345 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <لا يجوز في الإسلام شهادة مجرب عليه الزور، ولا مجلود حدا، ولا ذي غمر على أخيه> المراد بالخبر قبل التوبة لاخلاف بين أهل البيت عليهم السلام، في أن القاذف إذا تاب قبلت شهادته وبه قال الشافعي، وذهب أبو حنيفه واصحابه إلى أنه لا تقبل شهادته أبداً تاب أو لم يتب، وحكى عن الأوزاعي والحسن بن صالح بن حجر، أنه .....حد في الإسلام في قذف أو غيره لم تقبل شهادته. وحكى مثل قولنا عن مالك وعثمان البتي. وجه قولنا: قول الله تعالى: {والذين يرمون المحصنات. إلى قوله: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تأبوا من بعد ذلك} فأستثنى الذين تأبوا وسمي من لم يتب فاسقا ولا يبقى أسم الفسق مع التوبه فصح أن التائب مستثنى من أسم الفسوق ومن رد الشهاة والمراد بذكر الفاسق إذا لم يتب وهي تأكيد لرد شهادة من لم يتب ونقيس من تاب من القذف على من تاب من سائر الفسوق والكفر وأيضا فإن أبا حنيفه وأصحابه يجيزون شهادة المحدود في غير القذف مع التوبه فكذلك القاذف وكذلك عندهم أن الذمي أو أحد في القذف ثم أسلم قبلت شهادته فكذلك المسلم.
346 خبر: وعن عمر، أنه قال لإبي بكره: إن تبت قبلت شهادتك ولم ينكر ذلك أحد عليه.
347 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه كان يقرر في التعريض.
دل على أن الحد لا يجب في التعريض وفيه التعزير وذهب مالك إلى أنه يجب فيه الحد. وجه قولنا: قول الله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء} ثم قال: {ولكن لاتواعدوهن سراً} ففرق بين التعريض والتصريح ولإن التعريض محتمل غير الرمي وهو مثل قول الرجل للرجل لست بزاني، أو كقوله يتبين الزاني مني ومنك.(6/56)


فإن قيل: روي أن عمر أتى برجلين تسابا فقال أحدهما للأخر: ما أنا بزان ولا أمي بزانيه. فاستشار عمر في ذلك فقال: قابل مدح نفسه وأمه وقال آخرون: قد كان لإمه مدح غير هذا نرى أن عليه الحد فجلده عمر بثمانين جلده.
قلنا: في الخبر أنهم اختلفوا فإذا اختلفوا أوجب علينا أن نتبع الأصح وهو ما نتبناه ولا فرق عندنا بين الكناية والصريح والكنايه: أن يقول رجل لرجل: لست ابن فلان الذي نسبت إليه. ولاخلاف في ذلك وإن كان أصحاب أبي حنيفه خالفوا في العباره دون المعنى فقالوا : لا حد في الكنايه والتعريض ثم نصوا على أن من قال: لست ابن فلان يعني/80 /ينسب إليه أنه يحد حد القاذف، فصح أنهم لم يخالفونا في المعنى، ولاخلاف في أن العمل من شرائط الإحصان، ولاخلاغ أن من قذف أباه أنه يلزمه الحج، واختلفت العلماء فيمن قذف ابنه، فعند القاسم، ويحيى عليهما السلام أنه يلزمه الحد، وقال أبو حنيفة: لا يلزمه الحد به، قال أكبر العلماء.
وجه قولنا، أنه حق لله تعالى، وأنه تعلق به حق لا ذمي، فلذلك لم يصح فيه العفو بعد رفعه إلى ا لإمام، ولا يقاس على من سرق من مال ابنه، فإنما روي عنه الحد لشبهه بالملك لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <أنت ومالك لأبيك> وليس في قذف الإبن شبهه.
فإن قيل: فقد قال يحيى عليه السلام في المنتخب: أن رجلا لو قذف أم ابنه وهي ميته أن الإبن لا يطالب أباه بحدها، فكذلك لا يطالب بحد نفسه.
قلنا: لأن هناك من أوليائها من يطالب به، والإمام يطالب فلا يجوز للإبن أن يطالب أباه بحق يقوم به غيره وهو لغيره، فأما إذا كان له فإنه يطالب به.
348 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال لهلال بن أمية، لما قذف امرأته بشريك بن حما: إئت بأربعة يشهدون، وإلا فجلد في ظهرك.(6/57)


349 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال في امرأة هلال بن أمية حين جائت بالولد على الصفة المكروهة: لو لا ما مضى من الحد لكان لي ولها شأن، يعني صلى الله عليه وأهله بالحد اللعان، ولا خلاف في المرأة إذا قذفت أنها تطالب لنفسها إن كانت حية، فإن كانت ميتتة، فلا خلاف أن الولد والوالد يطالبان لها ، واختلفوا في سائر الأولياء والورثة، فعند يحيى عليه السلام أنه إلى أولياء النكاح، وقال أبو حنيفة: هو إلى الوالد والحد أن الأب ولولد وولدا الإبن دون الإخوة والأخوات واختلف أصحاب الشافعي فمنهم من قال: المطالبة فيه إلى الأولياء مثل قولنا ومنهم من قال: هي إلى الورثة، ولو كان ذلك بحسب المواريث كان الزوج والزوجة منه كسائر الأولياء، والمقصد فيه دفع العار وتحصين الفرج.
قول يحيى عليه السلام: إذا قذف العبد زودته وهو مملوكة حد لها أربعين جلدة، المراد به إذا قذف زوجته الحرة، وتكل عن اللعان، لأنه ذكر حكم العبد إذا قذف زوجته وه يحرة، وأوجب بينهما اللعان، وذكرحكمه إذا قذف زوجته وهي مملوكة، ونفى اللعان بينهما، ثم قال: ونحد لها أربعين جلدة، يحتمل أن يكون رجع به إلى أول الكلام يعنى الجرة إذا اتكل عن اللعان ، لأنه نص على أن الحر إذا قذف زوجته المملوكة لم ييلاعنها، لأنه أكذب نفسه لم يحد لها.
فدل من مذهبه على أنه إذا لم يوجب اللعان لم يوجب الحد، وكان الأول ما قلن، لأنه لا خلاف أن من شروط الإحصان الحرية.
باب في حد شارب الخمر
350 خبر: وعن محمد بن على عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وأهله، أن جالد رجلا في الخمر ثمانين.
351 خبر: وعن عبد الله بن عمر، أن النبي صلى الله/81/عليه وأهله، قال: <فيمن شرب الخمر إجلدوه ثمانين .
352 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه ضرب في الخمر ببغلين أربعين، وجعل عمرلكل بغل سوطا وذلك سوطاْ.(6/58)


