنانير ولا خلاف في أنه يباع مال الميت للغرماء فكذلك الحي ولا خلاف في أنه لا يباع عليه من مأله ما لابد له منه ولا يستغني عنه لنفسه وعيأله من كسوة أو مطعم أو سكنى.
701 خبر: وروي في الرجل الذي ابتاع الثمار فأصيب منها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <تصدقوا عليه> فتصدق عليه فلم يبلغ ذلك. فقال: <خذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك>.
702 خبر: وروي أيضا أن غرماء معاذ التمسوا معاذا من رسول الله صلى الله عليه وأهله تسليمة إليهم فقال: <بعد ما بع عليه مأله ليس لكم إلا ذلك>.(7/96)


دل على أن الحر المفلس لا سبيل/150/ عليه في نفسه للغرماء ولا يواجر لهم والأصل فيه قول الله تعالى: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} ولم يجعل عليه غير ذلك.
فإن قيل: روي أن النبي صلى الله عليه مما باع سرقا في دين له ولم يثبت أنه باع رقبته فثبت أنه باع منافعه.
قلنا: في الخبر ما يدل على أنه باع رقبته إلا أن ذلك منسوخ قد ثبت نسخه بالأية والأثر.
من باب القول في ضمان الوديعة
703 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه قال: <من استودع وديعة فلا ضمان عليه>.
704 خبر: وعن زيد بن علي عن أبائه عن علي عليهم السلام أنه قال: لا ضمان على مستعير ولا مستودع إلا أن يخالف.
705 خبر: وعن جابر أن رجلا استودع متاعا فذهب متاعه فلم يضمنه أبو بكر لاخلاف في هذه الجملة والأصل في ذلك قول الله تعالى: {فإن أمن بعضكمم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}.
فإن قيل: فإنتم توجبون ضمان العارية إذا اشترط صاحبها ضمانها.
قلنا: الخبر ورد في العارية مطلقة وأما الخبر المروي عن عمر أنه ضمن ........ فيحتمل أن يكون خالف لا خلاف في أنه إن أعارها أو رهنها أو استودعها غيره فتلفت أنه يضمنها واختلفوا فيه إذا تعدى ثم ردها إلى موضعها فتلفت فظاهر قول يحيى عليه السلام أنه لا يسقط عنه الضمان بردها إلى موضعها لأنه الزم الضمنا بالتعدي ولم يشترط سقوط الضمان بالرد وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة يسقط الضمان بالرد.(7/97)


وجه قولنا: أنه قد صار في حكم الغاصب والغاصب لا يبرى من ضمان الغصب إلا برده إلى المغصوب منه فكذلك هذا ولا خلاف في أن المودع إذا ادعى أن الوديعة ضاعت أن القول قوله مع يمينه، وكذلك إذا الدعى الرد وهو قول يحيى عليه السلام. وقال في الفنون ، إذا ادعى الرد على صاحبها كانت البينة عليه، وهذا يحتمل أن يكون المراد به إذا كان جحدها، ثم ادعى أنه ردها، لأنه بالجحود يكون غاصباً لها ويكون أميناً، ولا خف في أن المودع ليس له أن يودع غيره، فإن فعل ذلك، كان تعدياً، وقال يحيى عليه السلام في الأحكام: إذا اشترى المودع بالوديعة بضاعة فربح فيها كان الربح لصاحب المال، إن رضى به، وللمشتري أجرة مثله، وإم لم يرض به كان بيت المال، وقال في المنتخب: يكون الربح للمشتري.
وجه ما قأله في الأحكام أن الربح حصل له من جهة محظورة كان لم يرض به صاحب المال، ومن حصل في يده شيء من جهة محظورة، ولم يكن له مالك معتق، فهو لبيت المال، وإن كان باذل صاحب المال ورضاه، فإن كان قبل الشرى جرى مجرى الوكالة، وإن كان رضي به بعد الشرى، أشبه الشرى الموقوف، إلا أن يأذن صاحب المال، وهو يستحق الأجرة، إذا كان ممن يأخذ الأجرة في مثل ذلك العمل.
ووجه ما قأله في المنتخب، أنه جعل للمشتري ملكاً بالشراء، كمن يشتري سلعة بمال مغصوب، أن السلعة للمشتري، وهو ضامن للمال المغصوب في ذمته، فيكون عليه ضمانها، والربح له/151/.
من باب القول في الضوال واللقط.
706 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <ضالة المؤمن حرق النار>.(7/98)


707 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله وسلم، في ضالة الغنم، أنه قال: هي لكل، أو لأختك، أو الذئب، المراد بقوله: لك أنك إن لم تأخذها لصاحبها، أو يأخذها هو أخذها الذئب، ولم يرد التمليك لمن الذئب لا يصح له يملك شيء، ولا يحكم له به، وهذا حض من النبي صلى الله عليه وأهله، في ..... لصاحبها لدليل قوله:<ضالة المؤمن حرق النار>، وقوله: <لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيبة من نفسه>.
708 خبر: وعن النب يصلى اللله عليه وأهله، أنه قال لأبيّ بن كعب حين وجد صرة فيها مائة دينار: <عرفها حولا، فإن وجدت من يعرفها، فادفعها إليه>.
709 خبر: وعن زيد بن خالد الجمعي، أن رسول الله صلى الله عليه وأهله، قال: <عرّفها سنة، وإن لم يتعرف، فاستنفع بها، ولتكن عندك وديعة، فإن جاء صااحبها يوماً من الدهر، فأدها إليه>.
دل على أن الضوال وديعة في يد من صارت إليه، ولا خلاف في أن الضوال واللفظ أمانة لأهلها في يد الملتقط، فإذا بيّت أنها أمانة، وجب حفظها على أهلها، وقد قال الله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها}.
710 خبر: وفي حديثأبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وأهله، قال: <أعرفها، فإن وجدت صاحبها، وإلا فاعلم ما وعاها، وما وكادها، وما عدتها>.
711 خبر: وفي حديث زيد بن خالد، <أعرف عفاضها، ووكائها>، ثم عرفها سنة.
712 خبر: وعن علي عليه السلام، أنه وجد ديناراً فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وأهله، فقال: <وجدت هذا؟ فقال: فعرفه.(7/99)

128 / 146
ع
En
A+
A-