قلنا: معناه كفارته في الإثم وخبرنا أولى لإنه حاظر والأخر ..... والحظر يغلب على الإباحه وقد دل على ذلك قول الله تعالى: {ولايأتل أولوا الفضل منكم والسعة... الآيه}.
258خبر: وروي أنها نزلت في أمرأ أبي بكر وكان حلف لايبر مسطحا لشئ من إحسانه لما روى منه من الأول في حديث عائشة نهى الله عن الإستمرار على ما حلف عليه من ترك الإحسان إلى مسطح قال القاسم عليه السلام: فيمن قال مالي للمساكين إن لم أفعل ثم لم يفعل أن عليه أن يخرج ثلث ماله للمساكين ويمسك باقيه على نفسه وقد تقدم الكلام في هذا في كتاب الحج بما فيه كفايه.
259 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <لانذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين>.
المراد به لاوفاء بالنذر في معصية الله.
260 خبر: وعن عقبه بن عامر، أنه قال: أشهد أبي كعب رسول الله صلى الله عليه، أنه قال: <من نذر نذرا لم يسمه فعليه كفارة يمين>.
261 خبر: وعن محمد بن منصور، يرفعه إلى ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وأهله، إلى أبي حنيفه/67 / ومثل قولنا.
262 خبر: وعن واثله بن الاسقع، قال: أتينا النبي صلى الله عليه وأهله في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل فقال النبي صلى الله عليه وعلى أهله: <اعتقوا عن رقبه يعتقه الله عز وجل منه بكل عضو منها عضوا من من النار>.(6/36)
دل على أن الكفاره تجب على قاتل العمد لإنه لا يستوجب النار إلا على العمد وهو قول يحيى عليه السلام في المنتخب وكلامه في الأحكام تدل على أن الكفارة لا تجب على قاتل العمد وبه قال أبو حنيفه قال المؤيد بالله قدس الله روحه: والأصح عندي إيجاب الكفاره على ما نص عليه في المنتخب وهو قول الشافعي والدليل على ذلك قول الله تعالى: {وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة}. فلم يشترط في هذين أن يكون القتل خطأ وأوجب الكفاره فأقتضى حكم العموم أن الكفاره تجب في قتلهما خطأ كان أو عمداً ونقيسه على قاتل الصيد وهو محرم أن يستوي العامد والمخطئ في حكم وجوب الجزاء والكفارة فكذلك قاتل الأدمي. وقال أبو حنيفه إذا قتل الأب ابنه عامدا لزمته الكفاره وهذا الحجة فيما خلا الأبن إذ لافرق بين ذلك ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفه والشافعي في قاتل الذمي أن الكفارة تجب عليه مثل ما على قاتل المسلم.
من باب كفارة اليمين
263 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال: <أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم>.
دل على أن الكفاره لا توضع إلا في فقراء المسلمين دون غيرهم وهو قول زيد بن علي وبه قال الشافعي وذهب أبو حنيفه وأصحابه إلى أن يجوز أن تدفع كفارة اليمين إلى فقراء أهل الذمه والدليل على صحة ما ذهبنا إليه قول الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين}. ولا خلاف أن المراد بهذه الأيه فقراء المسلمين ومساكينهم.
فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} والأسير كافر بالإجماع.
قلنا: المراد به صدقة التطوع إذ لا خلاف أن الصدقة الواجبه لا يجزي دفعها إلى ....... والأسير .......... بالإتفاق.(6/37)
فإن قيل: روي أن الناس تجنبوا دفع الصدقه إلى غير أهل دينهم فأنزل الله تعالى: {ليس عليك هداهم} وقال النبي صلى الله عليه وعلى أهله: <تصدقوا على أهل الأديان>.
قلنا: المراد به صدقة التطوع لما قدمنا.
فإن قيل: نحن نقيسها على صدقة التطوع لإن أخذها إلى الإمام.
قلنا: ذلك غير مسلم فإن الإمام يأخذ كل ماعلى المسلم إذا امتنع من أدائها.
264 خبر: وعن عبدالله بن مسعود، أنه قرأ {فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات} وقيل أن قرائته كانت مشهوره مستفيضه في أيامه.
دل على أن التتابع واجب في صيام كفارة اليمين وهذه القراءه وإن لم توجب الزياده في القرآن فإنها توجب العمل دون العلم لإنها تحوي محوى خبر الأحاد، وخبر الأحاد يقبل في العمل دون العلم ونقيس كفارة اليمين/68 / على كفارة الظهار والقتل في وجوب تتابع الصوم وهو قول زيد بن علي عليه السلام، ووقول أبي حنيفه وأصحابه وجوز الشافعي في أحد قوليه بترك التتابع والصيام يرتب على ثلاث مراتب فصيام يجب فيه التتابع كصيام الظهار ونحوه وصيام يجب فيه التفرقة كصيام المتمتع لإنه ثلاثه في الحج وسبعة إذا رجعتم، وصوم لا يجب في التتابع ولا التفرقة كصيام جزاء الصيد وفدية الأذى.
