دل على أن من شمت رائحة الخمر من فهكته أنه يجلد، وكذلك من قاها، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة، والشافعي: لا يجلد، وكذلك إن فاقما لم يحلد عند ابي حنيفة، والأصل ما قدمنا، ولأنه كان لمحضرمن الصحابة، فجرى مجرى الإجماع.
358 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله وسلم، أنه لم ا استراب ماعزاْ أمر أن تستنهك.
359 خبر: وعن ابي بكر أنه أتى بسكران، فأمر به، فضرب، ولم ينكره أحد من الصحابة.
360 خبر: وعن عمرو بن الشريد، عن ابيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليهه وأهله، يقول: <إذا سكر أحدكم فاضربوه، فإن عاد فاضربوه، فإن عاد فارضبوه، فإن عاد فاربوه، ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه>.
361 خبر: وعن ابي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وأهله، قال: <إذا سكر فاجلدوه، ثم إذا سكر فالجلدوه إلى أن قال في الرابعة: فاضربو عنقه>.
دل على أن السكران إذا وجد أقيم عليه الحد، لأن السكر لا يكون إلا من الشرب، وكذلك الرائحة والفي، وذهب أصحاب ابي حنيف إلى أنه لا يحد حتى يشهد عليه الشهود أنه شربها طوعا، والأصل ما قدمنا، إختلفوا في حد السكر، قال أبو حنيفة: السكر هو أن لا يعقل السكران السماء من الأرض، والرجل من المرأة، وقال أبو يوسف، ومحمد: إذا كان أكثر كلامه الإختلاط فهو سكران، قال القاسم عليه السلام في السكران: يجوز بيعه وشراؤه، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما روي أن النبي صلى عليه وأهله، أتى سكران، فقال: يا رسول الله ما شربت الخمر إنما شربت من نبيذ التمر والزبيب، فأمر به النبي صلى الله عليه وأهله، فبهز بالأيدي، وخصف بالنعال. فدل على أنه بقي معه أكبرعقله.
من باب حد السارق
362 خبر: وعن عمرو بن شعيب، عن ابيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعليه وآله/83/: <لا تقطع فيما دون عشرة دراهم>.
363 خبر: وعن عامر بن سعد، عن ابيه، قال: قال رسول الله صلى الله علبيه وعلى أهله: <لا تقطع يد السارق إلا في ثمن المجن>.(6/61)
364 خبر: وعن عمر، عن عاشة، أن النبي صلى الله عليه وأهله قال: <لا تقطع يد السارق إلا فيما يبلغ به المجن>.
365 خبر: وعن عطاء، عن أيممن الحبشي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <أدنى ما تقطع فيه يد السارق ثمن المجن>.
366 خبر: وعن عمرو بن شعيب، عن ابيه، عن جده أنه قال: أن النبي صلى الله عليه وأهله، قال: <لا تقتطع يد السارق دون ثمن المجن> لاخلاف في أ ن القطع مقدر، إلا ما حكى عن الحسن بن ابي الحسن البصري أنه تقطع في القليل والكثير، وهذه الأخبار بحجة، ولم يبق به قابل، وإنما الخرف في مقدار ما تقطع فيه، فعندنا أنه لا تقطع إلا إذا سرق عشرة دراهم، أوما قيمته عشرة دراهم فما فوقها، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه، وقال الشافعي: لا تقطع إلا في ربع دينار فما فوقه، وهو قول أحمد بن عيسى عليه السلام، والأصل ما قدمنا، واختلف في قيمة المجن، فمنهم من قال: قيمته ثلاثة دراهم، وهو ابن عمر، قال: قطع رسول الله صلى الله عليه ذلك في مجن قيمته ثلاثة دراهم، وهذا لا دليل فيه، لأنه تقويم ابن عمر، ولم يسنده إلى النبي صلى الله عليه وأهله، وقد خولف فيه.
