الكتاب : أصول الأحكام لأحمد بن سليمان |
بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
الحمدلله الكبير المتعال ذي العظمة والجلال والمَنِّ والإفضال، سريع الحساب شديد المِحَال، الذي أنعم علينا بأبلغ النعم والفضائل، وأكد حجته علينا بالكتاب النَّازل، والرسول الفاضل، والعقل الكامل، ودَلَّنا على معرفته وعبادته بالبراهين والدلائل، وأشهد أن لاإله إلا هو شهادة عبد عامل، وعن أمره غير مائل ولاعادل، وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين الأفاضل، وبعد.(1/1)
فإني وقفت على كثير من موضوعات الأوائل، من أهل البيت عليهم السلام وغيرهم من سائر القبائل، فوجدت لفقهاء العامة كتباً قد ألفوها في الشرايع والنوازل، والأخبار والآثار وسائر المسائل، ووجدتهم قد ألفوا كتباً في الأخبار عن النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أهل بيته الأخيار، وجمعوا مايُحْتَاج إليه من الآثار، ولم أجد مثل ذلك لأئمتنا الأطهار، ولا لغيرهم من علماء شيعتهم الأبرار (1)، ومَنَعَهم عن جمع مثل ذلك اشتغالهم بالجهاد وتشتتهم في البلاد، وتخفيهم (2) من أهل العناد، وبغي من بغى عليهم من الكفار وأهل الفساد، وإن كانوا قد أكثروا وذكروا من الأخبار في مثاني كتبهم، وعلومهم، ومنثورهم، ومنظومهم، وكان أجَلّ ما ألفوه من الكتب في الشرع: (كتاب الأحكام) (3) للهادي عليه السلام، ورأيت أن أؤلف كتاباً مختصاً بالأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشرائع وسميته بـ(أصول الأحكام الجامع)، وذكرت فيه ماورد عن الأئمة
__________
(1) ـ لعل الإمام يعني أنهم لم يجمعوا كتاباً على هذا النمط، بحيث تُحْذَف منه الأسانيد ويُكْتَفَى بسرد النصوص، وإلا فقد جمعوا كتاباً في الحديث وشرحه، منها: كتاب الإمام محمد بن منصور المرادي المعروف بالعلوم والأمالي، ومنها: شرح الأحكام لأبي العباس الحسني، وشرح الأحكام لعلي بن بلال، وشرح التحرير لأبي طالب، وشرح التجريد للإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين بن هارون الذي اقتبس منه المؤلف هذا الكتاب، والغريب أن الإمام لم يشر إلى أنه أخذه من شرح التجريد، مع أنك تجده عند المقارنة اللفظ باللفظ حتى الترجيحات وذكر الخلافات والتعليلات. فتأمل.
(2) ـ في (أ، ج): ولخيفتهم.
(3) ـ كتاب الأحكام في الحلال والحرام كتاب نفيس من فقه الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم أحد أئمة الزيدية الكبار توفي سنة (298 هـ). وقد طبع الأحكام في مجلدين تحت إشراف الأخ الفاضل محمد قاسم الهاشمي.(1/2)
السابقين، والصحابة والتابعين، وماورد من اختلاف الفقهاء المتقدمين، وأوردت حجج المخالفين، ليكون ذلك أبين للسامعين، والمتعلمين والطالبين للنجاة من المتعبدين، وذكرت المسائل التي وقع فيها الاختلاف في (كتاب الأحكام) و(كتاب المنتخب) (1) وذكرت العلة في الاختلاف فيها والسبب، وأوضحت مايجب العمل به من الصحيح من القولين بالبيان والترجيح، وإن كان الأئمة عليهم السلام قد ذكروا كثيراً من ذلك في الشروح في مواضع متفرقة، فأردت أن أجمع الأخبار ومحاسن الآثار في هذا الكتاب، إذ لم يوجد للمؤلفين منهم مثل ذلك، والله الموفق للصواب، وإليه نرغب في حسن الجزاء والثواب.
والحمدلله رب العالمين، وصلى الله على خاتم النبيين، وعلى أهل بيته الطيبين وسلم تسليماً.
خبر في ذكر السَّماع
__________
(1) ـ كتاب المنتخب من كتب الإمام الأعظم الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين وقد طبع في مجلد نشرته دار الحكمة اليمانية.(1/3)
1. ـ خبر : وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( نَظَّر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها حتى يؤديها إلى من لم يسمعها كما سمعها )) (1).
