فقال: لما جاء في ذلك عندنا من الأثر، ولما فيه من تسوية البشر، ولكن يؤخذ أخذا وسطا، لا مقصرا ولا مفرطا، ففيه إن شاء الله ما كفى وأغنى.
222- وسألته: عن معنى: لا حول ولا قوة إلا بالله ؟
فقال: لا حول: لا زوال ولا انتقال، ولا قوة يريد لا احتيال إلا بالله وبقوته، لمن قوي أو حال في كل شيء من علمه، فكل ما كان فيه من قوة لذلك أو غلبة، فبالله سبحانه كانت.
223- وسئل: عن التلبية ؟
فقال:] ويقول في التلبية إن الحمد والنِّعمة لك. يعني بالكسر.
224- وسألته: هل على النساء الجهر في القراءة في الصلاة التي يجهر فيها ؟
فقال: لا يجهرن النساء من القراءة فيما يجهر فيه، إلا بقدر ما يسمعن أنفسهن ولا يسمعه غيرهن، لأن خفضهن لأصواتهن من سرهن.
225- وسألته: كيف يكره الصلاة على اللبود والمسوح والسجود عليها، ولا يكره لباسها ؟!
فقال: يكره ذلك لأن من التذلل لله وضع الوجه والجبين على الأرض وقرارها وترابها، لأن السجود إنما هو تذلل لله سبحانه، وخشوع من العبد فيما بينه وبين الله عز وجل، وإن صلى على شيء مما ذكرت، فلا نزعم أن صلاته فاسدة، ولا أن عليه الإعادة.
226- [ وسئل: عن فرش القبر للميت ]؟
فقال : لا يدخل الميت لحده إلا في أكفانه، وقد سمعنا ما سمعت، يعني: حديث ( القطيفة التي بسطت في لحد النبي صلى الله عليه وآله وسلم )، وليس كل ما يروى يصح، وقد يكون أن يوضع فيه القطيفة وغيرها، ثم ترفع عنه.
227- وسألته: هل تحتجب المرأة الشابة عن من ليس لها بمحرم ؟
فقال: تفعل المرأة من ذلك إن شاء الله، ما أجاز الله لها في كتابه.
228- [ وسئل: عن ولاية عقود النساء] من العربيات ؟
قال: الأمر في ذلك إلى الأولياء، وإليهن في ذلك السخط والرضى.
229- [ وسئل: عن المصاحف هل فيها اختلاف] ؟(2/544)


فقال رضي الله عنه: رأيت المصحف بخط علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وفيه أيضا خط سلمان والمقداد، وهو كما أنزل، وهو عند بعض ولد الحسن، وإن ظهر الإمام فستقرأونه، وليس بين ذلك وبين الذي في أيدينا زيادة ولا نقصان، إلا مثل: قاتلوا اقتلوا وأشباهه، لا في تقديم السور وتأخيرها.
230- وسألته: عن الماء على الطرقات فيشرب منه المؤمن والفاسق أيؤجر على ذلك ؟
فقال: يؤجر إن شاء الله، وقد ذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( في كل ذي كبد حرى أجر )، وقد سقى الله الناس من قبل الإسلام.
231- وسألته: عن مرارة الذئب، والسباع، وكل ذي مخلب من الطير ؟
فقال: لا بأس إذا تعولج بها وتداوى، وكان فيها شفاء، وأما الحدأ والخنزير فلا ينتفع بهما، فذاتهما محرمان.
232- وسألته: عن الثياب التي تشترى من الأسواق، من قوم ليست لهم معرفة، أيغسل ذلك أم لا ؟
قال: إذا كانت نقية ليس فيها دنس، اكتفي بنقائها.
233- وسألته: عن الكفار وأهل الكتاب حرام علينا طعامهم وشرابهم ونكاحهم ؟
فقال: لا يأثم أحد في قُوتِه وقوامه، إذا أخذه من حلاله، وإنما الإثم في الإفساد والإفراط.
وأما النكاح فلم يحله الله إلا بالإسلام والملة.
234- وسألته: عن الأخفاف التي تشترى من الأسواق والصلاة فيها، لا يُدرى ذكية أم غير ذكية، وكذلك اشتراء السمن والزيت في زقاق أو ديابي، لا يُدرى كيف كان أصل التذكية، هل يجوز أكل هذه الأشياء والإصطباع بها ؟
فقال: أما الأخفاف فإذا خاف ألا تكون ذكية، كان الذي هو أفضل عندنا وعند آل رسول الله كلهم جميعا، ألا يصلى فيها ولا يتوجه ولا يُشترى، وما كان من السمن والعسل والزيت وغيرها من إدام أو طعام، فلا بأس أن يشترى إلا أن يتغير أو يتبين فيه أثر أو قذر.
235- وسألته: عن رجل له وُلد يخالفونه في الرأي والدين، هل يجوز له أن يحرمهم ميراثه ويزويه عنهم ؟(2/545)