367 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه قال: لقطع فيما دون عشرة دراهم
368 خبر: وعن زمر، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وأهله مثله.
369 خبر: وعن ابن عباس، قال: كان قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وأهله، عشرة دراهم.
373 خبر: وعن عمرو بن شعب، عن أبيه، عن جده، مثله.
374 خبر: وعن أيمن الحبشي، قال: كان يقوم المجن يومئذ دينار.
375 خبر: وعن أبي جعفر عليه السلام، قال: قيمة المجن الذي يقطع فيه دينار.
376 خبر: وعن أم أيمن، قال: قال النبي صلى الله عليه وأهله: <لا تقطع يد السارق يومئذ إلا في جحفه> وقومت يومئذ على عهد رسول الله صلى الله عليه وأهله، دينارا أو عشرة.
فدلت هذه الأخبار على ماقلنا.(6/62)
فإن قيل: روي عن أنس وعروه والزهري أن قيمته خمسه دراهم وروي عن عائشة أن قيمة المجن ربع دينار.
قلنا: قولنا قد وقع فيه الإجماع وقولهم مختلف فيه فالقول بالإجماع أولى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <إدرؤوا الحدود بالشبهات> ويحتمل أن تكون عائشة عرفت أن النبي صلى الله عليه وأهله قطع في المجن وقومت هي المجن لإن كثيرا من الأخبار جاءت موقوفه عليه غير مرفوعه إلى النبي صلى الله عليه وأهله وروي أن يحيى بن سعيد كان يرفع حتى قال له عبد الرحمن بن القاسم : إنها لم تكن رفعته فترك يحيى الرفع بعد ذلك.
377 خبر: وعن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن يد السارق لم تكن تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه أهله، في أدنى من ثمن مجن وكان المجن له يومئذ ثمن ولم يكن القطع في الشئ التافه.
دل على أنها لم تحفظ فيه نصا.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع فيه/84 / ويسرق البيضة فتقطع فيها.
قلنا: المراد بالبيضة، بيضة الجديد، وهي بيضة المعفر، وهي تساوي عشرة دنانير وأكثر.
378 خبر: عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وأهله، قطع في بيضة حديد قيمتها,أحد وعشرون درهما، فأما الحبل ففيه ما تساوي عشرة دراهم فأكثر، ويحتمل أن يكون المراد به أنه سرق كل ما يجد حتى الحبل، لاخلاف في أنه لا تقطع إلا البالغ، العاقل، فأما ما روي عن علي عليه السلام، أنه كان يقرّض أنامل الصبي إذا سرق، فذلك غير صحيح عندنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وأهله: <رفع القلم عن ثلاثة، عن المجنون، حتىيفيق، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى ينتبه>.
378 خبر: وعن جابر، أن رسول الله صلى الله عليه وأهه، قال: ليس على اخاين، ولا على المختلس، ولا على المنتهب، قطع>.
379 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه قال: لا قطع هلى اخاين، ولا على مختلس.(6/63)
دل على أنه لا قطع إلا في السرق من الحرز، وذهب قوم إلى أن الحاين يقطع كذلك، وكذلك المنتهب، والمختلس، حكى ذلك عن أحمد، وإسحاق، والأصل ما تقدم.
فإن قيل: روي عن عائشة أن امرأة كانت تستعير الحلي فلا ترده، فأمر بها رسول الله صلى عليه وأهله، فقطعت يدها.
قلنا: لا حجة في ذلك، لألنه يحتمل أن تكون سرقت مع ذلك، وإن ذكر استعارتها الحلي لتعريفها، ويحتمل أيضا أن يكون ذلك ممسوخاْ بقوله: <ليس على الخاين، ولا المختلس، ولا المنتهب، قعطع>.
