وجه قولنا: أنه لا يحكم عليه إلا بيقين كالميت، ولأنه إذا حصر بعد ذلك، لم يخل من إحدى ثلاث، إما أن يقر فيريد الحكم تأكيداً، أو يبكي، فقد يحكم القاضي على المنكر بالبينة، أو يدلي بحجة فمتى جاء وأدلى بها سمعت ونقض الحكم.
625 خبر: وري أن رجلاً كان يعين في الشرى والبيع، لضعف كان في عقدته، فقال له النبي صلى الله عليه وأله: حين قال لا أصبر عن البيع والشرى: <إذا بعت واشتريت فقل لا خلا به> وري في بعض الأخبا: <ولى الخيار ثلاثا> وفي بعض الأخبار، أنه قال: جعلني النبي صلى الله عليه وأهله، فيماأبيع وأشتري على الخيار ثلاثاً. وفي بعض الأخبار: أن أهله، سألوا النبي صلى الله عليه وأهله، أن يحجر عليه، فنهاه عن البيع.
626 خبر: وعن عبدالرحمن بن كعب بن مالك، عنأبيه، أن النبي صلى الله عليه وأهله، حجر على معاذ، وباع عليه للغرماء.
دل الخبر الأول على أنه لا يحجر على السفيه، ودل الخبر الثاني على أنه يحجر ععلى صاحب الذين ذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يحجره على وجه من الوجوه، وذهب أبو يوسف، ومحمد والشافعي إلى أنه يحجر على السفيه، وأجمعوا على أن الذين لا يكون إلا إلى الحاكم، وذهب محمد إلى أن حجر السفيه لا يحتاج إلى الحاكم، بل يكون محجوراً عليه، وإن لم يحج عليه الحاكم، والوجه ما قدمنا، وليس في الخبر الأول أن النبي صلى الله عليه، حجرا عليه.
فإن قيل: روي الحجر عن عدة من الصحابة، وروي أن علياً عليه السلام، سأل عثمان أن يحجر علي عبالله بن جعفر.
فيل: يحتمل أن يكون الحجر الذي روي عن الذين............ وروي أن عبدالله بن جعفر كان كثير الأفضال، ومن كان كذلك لم يخل من كثرة الدين.
فإن قيل: روي أنه سأل ذلك حين باع، أو اشترىعبدالله شيئا غبن فيه غبناً عظيما.(7/65)
قلنا: لا يمتنع أن يكون ذلك حجراً الدين، لأنه إذا فعل ذلك لحق أهل الدين الضرر، ولا خلاف في من يررى الحجر أن إقرار المفلس بما في يده للغير، لا يكون إقراراً بل يبحث عنه، فإن وجد كما قال، وإلا فهو للغير ما في الشاهد، واليمين.
627 خبر: وعن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وأهله، قضى باليمين مع الشاهد، وعن سهيل بنأبي صالح، عنأبيه، عنأبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وأهله، مثله.
628 خبر: وعن زيد بن ثابت، عن النبي صلى الله عليه وأله، مثله.
629 خبر: وعن علي عليه السلام، أنه قضى به بالعراق.
630 خبر: وعن عبدالله بن عامر بن ربيع’ أن ابا بكر، وعمر، وعثمان، كانو يقضون باليمين مع الشاهد، وري أنه قضى بهأبي بن كعب وشريح، وعمر بن عبدالعزيز، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافهم، وبه قال كثير من أهل البيت/133/ عليهم السلام، وهو قول مالك، على ما حكى، والشافعي، ومن قال به، فإنما أوجبه في الأموال سوى الحدود، والقصاص، وقال زيد بن علي عليه السلام: لا يقضي به، ولا بد من شهادة رجلين، أو رجل وامرأتين، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، فوجه قولنا ما قدمنا من الأخبار.
فإن قيل: حديث سهيل ضعيف لما روي عن سليمان بن بلال، قال: قلت لسهيل أن ربيعة يرويه عنك، فقال: إن كان يرويه عني فهو كما قال.
قلنا: يجوز أن يكون سهيل نسي مارواه، وليس نسيانه يوجبب سقوطه، إذا حفظ عنه الفقه، فأما طعنهم في سليمان المكي عن عيسى بن سعدٍ، عن عمرو بن دينارٍ، وقولهم أن فيساً لا تعرف له روايه عن عمرو بن دينارٍ، قلنا: قد احتججتم برواية غورك بن جعفر في ركوة الحيل، وغورك هذا رجل مجهول لا يعرفه الرواه، وقيس معروف في نفسه مشهور، وقولهم في سيف بن سليمان، أنه ضعيف، فقد أخذ بجديته العلماء، وروي عن ابن عبيد، أنه وثقه.
فإن قيل: قول النبي صلى الله عليه وأهله: <لو أعطى الناس بدعاويهم، لأدعا قوم، وما قوم وأموألهم>.(7/66)
دل على أن أداً لا يستحق بدعواه شيئاً.
