قال المؤيد بالله قدس الله روحه: والأقرب والله أعلم أن تحصيل مذهبه الفرق من أن يكون القتل عمدا أو خطأ فكأنه ابطل الوصية لقاتل العمد وأجازها لقاتل الخطأ كما ذهب إليه في الميراث لأنه منعه قاتل العمد وورث قاتل الخطأ والميراث أقوى حكما من الوصية لأنه يحصل لصاحبه بغير قبول والوصية لا تصح إلا بقبول الموصى له فإذا لم يجب لقاتل العمد ارث فأجدر أن لا تصح له الوصية.
قال المؤيد بالله بقدس الله روحه: والأصح عندي من مذهب يحيى عليه الشلام وظاهر ما يدل عليه قوله الفرق بين تقدم الجناية أو تقدم الوصية لأنه سئل عن رجل ضرب رجلا بسيف فعفى المضروب قبل أن يموت قال عفوه وصية تجوز من الثلث بعيد أن يكون آراد به المخطي فإن من يضرب غير خطأ بالسيف يكون مخطيا فأجازته إنما هي لتقدم الجناية لأنها لا تجوز لقاتل فأبطل الوصية لما تأخرت الجناية وتقدمت الوصية فتجب أن يكون ظهار مذهبه ما ذكرناه ووجهه أن إبطال الوصية مقوية فإذا أوصى بعد الجناية فكأنه عفى له عن هذه العقوبة. قال وهذا إذا كانت الجناية متقدمة على الوصية ومات من تلك الجناية فالوصية صحيحة للعامد والمخطي في المال والدية إذا علم ذلك منه، وإذا كانت الوصية متقدمة ثم قتله الموصي له فالوصية لقاتل الخطأ تجوز في ماله دون ذمته، وقاتل العمد تبطل وصيته في المال والدم. والأصل في ذلك الخبران وقوله صلى الله الله عليه: <ليس لقاتل وصية> يعم المال والدية. قال أبو يوسف لا تجوز الوصية للقاتل ولو أجازها الورثة وهو الأولى من قول يحيى عليه السلام لأنه منع لا لحق الوارث بل على سبيل العقوبة.
528 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه قال: <خير الأمور أوساطها>.
529 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال في مهر المثل: <وسط لا شطط فيه ولا وكس>.(7/30)
دل على أن رجلين لو خرجا في السفر فمات أحدهما كان على صاحبه أن يكفنه بكفنا وسطا من مال الميت وليس له حد محدود بل يكون بقدر البلاد والمال والميت والغلا والرخص. وما قاله يحيى عليه السلام من أنه يكون نصف عشر مال الميت فإنما ذلك خاص لأنه سئل عمن كان معه مائة دينار فمات فقال يكفن بنحو نصف العشر وذلك يكون خمسة/113/ دنانير ولعله رأى القدر هو الواجب بحسب ما عرف من غلا الثيبا أو رخصها لئن من مات وله عشرة آلاف دنيالا لا يكفن بخمسمائة لا خلاف بين العلماء إن الدين والكفن من جميع المال وعندنا أن الزكاة من جميع المال وقد دل كلام يحيى عليه السلام على أن حكمها أقوى من حكم الذين تعوله الزكاة بمنعع الزكاة وقال الذي لا يمنعها فجعل قدر الزكاة كالخارج عن ملكه وقال أبو حنيفة جميع ما يلزمه من الحج والزكاة وغيرهما مما ليس له مطالب بعينه يكون من الثلث والأظهر من قول الشافعي أن الحج والزكاة من جميع المال وعندنا أن الحج من الثلث وهو يجب بالوصية والدليل على أنه من الثلث أن الحج يلزم البدن فالمال يدخل فيه على سبيل البيع وليس كذلك الزكاة والدين لأنهما يلزمان المال قال المؤيد بالله قدس الله روحه دل كلام يحيى عليه السلام ومسائله على أن للوصي أن يوصي وأنه بخلاف الوكيل في هذه لآية ......... كلامه كله في باب الوصي على أن يصرفه بصرف الولاة وذكر قدس الله روحه من يموت وله أولاد صغار ولم يوص لهم فقال والذي اختاره ليكون ابعد من الخلاف وأقرب إلى الوفاق في عدد الجماعة من المسلمين الذي يرضون ويولونه أن يكونوا خمسة فقد نص يحيى عليه السلام في الأحكام في أن أقل من يحضر حد الزنا خمسة الإمام والشهود والأربعة. قال وقد صح عن عدة من الفضلاء الصالحين أنهم يولوا القصاص من جهة الظلمة في أيام بني أمية وبني العباس ولم ينكر ذلك عليهم غيرهم من أهل الفضل والصلاح من انتشار ذلك وظهوره فصار ذلك إجمااعا وقد قيل أنه يحتمل أن يكونوا(7/31)
تقلدوا ذلك برضى جماعة من المسلمين فيكون ولايتهم من قبل المسلمين لا من قبل الظلمة ويكون الظلمة لهم في ذلك حكم المعينين والأعضاد وظاهر الحال بخلاف ذلك لأنه لم يرو عن احد مننهم أنه فعل ذلك وقد نبه يحيى عليه السلام على ذلك بما ذكر في الأحكام من قوله يقر من أحكامهم ما وافق الحق وإلى نحو ذلك أشار أحمد بن عيسى عليه السلام.
