دل على أن الكفاره لا تكون إلا بعد الحنث ولا تجزي قبله وبه قال أبو حنيفه ومالك. قال الشافعي: يجزي قبل الحنث وفصل بين الكفارات الثلاث وبين الصوم فلم يجز الصوم وأجاز التوافي والحجة عليه الخبر والقياس على الصوم قول الله تعالى: {ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان} والمؤاخذه لا تتعلق باليمين لإن الكفاره لا تجب عقيب اليمين ولكن يتعلق بالحنث وفي الأيه ضمير والتقدير والله أعلم فكفارته إذا حنثتم إطعام عشره مساكين كما قال الله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} تقديره أو به أذى من رأسه فحلق {فدية من صيام... الأيه}.
فإن قيل: فقد روي فليكفر عن يمينه ثم ليأت الذي هو خير.
قلنا: ثم هاهنا لا يوجب الترتيب قال الله تعالى: {ثم كان من الذين ءآمنوا} وقد تقدم من الأدلة ما يحججه.
من كتاب الحدود، وباب حدّ الزاني/70 /
272 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، قال: يجلد القاذف وعليه ثيابه وينزع عنه الحشو والجلد.
273 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، قال: <خير الأمور أوسطها>.
دل على أن المحدود لا يعرى عن جميع ثيابه وأن الحد يكون وسطا لا يكون زائدا فيؤدي إلى التلف ولا يكون مهلا فلا يكون عذابا، وقد قال الله تعالى: {ولا تأخذكم بهما رأفة} وقال: {وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين} فوجب أن يكون وسطا.
274 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغ من حد وجب>(6/41)
دل هذان الخبران على أن الحد لا يجب حتى يبلغ الإمام علمه وأنه يجوز مشهود أن يتعافوا الحدود وأن يستروا على من شهدوا عليه إذا علموا منه الإقلاع والتوبه وإذا علموا أنه يتمادى في الفسق والفجوز إذا ستروا عليه وجب عليهم أن يظهروا ذلك ويشهدوا إذا كانت الشهادة تامه. ودل الخبران أيضا على أن الجنايه إذا كانت قبل ولاية الإمام لم يقم الحد على الجاني ولإن الحد لم يجب في الحال فإذا لم يجب في الحال لم يجب في المال ولا خلافه في أن الحد لا يقام إلا بالإمام فإذا لم يكن إمام لم يجز إقامته قال أبو حنيفه في الحد: إذا تقادم عهده لا يقام ولم يحد في ذلك حدا وحد أبو يوسف ومحمد فيه شهرا وجه قولنا، الأيه والروايه ولم يشترط فيه حدا إذا كان في ولاية الإمام وأيضا لا خلاف أنه إذا ثبت بالإقرار لم ينظر إلى طول المده وقصرها إذا كان ذلك في ولاية الإمام فكذلك إذا ثبت بالشهادة.
275 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <ادرؤوا الحدود بالشبهات>.
276 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أتى يقرعلى نفسه بالزنا فكان يعرض عنه، وفي بعض الأخبار، أنه كان يطرده كلما حرضه معتريا إلى أن تم إدراره أرربع مرات، وفي بعض الأخبار أنه صلى الله علييه وأهله، قال له في الرابعة، إنك مجنون، فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشربت خمر، فقام رجل فاستفكهه، فلم يجد معه ريح خمر.
277 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أن امرأة جائته، فقالت إني رنيت، فأقم عليّ الحد، قال: ارجععي فاستتريي بستر الله فعاودته مرارا، فلما كان في الرابعة، أمر أن ترجع، لتظعما في بطنها، ثم تركها حتى طهرت، فعند ذلك أمرر بها فرجمت.
278 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه أتى بسارق، فقال له: ما أخالك سرقت كأنه يدرأ عنه، قال: نعم، قال اذهبو به فاقطعوا يده.
279 خبر: وعن علي عليه السلام، مثله، فيمن أتته تقر على نفسها.(6/42)
280 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه عن جده، عن عليه عليهم السلام، أنه أتته امرأة فقالت: يأمير المؤمنين، إن زوجي وقع على ووليدتي، فقال: إن تكوني صادقة، رجمناه، وإن تكوني كاذبة جلدناك، قال: ثم أقيمت الصلاة فهربت.
281 خبر: وعن زيد بن علي، عن ابيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه قال: لأن أخطئ في العفو أحب إليّ من/71/أن أخطئ في العقوبة، وهذه الحملة لا خلاف فيها، وإنما الخلاف فيما يجوز أن يكون شبهه، وما لا يجوز أن يكون شبهه.
282 خبر: وع زيد بن عليه، عن ابيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، أنه قال: من مات في حد الزنا والقذف، فلا دية له كتاب الله قتله.