380 خبر: وعن عمرو بن شعيب، عن ابيه، عن جده، عن رسول الله صلى الله عليه وأهله، لما سئل عن التمر المعلق، قال: <لا قطع عليه فيه، إلا ما أوله الحرين، وبلغ ثمن المجن، ففيه القطع، وما لم يبلغ ثمن المجن، ففيه غرامة مثه، وجدات نكا.
381 خبر: وعن ابي أمية امخزومي أن رسول الله صلى الله عليه وأهله، أتى بلص إعترف اعترافا، ولم يوجد معه المتاع، فقال له رسول الله صلى وأهله: مرتين أو ثلاثاْ، قال: بلى فأمر به فقطع يده.
382 خبر: وعن القاسم بن عبدالرحمن، عن ابيه، عن علي عليه السلام، أن رجلا أمر عنده بسرقة مرتين، فقال: شهدت على نفسك في شهادتين مرتين، فأمر به فقطع يده.
دل على أنه لا تقطع إلا بشهادة شاهدين، أو بإقراره مرتيين، وبه قال أبو يوسف، وذهب أبو حنيفة، وأصحابه، ومحمد، والشافعي: إلى أنه يقطع بإقراره من واحده، وحكى عن ابي يوسف الرجوع إلى قول ابي حنيفة، والأصل ماقدمنا.
فإن قيل: روي عن ابي هرير، أنه أتى رسول الله صلى الله وأهله بسارق، قالوا: يارسول الله إن هذا سرق، فقال: ما أخا له سرق، فقال السارق: بلى يارسول الله، فقال اذهبوا به فاقطعوه، فقطعه بإقراره/85/ مرة وأحدة.(6/64)
قلنا: يحتمل أن يكون الراوي ذكر قطع يد السارق، ولم يذكر إقراره مرتيين، والأقرب أنه حدث واحد وفيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أخاْ له سرق، وأنه صلى الله وأهله، قال له : تب إلى الله، قال: أنا تائب إلى الله، وأنه صلى الله عليه وأهله، دعا له بقبول التوبة، وعلى هذا يتأول ما روي أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وأهله، فقال: يا رسول الله صلى الله صلى الله عليك، إني سرقت جملا لبنى فلان، فأرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وأهله، فقالوا: إنا فقدنا جملا، فأمر به فقطع يده.
383 خبر: وعن عمر بن ثابت، قال: رأيت أبا فلان، كان قطعه علي عليه السلام، من رأس الكوع.
دل على أن القطع من الرسغ، من مفصل الكف من الساعد، وهو إجماع الأكثر، والأشهر من الأمة، وحكى عن قوم من
الخوارج، أنه من الإبط، وعن بعض أهل البيت عليهم السلام منهم أحمد بن عيسى عليه السلام، أنه من أصول الأصابع، والأصل ما قدمنا.
فإن قيل: روي عن علي عليه السلام أنه قطع الأصابع.
قلنا: له ذلك من روايات الإمامية التي لا يبيتها، ولا يعمل بها، لما بيت عنهم من النساء هل في الحديث.
384 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليه السلام، أنه كان يقطع يد السارق، فإن عاد قطع رجله اليسرى، فإن عاد فسرق استوعده السجن، وقال: إني أستحيي من الله سبحانه أن أبركه، وليس له شيء يأكل به ولا يشرب، ولا تستحي إن أراد أن تصلى.
385 خبر: وعن عمرو بن مرة، قال: سمعت عبدالله بن مسلمة يحدث، أن علياْ عليه السلام أتى بسارق، فقطع يده، ثم ساق الحديث.
386 خبر: وعن عبدالرحمن بن عايد، قال أتى عمر برجل أقطع اليد والرجل، قد سرق بقالٍ له شدوم، فأراد أن يقطعه، فقال له علي السلام: ما عليه قطع يد، ورجل، فحبسه عمر ولم يقطعه.
387 خبر: وعن مكحول أن عمممر، قال: لا تقطعوا يده بعد الرجل، واليد، ولكم إحبسوه عن المسلمين.(6/65)