قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وهو الصحيح عندي ويحتمل أن قول يحيى عليه السلام على ما قأله أصحابأبي حنيفة أن المراد به إذا تقادم الدهر إذ لا يكون بقي من نسائها من يمكن اعتبار مهرها وقالوا إن أبا حنيفة قال أرأيت إن ادعى آل علي على آل عمر مهر أم كلثوم بنت علي اكنت أحكم بذلك عليهم قال وليس كذلك أن أدعي عليهم سائر أهل الديون لئن المهر أصل ثابت ولا خلاف في أن من ....... شيئا أنه كان لمورثه الميت أنه يجب أن يشهد الشاهد أن يملك الميت في حياته وانتقال الشيء منه إلى الوارث بالأرث أو معنى ذلك وإن لم يحصل هذا اللفظ وتحصيل المذهب فيه أن مدعي الأرث يدعي حقا لنفسه كان لمورثه ثم انتقل إليه بالأرث فإن شهد شاهد أن/135/ هذا الحق كان لمورث هذا إلى أن مات وتركه أرثا تمت الشهادة، وإن شهدا له بمعنى ذلك وهو أن يقولا نشهد بأنه كان له إلى أن مات ولم يقولا وتركه أرثا صح وحكم به لأنه إذا سح أنه له إلى أن مات ولا إشكال في أنه ينتقل إلى مورثه بعد الموت وإن قالا نشهد بأنه كان له ولم يقولا إلى أن مات لم تصح الشهادة لأنهما لم يشهدا لهذا المدعي ........ بحق مستقر فكأنهما ....... لنا بحق لغير.........، إلا ترى أن المدعي لشيء من غير طريق الأرث لا يصح له مع إنكار المدعى عليه إلا بأن يشهد شاهداه بأنه حق له فكذلك هذا ولو قالا نشهد أنه كان لأبيه ولم يعلم ما فعل فيه لم تتم الشهادة.
وقول يحيى عليه فيمن ادعى شيئا أنه لأبيه إلى أن مات وشهدا له إلى أن مات وشهدا له بذلك شاهدان وادعى آخر أنه ملكه بالشرى منأبي هذا الذي ادعى الأرث منه كانت البينة بينة المشترى هو الخارج، ولو كان الشيء في يده لأنه مقر بأنه كان لأبي مدعي الأرث وصار هو بمثابة المشتري فعليه البينة فإذا أتى بها حكم له بالشيء وإن كان الشيء ليس في يده كان من شرط شاهديه أن يشهدا أنه خوله إلى أن مات الذي اشترى منه.(7/70)


قال يحيى عليه السلام: لو أن رجلا اشترى من رجل شيء. فقال البائع: بعتك بعشرين درهما. وقال المشتري: ابتعته منك بعشرة دراهم كانت البينة على البائع واليمين على المشتري. وبه قال ابن شبرمة، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف: إذا كانت السلعة مستهلكة. وقالا: إن كانت قائمة بعينها تحالفا وترادا البيع. وقال محمد والشافعي: إن كانت السلعة قائمة تحالفا وترادا البيع، وإن كانت مستهلكة ترادا على القيمة.
وجه قولنا: أنهما مقران بعقد البيع على الصحة وأن المشتري مقر للبائع بعشرة دراهم والبائع يدعي عشرة أخرى والمشتري منكر لها فوجب أن يكون على البائع البينة وعلى المشتري اليمين لقول النبي صلى الله عليه وعلى أله وسلم: <البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه>.
فإن قيل: روي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وأهله قال إذا اختلف البيعان والمبيع قائم بعينه وليس بينهما بينه فالقول ما قال البائع أو يترادان. وروي عن ابن مسعود أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <إذا اختلف البائع والمشتري ولا شهادة بينهما استحلف البائع وكان المبتاع بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء ترك>.
قلنا: ليس في الخبر ما يدل على موضع الخلاف ولا فيه أنهما أقرا بالبيع واختلف في الثمن ونحن نتأوله على أن البائع جحد البيع ولذلك قال: يستحلف.
637 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه قال: <على اليد ترك ما أخذت حتى ترد>.
دل على أن رجلا لو ادعى على رجل مالا. فقال: من في يده المال أخذته منك وديعة وتلف. وقال رب المال: بل أخذته قرضا أو غصبا أن البينة على من أخذ المال لأنه ادعى أنه أمير وصاحب المال منكر وأقر أنه أخذه منه والنبي صلى الله عليه وأهله علق الضمان بالأخذ.(7/71)