فقال: إذا خالفوه في التوحيد، وشبهوا خالقهم بشيء من خلقه، فَنَعَم إن قدر أن يحرمهم ويزويه عنهم، وإن كان عند الله سبحانه أعدل وأولى.
236- وسئل: عن الخمس في أموال الناس، من هذه الفتوح التي كانت ولا تزال في أيدي المسلمين، لم يخرجوا منها الخمس من سهم آل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يعطوا ؟
فقال: ليس على أحد في ماله من عين أو أرض أو عقار، إلا ما فرض الله عليه من الزكاة من الفرض، ولا يعمل حتى يقوم إمام عدل فيدفعها إليه، أو يتحرى صاحبُها أهلَها فيدفع إليهم الزكاة، وأما الأخماس فهي لآل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
237- وسألته: عن آدم صلى الله عليه حيث أسكنه الله الجنة، ما كانت الجنة مخلوقة أم لا ؟
فقال: الجنة مخلوقة في غير سماء ولا أرض، وقد أسكن الله آدم وزوجته الجنة، وأخرجهما منها بعصيانهما وأكلهما الشجرة.
238- وسألته: عن الذبيح أهو إسماعيل أو إسحاق ؟
فقال: قد صح أنه إسماعيل، على ما في كتاب الله من التنزيل، لأن الذبح والقربان بمنى، وفي ذلك دليل على أنه إسماعيل، لأنه كان بمنى وإسحاق يومئذ بالشام، إلا أن اليهود تأبى وتزعم أن الذبيح إسحاق، وليس قولهم في ذلك محمودا.
239- وسألته: عن بلد فُتح بالسلطان الجائر، ولا يُدرى كيف فُتح عنوة أو صلحا، إلا أنا وجدنا أرضها ودورها في أيدي آبائنا، وورثناها عن الآباء واشتريناها، والسلطان قد وضع عليها خراجا معلوما يأخذه منها في كل سنة، فهل يجوز ما يأخذ السلطان منه أن يحتسبه من العشر، فإنه إذا أعطى السلطان العشر، لم يبق ما يكفيه لعياله وهو ذو عيال ؟(2/546)


