280- وسئل: عن امرأة أرضعت جارية هل يجوز لولد زوجها من غيرها أن يتزوجها ؟
فقال: إن كانت المرضعة أرضعت الجارية بلبنها من زوجها، فلا يجوز لولد زوجها من غيرها أن يتزوجها، لأن الجارية أخت الغلام من جهة لبن أبيه، وهو لبن الفحل المنهي عنه.
281- وسئل: عن المولى هل يجوز نكاحه للعربية ؟
فقال: لا يُعلم بين علماء آل الرسول في ذلك اختلاف، إذا رضي الأولياء وكانوا أهل عدل وعفاف.
282- وسئل: عن القيام مع من ليس بإمام ؟
فقال: لا يجوز شيء من ذلك إلا بإمام أو بولاية من إمام، لما يكون في ذلك من الجُمَع والأحكام.
283- وسئل: عن أفضل الحج ؟
فقال: ذلك ما فضله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو القدوة، وقد جاء عن علي رحمة الله عليه أنه قال: من تمام حجك وعمرتك أن تحرم من دويرة أهلك، ولا يقرن الحج والعمرة إلا من ساق بدنة.
284- وسئل: متى يَقطع التلبية في الحج والعمرة ؟
فقال: إذا رميت جمرة العقبة، لأن الذي لبى به من حجه حين أحرم وهو بعد فيه، لم يحل له من الصيد والطيب ما حرم، فإذا رمى جمرة العقبة حل له ما حرم الله عليه إلا النساء، حتى يطوف بالبيت لإفاضته، فإذا أفاض وطاف حل له ما كان حراما عليه من النساء قبل إطافته به.
والعمرة فيقطع التلبية فيها إذا عاين البيت المعتمرُ أو رآه، لأنه حينئذ قد بلغ غايته ومنتهاه، وإذا لم ير البيت فهو بعد في أمره، وأول ما هو فيه من التلبية كآخره.
285- [ وسئل: عن تأجير من يحج عن الميت ؟ ]
فقال: لا بأس به وأقل ما في ذلك فالأجر للميت على تزود الحاج عنه وبلغته، وإعانته له على سفره ومؤنته ونفقته.
286- [ وسئل: عن ] النوافل وأفضل ما في ذلك، أَدَلَّ دليلٌ من قِبَل الله سبحانه مِثل ? الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ? [البقرة:261] ؟(2/559)


فقال: أما أفضل النوافل من الصلاة فصلاة التسبيح، وهي صلاة جعفر بن أبي طالب، التي علمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ صار إليه بحنين، فقال له صلى الله عليه وآله وسلم: ألا أهب لك، ألا أعطيك، ألا أنحلك ؟ قال: حتى ظننت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيعطيني ما لم يعطه أحدا قبلي، فعلمني صلاة التسبيح وهي فمعروفة عند أهل العلم، فمن أراد تعملها.
287- وسئل: عن أشياء تحرم بها الزوجة على زوجها من غير تكلم بطلاق ؟
فقال: من ذلك أن يزني هو، أو تزني، أو تختلع منه، أو تفتدي، أو ترتد إلى الشرك بعد الإسلام، وفيما ذكرنا في ذلك من البيان، ما يقول سبحانه: ? الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك...? الآية [النور:3]، وإذا كان ذلك فاسدا منفسخا محرما، كان عقده منفسخا محرما، وقد ذكر أن عليا صلوات الله عليه حد رجلا زنا من أهل القبلة، وفُرِّق - لما حُدَّ - بينه وبين زوجة له مؤمنة، وفرَّق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بين المتلاعنين، ولم يصح زنا الزوجة ببينة ولا يقين، وجرى ذلك في اللعان سنة، فكيف إذا كانت زوجية أحدهما منتفية.
288- وسئل: عن رجل أوصى بوصية موقوفة على مسكنة أهل بيته، ثم إن الله تبارك وتعالى أفاء عليهم واستغنوا ؟
فقال: إذا استغنوا ردت في سبيل الخير، مثل مواساة أولي الحاجة، وذوي القربى، إن احتاج منهم أحد بعد ذلك، وبني السبيل من أهل الديانة.
289- وسئل: عن أكل ما لم يجر تحريمه في تنزيل من كتاب الله عز وجل من الطير والسباع ؟
فقال: لا يؤكل من ذلك إلا ما أحلَّه عز وجل، وبيَّنه في تنزيله في بهيمة الأنعام، والأغنام وغير الأغنام، وصيد البر والبحر، وما خصه الله من ذلك ومثَّله بالذكر.
290- وسألته: عن أكل الثمار إذا مُرَّ بها من غير أن يُحمل ؟
فقال: لا بأس إذا كان محتاجا إليه، وليس له أن يفسد ولا يتلف فيه تلفا.(2/560)


