فقال :لا بأس بذلك إن بدا له.
27- وسألته: عن التكبير أيام التشريق في المجالس ؟
فقال: التكبير وذكر الله حسن في كل مكان وعلى كل حال، والتكبير لازم في أيام التشريق خلف الطواف.
28- وسألته: رحمة الله عليه عن من كان في طريق فيه اللصوص والخوف، هل يجوز أن يخفف صلاته ؟
فقال: رُبَّ تخفيفٍ لا ينقص الصلاة فذلك جائز له، ورُبَّ تخفيفٍ ينقصها، فما كان من ذلك فلا يجوز له أن يفعله.
29- وسألته: عن من تمضمض فأدخل إصبعه في فمه يدلك بها أسنانه، أيعيد إصبعه تلك في ما يتوضىء من الماء ؟
فقال: لا بأس بذلك.
30- وسألته: رحمة الله عليه عن القراءة بالألحان للقرآن ؟
فقال: أما لحن طرب أو عبث فلا يقرأ به، ولكن يقرأ بالحنين والأحزان، وقد ذُكر أن الله أوحى إلى موسى بن عمران صلى الله عليه: يا موسى إذا قمت بين يدي فقم مقام العبد الذليل، وإذا قرأت التوراة فأقراها بصوت حزين.
31- وسألته: عن أجرة المعلمين للغلمان، على ما يتعلمون منهم من القرآن ؟
فقال: كل من أدركنا من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومن فقهاء المدينة، فكلهم لا يرى به بأسا.
32- وسألته: رحمة الله عليه هل تجهر النساء بالتكبير في أيام التشريق ؟
فقال: لا يجهرن ولا يرفعن أصواتهن، ويكون تكبيرهن قدر ما يُسمعن أنفسهن.
33- وسألته: عن المرأة يطول بها الدم كم تترك الصلاة ؟
فقال: قدر أيام أقراءها التي عرفتها، ثم تغتسل وتوضىء لكل صلاة - إن شاء الله - تصليها.
34- وسألته: هل يستنجي أحد وفي شماله خاتم فيه ذكر الله ؟
فقال: ترك ذلك أفضل، وأحب إلي ألا يفعل.
قلت فيحرك المتوضىء خاتمه عند الوضوء ليصل الماء إلى ما تحته.
فقال: يحركه أبلغ في طهارته.
35- وسألت: أبي رحمة الله عليه عن من يحك جسده، ويدخل يده نحو صدره وهو في الصلاة ؟
فقال: يسكن الأطراف كلها أمثل، وإن حكه شيء أو آذاه نحَّاه.
36- وسألته: عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه هل زوج ابنته عمر بن الخطاب ؟(2/484)
فقال: خبر من الأخبار قد ذكر، ولا يدرى ما حقيقته.
37- وسألته: عن ولاية علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فريضة من الله كالفرائض ؟
فقال: موالاة علي بن أبي طالب أكبر الفرائض، واجبة من الله ورسوله على كل مسلم.
38- وسألته: عن قول الله ? كان الناس أمة واحدة ? [يونس: 19] ؟
فقال: لا تكون أمة واحدة وفيهم نبي أو وصي.
39- وسألته: عن العقل في الإنسان أطبع هو أم مستفاد ؟
فقال: هو الحفظ والفكر، وأصل العقل فطرة وخلقة.
40- وسألته: عن من كان أول الناس إسلاما مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟
فقال: علي بن أبي طالب، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أدبه، وكان في حجره وهو السابق إلى الله والمقرب.
41- وسألته: عن وصي النبي صلى الله عليه وآله وسلم من كان، وعن تراثه ؟
فقال: كان علي بن أبي طالب وصيه في مهماته وعهوده، وأما الميراث فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توفي وكل ما يملك من الدنيا فقد فرقه على أمته، وذُكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى فاطمة صلوات الله عليها فدكا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليه إلا سلاحه فأخذه علي بن أبي طالب.
42- وسألته: عن الحديث الذي روي: ( أن من مات ولم يعرف إمامه مات ميتة جاهلية ) وكيف يعرف ؟
فقال: بنعوته وصفاته.
