خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <لا يرث القاتل> وروي أنه قال: <لا ميراث لقاتل> لا خلاف في أن القاتل لا يرث من الدية عمداً كان قتله أو خطأ.
خبر: وعن عبدالله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه قام يوم فتح مكة فقال: <لا توارث بين أهل ملتين والمرأة ترث من دية زوجها وماله وهو يرث من ديتها ومالها مالم يقتل أحدهما صاحبه عمداً من قتل أحدهما صاحبه عمداً لم يرث من ماله ولا من ديته شيئاً وإن قتله خطأً ورث من ماله ولم يرث من ديته>.
وهذا نص ما ذهبنا إليه، وبه قال مالك، والأوزاعي، وذهب أبو حنيفة وأصحابه، والثوري، والشافعي، وعامة الفقهاء إلى أن قاتل الخطأ، لا يرث من ماله كما لا يرث من ديته.
وجه قولنا: الخبر عن النبي صلى الله عليه وأهله وسلم.
فإن قيل: روى ابن خلاس أن رجلاً رمى بحجر فأصابت أمه فقتلها، فحرمه علي عليه السلام الدية ونفاه عن الميراث. وقال: إن حظك من ميراثها الحجر.
قلنا: يحتمل أن يكون تعمد رميها بالحجر، وكان الحجر مما يقتل مثله فحرمه الميراث على المراضاه من الورثه، ويدل على أنه عمد أنه حمّله الدية ولو كان خطأ حملها العاقلة، وكذلك يحمل ما رواه من خبر الذي حذف ابنه بالسيف فأصاب رجله فقتله، فحرمه عمر الدية مغلظة ونفاه عن الميراث وجعل الميراث لإخيه وأمه، وعندنا أن الأب لا يقتل بإبنه.
خبر: وعن الناصر عليه السلام، بإسناده عن علي عليه السلام، في رجل قتل ابنه. قال: إن كان خطأ ورث، وإن كان عمدا لم يرث، وعند أبي حنيفة أن الصبي والمجنون إذا قتلا لم يحرما الميراث، فكذلك قاتل الخطأ لا يحرم الميراث، وعند أبي حنيفة أن العاقل إذا قتل.....لم يحرم الميراث، وعند الشافعي في أحد قوليه: أن من يرجم من وجب عليه الرجم بإذن الإمام لا يحرم الميراث، والعلة أنه قتل مقرر من المآثم، فكذلك قاتل الخطأ.(7/55)


خبر: وروى يحيى بن الحسين عليه السلام، عن علي عليه السلام، أن رجلا مات وله ابن مملوك فاشتراه عال الميت ثم أعتقه وورثه باقي المال ولا خلاف في أن المملوك لا يرث ولا يورث وذلك أنه ليس له ملك مستعد. وما قال يحيى عليه السلام، في الحر إذا مات وله ابن مملوك فأعتق قبل أن يحال المال، ورثه.
فالمراد به إذا لم يخلف وراثا سواه وكان المال جهة بيت المال ومثل هذا القول في المسلم يجد في غنائم المشركين مالاً له بعينه أنه يكون أولى به قبل القسمه.
594 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأله، أنه قال: <إذا أصاب المكاتب ميراثا أو وجد أمانه يرث على مقدار ما عتق منه.
595 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <لا توارث بين أهل ملتين>.
596 خبر: وعن الحسين عليه السلام، عن أسامه، عن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم>. لا خلاف في أن الكافر لا يرث المسلم واختلفوا/128 / في المسلم هل يرث أهل الذمه؟ فذهبت الإماميه والناصر عليه السلام، إلى أن المسلم يرث الذمي والأصل فيه ما ذكرنا. وهو عام في جميع الملك.
فإن قيل: روي عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <الإسلام يزيد ولا ينقص نرثهم ولا يرثونا> وروي أن الإسلام يعلو ولايعلى.
قلنا: قوله صلى الله عليه وعلى أهله: <يزيد ولا ينقص ويعلو ولا يعلى>. لا يدل على إستحقاق الإرث فأما قوله: <نرثهم ولا يرثونا>.فيجوز أن يكون المرتد ليكون ذلك استعمالا للإخبار والمشهور من قوله صلى الله عليه وعلى أله ما ذهبنا إليه.
597 خبر: وعن زيد بن علي، عنأبيه، عن أبائه، عن علي عليهم السلام، أنه قتل المرتد العجلي حين ارتد وجعل ميراثه لورثته من المسلمين.(7/56)


