فهذه صفة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه وفعله ونعته، وقد يزعمون أن للإمام أحواله كلها لا رسالته، فأين صفة أئمتهم وأحوالهم من صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وأحواله‍ ؟ وأين ما نرى من أفعال أئمتهم قديما وحديثا فيما وصفنا كله من أفعاله‍‍‍‍‍‍! ؟‍‍‍‍‍‍‍ لا أين، وإن كابروا !!! وأقروا بخلاف ذلك أو لم يقروا، أولا يعلم أنه إذا كان وصيهم غير نذير، ولا مذكر بما أمر الله به من التذكير، ولم يكن إلى ما دعا إليه الرسول عليه السلام داعيا، كان عند من يؤمن بالله واليوم الآخر من الهدى بريا قاصيا، وإذا لم يكن بما كان به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله على من خالفه محتجا، لم يكن منهجه عند من يؤمن بالله واليوم الآخر لرسول الله عليه السلام منهجا .
تم كتاب الرد على الرافضة والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وعلى آله وسلم تسليما كثيرا.(1/396)


الرد على الروافض من أهل الغلو
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
افترق من ادعا التشيع على ثلاثة عشر صنفا، منهم اثنا عشر في النار وهم الروافض.
1- صنف من الروافض يقال لهم: السحابية، وهم يزعمون أن عليا حي لم يمت [ولا يموت] حتى يسوق العرب والعجم بعصاه، وهم يزعمون أن عليا في السحاب.
2- وصنف آخر يقال لهم الكيسانية: وهم أصحاب محمد بن الحنفية، ويزعمون أنه لم يمت ولا يموت حتى يملأها عدلا كما ملئت جورا.
3- وصنف آخر يقال لهم: الرَّوَندية.
4- (وصنف آخر يقال لهم : الموصية)، قادوا الوصية إلى جعفر بن محمد، وزعموا أن الوصية انتهت إليه وهم الروافض.
وافترقوا من عند جعفر، وزعموا أن الوصية وراثة يرث ابن عن أب.
5- ثم افترقت منهم طائفة يزعمون أن جعفر أوصى إلى ابنه إسماعيل، وإسماعيل مات قبل جعفر، وزعموا أنه لم يمت، وذلك الذي دفنه جعفر جذع نخلة، وغيَّبه جعفر تقية عليه، وقادوا الوصية إلى ولده، وهم يقال لهم: المباركية، يصومون قبل رمضان بيومين، ويفطرون قبل الفطر بيومين، ويزعمون أن الشهر من غيبوبة الهلال إلى غيبوبته.
6- وصنف آخر يقال لهم: الفطحية، منهم زرارة، وحمران، وبكير، ومحمد بن مسلم، وعمار الساباطي، ومعاوية بن عمار، وكانوا يزعمون أن جعفرا أوصى إلى عبد الله ابنه، وهو الإمام من بعده، ثم أوصى عبد الله إلى موسى.
7- وصنف آخر من الروافض يقال لهم: المفضلية، زعموا أن موسى وصي جعفر وهو الإمام من بعده.
8- وصنف آخر يقال لهم: السبطية، زعموا أن جعفر أوصى إلى محمد ابنه، وهو الإمام من بعده، وهو مفقود.
9- وصنف آخر يقال لهم: الخطابية: زعموا أن الإمامة انتقلت من جعفر إلى الخطاب، والخطاب خليفة جعفر ووصيه، وجعفر غائب حتى يرجع.
10- وصنف آخر من الروافض من أصحاب موسى، وقفوا على موسى وزعموا أن موسى حي لم يمت، ولا يموت حتى يملأها عدلا كما ملئت جورا، ويقال لهم الواقفة والممطورية.(1/397)


11- وصنف آخر منهم يقال لهم القطعية، وهم أصحاب علي بن موسى.
12- وصنف آخر منهم يقال لهم البشرية، وهم من أصحاب علي بن محمد أيضا يزعمون أنا إذا عرفنا إمام زماننا فليس علينا شيء من الأعمال لا صلاة ولا صوم، ولا زكاة ولا حج، ولاشيء من الفرائض، حتى يظهر حكم صاحبنا، لأنا في الفترة، وقد غُيِّرت وبُدِّلت الأحكام والفرائض، فليس علينا من هذا شيء إلى يوم القيامة.
وكل من قال بجعفر من الروافض يزعم أن الإمام يُخلق عالما، وطبعه العلم، والعلم مطبوع فيه، ويزعمون أن الإمام يعلم الغيب، ويعلم ما في تخوم الأرضين السابعة السفلى، وما في السماوات السابعة العليا، وما في البر والبحر، والليل والنهار عنده مجرى واحدا. فسبحان الله!! وما هذه إلا صفات رب العالمين !!
فكيف يُخلقون علماء، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يُخلق عالما، ولم يكن طبعه العلم، ولم يعلم إلا بعد تَعلُّم، ولم يَعرف حتى عُرِّف! وكيف وقد حدَّث بعض أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله عن آبائه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنا عبد مخلوق مربوب لم أكن نبيئا فنبئت، ولم أكن رسولا فأرسلت، ولم أكن عالما فعُلِّمت، فلا تقولوا فيَّ فوق طولي) .
وقد قال الله تبارك وتعالى :?ووجدك ضالا فهدى? [الضحى: 7]. فسماه ضآلا ثم هداه، ولم تكن ضلالة رسول الله صلى الله عليه وآله ضلالة شرك، ولا كضلالة قريش، ولا كضلالة اليهود والنصارى، غير أنه كان ضآلا عن الشرائع، أي جاهلا بالشرائع حتى بصَّره الله وهداه وعرَّفه، ولم يجهل رسول الله صلى الله عليه وآله رب العالمين.(1/398)