43- وسألته: عن الإيمان ؟
فقال: الإيمان من الأمان، والإيمان فهو السلامة من كبائر العصيان، التي أوجب الله عليها لأهلها النار، فمن استكمل ذلك فقد استكمل الإيمان.
44- وسألته: عن الإسلام ؟
فقال: هو الاستسلام لما أمر الله به من الإسلام.
45- وسألته: عن القدر ؟
فقال: الخير والإحسان من الله لا يستنكر، وما كان من خلاف ما أمر الله به فهو من أهله والله بريء منه، وما كان من حسن مأمور به فهو من الله، وما كان من معصية أو شتم لله فالله بريء منه، لأنه يذمه ويعيبه، ولا يصلح أن يكون من الله مذموما عنده.(2/485)
فهذا إن شاء الله يكفي ولا يستنكر ذلك ولا يجحده أحد أنصف، أو تكلم بما يعرف، وأما سوى ذلك فلا يراد الخوض فيه ولا الشغل به.
46- وسألته: عن الاستطاعة ؟
فقال: أي ذلك قال به قائل إذا أثبت أن الله لم يكلف العباد إلا ما يستطيعون فهو مقبول، وقوله صحيح معقول.
47- وسألته: عن إمامة أمير المؤمنين أكان من الرسول إليه وصية، أم قال: أنت الإمام بعدي، أم كيف ؟
فقال: دلاله من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإشارة عليه كانت منه إليه كافية مغنية.
48- وسألته: عن الاختلاف الذي بين أهل البيت ؟
فقال: يؤخذ من ذلك بما أجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه، وأما ما اختلفوا فيه فما وافق الكتاب والسنة المعروفة فقول من قال به فهو المقبول المعقول.
49- وسألته: عن إطلاق الرأي عند الضرورة ؟
فقال: ليس لأحد أن يقول برأيه إلا ما أشبه الكتاب والسنة المعروفة، وإلا أمسك فلم يقل.
50- وسألته: عن من قعد عن علي رضوان الله عليه في حربه ؟
فقال: من قعد عن علي في حربه فهو ضآل.
51- وسألته: عن انفاق المزيِّن والمُكَحِّل ؟
فقال: التحرز من ذلك والتورع أفضل، وإن أجازه الناس بينهم.
52- وسألته: عن جمع صلاتين في السفر والحضر ؟
فقال: لا بأس به.
53- وسألته: عن المرأة تموت من أحق بميراثها ؟
فقال :قرابتها وذووا محرمها أولى الناس بها.
54- وسألته: عن الاستثناء في الطلاق وما أشبه ذلك ؟
فقال: الاستثناء جائز في كل يمين.
55- وسألته: عن من أصبح جنبا في شهر رمضان وهو يمكنه الغسل قبل طلوع الفجر هل عليه شيء ؟
فقال: لا بأس به، وأحب إلينا أن يغتسل.
56- وسألته: عن من حلف بالمشي إلى بيت الله وليس عنده ما يبلغه ولا يحمله ؟
فقال: لا شيء عليه لا يكلف الله أحدا إلا ما أطاق.
57- وسألته: عن رجل محتاج يتكفكف باليسير ويرد ما يتفضل به الناس عليه، الأخذ منهم أفضل أم الرد ؟
فقال: إن رد فلا بأس وإن أخذ فلا بأس إذا احتاج.(2/486)
58- وسألته: عن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) مَن العترة ؟
فقال: العترة هم الولد.
59- وسألته: عن مرأة هلكت وتركت عبدا مدبرا ما ترى فيه، وتركت أمتين أعتقت من ذلك ثلثهما ؟
فقال: إن كان ثلثهما يحتمل عتق المدبر أعتق، وإن لم يكن يحتمل فلا يعتق، وقال في المعتق من الأمتين أيضا: إذا احتمل ثلثها ما أعتقت منهما عتق ما أعتقت ونفذ كلما له أوصت، من بعد أن يخرج الدين الذي عليها إن كانت عليها ديون، فإن الدين يخرج من قبل الثلث ومن قبل كل وصية.