قول ابي حنيفة، وأصحابه مثل قولنا، وقال الشافعي في أحد قوليه أربعون، وقال قوم: فيه التغرير دون الحد والأصل ما قدمنا.
فإن قيل: روي عن علي عليه السلام أنه قال: جلد رسول الله صلى الل هعليه وأهله في الخمر أربعين، وأبو بكر أربعين، وكملها عمر ثمانين، وكل سنة.
فإن قيل له: يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وآله، جلد شاربا أربعين سوطاً له رأسان فيكون ذلك مما بيّن، وقوله وكملها عمر ثمانين، يحتمل أن يكون الراوي لفظ من الكلام بما ذهب إليه ظنه غير لفظ على عليه السلام.
فإن قيل: قد روي عن علي عليه السلام، أنه قال: ما حددت أحداْ فوجدت في نفسي منه شيئا، إلا الخمر، فإن رسول الله صلى الله عليه وأهله لم يبيّن لما فيها شيئا، وروي فإنه شيء صنعناه، وروي رأي رأيناه.
قيل: يحتمل أن يكون علي عليه السلام حفظ عن النبي صلى الله عليه وأهله سقوط الضمان لمن مات في حج الزنا، وحد القذف، ولم يحفظ ذلك في حد الخمر.
353 خبر: وعن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن علي عليه السلام، أنه ضرب الوليدين عقبة أربعين سوطا بسوط له طرفان، وذلك حين كان شرب الليد، بالكوفة، وصلى بالناس سكرانا، وقال: أريدكم فصح ما قلناه.
فإن قيل: فقد روي أنه حين جازه أربعين قال: إن النبي صلى الله عليه وأهله، جلد أربعين، وعمر ثمانين، وكل سنّة.
قلنا: يحتمل أن يكون صلى الله عليه، ضرب أربعين بسوط له رأسان، وضرب ثمانين بسوط له رأس واحد أيضا سنّة.
فإن قيل: روي أن يوم حنين أتى النبي صلى الله وأهله وسلم، برجل قد شرب الخمر، فقال صلى الله عليه، للناس: إضربوه، فمنهم من ضربه بالنعال، ومنهم من ضربه بالعصى، ومنهم من ضربه بالحديد، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وأهله، ترابا من الأرض فرمى به في وجهه.(6/59)


قلنا: يحتمل أن يكون بلغ عدد ضرب الجميع ثمانين، ويحتمل أن يكون ذلك قبل ننزول حده، وعلى هذا نحمل ما روي عنه صلى الله عليه وأهله، أنه أتى بشارب، فقال: إربوه، فمنهم من ضربه ...... ومهم من ضربه بيده، ومنهم بنعله.
ويدل على ذلك أيضا أن عمر استشار أصحاب النبي صلى صلى الله عليه وأهله، فأشار علي عليه السلام، وعبدالرحمن بن عوف، وروي أن عمر حين استشار كن في الجماعة علي عليه السلام، وطلحة، والزبير، وعبدالرحمن، وكانوا في المسجد فجرى ذلك مجرى الإحماع.
354 خبر: وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وأهله، أتى برجل شرب الخمر، فأمر به فضرب بحذائين...... من أربعين.
فدل على على الثمانين.
355 خبر: وعن عطاء بن مروان، عن ابيه، عن علي عليه السلام، أتى بالنجاشي، قد شرب الخمر في رمضان، فضربه ثمانين، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد، فضربه عشرين، ثم قال: إنما جلدتك هذه العشري لأوطادك في رمضان، وجرأتك على الله عز وجل.
356 خبر: وعن بعض الصحابة، أنه قال: لا أشرب نبيذ التمر بعد أن أتى رسول الله صلى الله عليه وأهله، بسكران، فقال:/82/ يارسول الله، ماشريت الخمر، إنما شربت نبيذ التمر، وزبيت في وعاء، فأمر به النبي صلى الله عليه وأهله، فبهز بالأيدي وخصف بالنعال.
357 خبر: وعن عثمان أنه أتى بالوليد بن عقبة، وقد صلى بأهل الكوفة أربعا، فقال: أزبدكم فشهد عليه رجل أنه رأه يشرب خمرا، وشهد آخر أنه رأه يقناها، قال عثمان: إنه لم يقنها حتى شربها، فقال عثمان لعلي عليه السلام: أقم عليه الحد، فقال علي عليه السلام، أقم عليه الحد، فقال على عليه السلام لاببنه الحسن عليه السلام أقم عليه الحد فقال الحسن عليه السلام: ولّ حارّها من تولى فارّها، فقال عليه عليه السلام لعبد الله بن جعفر، أقم عليه الحد، فأخذ السوط وجلده.(6/60)

104 / 146
ع
En
A+
A-