فقال: أما ما وُرث من الآباء وراثة، ولم يكن الأمور في فساده بيَّنة، فمِلكُه لأهله ولمن ورثه، وأما العشر فما أخرجت الأرض على من ملك من مسلم فلازم، وترك ذلك والتقصير فيه على صاحبه مُحرَّم، وما أخذ من ذلك مَن لا يستأهل الأخذ فهو واجب العشر على صاحبه فيما بقي في يديه، ولا يُزكى ما أخذ السلطان، وقد قال بعض القائلين: عليه العشر، في الجميع، وكيف يجب العشر في ما لم يملكه وما قد غُصِبَ عليه، وأُخذ من يديه، وإنما جعل الله العشر في ما يملكون.
240- وسألته: عن الإسلام ؟
فقال: هو الاستسلام لله، والاعتصام بالله، قال الله لا شريك له، في إبراهيم صلى الله عليه: ? أسلم قال أسلمت لرب العالمين ? [البقرة:131].
241- سُؤِِلَ أبي رحمة الله عليه ورضوانه ذات يوم: ما الإيمان ؟
فقال: الإيمان معناه معنى الأمان من كبار العصيان، التي من أتاها وعده الله عليها النار، وسماه بفجوره من الفجار.
والإيمان كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ورضوانه وصلواته: ( قول مقول، وعمل معمول، وعرفان بالعقول ).
242- وسألته: عن الإيمان ؟
فقال: هو الأمان من كبائر العصيان، من الشرك وغيره، من كل ما وعد الله عليه - مَن ركبه وسمى به من أتاه من الفجار - النارَ.
243- وسألته: عن الضحية للمفرد ؟
فقال: أَحبُّ إلي أن يضحي إلا إن يكون معسرا، وليس بلازم له.
244- وسئل: عن التوجه إلى بيت المقدس ؟
فقال:] إنها كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيت المقدس بضع عشر شهرا إلا إنها كانت قبلة بني إسرائيل، ثم نقل الله القبلة إلى بيته الحرام، وهي قِبلة الإسلام ما بقي الإسلام ؟
245- [ وسئل: عن الإمام ]؟(2/547)


فقال: ليس لإمام أن يقول: إني إمام، لأن هذا إنما يكون للرسول عليه السلام، ولذلك لم يقل علي صلوات الله عليه: إني إمام، لإشارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكثرة دلائله عليه، ولما بان به وسبق إليه، وكذلك الإمام بعده له آية تدل عليه، وهي العلم والبيان، والسبق إلى الخيرات، والدعاء إلى الله والقيام بأمره.
246- [ وسئل: عن صفة صلاة علي عليه السلام ؟
فقال: ] حدثني محمد بن حاتم قال: قال أبو محمد قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه لعبد الله بن جعفر : إذا قمت إلى الصلاة فارفع بصرك موضع سجودك، ثم تستفتح بالقراءة، فتجعل لسانك ترجمانا لقلبك، ولا يغب قلبك عما يقول لسانك، لا تعنى بشيء من شأنك، إلا بما أنت فيه من صلاتك، ولا تذكر في تلاوتك غير ما تتلوه، ويكون همك الآية التي تتلوها، فإذا فرغت من القراءة وصرت إلى الركوع، لم تذكر إلا التكبير وحسن الخضوع، وكذلك إذا اعتدلت في القيام لم تذكر إلا الركوع، وكان ذكرك السجود، فإذا فرغت من ركعة حفظتها، ثم ابتدأت الأخرى تصنع فيها كما صنعت في الأولى، لا تذكر غير قراءتك وغير حفظك، لأن الصلاة لا بد لها أن تُحصى لا يزاد فيها ولا ينقص منها، حتى تؤدي إلى الله عز وجل فرضك، كما أمرك بعونه وتوفيقه.
247- وسألته: عن من وجب عليه حد من حدود الله، وليس به إمام يحده كيف يصنع ؟
قال: يتوب إلى الله فيما بينه وبينه، ومن تاب إلى الله من ذلك كان مجزيا له إن شاء الله، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذُكر عنه أنه قال: ( من أتى شيئا من هذه القاذورة فيستتر بستر الله، وليتب منها إلى الله ).
248- وسألته: عن أموال الجند وأعوان الظلمة وأنفسهم ؟
فقال: أما ما كان من أموالهم التي كانت لهم وراثة قد أحرزوها في بيوتهم، فلا يحل أخذها إلا أن يكون مال من أموال الله قد عرف أنه لله، فيحكم فيه الإمام بحكم الله، وسنةُ أمير المؤمنين صلوات الله عليه جارية من يوم الجمل.(2/548)

195 / 201
ع
En
A+
A-