638 خبر: وعن علقمة بن وايل بن حجر، عنأبيه، عن النبي صلى الله عليه وأهله، أن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت جآء إليه فادعى الحضرمي أرضا في يد الكندي. فقال: هي أرضي في/136/ يدي أزرعها لا حق لك فيها. فقال النبي صلى الله عليه وأهله للحضرمي: <ألك بينتة> قال: لا. قال: <فليس لك إلا يمينه>.
دل هذا الخبر على البينة بينة الخارج وإن الذي في يده الشيء لو أتى ببينة أنه له قبلت بينة الخارج، ولم تقبل بينة من في يده الشيء لئن النبي صلى الله عليه وأهله لم يجعل للمدعى عليه سبيلا إلى إقامة البينة بقوله: <فليس لك إلا يمينه> وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وذهب الشافعي إلى أن البيينة بينة من في يده الشيء وعمدة حجته أن اليد قوة والبينة قوة وقوتان أولى من قوة واحدة.
وجه قولنا: لما تقدم.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وأهله في رجلين تداعيا دابة وأقام كل واحد منهما بينة في أنها دابته نتجها أنه قضى بالدابة للذي هي في يده.
قلنا: هذه حكاية فعل وليس فيه لفظ عموم ويجوز أن يكون قضى بها صلى الله عليه وأهله لا للبينة بل لأقرار جرى أو علم بذلك حصل أو يكون بينته أعدل من بينته.
639 خبر: وروي أن رجلين تداعيا بعيرا فأقام كل واحد منهما شاهدين أنه له فقسمة النبي صلى الله عليه وأهله بينهما وقال: <هو لكما لكل واحد منكما نصفه>.
وهذا أصل في كل شيء يتداعاه اثنان إذا استويا في اليد والدعوى والبينة وإذا اختلفا فعلى حساب ذلك كان يدعي أحدهما كله ويدعي الآخر نصفه أنه يكون بينهما على أربعة أسهم لمدعي الكل ثلاثة أرباعه ولمدعي النصف ربع واحد لئن مدعي النصف مقر لصاحبه بالنصف وتداعيا النصف الآخر فقسم بينهم على ما ذكرنا.
640 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله وسلم أنه اختصم عنده رجلان في خُصٍّ فبعث بخذيفة فقضى به لمن إليه القمط فأجازه النبي صلى الله عليه وأهله.(7/72)


دل على أن من كان له وجه الجدار وتنازع فيه هو وجاره ولم يكن لأيهما بينة أنه لمن كان وجه الجدار إليه لئن القمط كالوجه. وبه قال أبو يوسف ومحمد، وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنه لا يعتبر بوجه الجدار ولا خلاف في أن مملوكا لو ادعى على سيده أنه أعتقه أو دبره أن على العبد البينة، فإن لم يجدها فعلى سيده اليمين وأصول يحيى عليه السلام ومسائله تقتضيه. وقال في المنتخب: إذا ادعى رجل على رجل أنه مملوكه فأنكره ذلك المدعا عليه ولم يكن للمدعي بينة فلا يمين على المدعى عليه، وأما سائر الدعاوى في الجراح والقتل والنكاح والطلاق والنسب وغير ذلك فعلى المدعي البينة وعلى المنكر اليمين قوله: لا يمين على المدعى عليه مخالف لأصوله ومسائله ......................... ويجوز أن يكون أراد إذا ادعى رجل الملك على مشهور النسب فذلك لا تسمع دعواه ولا يحكم له على من ادعى عليه بيمين ولا خلاف في أن من ادعى عليه فعل شيء يوجب عليه حدا من حدود الله ولم يقم عليه بينة أنه لا يمين عليه إلا أن يدعى عليه إنسان بعينه أنه سرق مالا له بعينه لزمته اليمين للمال دون القطع ولا خلاف في أن من ادعى عليه حق يخصه في نفسه أن عليه اليمين على القطع وإن من ادعى عليه شيء يرجع إليه من قبل غير كالوارث أنه يحلف على علمه.
من باب الإقرار
641 خبر: /137/ وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه رجم ماغر بن مالك حين أقر بالزنا.
642 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <إغد يا أ،يس على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها.
643 خبر: وعن النبي صلى الله وأهله، أنه قطع سارقاً بإقراره.(7/73)


دلت هذه الأخبار على أن من أقر على نفسه لشيء، وهو عاقل حر بالغ لزمه ما أقر به على نفسه، والأصل في ذلك قول الله تعالى: {قوامين على بالقسط شهد الله ولو على أنفسكم} وشهادة المرء على نفسه، هي الأقرار، وهو مما لا خلاف فيه بين المسلمين، من لدن الصحابة إلى يومنا هذا، واشترطنا العقل، والبلوغ، لقول النبي صلى الله عليه وأهله: <رفع القللم عن ثلاثه، عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم> واشترطنا الحرية فيه، لأن كثراً من إقرار العبد لا يصح في الحال، وإن صح عليه إذا عتق، وقد يمكن أن يقر الإنسان بشيء يعلم خلافه ضرورة كمن يقر بقتل إنسان يعلم أنه قيل قتل مولده، ولا فرق بين أن يكون الإقرار بحق من حقوق الله ، أو بحق من حقوق الأدمين، لا خلاف فيه، وإذا أقر العبد بشيء يوجب عليه حداً، أو قصاصً لزمه ذلك، وإن أقر بما يلزم مولاه، لم يلزمه ذلك.
644 خبر: وعن عم، أنه كتب إلى إمرآية أن لا يورث الخميل إلا ببينة، ولم يرو خلافه عن أحد من الصحابة، ولا مساغ للإجتهاد فيه، فوجب أن يكون قأله نصاً عن النبي صلى الله عليه وأهله.
دل على أن الصبي لا يصح إقرار بعضهم ببعض، فلو خلينا والإحتهاد كان إقرار السبي إذا عتق ممن يكون عصبة له يسقطا لولا كما أن الإقرار بالإبن يسقط التعصيب والولي أضعف من التعصيب ولكن لما ورد هذا الخبر ولم يرو عن أحد من الصحابه خلافه فجرى مجرى الإجماع ولا يمكن بأن يكون مأله عمر إجتهادا لإن الإجتهاد لا يسوغ في مثل هذا فلم يبق إلا أنه يحمل على أنه نص عن النبي صلى الله عليه وأهله وسقط الإجتهاد وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفه يجوز . قال المؤيد بالله قدس الله روحه: وجمله الأمر أن المسأله فيها ضعف في الروايه أيضا يحتمل التأويل والله أعلم.
من باب الشهادات
645 خبر: وعن ز يد بن علي، عن أبائه، عن علي عليه السلام، أنه قال: لا تجوز شهادة متهم، ولا طبين، ولا محدود في(7/74)

123 / 146
ع
En
A+
A-