291- [ قال محمد بن القاسم ] سألت أبي رحمة الله عليه ورضوانه، عن قول الله سبحانه: ? والصافات صفا، والزاجرات زجرا، فالتاليات ذكرا ? [الصافات:1-3] ؟
فقال: الصافات صفا - فيما أرى والله أعلم - أنها الملائكة التي وصف الله بذكره وهي واقفة وقفا. ? والزاجرات ? هن الذاكرات التي يُعلِنَّ بالذكر، ويزجرن فيه بالزجر، والزجر: فهو الرفع للصوت والإعلان فيه بالرجات، لأن الصوت الشديد ربما صدع من صخر الجبال ما صلب، واسمع لذلك وفيه، ومن الدلالة عليه، ما يقول الله سبحانه في تسبيح الملائكة: ? تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن، والملائكة يسبحون بحمد ربهم ? [الشورى:5] خبرا عن رفعهم للأصوات وتسبيحهم، ويتفطرن فهو: يتصدعن، وفوقهن فهو: ظهورهن وذُراهن، وهو ما يلي الملائكة صلوات الله عليهم من أعلاهن، يدل على أن الملائكة عليهم السلام الصافات صفا، وأنهم هم الموصوفون بما ذكر من هذه الصفة وصفا، بقولهم صلوات الله عليهم: ? وإنا لنحن الصافون، وإنا لنحن المسبحون ? [الصافات:165-166].
292- وسألته: عن قول الله سبحانه: ? والنازعات غرقا، والناشطات نشطا، والسابحات سبحا، فالسابقات سبقا، فالمدبرات أمرا ? [النازعات:1-5] ؟
فقال: النازعات فيما أرى - والله أعلم - هي السحايب المنتزعات بالأمطار من البحار والأنهار، وبما في الأرض من الندوة والبخار.
? والناشطات نشطا ? هو: الماتحات متحا، وهي الناشطات الماتحات في نزعهن واطلاعهن، والنشط هو: الإغراق وهو القوة القوية في جبذهن، واطلاعهن لما يطلعن في الهواء، بما ينزعن من الماء، وهن السابحات في الهواء سبحا، كما يسبح في الماء من كان سابحا، يمينا ويسارا، وإقبالا وإدبارا، وهن أيضا السابقات برحمة الله وفضله، من المطر والغيث غير المسبوقات بإمساك الله للمطر لو أمسكه عن الأرض وأهلها بعدله، وقد تكون السابقات سبقا، هي البروق لأن البرق أسرع شيء خفقا، وأحثه اختطافا وسبقا.(2/561)


