دل على أن لكل ذي رحم نصيب من يمت إليه وعلى هذا من ترك ثلاث خالات متفرقات فللخالات من الأب والأم النصف وللخالة من الأم السدس، والباقي رد عليهن فيكون المال بينهن على خمسة أسهم، وذلك أنا جعلنا ما كانت الأم تأخذه وهو جميع المال بينهن على حسب استحقاقهن لتركها، وبه قال الأكثر من أهل التنزيل، وقال/124/ ابو حنيفة، وأصحابه: للخالة من الأب والأم جميع المال، لأنها أقرب إلى الميت، ومن مذهبه مرااعاة القرب، وعلي عليه اللام، وابن مسعود، وعمر راعوا التنزيل في العمة والخالة، ولم يراعوا القرب فصح أن قولهم أولى، ولا خلاف في أن ابن الإبنة يجوز جميع المال، إذا انفرد بسبب واحد، وهو الرحم، وأن ابنة الإبنة يجوز جميع المالل إذا انفردت بسبب واحد، وهو الرحم، فعلى هذا يستوى الذكر والأنثى من ذوي الأرحام، إذا اجمعا، وكانا في منزلة واحدة، وبه قال ابو عبيد اللقاسم بن سلام، وإسحاق بن راهية، وقال ابو حنيفة: للذكر مثل حظ الأنثيين.
من باب القول في ميراث الزوجين
ولا خلاف في أن الزوجين لا يرد عليهما إلا أن يكون بينهما رحم, أجمعت الصحابة على القول بالعول غير ابن عباس، فإنه أنكره، وأخل البنين على البنات، والأخوات، إذا كن لأب وأم، أو لأبٍ، وأخذت والإمامية في ذلك بقول ابن عباس، وبايعهم على ذلك الناصر عليه السلام، وذهب سائر العلماء إلى القول بالعول.
578 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه ،عن علي عليهم السلام، القول بالعول، وري عنه أنه كان لا تشريك، وكان نقيل الفرائض، وروي عنه عليه السلام، أنه كان يقيل الفرائض، قال: وسأله ابن الكوّا، وهو يحطب، عن ابوين، وابنين، وامرأة، فقال: صار عنها تساعاً.
فإن قيل: روي عن ابن عباس، أنه قال: أن الذي أحصى رمل عالج عدداً يعلم أن المال لا يكون فيه نصف، ونصف، وثلث، ذهب النصفان بالمال، فإين الثلث.(7/50)
قلنا: أن القائلين بالعول، لا يقولون بأن الورثة يأخذون نصفه، ونصفاً، وثلثااً، وإنما إذا زادت السهام نقصوا كل ذي سهم بقدر سهمه، والنقص عندهم يدخل على جميع أهل السهام، ألا ترى إلى قول أمير المؤمنين عليه السلامم، صار عنها تسعاً فصرح بأن عنها قدر ... لي التسع، وإنما يذكرون النصف، والنصف، والثلث، ليعرفوا قدر السهام، ويعرفوا مقدار النقص الداخل على كل واحد منهم، وقد يلزم ابن عباس القول بالعول في زوج وأم وأخوين لأم.
من باب القول في الإرث الولي
لا خلاف أن المعتق أنهم أولى بالمال من عصبة مولاه، ولا خلاف في أن عصبة المولى يقوممون مقام المولى، ولا خلاف في أن ذوي سهام المولى لا يرثون مع ذوي سهام المعتق، لأنه لا نصيب لذوي السهام، وكذلك إذا ترك الميت ذوي أرحام نفسه، وذوي أرحام مولاه، أن المال لذوي أرحام نفسه، ولا خلاف في أن النساء/125/ لا يشاركن الرجال في الولي.
579 خبر: وقول النبي صلى الله عليه وعلى أهله، الولى لمن أعتق.
يدل على أن رجلين لو كانا مالكين لعبدٍ فأعتقاه جمنعاً، وماتا، ومات المملوك، ولهما عصبة، كان النصف لعصبة أحدهما، والنصف الأخر، فإن لم يكن لأحدهما وارث ولا ذو رحم، كان النصف الذي من قبله لبيت المال.
من باب القول في نوادر المواريث
580 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن على عليهم السلام، أنه سئل عن الخنثى لبسة، فقال: له نصف نصيب الذكر، ونصف نصيب الأنثى، وبه قال محمد، وابو يوسف في أحد فوليه، ويمثل قولنا، قال الشعبيي، وابن ابي ليلى، ومالك، وقال ابو حنيفة: له أقل النصيبين، لأنه المتيقن، وبه قال الشافعي: إلا أن قال في الزائد، يتوقف به حتى يتبين إثره، وحكى عن قوم أنهم قالوا له مثل نصيب الذكر، والأصل الخبر عن أمير المؤمنين عليه السلام، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه، وأيضاً فننقيسه على مدعي الشيء، فيأتى كل واحد منهم ببينة، وهو في أيديهما، أو في يدا خنثى أنه يقسم بينهما بصغير.(7/51)
581 خبر: وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه سئل عن مولود ولد في قوم، وله ما للمرأة، وماللرجل كيف يؤرث؟ فقال صلى الله عليه وأهله: من حيث يمول.
582 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه قال في الخنثى لبسة، أنه قال من حيث يمول الرجل، فهو رجل، وإن كان يمول من حيث تمول المرأة، فهو مرأة، واختير بالسبق.
583 خبر: علي عليه السلام، أنه اعتبر بالأضلاع، فقال: إن أضلاع الرجل تكون في جانب اليسار أنقص، وأضلاع المرأة تكون من الجانبين سواء، وثمثل قولنا، قال عامة الفهاء ومنهم من اعتبر الأكثر، ونحن اعتبرنا السبق.