قلنا: المراد به الدعوى التي لا بينة معها، ألا ترى أن من شهد له شاهدان بشيء لا يبيت إلا مع دعواه، فكذلك هذا، فإن يعلقوا بما روي ف خبر الأشعث حين قال له شاهداك، أو يمينه، قلنا: فقد أوجبوا الحق يتكول الدعي عليه، فكذلك هذا.
فإن قيل: فلم قلتم يقضي بشاهد ويمين في الأموال، ولا يقضي بذلك في الحدود، والقصاص.
قلنا: لأنه لا خلاف في أنه لا يققضى بشهادة شاهد وامرأتين في الحدود، والقصاص، وهو أقوى من شاهد ويمين، فكذلك هذا، وأيضاً فقد روي في الأخبار وخص به الأموال.
من باب القول في العداوي والبيّنات
631 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <لو أعطي الناس بدعاويهم، لادعا قوم، وما قوم وأموألهم> لكن البينة على المدعى، واليمين على المدعى عليه، لاخلاف في هذه الجملة.
632 خبر: وعن ابنأبي مليكة، أن كتب إلى ابن عباس، أنه كتب إلى ابن عباس في امرأتين، إدعت إحداهما على صاحبتها، أنها أصابت يدها بالأشفا، فأنكرت فكتب ابن عباس، إن ادعها ، وأقرا عليها، {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلاً ... الأية} فإن خلفت فخل عنها، وإن لم يخلف فضمنها.
633 خبر: وعن ابن عمر، باع غلاماً بالبراءة، فقال المشترى: به داء لم تسمه، فاختصما إلى عثمان، فقضى أن ابن عمر، والله لقد باعه وما به داء يعلمه، فأبى ابن عمر أن يحلف، وارتع الغلام.
دل على أنه إن نكل المدعي عليه عن اليمين، لزمه ما ادعى عليه من الحق، وحكم به، قال أبو حنيفة: يحكم بالنكول، إلا في القصاص في النفس، وبه قال أصحابه: إلا زفر، فقد حكى عنه أنه يحكم به في القصاص، أيضاَ، قال الشافعي: يقال للمدعي، إحلف واستحق، وحكى عن مالك، أنه قال: خلافه أيضاً عنأبي موسى مثله، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه، وما روي عنه يوجب العموم، ولا حجة لمن ادعى التخصيص، ولاخلاف أن النكون لا يمنع اليمين/134/.(7/67)
634 خبر: وعن زيد بن علي، عنأبيه عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه استحلف الخصم مع بينته.
635 خبر: وعن شريح، أنه كان يأخذ اليمين مع الشهود، وبه قال الأوزاعي، والحسن بن صالح بن بن حي وذهب قوم إلى خلافه. والوجه ما ذكرنا ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه.
فإن قيل: روي أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وأهله في أرض فقال للمدعي: <بينتك> فقال ليس لي بينه قال: <فيمينه> قال فيذهب إذا قال ليس لك إلا ذلك؛ فلم يوجب على المدعي غير البينة.
قلنا: إنما تجب اليمين عليه بعد البينة وبعد طلب المدعى عليه ذلك، وليس في الخبر ما يدل على أنه لا يجب عليه اليمين.
636 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي عليهم السلام أنه قال: البينة العادلة أولى من اليمين الفاجرة.
دل على أن المدعى عليه إذا حلف ثم أتى المدعي بعد يمينه ببينة على ما يدعيه بطلت يمين المدعى عليه، وهو قول زيد بن علي عليه السلام، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والشافعي، وبه قال ابنأبي ليلى لا تقبل البينة بعد اليمين، وقال مالك: إن استحلفه ولا علم له بالبينة ثم علم أنه له بينة قبلها وبطلت اليمين وإن استحلفه وهو عالم بالبينة سقط حقه والوجه ما قدمنا من الخبر
فإن قيل روي عن النبي صلى الله عليه وأهله قال: <من حلف يمينا كاذبة ليقطع بها مال مسلم لقي الله وهو عليه غضبان وهذا يدل على أنه يقتطع المال مع يمينه.
قلنا: ذلك اقتطاع في الظاهر مالم يرد ما هو أقوى من اليمين فإذا ورد ما هو أقوى منها بطلت إلا يرى أنه لو أقر بعد اليمين لبطل حكم اليمين وأيضا فإن الإقتطاع ليس ظاهرة التملك إلا ترى أن قاطع الطريق ليس هو بملك وقد يكون ظالما.(7/68)
قال يحيى عليه السلام: فإن قال للحاكم خلفه لي فإني.......... عما أدعيه فحلفه ثم جاء ببينته لم تقبل ولم يحكم بها والأصل فيه قول الله تعالى: {أوفوا بالعقود} وقول النبي صلى الله عليه: <المؤمنون عند شروطهم، وقال يحيى بن الحسين عليه السلام وإن مات الزوجان فادعى ورثه الزوجه على ورثة الزوج صداقا فعلى ورثة الزوجه البينة فإن أقاموها حكم لهم بها وإن لم يقيموها استحلف لهم ورثته على علمهم ولم يحكم لهم ... قال أبو حنيفة وقال أبو......... ومحمد يحكم لورثتها بالمهر كما يحكم به لو كانا حيين.(7/69)