أو شر، أن يزيد على صلاته في سفره، ولا ينقص منها في حضره، ومن زاد على [ما] فرض عليه من الصلاة في السفر فعليه أن يعود لصلاته، كما لو زاد على صلاة الحضر لفسدت عليه الصلاة فأعادها لزيادته.
فالتقصير إنما هو كما قلنا مع الإمام، ركعتان في السفر فهما أتم التمام، وكذلك كان فرضهما في كل سفر وحضر، ثم لم يكن التقصير فيها إلا بما قلنا من القصر، وليس يجوز أن يقال: قصرت الصلاة إلا على ما قلنا، ولا وجه للتقصير فيها إلا من طريق ما تأولنا، وإنما يقال في الصلاة زِيدَ عليها، ولا يقال بشيء من التقصير فيها، لأنه إذا قيل فيها قصرت الصلاة إلا بما ذكرنا، كان كأنه خلاف لما في كتابه مما أمرنا، من الركعتين اللتين كانتا في الحضر والسفر، صليتا لله فرضا فزِيدَ في صلاة الحضر وأُقِرَّت صلاة السفر، وكان ذلك كله لله رضى فيما نقص من ذلك كله أو زاد، لزم فيه كله أن يعاد.
والقنوت فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أنه قال: القنوت ثلاث كثلاث المغرب، ولسنا نضيق على المصلي بما قرأ فيهن ، وقد ذكر عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أنه: ( قرأ في الركعة الأولة الحمد، وسبح اسم ربك الأعلى. وفي الثانية الحمد لله، وقل يا أيها الكافرون. وفي الثالثة الحمد وقل هو الله أحد ). وروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه: ( كان يقنت بتسع سور بعد الركوع )، ويستحب له أن لا يدعو في القنوت إلا بآية من كتاب الله، وكذلك أيضا في قنوت الصبح مثل قول الله سبحانه :? لا يكلف الله نفسها إلا وسعها..... ?[البقرة: 286]. إلى آخر السورة، ومثل قوله :? ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ?[البقرة: 201]. ثم كبر وخر ساجدا وسجد سجدتين، وتشهد ثم سلم تسليمتين، عن يمينه وعن يساره.
تم الكتاب وربنا المحمود وله الكبرياء والجود، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد وأهله وسلم تسليما.(2/479)


مسائل القاسم عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد النبي الأمي وآله وسلم
قال محمد بن القاسم رحمة الله عليه:
1- سألت: أبي القاسم بن إبراهيم عليه السلام عن من نام ساجدا في صلاة نافلة قائما أو راكعا أو ساجدا أو قاعدا في نافلة أو فريضة ؟
فقال: من نام في صلاته نوما كثيرا أو قليلا، أو خفيفا أو ثقيلا، يلتبس بعقله ويوقن به، عاد لوضوئه وصلاته.
2- وسألته: عمن صلى أمام القبلة بصلاة الإمام ؟
فقال: من فعل ذلك فليس في شيء من صلاة الإمام، إنما يكون إماما لمن يؤمه بالاستقدام، وأن يكون إن كان واحدا قائما على اليمين لا على اليسار، وذكر أن الوليد بن يزيد قدم المدينة وهو ولي العهد بعد هشام، فصلى في داره وصلى أهل المدينة في المسجد بصلاته، فأنكر الناس ذلك من فعله، وكان الوليد يجعل على دار مروان خصيا يكبر بتكبيره الناس. وذُكر أن عبد العزيز بن مروان كان يصلي بأهل الإسكندرية على ظهر المسجد، ويصلي الناس أسفل في المسجد بصلاته، فأنكر ذلك عليه بعض العلماء، وقرأ ? قد خلت من قبلكم سنن ? [آل عمران: 137]، يريد أن ذلك خلاف السنة الماضية.
وسمعته رحمة الله عليه يقول: لا بأس أن يتيمم الذي لا يجد الماء ثم يأخذ المصحف، أو يقرأ حزبه من القرآن، لأن الله جعل التيمم لمن لم يجد الماء طهورا في الصلاة وهن من الفرائض الواجبات.
3- وسألته: عن قول الله سبحانه: ? الذين هم على صلاتهم دائمون ? [المعارج: 23]؟
فقال: دائمون هو: متعاهدون مدايمون، لا يصلون بعضا ويتركون بعضا، وقد قدم الله ذلك فرضا، وجعل الصلاة كتابا موقوتا، عدداً وسجوداً وقياما وقعودا، فمن لم يداوم على ذلك كله، ويضع كل شيء من ذلك موضعه، فليس على صلاته بدائم، ولا بفرض فيها بقائم.
4- وسألته: هل يُتوضىء للصلاة في شيء من المساجد ؟(2/480)