والسحايب أيضا فهن المدبرات بما جعل الله من الغيث فيهن والأعاجيب، لكل ذي حكمة أو نظر مصيب، وغيرها إلى يوم يحشرون، وكذلك البرزخ الذي جعله بين البحرين شارعا، فهو المحبِسُ الذي جعله الله حاجزا بينهما مانعا، لكي لا يختلط البحر العذب السائغ للشاربين، بالبحر المالح الأجاج الذي لا يطيق شربه أحد من الناس أجمعين، رحمة منه جل ثناؤه للإنسان، وغيره من بهائم الحيوان، كما قال سبحانه: ? ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا ? [الفرقان:49]، رأفة ورحمة في ذلك للإنسان وغيره، وقدرة على إحكام أمره فيهما وتقديره.
293- وسألت: عن قول الله سبحانه: ? والفجر، وليال عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسري، هل في ذلك قسم لذي حجر ? [الفجر:1-5] ؟
والفجر: هو انفجار الليل عن صبحه، وانفتاقه عن ضوء الصبح ووضوحه، والليالي العشر وما ذكر الله من الليالي العشر، هي ليالي ذي الحجة إلى آخرها يوم النحر، والشفع والوتر من العدد، فهو كل زوج أو فرد، وفي ذلك لكل ذي حكمة أو لب، أعجب ما يتعجب له من العجب، والليل إذا يسري فهو الليل، ويسري فهو السير، والليل فهو يسري ويمضي، حتى يطلع الفجر ويضيء، والقَسَم فهو الحلف والإيلاء، وذو الحِجر فهو من جعل الله له عقلا، والحجر فهو العقل والنُّهى، واللب والحِجا.
294- وسألت: عن قول الله تبارك وتعالى: ? ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ? [الحجرات:11] ؟
فقال: الألقاب الأنباز التي يلقب بها بعضهم بعضا، التي هي خلاف الأسماء التي سمت بها الأباء، فحرم الله عليهم أن يسمي بعضهم بعضا بالألقاب، وجعل ذلك حكما مفروضا في الكتاب.
295- وسألت: عن قول الله سبحانه: ? كدأب آل فرعون ? [آل عمران:11، الأنفال: 52، 54] ؟
فقال:كمثل آل فرعون كحالهم.
296- وسألت: عن قول الله عز وجل: ? أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكفرين ? [البقرة:19] ؟(2/562)


فقال: الصيب المطر الذي فيه الظلمات والرعد والبرق، والذين يجعلون أصابعهم منه في آذانهم خوفا من الهلكة على أنفسهم.
297- وسئل: عن قول الله سبحانه فيما يحكى عن يعقوب صلى الله عليه، لجماعة بنيه، ? يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ?[يوسف:67] ؟
هذا من يعقوب صلى الله عليه حين خرجوا عنه مسافرين، فخاف عليهم من النفس وعيون الناظرين، فأمرهم عند دخول القرية، بأن لا يدخلوا جملة واحدة، لما كانوا عليه من كمالهم، وكثرتهم وجمالهم، وكانوا أحد عشر رجلا، لم ير مثلهم جمالا ولا كمالا، فخاف عليهم وأشفق صلى الله عليه من أن يراهم أهل تلك البلدة، مجتمعين جماعة واحدة، على ما هم عليه من كمالهم، وحسنهم وجمالهم، فأمرهم أن يتفرقوا وأن يدخلوا من أبواب متفرقة، شفقة عليهم من العين والنفس، قال الله سبحانه:? فلما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ? [يوسف:67] يخبر سبحانه أن الحذر للنفس والعيون لا ينفع إلا بدفاع الله وتوفيقه، ولطفه وحفظه.
298- وسألت: عن قول الله سبحانه: ? إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ?[البقرة:26] ؟
فقال:الاستحياء من الله عز وجل، ليس على طريق الخجل، وإنما المعنى - والله أعلم - في قوله: ? إن الله لا يستحيي ?، إن الله تبارك وتعالى لا يرى، أن في التمثيل للحق والصدق بما هو صحيح صادق من الأمثال عيبا ولا خطأ، ولا مقالا بتخطيئة لشيء من قول الله سبحانه لأحد من أهل الصلاة.
299- وسئل: عن قول الله سبحانه: ? وأما بنعمة ربك فحدث ? [الضحى:11] ؟(2/563)

198 / 201
ع
En
A+
A-