499 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أن رجلا عض يد رجل فانتزع /106/ يده من فيه، فسقطت ثنيتاه، فلم يجعل عليه شيئا، وقال: أيترك يده في فمك تقضمها، كما يقضم الفحل.
دل على أن من دفع عن نفسه ظلماْ، ولم يصل إل دفع الظالم إلا بقتله فقتله، فلا شئ عليه، مثل من يراود امرأة عن نفسها، ولا تمكن دفعه إلا بقتله، فقتلته لا شئ عليها، وهذا مما لا خلاف فيه.
من باب القصاص
500 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه خطب يوم فتح مكة فقال: <ألا من قتل قتيلا فوليه بخير النظرين بين أن يقتص وبين أن يأخذ الدية>.
501 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعن أهله أنه قال: <لا يحل دم امرء مسلم إلا بثلاث> الخبر.
502 خبر: وعن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وأهله: <العمد قود إلا أن يعفو ولي المقتول>.
503 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: للذين غلطا في شهادتهما لو علمت أنكما تعمدتما قطع يده قطعت أيديكما ولا خلاف في هذه الجملة والأصل في ذلك قول الله تعالى: {كتب عليكممم القصاص في القتلى الحر بالحر} وقوله: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} وقوله: {وكتبنا عليهمم فيها أن النفس بالنفس} وقوله عز وجل: {من قتل مظلوما فقد جعلنا لويه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا} ولا خلاف في أن ................ والهاشمة والحالقة لا قود فيها لأنه لا يوقف لها على حد محدود ولا مقدار معلوم وكذلك لا خلاف في العظم إذا كسر أنه لا قصاص فيه.
504 خبر: وعن السيد المؤيد بالله قدس الله روحه قال: روي عن جابر فيما أظن من السنة أن لا يقتل حر بعبد. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه يقتل.
وجه قولنا: قول الله تعالى: {الحر بالحر والعبد بالعبد} والألف واللام ها هنا للجنس.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وأهله أنه قال: <المسلمون تتكافى دمائهم>.(7/20)
قلنا: يحتمل أن يكون في الحرمة وتعظيم سفكه إذ لا تكافي بين دم الأب والأبن إلا في الدية وأيضا فإن العبيد تختلف دياتهم باختلاف قيمتهم.
فإن قيل: فقد روي من قتل عبده قتلناه ومن جدع أنفه جدعناه.
قلنا: لا دليل فيه لأنه لا خلاف بيننا وبينهم فالسيد إذا قتل عبده أنه لا يقتل به وأنه لا قصاص بين الأحرار والعبيد في الأطراف وكذلك لا يحد الحر إذا قذف العبد فكذلك لا يقتل به. وتأويل الخبر عندنا أن بقتله على وجه الفساج في الأرض والمحاربة فيقتل عندنا حدا لا قصاصا.
505 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <لا يقتل مسلم بكافر>.
دل على العموم في المحارب والذمي لإشتراكهما في الأسم وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأصحابه يقتل بالذمي.
وجه قولنا: الخبر وقول الله تعالى: {أفمن كان فاسقا كمن كان مؤمنا لا يستوون}.
فإن قيل: فقد قيل في الخبر <ولا ذوعهد في عهده>.
قلنا: هذا لا يدل على خلاف ما قلنا لئن الضمير الثاني لا حجة لهم عليه وتأويلهم عندنا/107/<ولا يقتل ذو عهد في عهده> وقوله: بكافر ضمير ثان لا حجة على كونه.
فإن قيل: روي عن عبدالرحمن بن السمان أن رسول الله صلى الله عليه وأهله أتي برجل من المسلمين قتل عاهدا من أهل الذمة فأمر به فضربت عنقه. قال: <أنا أولى من وفاء بذمته> وروي أيضا عن علي عليه السلام أنه قتل مسلما بذمي ثم قال: أنا أولى من وفاء بذمة محمد صلى الله عليه وسلم.
قلنا: المراد بالخبرين أنه قتل الذمي على سبيل المحاربة والفساد في الأرض فقتل قاتله حدا لا قصاصا كما تأولنا قوله: <من قتل عبده قتلناه>.
قال يحيى بن الحسين عليه السلام لو أن اعور فقأ عين صحيح فقئت عينه. وقال في المنتخب: عين الأعور بمنزلة العينين فلا تفقا عينيه بعين الصحيح وممما قلنا أولا هو قول الأحكام وبه قالت العلماء. أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وما ذكره في المنتخب هو قول مالك والمعمول عليه عندنا ما قاله في الأحكام.(7/21)
وجه ما قاله عليه السلا في الأحكام قول الله تعالى: {العين بالعين} فعم ولم يخص عين الأعور من عين الصحيح.
506 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله في العبد من الدية وروي <في العين الخمسين من الأبل> وهذا عام وأيضا لا خلاف أن يد الأقطع لا تقوم مقام يدي الصحيح.
فإن قيل: روي عن علي عليه السلام وغيره من الصحابة عين الأعور ......... العينين.
قلنا: له إن يحيى عليه السلام لم يصحح هذه الرواية عن علي عليه السلام في الأحكام بل صعبها وظاهر ما روي عن زيد بن علي عليه السلام من قوله في العينين الدية وفي كل واحدة منهما نصف الدية، فإن كان قال بذلك بعض الصحابة فلا يجب علينا القول به لئن من الصحابة من قد بنت لنا خلافه في بعض المسائل كقول من قال بالمتعة. وجه ما قاله عليه السلام في المنتخب أنه أجاب السائل بذلك أن الصحيح إذا بقيت عينه بقيت له عين ينظر بها، فإذا فقئت عين الأعور صار أعمى لا ينظر شيئا فأقامها بمنزلة العينين لهذا والصحيح ما قاله في الأحكام.