من باب أحكام الوصايا
530 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: <الجهاد سنان الدين>.
دل على أن من أوصى بثلث ماله في أحسن وجوه البر أنه مصرف في الجهاد والأصل في أن الجهاد أفضل أعمال البر قول الله تعالى: {ولا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله} الآية، ولئن سنام الشيء ذروته وأعلاه.
531 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: <لما انزل عليه وأنذر عشيرتك الأقربين دعا بني هاشم وأنذرهم>.
دل على أن رجلا لو أوصى لأقاربه بثلث ماله أنه يكون لمن ينتسب منهم إلى الأب الثالث وقد ذكر يحيى عليه السلام في باب قسمة خمس الغنيمة من الأحكام أن اقرباء الرجل الذين ينتسبون إلى الأب الثالث لقوله في سهم ذوي القربى أنه لبني هاشم لقرابتهم وإن بني المطلب اعطوا ما اعطوا على سبيل الرضح للنصرة وعندنا القرابة من الأم يدخلون/114/ في وصيته لأقربائه.
فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وأهله، لم يعط قرابته من الأم وعندكم أنهم قرابه.
قلنا: ذلك السهم لخاص من قرابته، وهذا يكون كالتخصيص من العموم.
قال السيد المؤيد بالله قدس الله روحه في الشرح في مائل ليست من التجربد.(7/32)
دل كلامه في العنوان في مسئلة من أوصى بحجة، وله امرأة لا وارث له سواها على أن من أصى بجميع ماله، ولا وارث له، أن الوصية لا تجوز إلا بالثلث الباقي لبيت المال، وبه قال ابو حنيفة، وصاحباه، وعند الشافعي أن الوصية لا تجوز إلا بالثلث، والباقي لبيت المال، قال: فإذا أوصى لرجلين بثلث ماله، فمات أحدهما قبل الموصى بطلت الوصية بنصف الثلث، ورجع إلى ورثه الموصي، وبه قال ابو حنيفة، وأصحابه، لأن الوصية لا تستقر إلا بعد موت الموصي.
من كتاب الفرائض
532 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، انه قال: <إلحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلا ولي عصبة ذكر>.
دل على أن ما أنفت السهام فهو للعصبة.
533 خبر: وعن ابن مسعود حين سئل عن ابنه، وغبنة إبن وأختت، قال: أفضى فيا بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وأهله، للإبنة النصف، ولإبنة الإبن السدس بكلمة الثلثين، وما بقي فللأحب.
534 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه قال: الأجوات مع البنات عصبة.
535 خبر: وعن عمر، عبدالله، ومعاذ نحوه.(7/33)
دل على أن البنات مع البنين، والأخوات مع الإخوة عصبة، وكذلك الأخوات مع البنات، وبه قال عامة العلماء، وذهب الناصر عليه السلام، والإماميّة إلى خلاف ف ي ذلك، وحكوا عن ابن عباس، وابن الزبير، أن الأخت مع البنت لا شيء لها، وحكى أنه كان بستة، بقول الله تعالى: {إن امرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ماترك} قال: فلم جعل لها النصف إلا يشرط أن لا يكون له ولد، والبنت ولد فيجب أن لا يكون معها للأخت شيء فيقول ليس للأخت مع البنت في الكتاب شيء سممي، فيكون من ذوي السهام معهان وغنما هي عصبةن والعصبة لها ما ابقت السهامن والأصل فيما قلنان قول الله تعالى: {يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين} وقوله تعالى: {فإن كانوا إخوة رجالا ونساءاً فللذكر مثل حظ الأنثيين} بعد ما بيّن سهام البناتن والأخوات إذا انفردن، فصح انهن في هذه الحالة عصبة.
فإن قيل: فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: <فما بقي فلأولي العصبة> ذكر ولم يذكر النساء.
قلنا: المراد بقوله صلى الله عليه وأهله الفرق بين العمّ والعمة، وبين الأخ وبنات الأخ، وبني العم، وبنات الععم، فأمامن ذكرنا فإن الله تعالى قد ذكرهن في كتابه، والأخت مع البنت قد ورد فيها الأخبار عن النبي صلى عليه وأهله، وعن عامة الصحابة، وقد حكى عن ابن عباس أنه قد ردع على قوله: ولا خلاف في أن بنات الإبن في حكم البنات، إ ذا لم تكن بنات ولا بنون.
536 خبر: /115/ وعن يحيى بن الحسين عليه السلام، أنه روى عن النبي صلى الله عليه وأهله، أن جعل للجد السدس، ثم جعل له سدساً آخر، ثم قال السدس الثاني طعمه منى لك.(7/34)