60- وسألته: عن قول الله: ? خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك ? [هود: 107] ؟
فقال: خبر من الله من القدرة والاقتدار على كل شيء، وليس هو خبر أن الله مخرج من النار بعد دخولها أحدا، ولو خرج منها خارج بعد دخولها لم يكن فيها مخلدا، وقد قال الله في غير مكان ? خالدين فيها ? ? وما هم منها بمخرجين ? [الحجرات: 48].
61- وسألته: عن قول الله تعالى: ? ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها ? [الشمس: 7 – 8] ؟
فقال: ? ونفس وما سواها ? يقول سبحانه وما قدرها، وما هاهنا من تسوية التقدير، وحكمة التدبير، الذي لا يكون إلا بالله، ولا يوجد إلا من الله، وقد قال بعض المفسرين ? وما سواها ? هو ومن سواها، ? فألهمها ? هو عرَّفها تعريفا بَيِّنا ليس مما يلتبس بكفره منعمه، ولا يعايا بشيء من المعرفة بين فجورها وتقواها، إذا عرَّفها هيبتها واجتراها، لأن الهيبة اتقاء، والفجور اجتراء.
فهي تعرف من الأشياء كلها ما تجتري عليه من الفجور، وما تهاب وتخشى من جميع الأمور، فهي على ما لا تهاب مجترية، ولما هابت متقية، فهي ملهمة لتقواها وفجورها، لمعرفة ما تهابه وتجتري عليه من أمورها.
62- وسألته: أيضا عن قول الله سبحانه: ? والسماوات مطويات بيمينه ? [الزمر: 67]؟(2/487)
إنما يريد سبحانه قدرته عليهن، ونفاذ أمره وقضائه وحكمه جل ثناؤه فيهن، لأن كل ما كان من الأشياء مطويات في يمينك، فأنت عليه أقدر منك على غيره من جميع شأنك، ومن كان في يديه شيء مطوي كان على حفظه كله قويا، ولا يتوهم أنهن مطويات في يمينه كطي الثياب، إلا عميٌ جهول لعَّاب، وما في ذلك، لو كان كذلك، من الإكبار ؟! ومن القوة والاقتدار ؟!
وأما قبضته وإحاطته وقدرته، فذلك أنه يقال لمن كان محيطا بشيء وقادرا عليه، إذا سئل عنه من يعرفه، هل له قدرة فيه ؟ قال: نعم والله ما هو إلا قبضته وفي يده. وليس يريد بذلك إذا قاله قبضة الكف، والله لا شريك له متعالي عن أن يوصف من أوصاف الإنسان بوصف.
63- وسألته: عن قول الله: ? وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ? [الزمر: 54] ؟
فالإنابة إليه، هي: الرجوع بطاعته عليه، وإسلامهم له، هو: سلوكهم سبيله، فلم ينب إليه سبحانه من تولى عنه، ولم يُسلم له جل ثناؤه من تبرأ منه، فالإنابة إليه هي: الاعتصام، والإسلام له هو: الاستسلام، ولم يعتصم به قط من آثر غيره، ولم يُسلم له من خالف أمره.
64- وسألته: عن قول الله سبحانه: ? قتل الإنسان ما أكفره ? [عبس: 17] ؟
فهو: لُعِنَ الإنسان ما أقل شكره، وكذلك كل من كفر بآيات الله، و لم يصر فيما أُمر به إلى مرضات الله، فمن كان كذلك، أو عمل بذلك، فهو الكافر غير الشاكر لما أُولي وَوُهِبَ له من النعم، فأعطي في مبتدأ خلقه حين أنشي من نطفة من ماء مهين فحفظ في الرحم، في مستقره فأتم تقديره، وحسن تصويره، ثم يُسِّر للسبيل الذي هو مخرجه من بطن أمه، بعد كماله في لحمه وعظمه.
65- وسألته: عن قول الله سبحانه: ? إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك ? [النساء: 116] ؟(2/488)