دل على أن جميع تركته يرثه ورثته من المسلمين وبه قال محمد، وأبو يوسف وذهب أبو حنيفه إلى أن ما اكتسبه قبل الرده وبعدها هو في بيت مال المسلمين ولا خلاف في أن المرتد لا ملة له يبين ذلك أن المرتد لا يرث من أهل الدين الذي انتقل إليه. وروي عن عبدالله، وأبي بكر، وعمر مثل ما روي عن علي عليه السلام، في مال المرتد. وروى زيد بن علي، عنأبيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه كان يستتيب المرتد ثلاثاُ فإن تاب وإلا قتله. وجعل ميراثه بين ورثته من المسلمين . نعم ولم يخص ما اكتسبه قبل الرده وبعدها. فأما ما روي عنأبي بكر، أنه غنم أموال أهل الرده فوجهه أنه صار له منعه وصاروا بمنزلة أهل الحرب وكذلك سبى ذراريهم . وأما أبو حنيفه فيقال له: لا خلاف أن المرتد لو رجع إلى الإسلام لكان ما اكتسبه قبل الرده أو في حال الرده يكون مالكه وملكه جميعا فكذلك الإرث ويكشف ذلك أن الحربي إذا ظفر بمأله ثم أسلم لا يرجع إليه كما يرجع مال المرتد إليه إذا رجع إلى الإسلام الذي اكتسبه في حال الرده وقبلها وقال لإبي حنيفه والشافعي إن استحق بيت المال مال المرتد لا يخلو ما أن يستحق بيت المال على سبيل الغنيمه أو على سبيل الإرث فإن استحقه بالإرث قاولوا السهام وأولوا الأرحام على سبيل الغنيمه لم يجب أن ينتظر رجوعه أو قتله لإن سائر ما يغنم إذا ظفر به كان غنيمة وإن استحقه بالإرث قاولوا السهام وأولوا الأرحام أحق بالإرث من سائر المسلمين والذي يحجج على مذهب يحيى عليه السلام أن ديون المرتد تقضى ووصاياه تنفذ وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال زفر: لا يقضى شئ من ذلك مما اكتسبه في حال الرده لإنه فئ وقد أوضحنا القول فيه.
من كتاب القضا والأحكام، وباب القول في أدب القاضي.(7/57)


الأصل في القضا. قول الله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس... الآيه}. وقول الله عز وجل: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله}، وقوله: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الإرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع ألهوى... الآيه}. وعن عقبه بن عامر، أنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وأهله، خصمان. فقال: <إقض بينهما يا عقبه>./129 / قلت: يا رسول الله، أقضي بينها وأنت حاضر. قال: <إقض بينهما فإن أصبت فلك عشر حسنات، وإن أخطأت فلك حسنة واحده>.
598 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه بعث معاذ إلى اليمن. قال: <كيف تقضي بينهم؟> قال: أقضي بينهم بما في كتاب الله سبحانه. قال: <فإن لم يكن في كتاب الله>. قال: ففي سنة رسول الله صلى الله عليه. قال: <فإن لم يكن في سنة رسول الله>. قال: أجتهد برأيي ولا ألُو. قال: فضرب صدره وقال: <الحمدلله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله>.
599 خبر: وعنأبي هريره، عن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <إذا اجتهد الحاكم فأصاب كان له أجران وإن أخطأ كان له أجر واحد.
600 خبر: وعن زيد بن علي، عنأبيه، عن أبائه، عن علي عليهم السلام، قال: أول القضا بما في كتاب الله عز وجل، ثم بما قأله رسول الله صلى الله عليه وأهله، ثم بما أجمع عليه الصالحون، فإن لم يوجد ذلك في كتاب الله عز وجل ولا في السنه ولا فيما قأله الصالحون. أجتهد الإمام في ذلك لايألوا احتياطاً وأعتبر وقاس الأمور بعضها ببعض فإذا بين له الحق أمضاه ولقاضي المسلمين من ذلك ما لإمامهم.
601 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه ، عن علي عليهم السلام، قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وأهله، إلىاليمن. فقلت: يا رسول الله تبعثني إلى اليمن وأنا شاب لاعلم لي بالقضا. قال : فضرب بيده في صدري ودعا لي. فقال: <اللهم اهد قلبه وثتب لسانه ولقنه الصواب وثبته بالقول الثابت>.(7/58)


دلت هذه الأخبار على أن الحاكم يجب أن يكون عالما بالكتاب والسنه والإجتهاد ولم يدل على أن ذلك شرط في صحة قضائه. وقول يحيى عليه السلام، يجب أن يكون القاضي عالما إلى قوله فإن نقص من هذه الخلال يكونا ناقصا فنبه على أنه هو الأولى ولم يجعله شرطا فدل ذلك على أنه كان يجوز حكم المقلد. قال المؤيد بالله قدس الله روحه: ويجوز حكم المقلد لإن التقليد هو طريق من قصرعن الإجتهاد يتوصل به المجتهد إلى إمتثال مراد الله عز وجل منه في ذلك فكما جاز للمجتهد أن يحكم بالإجتهاد مع قصور حأله عن حال النبي صلى الله عليه وأهله، فكذلك يجوز للمقلد أن يحكم مع قصور حأله عن حال المجتهد لإن كل ذلك هو تكليف من ذكرناه ولا خلاف في أن القاضي يكون ورعاً ولإنه شرط العدالة في الشهود وأقل منزلة الحاكم أن يكون بمنزلة الشهود.
602 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي عليهم السلام، أن النبي صلى الله عليه وأهله، قال له: <يا علي لا تقض بين اثنين وأنت غضبان>.
دل على أنه لا يجوز أن يقضي ضعيف التمييز ولا من معه أمر يشغله عن التمييز كالغضب وشبهه.
603 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <إياكم والإفراد > قالوا: يا رسول الله وما الإفراد؟ قال: <يكون أحدكم أميرا أو عاملا فتأتي الأرمله واليتيم والمسكين فيقول أقعد حتى أنظر في حاجتك يتركون مقر دين لا يقضى لهم حاجه ويأتي الرجل الغني أو الشريف فيقعده إلى جنبه فيقول: ما حاجتك؟ يقول حاجتي كذا. فيقول: اقضوا حاجته وعجلوا بها>.
دل على أن القاضي يكون صليبا في دينه حتى لا يفضل غنياً على فقير ولا شريفاً على مشروف/130 /وقد قال الله تعالى: {يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}.(7/59)

120 / 146
ع
En
A+
A-