584 خبر: وعن علي عليه السلام، أنه ورث الغرقاء بعضهم من بعض، وروي مثل ذلك عن ابن عمر، وابن مسعود، وشريح، وإبراهيم النخعي، والشعبي، وابن ابي ليلى، وجماعة من أهل الكوفة، وروي عن ابي بكر، أن لم يورث بعضهم من بعض، وروي ذلك عن زيد بن ثابت، وابن عباس، والحسين بن علي عليهم السلام، عن علي عليه السلام، رواية ليست بمشهورة، وبه قال الحسن في عدة من التابعين، وبه قال ابو حنيفة، وأصحابه، والشافعي، ومالك، وحكى ذلك عن عمر بن عبدالعزيز، وسعيد بن المسيب.(7/52)
وجه قولنا، ما روي أن قوماً من جثعم، قتلهم خالد بن الوليد، وقد كانوا سجدوا حين رأوه فوادهم رسول الله صلى الله عليه وأهله، نصف الدية، لأنه جائز أن يكون سجودهم لله، لأنهم كانوا أسلموا، وجائز أن يكونوا سجدوا على عادتهم في تعظيم الأمر، أو كانوا كفاراً فاختاظ في ذلك مع العلم بأنهم لو كانوا مسلمين لاستحقوا دية كاملة، ولو كانوا كفاراً لم يستحقوا شيئا، وهذا الخبر يحتمل وجهين، أحدهما أن النبي صلى الله عليه وأهله، يجوز له أن يجتهد في مثل/126/ هذا إذا لم يعلم باطن القوم، من قبل الله تعالى، وشك في إسلامهم وكفرهم. والوجه الثاني، أن يكون الله تعالى، أكنا عنه علمهم، وأمره أن يحكم بما حكم لبيان الحكم فيما ييحدث مثل ذلك، ولأ يكف المؤمنون عن إرتكاب الشهاب.
585 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأله، أنه قال: <من أبطل ميراثاً فرضه الله تعالى، أبطل الله ميراثه من الجنة>.
دل على ما قلنا من توريث الغرقاء بعضهم من بعض، لأنه لا يمكن الخروج من عهدة هذا الحديث، إلا بتوريث بعضهم من بعض، ألاى ترى أن رجلين أخوين لو ماتا، وبينهما شهر، ولم يعلم أنهما مات قبل أخيه، أن من أبطل ميراث أحدهما من صاحبه، أه قد استحق الوعيد الذي أوعد به رسول الله صلى الله عليه وأهله.
586 خبر: وعن الناصر بإسناده، عن علي عليه السلام، أن رجلا وابنه، وأخوين قتتلوا يوم صفين، وما يدري أنهم قيل، أولا مورث بعضهم من بعض، بإسناده عنه عليه السلام، أنه قوماً تلفوا في سفينةٍ فورث بعضهم من بعض.
587 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي عليهم السلام في رجل مات، وخلف ابنين، فيقر أحدهما بأخ له، قال يستوفي الذي أقر حقه، ويدفع الفضل إلى الذي أقترنه، وذهب ابو حنيفة، وأصحابه، واليورري، ومالك، وعبيدالله بن الحسن، إلى أن المقر يقاسم المقر له، مافي يده، وقال الشافعي: لا ميراث لمن تقربه بعض الورثه، كما لا ينسب له، ولا خلاف أنه لا ينسب له.(7/53)
ووجه قولنا، الخبر عن علي، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه.
588 خبر: وعن علي عليه السلام، في مثراث ابن الملاعنة، قال: ميراثه لأمه، إن لم يكن غيرها، فإن كان معها إخوة، أو زوج، أو امرأة أعطى كل، وأمرت الذي سمي له، فإن فضل من الميراث شيء رده على أمه، وعلى الورثة، إلا الزوج، والمرأة، وبه قال زيد، بن ثابت: إلا في الرد، وبه قال ابو حنيفة، وأصحابه، يمثل قولنا، وبه قال الشافعي، وحمل ابو العباس رضى الله عنه، قول يحيى عليه السلام، عصبته عصبة أمة، على ما روي عن علي عليه السلام، وقال المراد به عصبة أمه، إذا لم يكن معها غيرها، وقوى هذا المؤيد بالله قدس الله روحه، ظاهر ما قاله يحيى عليه السلام مروي عن عبدالله بن مسعود، وغيره من علماء التابعين، عن ابن عباس ، وروى ذلك أيضاً عن علي عليهم السلام، والمشهور ما ذكرناه إولاً، وهو الصحييح، لأن ابن الملاعنة، تميز له والد الزنا، وتمنز له من ان حكمهما ما ذكرناه.
589 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبائه، عن علي عليهم السلام، أنه كان يورّث المجوس بالقرابة من وجهين، ولايورث بنكاح، لا يحل في الإسلام، وروي عنه التوريث بأقرب النسبي، وبه قال الشافعي ،وقال ابو حنيفة، وأصحاببه، مثل قولنا، قال يحيى عليه السلام، ويفسر ذلك محوسي على ابنته، فأولدها ثلاث بنات، ثم مات، فورث البنات الأربع الثلثين، والباقي للعصبة، ثم مات أحد البنات الثلاث، وتركت أخيها لإبنها، وأمها، وأختها لإبنها، وهي أمها، فللأم السدس، ولأختها لأمها، وأمها الثلثان، فإن ماتت أحد البنتين بالباقيتين، فلأختها لإبنها، وأمها النصف، ولأخيها لأمها/128/ التي هي أمها السدس بكلمة الثلثين، ولها أيضاً السدس، لأنها أمها، فقد ورثت من وجهين، وحجبت نفسها من الثلث إلى السدس.
من باب القول في الذين لا توارث بينهم(7/54)