507 خبر: وعن علي عليه السلام إذا قتل رجل المرأة عمدا فأولياء المرأة بالخيار إن شاؤا قتل الرجل واعطوا أولياءه نصف الدية وإن شاؤا أخذوا من القاتل دية المرأة والأصل فيه قول الله تعالى: {الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى} وفلو لم يكن الحال كنا ذكرنا لم يكن التخصيص الأنثى بالأنثى فائدة.
508 خبر: وعن النبي صلى الله عليه أنه قال: <من قتل له قتيل فأهله بين خيرين إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا أخذوا الدية>.
509 خبر: وعن عمر أنه قتل جماعة بواحد. وقال: لو تمالى عليه أهل صنعاء قتلتهم به.
510 خبر: وعن علي عليه السلام نحو ذلك. وقوله عليه السلام للشاهدين لو علمن أنكما تعمدتما قطع يده قطعتكما.(7/22)
دلت هذه الأخبار على أن جماعة لو اجتمعوا على قتل رجل عمدا كان لولي الدم قتلهم إن شاء وإن شاء أحذ من كل واحد منهم دية. وهو قول القاسم وأحمد بن عيسى عليهم السلام، وأبي حنيفة والشافعي وعن الناصر عليه إن ولي/108/ الدم بقتل واحدا منهم بخياره ويأخذ من الباقين للمقتص منه قسطهم من الجية وعن مالك لا يقتلون. والأصل في ذلك قول الله تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. المراد بالآية الحكم لئن قاتل واحد لا يكون مثل قاتل جماعة في الأثم.
فإن قيل: روي عن أبي الزبير أنه لم ير قتل الجماعة بالواحد.
قلنا: وقد روي عنه خلافه وروي أن جماعة اجتمعوا على قتل واحد فأراد قتلهم به فمنعه معاوية، وأما إيجاب الديات في العامدين بعدد القاتلين فإن الدية تدل الدم وقد استحق ولي الدم دم كل واحد من القاتلين فكذلك يستحق ديته إذا اعفي عنه ولا خلاف في أن جماعة لو اجتمعوا على قتل رجل خطأ أن عليهم دية واحدة.
511 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله أنه قال: <من اصيب فقتل أو ختل فإنه بخيار أحدى ثلاث إما أن يقتص أو يعفو أو أن يأخذ الدية.
دل على أن لولي الدم الخيار بين أن يطالب في الدم أو يطالب في الدية أو يصالح يفوق الدية أو بدونها. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة ليس لولي الدم إلا القصاص أو العفو ولا سبيل له إلى الدية، والأصل فيما قلنا قول الله تعالى: {فمن عفى له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء بإحسان} فتبين أن بعد العفو ما طلبه وذلك هو الدية وقوله ذلك تخفيف من ربكم معناه على ما روي أن بني إسرائيل لم يكن فيهم إلا القصاص فسهل الله لهذه الأمة بما شرع لهم من العدول عن القصاص إلى الدية.(7/23)
512 خبر: وعن ابن عباس قال لم يكن في بني إسرائيل غير القصاص بالعمد ولم يكن فيهم الدية. قال ابن عباس والعفوا أن يقتل الولي الدية في العمد فاتباع بالمعروف و أداء إليه بإحسان قال عليه أن يتبع بالمعروف وعلى هذا أن تؤدي إليه بإحسان وقول الله تعالى: {فمن عفى له من أخيه عن شيء}.
يدل على ما قلنا لأنه لم يقل يقل الكل ومن هاهنا للتبعيض فصح أنه عفى ................. الدم وبقيت الدية.
فإن قيل: روي في بعض الأحاديث <إما أن يقتل وإما أن يقتاد> إذ المفاداة تكون بين الأثنين.
قلنا: نحن لا ننكر ذلك ومعناه الصلح ولا خلاف في أن دخول العفو في بعض الدم ينقل الباقي إلى الدية من غير اعتبار مراضاه القاتل. فدل على أن سقوط القود يوجب العدول إلى الدية لا خلاف فيم قتل وله أولياء غيب وحضور أنه لا يقتص الحضر حتى يحضر الغيب وإنما الخلاف فيمن قتل وله أولاد كبار وصغار فعندنا القياس واحد أنه لا يقتله الكبار حتى يبلغ الصغار قياسا على الأولى وبه قال أبو يوسف ومحمد.
قال السيد المؤيد بالله قدس الله روحه: وأظنه قول الشافعي. وقال أبو حنيفة: للبالغ أن يقتص.
وجه قولنا: ما تقدم ولئن الكبير إذا فعل ذلك فوت على الصغير حقه.
فإن قيل: روي عن الحسين بن علي عليهما السلام أنه قتل ابن ملجم لعنه الله وكان لعي عليه السلام أولاد صغارا.
قلنا: عندنا أنه قتله على الردة بدلا له قول النبي صلى الله عليه وعلى أهله يا علي اشقا الأولين عاقر الناقة واشقاء الأخرين قاتلك.
فإن قيل: فلم انتظر به موت علي عليه السلام.
قلنا: لأنه لا يتبين أنه قاتله إلا بعد موته.
513 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله/109/ أنه قال: <العمد قود>.
دل على أن كل قتل متعمد بحديد أو حجر أو خشب أو سم أو نار أو ماء أو غير ذلك ففيه القود وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة: لا قود إلا أن يقتل بالسيف أو الحديد أو ما يعمل علمهما.(7/24)