265 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وآله، أنه أعان أوس بن الصامت حين ظاهر زوجته خوله بنت مالك بن ثعلبه بعرق من تمر وأعانته زوجته بعرق آخر فذلك ستون صاعا فقال رسول الله صلى الله عليه، وعلى أهله: <تصدق به واتق اللله وارجع إلى زوجتك>.
دل على أن لكل مسكين صاعا من تمر. قال أبو حنيفه: للمسكين نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير مثل قولنا إلا في مقدار المتاع وقال الشافعي يجزي مدّ والوجه ما قدمنا.(6/38)
فإن قيل: كفارة الصوم عندنا ليست واجبه بل هي مستحبه والمستحب يعطى فيه ما يسهل ولو كانت واجبه لم يلزمنا حجة ..... أن يكون النبي صلى الله عليه، أعانه بما حضر والباقي في ذمته وفي الخبر ما يدل على أن ذلك لم يكن واجبا وهو أنه لما أمره النبي صلى الله عليه وعلى أهل بالتصدق بذلك قال ما على الأرض أحوج مني ومن أهل بيتي فقال: <كله مع أهل بيتك وصم يوما مكانه واستغفر الله>.
266 خبر: وعن النبي صلى الله عليه وعلى أهله، أنه قال لكعب بن عجره حين أمره أن يحلق رأسه: <أنسك نسيكه أو صم ثلاثه أيام، أو اطعم سته مساكين نصف صاع من حنطه>.وفي بعض الأخبار: <اطعم فرقا من سته مساكين وذلك لكل مسكين نصف صاع>.
267 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، قال: قال يغديهم ويعشيهم نصفف صاع من بر، أو سويق، أو دونك، أو صاعاْ من تمر، أو صاعا من شعير، وقول الله تعالى: {من أوسط ما تطعمون أهليكم}.
يدل على جواز الطعم من الذرة وغيرها، إذا كان مما يعتاده المكفر، قال القاسم عليه السلام: ولا بأس أن يخرج إلى الفقراء في كفارة اليمين قيمة الطعام، يدل الطعام وقيمة الكسوة تدل الكسوة، وأجاز أبو حنيفة وأصحابه في هذا وزاد الزكوات والعشور، ولا يجوز عندنا في الأعشار والزكوات لنص القرآن، والأخبار عن النبي صلى الله عليه، كقوله في أربعين شاة، شاه، وفي مأتي درهم خمسة دراهم، وقال : إعطوا الحب من الحب، أما القيمة في الطعام ففي العرف أن من دفع قيمة الطعام إلى فقير ليطعم، قيل: أطعمه، وكذلك الكسوة.
268 خبر: وعن سلمة بن صخرانة حين واقع أهله ففي شهر رمضان فأتى رسول الله صلى الله عليه وأهله، وكان/68/ مظاهرا فذكر إلى أن ذكر عجزه عن الرقبة، وعن صيام شهرين، فقال صلى الله عليه: <فأطعم وسقا من تمر ستين مسكينا> ثم ذكر فقرة، فقال: <إنطلق إلى صاحب صدقة ......... فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينا، وسقا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها.(6/39)
269 خبر: وفي حديث خولة بنت مالك حين ظاهر منها روحها، وقصت حالها على رسول الله صلى الله عليه وأهله، فأمره بعتق رقبة، فقالت: لايجد، قال: فصوم شهرين متتابعين، فقالت: سبح كبير، قال: فليطعم ستين مسكينا إلى أن قال: <فأنا أعينه بعرق من تمر>، فقالت، وأنا أعينه بعرق آخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وأهله: <أحسنت فاذهبي فأطعمي عنه ستين مسكينا، وارجعي إلى ابن عمك>.
دلت هذه الأخبار على أن الواجب أن يطعم ستين مسكينا، وأن لكل مسكين صاعا من تمر، وإن لم يجد ستين مسكينا فرد الإطعام على أقل من ذلك أن لا يجزيه إن لم يجد عشره مساكين وردد الإطعام على غيرهم أن لا يجزيه قال الشافعي: مثل قولنا وقال أبو حنيفه ومحمد ذلك جائز وبه قال الناصر للحق عليه السلام، وما ذكره زيد بن علي عليه السلام من قوله يجزيه إلى مسكين واحد معناه هل يجزيه على ما ذكره المؤيد بالله قدس الله روحه.
270 خبر: وعن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي عليهم السلام، قال: لأن أخرج إلى سوق فاشتري صاعا من طعام وذراعا من لحم ثم ادعوا نفرا من أخواني أحب إليّ من أن أعتق رقبه.
دل على أن المكفر إذا صنع الطعام ودعى المساكين يكون أفضله له وأسهل على المساكين وأنه يكون قد كفاهم مؤنة صنعته وأنه يجزيه وبه قال أبو حنيفه. قال الشافعي: لايجزيه والأصل قول الله تعالى: {فإطعام ستين مسكينا}.
271 خبر: وعن النبي صلى الله عليه، أنه قال: <من حلف على شئ فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه>.(6/40)