أما بلغك قول الله سبحانه لنبيئه :?وقل رب زدني علما? [طه: 114]‍ ؟! وهل تكون الزيادة إلا من نقصان، فما لم يكن لرسول الله صلى الله عليه، فلا يكون لأحد من خلق الله، وكل عالم بعد جهل يُعلم، ولابد أن يقع اسم الجهل على كل خلقه، كيلا يُشَبَّه أحدٌ من خلقه به ؛ لأن الله لم يجهل ولم يتعلم. ولم يزل عالما، وكل خلقه بعد جهل تعلموا، والله سبحانه لم يجهل ولم يتعلم. ولو كان على ما قالت الروافض بأن الأئمة علماء غير متعلمين، ولا يجوز الجهل في وقت من الأوقات على أحد من الأئمة، فسبحان الله أفليس قد شبهتموه برب العالمين، إذ لم يجهل صاحبكم ولم يتعلم، أو ليس قد شبهتموه بالله بقولكم، إذ زعمتم أنه يعلم الغيب، ويعلم أعمال العباد (ومواضعهم، وكل رجل باسمه ونسبه، ويعلم ما تلفظونه، ويعلم ما في قلوب العباد)، فسبحان الله عما يقولون ! وهل هذه إلا صفة رب العالمين ؟!
وتأولوا قول الله سبحانه في كتابه ـ لقوله ـ :?وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون? [التوبة:125] فيزعمون أن الله ورسوله والأئمة يرون أعمال العباد، فسبحان الله ! كيف يرى ما غاب عنه، وإنما قال الله سبحانه :?اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون? إنما عنى تبارك وتعالى أي: فسيرى المؤمنون والأنبياء في الآخرة أعمالكم إذا ظهر الغيب، وانكشف الستر، وكان فريق في الجنة، وفريق في السعير، واستبان للخلق المطيعُ من العاصي، والكافر من المؤمن، والصالح من الطالح، فكم من مستور عليه يُجَرُّ إلى عذاب أليم، وكان عند الناس على خلاف ذلك في دار الدنيا.(1/399)


ولو رأى أحد ممن وصفت الروافض، من الأنبياء والأئمة، من غير أن يُخبَر لم يكونوا يموتون بالسم، ولم يكونوا ليأكلوا السم، فيعينوا على أنفسهم بالقتل، وقد قال تبارك وتعالى :?ولا تقتلوا أنفسكم? [النساء: 30]. أو ليس من أكل شيئا من السم وهو يعلم أن فيه نفسه، فقد أعان على قتلها ؟ فإن زعموا أنه أكل السم من الخوف. يقال لهم: من أي شيء يخاف ؟ فإن زعموا أنه إنما يخاف من القتل. فقل لهم: أَوَ ليس قتله بالسم فلا يأكل حتى يقتل مظلوما، خير له من أن يقتل نفسه وهو معين عليها.
وكيف يعلم وقد قال الله تبارك وتعالى :?قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم? [الأحقاف: 9]. يعني من حوادث الدنيا، وقد قال الله تبارك وتعالى :?ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم ? [التوبة: 101]. فكيف يرى أعمال العباد ؟! هذا كتاب الله يكذب قولكم. ولو كان الأمر على ما وصفتهم، لم يقل تبارك وتعالى بخلاف قولكم، لقوله :?لا تعلمهم نحن نعلمهم? وقد قال تبارك وتعالى :?وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت? [لقمان: 74]. فهل أصحابكم إلا من الأنفس، وقد قال الله تبارك وتعالى :?والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا? [النحل: 78]. فقد جمعت هذه الآية جميع ولد آدم، لأن كل ولد آدم خرجوا من بطون النساء، كل نبي وغيره، وقد أخبرنا أنهم لم يعلموا شيئا حتى عُلِّموا، وقد قال - تصديق ما قلنا في محكم كتابه ـ :?ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ? [الشورى: 52]. وجميع دعواكم مُكَذِّب له كتابُ الله، فيا سبحان الله ما أعظم ما تقولون ! وهل الشرك إلا دون ما تزعمون.
فإن زعموا أنهم يجهلون تأويل كتاب الله، والنظر فيه، ويحتجون علينا بشيء، وتأويله خلاف ما يظنون.
يقال لهم: كيف ذلك ؟
فإن زعموا أنه ليس لأحد ينظر في تأويل كتاب الله، ولا يحتج به إلا الأئمة.(1/400)

80 / 201
ع
En
A+
A-