دل على أن من أقسم عليه حد، أو تغرير، فمات فلا دية له، ولا قود، إلا أن يكون الإمام أخطأ في إقامة الحد عليه، فديته في بيت المال، ولا خلاف في ذلك إلا في التغرير، فإن الشافعي ذهب إلى أن منم مات ممنم التغرير، فله ديته، ولا معنى لذلك والتغرير واجب ولو لم يكن واجبا لكان ظلما، وإذا كان واجبا، فلا فرق بين ما يتولد منه، ومن الحد.(6/43)
فإن قيل: التغرير مباح يدلا له ما روي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه،: أعدل، وفي بعض الأخبار، أنه قال: ما عدلت، فقال: فمن يعدل إذا لم يأعدل، ولم يغرره.
قلنا: هذا لا يدل على أن التغرير غير واجب بل يدل على أنه يجوز فيه العفو، والحقوق الواجبة يجوز فيهاالعفو كالقصاص، وشبهه، وقولنا، إذا أخطأ الإمام في حده، فالدية في بيت المال، وهو قول ابي حنيفة، وأحد قولي الشافعي، وقوله الثاني أنه على عائلة الإمام.
وجه قولنا، أن المسلمين للإمام كالعائلة في الأمور التي تتعلق ما بالأمة والمصالح العامة، وما روي أن عمر، فعل ما لزمه للمجهضة على عائلته، فيجوز أن يكون ذلك رأيا منه، ويحتمل أن لا يكون ذلك الوقت بيتمال، ولو كان ما يخطئ فيه الإمام على عائلته، لأدى ذلك إلى الضرر والإجحاف، ويجوز أن يكثر ذلك لأن من يباشر مثل الإمامة لا يبعد أن يكثر خطاؤه، لأن كثرتته يحسب كثرة الأعمال.
283 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: إذا زنت أمة أحدكم، فليجلده
دل على أن لمولىالعبد أن يحدهفي غير وقت الإمام، ولا يحده في وقت الإما م إلا بإذن الإمام، وبه قال الشافعيي: إلا أنه يجبر ذلك ممع وجوط الإمام، وقال القاسم عليه السلام: ذلك إلى الإمام، وعند ابي حنيفة مثل قول القاسم عليه السلام: لا يقيم إلا الإمام، واستدل الشافعي بما روي أقيموا الحدود على ماملكت أيمانك، وهذا الحديث استضعفه يحيى بن الحسين عليه السلام، ولم يعتمد عليه، ويحتمل أن يكون المراد به مع عدم الإمام أو بأمر الإمام، وما روي أن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: إن أمي زنت، فقال أجلدها نصف الحد خمسين، فإن عادة، فعد، فقال: أدفعها إلى السلطان، فقال من سلطان، فقال: أنت سلطانها، فإن يحيى بن 0الحسين، يوفق في تصحيحه أيضا، ويحتمل أن يكون ذلك أمراْ منه، بإقامة الحد، لأن للإمام أن يأمر بإقامة الحد من تراه.(6/44)
فإن قيل: قوله صلى الله عليه وأهله: <إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها>. عبارة عن التعزير.
قلنا: الجلد عباره عن الحد في الشرع والأخبار به وردت.
284 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وأهله، أنه قال: <الثيب تجلد وترجم>.
285 خبر: وعن علي عليه السلام، أنه جلد ورجم، وقال: جلدت بكتاب الله ورجمت بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى أهله وسلم،/72 /.
من باب القول في حدّ الزناه
286 خبر: وعن زيد بن خالد الجهني، أن رسول الله صلى الله عليه وآله، سئل عن الأمه إذا زنت. قال: <إذا زنت فأجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها، ثم نيعوها>.
287 خبر: وعن عباد بن غنم، عن عمه، عن النبي صلى الله عليه وأهله وسلم، قال: أتى النبي صلى الله عليه وأهله، بأمه فجرت فارسلني إليها. فقال: <إذهب فأقم عليها الحد> فأنطلقت فوجدتها لم تجف من دمها فعرفت ذلك رسول الله صلى الله عليه وأهله، فقال: <إذا هي جفت من دمها فاجلدها>. وذهب الشافعي إلى أنه يجب على الزانيين تعزير عام مع الجلد. وقال مالك يبغي الرجل دون المرأه. وقول أبي حنيفه مثل قولنا أنه لا يجب التعزير.
فإن قيل: فقد روي عن عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وأهله، قال: <خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر والثيب بالثيب تجلد ......والثيب تجلد وترجم>. وفي حديث من جاء إلى النبي صلى الله عليه وأهله فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فقال: <على أبيك جلد مائة وتعزير عام فأغد يا أنيس على إمرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا إليها فأعترفت فرجمها>.
قلنا: يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وأهله أمر بالعتزير على طريق التأديب لأنه لو كان من جملة الحد لم يسقط عن الأمه.
288 خبر: وعن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: فيه مائة جلده وحبس سنه رواه زيد بن علي، عن أبائه عليهم السلام.(6/45)