والسجود في السهو للصلاة في الزيادة والنقصان فهو بعد التسليم، وما كان قبل التسليم من زيادة في ركوع أو سجود فهو زيادة يحتاج فيها ولها، إلى ما ذكر الله من السجود في مثلها.
134- [ وسألت: عن الجمع بين الصلوات ]؟
ولا بأس بالجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، ودخول وقت العصر في آخر وقت الظهر لمن جمع، ووقت المغرب والعشاء لمن جمع فقبل غروب الشفق، إن أراد ذلك مريده.
135- [ وسألت: عن النافلة بعد صلاة الفجر ]؟
ومن صلى الصبح سبح بعد صلاته، ولم يصل بينه وبين طلوع الشمس.
136- [ وسألت: عن التسليم ورفع اليدين في الصلاة ]؟
والتسليم من الصلاة عن اليمين والشمال، ورفع اليدين فقد اختلفت فيه الأقاويل، وإن أحب ذلك إلينا أن يسكنا تسكين غيرهما، لأن تسكينهما هو خشوعهما، وكذلك تسكين العين فهو لها خشوع.
137- [ وسألت: عن الوضوء والقراءة في صلاة الجنازة ]؟
ويجزي في الوضوء مرة مرة، ويُقرأ في الصلاة على الجنائز في التكبيرة الأولى، وما بعد ذلك فيُدعا.
138- [ وسألت: عن الحجامة هل يجب منها الغسل، وعن غسل السنة ]؟
وليس يجب الغسل من الحجامة، ولكن من احتجم توضأ. ويُغتسل للجمعة، والرواح إلى عرفة، والعيدين، وكل ذلك من السنة.
139- [ وسألت: عن الوضوء لكل فريضة ]؟
ومن صلى صلاة فثبت في مقعده، ولم يخرج من مسجده، صلى ما بعدها من صلاته بوضوءه. وإن أكثر الإشتغال، والإدبار والإقبال، كان أحب إلينا له [أن] يجدد وضوءه، وكذلك بلغنا أن عليا صلوات الله عليه ورضوانه كان يفعل، يجدد وضوءه لكل صلاة من الفريضة.
140- [ وسألت: عن أفضل الحج ]؟(2/519)
والإقران أفضل من الإفراد والتمتع بالعمرة إلى الحج، ولا يقرن بين العمرة والحج إلا من ساق هديا، ومن قرن طاف طوافين، وسعى سعيين، ولم يحل عن عمرته، حتى يحل من حجته، والإفراد للحج أفضل - والله أعلم - من التمتع بالعمرة إلى الحج، لأن حجة عراقية أو مدنية، أفضل من حجة مكية، والإهلال إذا طال، أفضل منه إذا قصر لطول الإحرام.
141- [ وسألت: عن التلبية والهدي ]؟
وتقطع التلبية في الحج إذا رميت جمرة العقبة، وأفضل الهدي ما وقف بعرفة، وإن قلتَ حتى أشتري من منى أجزأ المتمتع.
142- [ وسألت: عن الضحية، وصيام عرفة والدعاء ]؟
والضحية واجبة على كل ذي يسار وجده ممن حج أو لم يحج، وصيام يوم عرفة أفضل من إفطاره، والدعاء في الصيام أقرب إلى الإجابة من الإفطار.
143- [ وسألت: عن ما يبطل الوضوء ]؟
وكل ما سال أو قطر من الدم ففيه الوضوء، وليس في مس الإبط، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، والقيء والقلس، وضوء، وما جاء من الوضوء من ما مسته النار فليس للنار، وإنما أحسبه - والله أعلم - للأكل والاشتغال، ولا نحب للجنب أن يتعوذ بشيء من القرآن، لما في ذلك لتنزيل الله من الإجلال.
144- وسألت: عن قوله: ? وويل للمشركين، الذين لا يؤتون الزكاة ? [فصلت:6-7] ؟
فهي البر والأمور المرتضاة، ومنها زكاة الأموال، وصالح عمل العمال، الذين يعملون لله، ويسعون في مرضات الله.
145- [ وسألت: عن ? الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ? [النور:2] ]؟
وأما قوله: ? الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ? [النور:2]، النكاح هاهنا قد يكون المسيس والمجامعة، ويكون العقد والملك والتزويج الذي جعله الله طاعة.
وأما قوله: ? لا ينكحها ? هو لا يأتيها، ولا يرتكب سخط الله فيها، إلا مشرك من المشركين بالله، أو زان مثلها عند الله، وهذا كله كما قال الله سبحانه.
146- [ وسألت: عن قوله: ? نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ? [البقرة:223] ]؟(2/520)
وأما قوله: ? نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ? [البقرة:223] الحرث هو: المزدرع الذي جعله الله في النساء والنماء، ? وأنى شئتم ? هو متى أردتم، لأن العرب كانت تزعم أن إتيان النساء وهن حوامل أو مرضعات حرام، خوفا للفساد.
147- وسألت: عن قوله: ? هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون ? [الأنعام:2] ؟
خلقُه سبحانه لهم من طين، فهو خلقه لأبيهم آدم صلى الله عليه، لأن ما كان نسلا منه فمخلوق مما خلق منه، ? ثم قضى أجلا ? الأجل المقضي هو الموت والوفاة، والأجل المسمى عنده هو أجل يوم الحساب والمجازاة.
