[مذهب القاسم في الأصول]
إن سأل سائل فقال: ما مذهبك ؟ فقل: أنا قاسمي المذهب في القول بالتوحيد والعدل، ونفي الجور والتشبيه عن الله، ورأي السيف في القريب والبعيد، إذا عاند بعد الإنذار والبيان، فاطمي المقال موالاة العترة والقول بإمامة سبطي الأئمة سيدي شباب أهل الجنة، وفي إثبات الدعوة وإيجاب البيعة لمن قام بالحق من ولديهما عليهما السلام، إذا كان عالماً بالحق عاملاً بأحكامه، داعياً إلى سبيل ربه، ناصراً لأهله، وعلوي السيرة في موالاة الأولياء ومنابذة الأعداء، والصبر على البلوى، والغمض على القذى، مع شهر السيف على من ينكث البيعة، ويحرف عن الدين، ويخرج عن إمام المسلمين، فهذا مذهبي وديني، فمن أبى أنكر، ومن أحب أقر، فأنا لا أبالي بإنكار منكر و[لا] أباهي بإقرار مقر، لأني أرى الحق لا يستوحش من الوحدة، ولا يبالي عمن أعرض وتولى. والسلام.(1/366)


[أصول الدين]
قال القاسم بن إبراهيم عليه السلام أصول الدين ثمانية عشر أصلا:
أولها: التوحيد.
2- والعدل.
3- وتصديق الوعد.
4- والوعيد.
5- والنبوة.
6- والإمامة.
7- والولاء.
8- والبراء.
9- والصلاة.
10- والزكاة.
11- والصوم.
12- والحج.
13- والجهاد.
14- والأمر بالمعروف.
15- والنهي عن المنكر.
16- وبر الوالدين.
17- وصلة القرابة.
18- وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، فجملة ذلك ثمانية عشر أصلا.
ثم اعلم أن لكل أصل من ذلك حقيقة، فحقيقة التوحيد: نفي جميع صفات التشبيه عنه، وحقيقة العدل: نفي الفاقة، وحقيقة تصديق الوعد والوعيد: الخلود، وحقيقة النبوة: المعجزات، وحقيقة الإمامة: الأربع الخصال، القرابة من رسول الله صلى الله عليه، والعلم البارع، والزهد، والشجاعة، وحقيقة الولاء والبراء: الحب في الله والبغض في الله، وحقيقة الصلاة: المحافظة على أوقاتها والمواظبة لها. والخمس من الطهارة، وهي طهارة القلب، وطهارة البدن، وطهارة اللباس، وطهارة الماء، وطهارة المصلى.
والست الخصال:
أولها: الأذان، والافتتاح، والتكبيرة، والقراءة، والتسبيح، والتسليم.(1/367)


وحقيقة الزكاة: أخذها من حقها وصرفها في أهلها، وحقيقة الصيام: اجتناب الرفث، ومجالسة أهل البغي، وحقيقة الجهاد: بذل المال والمهجة، وأن لا يولي دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة، وحقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قول النبي صلوات الله عليه: ( من غابت عليه شمس نهاره ولم يأمر بمعروف ولم ينه عن منكر فقد تبوأ مقعده من النار )، وحقيقة بر الوالدين: قول الله عز وجل: ? ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما ? [الإسراء: 23]، وحقيقة صلة القرابة: التفقد لهم والاطلاع لأحوالهم، فمن كان منهم مؤمنا كان عليك أن تؤدي ما في رقبتك من حقه، لأن حقه فرض عند الله، وذلك قول الله سبحانه :? الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب ? [الرعد: 21]، ومن كان منهم عاصيا وَعَظَتْه، لقول الله سبحانه :? وأنذر عشيرتك الأقربين ? [الشعراء: 214]، وتحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لها، وهذا بحر عميق، غرق فيه بشر كثير.(1/368)


الرد على المجبرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحسن إلى جميع خلقه، بما عمَّهم من فضله وإحسانه، الذي:? لا يظلم مثقال ذرة، وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ? [النساء: 40]. الذي خلق خَلْقه لعبادته، وقوَّاهم على طاعته، وجعل لهم السبيل إلى ما أمرهم به، كما قال سبحانه:? وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون ? [الذاريات :56].وقال:? وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وذلك دين القيمة ? [البينة:5]. وقال:? وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ? [النساء:64]. وقال لموسى وهارون صلى الله عليهما: ? اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى ? [طه: 41 - 42].
فزعمت القدرية الكاذبة على ربها، أن الله عز وجل عن قولهم: خلق أكثر خلقه ليعبدوا غيره، ويتخذوا الشركاء والأنداد، مع قوله:? فلا تجعلوا لله أندادا ? [البقرة:23]. ومع قوله:? يا أيها الناس اتقوا ربكم ? [لقمان: 33]. وقوله:? أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ? [النور: 54]. وقوله:? يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ? [يونس: 108]. ? وما ربك بظلام للعبيد ? [فصلت: 46].
فزعموا أنه لم يُرِد منهم أن يطيعوا رسله، وأن الله أمر بما لا يريد، ونهى عما يريد. وخلقهم كفارا، وقال الله:? وكيف تكفرون ? [البقرة: 28]. ومنعهم من الإيمان، وقال:? وماذا عليهم لو آمنوا بالله ? [النساء: 39]. وقال:? وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ? [الإسراء:94]. ومنعهم من الهدى، وأَفَّكهم، وقال:? أنى يؤفكون ? [المائدة: 75، والتوبة:30، والمنافقون: 4]. وصرفهم عن دينه، وقال:? أنى يصرفون ? [غافر:69].(1/369)


فافهموا - وفقكم الله - ما يتلى عليكم من كتاب الله، فإن الله يقول:? وشفاء لما في الصدور ? [يونس: 57]. ويقول:? كتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ? [فصلت: 42]. ويقول:? فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ? [الجاثية: 6]. ويقول:? اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ? [الزمر: 55].
وقد بَيَّن الله للخلق، واحتج عليهم بما بَيَّن لهم في كتابه، وأمرهم بالتمسك بما في الكتاب، والاقتداء بما عن نبيه جاءهم، فإنما هلك من كان قبلهم، بإعراضهم عن كتاب ربهم، والترك لمن مضى من أنبيائهم، من أهل الكتاب وغيرهم.
فاتقوا الله، وانظروا لأنفسكم قبل نزول الموت، واعلموا أنه لا حجة لمن لم يحتج بقول الله، فإن الله سبحانه يقول:? أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ? [العنكبوت:51]. فاسمعوا قول المفترية على الله. فمن قولهم: إنه لم يعمل أحد خيرا ولا شرا .. فرد الله عليهم مكذبا لهم: فقال: ? الذين كفروا وصدوا سبيل الله أضل أعمالهم ? [محمد:1]. وقال:? كفارا حسدا من عند أنفسهم ? [البقرة: 109]. وقال:? وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى ? [النجم: 52]. وقال:? بل هم قوم طاغون ? [الذاريات: 53]. وقال:? اليوم تجزىكل نفس بما كسبت ? [غافر: 17]. وقال:? فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ? [الزلزلة:7]. مع الآيات الكثيرة المحكمة الواضحة، من كتاب الله، تصديقا لما قلنا، وتكذيبا لما قالوا.(1/370)

74 / 201
ع
En
A+
A-