2. ـ خبر : وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (( تسمعون مني، ويُسمع منكم، ويُسمع من الذين يسمعون منكم، ثم يأتي من بعد ذلك قوم سِمان يحبون السِّمَن ويشهدون قبل أن يُسْتَشهدوا )) (2).
__________
(1) ـ أخرجه الترمذي 5/33 رقم (2657) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة 1/85 رقم (232)، و، والبيهقي في دلائل النبوة 1/33، وابن حبان 1/268 رقم (66)، وأبو يعلى 9/62 رقم (5126) و 198 رقم (5296)، والحميدي 1/47 رقم (88). وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/10 عن عبدالله بن مسعود. وأخرجه أبو داود 3/321 رقم (3660)، والترمذي 5/33 رقم (2656) وحسنه، والطحاوي في مشكل الآثار 2/232، وابن حبان 1/270 رقم (67)، وابن أبي حاتم 2/11 عن زيد بن ثابت. وأخرجه أحمد 4/80، والحاكم 1/87، وأبو يعلى 13/408 رقم (7413)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2/10 عن جبير بن مطعم. وأخرجه أبو نعيم في الحلية 5/105، والديلمي في الفردوس 4/279 رقم (6825) عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 3/192 عن النعمان بن بشير. وأخرجه الطبراني في الكبير 17/49 رقم (106) عن عمير بن قتادة. وأخرجه الدارمي 1/76 عن أبي الدرداء. وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 6/159 (( تهذيبه )) عن زيد بن خالد الجهني. وأخرجه الذهبي في سير أعلام النبلاء 16/171 عن ابن عباس. وأخرجه أحمد 3/225 عن أنس . وأورده المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ مرسلا.
(2) ـ أخرجه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ. والطبراني في الكبير 2/71 رقم (1321)، وأبو داود 3/320 رقم (3659)، والحاكم 1/95 وصححه، وابن حبان 1/263 رقم (62)، وأحمد 1/321، والبيهقي في السنن 10/250، وفي دلائل النبوة 6/539 عن ابن عباس.(1/4)
3. ـ خبر : وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: (( حدثوا عنِّي كما سمعتم)) (1).
من كتاب الطهارة
باب المياه
بسم الله الرحمن الرحيم
4. ـ خبر : وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( أنه نهى أن يُبَال في الماء الرَّاكد ثم يُتَوضى فيه )) (2).
5. ـ خبر : وروي عن عبدالرحمن الأعرج أنه سمع أبا هريرة يروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( لايَبُولَنَّ أحدكم في الماء الذي لايجري ثم يغتسل فيه )) (3).
6. ـ خبر : وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه انتهى إلى غدير فيه جِيْفَة، فقال: (( اسقوا واستقوا، فإن الماء لايُنَجِّسه شيء )) (4).
__________
(1) ـ أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 4/107 (( تهذيبه )) عن أنس بن مالك.
(2) ـ أخرجه الطحاوي 1/15 ، ومن طريقه المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ، وأخرجه مسلم 3/187، وابن ماجة 1/124 رقم (343)، وابن حبان 4/60 رقم (1250)،وابن أبي شيبة 1/130 (1500)، و والبيهقي 1/97 كلهم عن جابر بن عبدالله.
(3) ـ أخرجه الطحاوي 1/15 ، ومن طريقه المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ، وأخرجه ابن خزيمة 1/37 رقم (66) بلفظه، وأخرجه البخاري 1/115، ومسلم 1/187، والنسائي 1/197، وأبو داود 1/18 رقم (69)، والدارمي 1/186، وأبو يعلى 10/462 رقم (6076)، وعبدالرزاق 1/89 رقم (300)، وأحمد 2/265 و 492، وابن حبان 4/60 رقم (1251)، وابن الجارود 25 رقم (54)، والبيهقي 1/14، وابن أبي شيبة 1/131 (1504)، والحميدي 2/429 رقم (970)، والخطيب البغدادي 10/105، وابن حزم في المحلي 1/145 عن أبي هريرة.
(4) ـ أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد ـ خ ـ عن أبي سعيد ، و أخرجه ابن أبي شيبة 1/131 (1506)، عن شيخ بلاغاً عن النبي (ص) بلفظ: اسقوا واستقوا فإن الماء يحل ولايحرم..(1/5)