148- وسألت: عن الأرواح بعد مفارقتها الأبدان أحية أم ميتة ؟
أرواح المؤمنين إذا فارقت أبدانها في نعيم وكرامة، وأرواح الظالمين إذا فارقت أبدانها في خزي وندامة، حتى ترد الأرواح إلى أبدانها في يوم البعث والقيامة.
فإذا جاء ذلك فهو التخليد والدوام الذي ليس له فناء ولا زوال، ولا له عن أهله براح ولا انتقال.
149- وسألت: عن قوله: ? قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا، أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ? [الإسراء:56-57] ؟
الذين كانت العرب تدعوهم ملائكة الله، وكانت العرب تزعم أن الملائكة بنات الله، كما قال الله سبحانه: ? ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ? [النحل:57]. والملائكة هم الذين كانت العرب تدعو، والملائكة الذين كانوا يدعون فهم الذين يبتغون الوسيلة إلى الله، ويرجون من الله الرضوان والرحمة.
150- وسألت: عن قوله: ? ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ? [الكهف:12] ؟
يقول سبحانه بعثنا أهل الكهف بعد طول نومهم في كهفهم لنعلم أي الحزبين، أحصى لما لبثوا في كهفهم مقيمين، أَهُم أم مَن عَلم لبثهم من الملائكة هم الحزبان، وهم في العلم والمكث مختلفان.(2/521)
151- وسألت: عن: ? والطور، وكتاب مسطور، في رق منشور، والبيت المعمور، والسقف المرفوع، والبحر المسجور ? [الطور:1-6] ؟
الطور هو: طور سيناء، وقد ذكره الله في غير مكان، والبلد الأمين، فأقسم بهما، لما هو أعلم به سبحانه من أمرهما.
? وكتاب مسطور في رق منشور ? هو: ما نزله الله من كتبه، وكُتِبَ في رق وغيره.
? والبيت المعمور ? هو: بيت الله الذي يعمر أبدا بذكر الله، وبالوافدين في كل حين إلى الله، كما قال سبحانه لإبراهيم وإسماعيل صلى الله عليهما، ? طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود ? [البقرة:125].
? والسقف المرفوع ? هو: السماء.
? والبحر المسحور ? هو: البحر الأعظم. المسجور: فهو المحبوس على حدوده ومنتهاه، فليس يجوز حدا من حدوده ولا يتعداه.
152- وسألت: عن قول الله تبارك وتعالى: ? إن إبراهيم لأواه حليم ? [التوبة:114] ؟
فإن الأواه المتأوه هو الرحيم، والحليم هو اللبيب الحكيم.
153- وسألت: عن قوله سبحانه: ? فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم...?الآية[محمد:22] ؟
فتأويل ? فهل عسيتم ?، هو لعلكم أنتم أيها المدعون من كنتم، وتأويل ? توليتم ? هو أدبرتم عن الإجابة، والقبول والإنابة، ? أن تفسدوا في الأرض ?، بقتل بعضكم لبعض، فتقطعوا الأرحام، إذا لم تجيبوا الإسلام، لأن من لم يجبه أفسد في أرض الله إذ لم يتبع حكمه، ففجر في دين الله وقطع رحمه، ومن أجابه أصلح ووصل، إذا سمع عن الله وقَبِل، ولم يتول ولم يدبر، فلم يفسد ولم يفجر.
154- وسألت: عن تأويل: ? قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ? [آل عمران:167]، أو قلت ما معنى ? أو ادفعوا ? ؟
فتأويل ? قاتلوا ? يعني كونوا بقتالكم لله مطيعين، أو ادفعوا فكونوا بقتالكم عن أنفسكم وحُرمكم مدافعين، إن لم تكونوا لله مجيبين، وفي ثوابه على القتال لعدوه راغبين.(2/522)
155- وسألت: عن قوله: ? ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا... ? الآية[المائدة:93] ؟
يقول الله سبحانه ليس على من اتقى وآمن جناح، يعني: إثما فيما أكل وطعم من طيبات الأطعمة، التي ليست عند الله بمحرمة، لأن من المؤمنين من كان يترك أكل بعض الطيبات زهادة في الدنيا، والتماسا في ذلك لما يحب الله ويرضى، وممن ذُكر بذلك عثمان بن مظعون، كان فيما بلغنا قد حرم على نفسه أكل اللحوم، فنهاه الله وغيره من المؤمنين عن تحريم ما لم يحرم من المطاعم الطيبة، وقال: ? يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ? [المائدة:87]، فأخبرهم سبحانه وغيرهم من الأتقياء البررة، أنها لمن آمن به في الدنيا خالصة في الآخرة، فقال سبحانه: ? قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ? [الأعراف:32].
156- وسألت: عن قوله سبحانه: ? يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم... ?الآية [المائدة:105] ؟
إنما قال سبحانه للذين قالوا: ? حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ? [المائدة:104] من دينهم، وأكثروا الاتباع لدين غيرهم، عليكم بأنفسكم خاصة، فليس يضركم إذا اهتديتم ضلال من اعتقد ضلالة، كان أبا أو غيره لأن كل امرئ إنما يحاسب بما عمله وماله، فإن اهتدى نجا سالما، وإن ضل هلك ظالما، لأنه ? لا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ? [النجم:38-39].
157- وسألت: [عن] ? إن الذين تدعون من دون الله عبادأمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين، ألهم أرجل يمشون بها...? الآية [الأعراف:194-195] ؟
? إن الذين تدعون من دون الله ? فهو من دونه سبحانه كذبا وافتعالا، وقد يكون تأويل ? من دونه ?: أنهم دونه كبرياء وجلالا.(2/523)