فقال: لا يُتوضىء في شيء منها في تور ولا طست ولا غيرهما، ولقد بلغني أن القاسم بن محمد بن أبي بكر رأى رجلا يتمضمض ثم مج في المسجد فنهاه عن ذلك، فقال: إنه يفعل فيه ما هو أشد من هذا، النخامة وغيرها. فقال القاسم: هذا مالا يجوز.
وبلغني أن هشام بن عبد الملك بن مروان دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليصلي فيه، فذكر أنه على غير وضوء، فأتي بتور فيه ماء وطست فتوضأ في المسجد، فأنكر الناس ذلك يومئذ وعظَّموه.
5- وسألته: عمن يترك الأعمال يوم الجمعة وفيها، من الرجال والنساء تعظيما لها ؟
فقال: لقد بلغني أن بعض الصحابة كان يكره ذلك، لما فيه من التشبه باليهود في ترك الأعمال يوم السبت.
ولقد بلغني أن عمر بن الخطاب عاتب رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضا عن التعجيل للجمعة، فقال: أهذه الساعة ؟ فقال الرجل: كنت في السوق. وهذا خلاف ترك الأعمال فيها تعظيما لها.
6- وسألته: رحمة الله عليه هل تصلى نافلة أربعا معا لا يسلم في الثانيتين منها ؟
فقال: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى إلا الوتر، وتأخير الوتر لمن نوى القيام إلى آخر الليل أفضل من تعجيله، ومن لم ينو القيام عجله وكان ذلك خيرا له.
7- وسألته: رحمة الله عليه عن الرجل يكون في العمل فيستمر فيه ثم يصلي كذلك ؟
فقال: لا بأس بذلك إن شاء الله. وسمعته رضي الله عنه يقول: لا بأس بالدعاء في السجود.
8- وسألته: رضي الله عنه عن العبد والخصي يؤمان الناس في الصلاة ؟
فقال: لا بأس بذلك، إذا ثبت لهما اسم الإيمان وحكمه.
وسمعته رحمة الله عليه يقول: كان الميسر فيما بلغني وفيما يذكر في الجاهلية أربعة أشياء: فاثنان منها على وجه التَّألَّه والعبادة وهما الأنصاب والأزلام، واثنان من الباطل وهما الخمر والقمار، فالخمر والميسر اليوم في الإسلام أكثر من أن يحصى، منه اللعب بالحمام، وكذلك كل ما ماثله في المقامرة من الأمثال.(2/481)


وقد بلغني أن أهل الجاهلية يتراهنون ليلة البدر أيهما يسبق الشمس أو القمر، قال: وكانوا يتبايعون الجزور بالمائة درهم ثم يجزرونها أجزاء ويتساهمون على تلك الأجزاء، فأيهم ما خرج سهمه أوَّلا، أخذ أفضل الأجزاء فضلا، ثم الذي يليه كذلك، وأخذ آخرهم شر تلك الأجزاء والقسوم، وكان عليه ثمن تلك الجزور.
قال: والأزلام ثلاثة قداح أحدها: أن افعل، وفي الآخر: لا تفعل. والمُغَفل: القدح الثالث ليس فيه شيء، فإن خرج الذي فيه: أن افعل فعل، وإن خرج: ألا تفعل لم يفعل، وإن خرج: الغفل أعاد فضرب.
9- وسألته: عمن يصلي وحده بين الصفوف ؟
فقال: بئس ما صنع وصله الصفوف أفضل، وليس يجب عليه إعادة صلاته وإن فعل.
وقال رحمة الله عليه: ومن خرج مسافرا من أهله حتى تستتر عنه بيوت قريته، ثم أقام لانتظار أصحابه وبعض حاجته، إنه يقصر صلاته في مقامه قَصْرَ المسافر في سفره.
10- وسألته: عن السجود على كور العمامة ؟
فقال: لا بأس به إذا سجد على بعض جبهته.
11- وسألته: هل يجوز للرجل يصلي ومعه جلد فارة مسك ؟
فقال: لا، إلا أن تكون ذكية غير ميتة، لأنها دآبة تحيى وتموت، وهي شبيهة بالثعلب، وقد كانت منها دآبة لمحمد بن القاسم وقعت عندنا وصارت إلينا، ثم ماتت بعد مقام طويل، وأُخذ منها مسك كثير غير قليل.
12- وسألته: عن ثوب يصيب ناحية منه بول أيغسل الثوب كله، أم تغسل الناحية التي أصابها البول منه ؟
فقال: إن عُلمت الناحية وعرفت، غسلت وحدها واكتفي بذلك، وإن لم تعرف الناحية غسل الثوب كله بالماء.
13- وسألته: هل يُنقش في الخواتيم شيء من القرآن ؟
فقال: القرآن خير ما ينقش فيها وفي غيرها، ولا بأس بنقش القرآن فيها، وقد كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: محمد رسول الله. وهذا من القرآن.
وقال في مسح الأذنين يمسح ظاهرهما وباطنهما.
14- وسألته: عن تخليل اللحية بالماء ؟(2/482)


فقال: تخلل اللحية وتغسل مع الوجه غسلا، ويفرع عليها الماء كما يفرع عليه إفراغا.
15- وسألته: هل على النساء تكبير أيام التشريق بعد الصلاة ؟
فقال: عليهن التكبير كما على الرجال.
16- وسألته: عمن قرأ سجدة من القرآن فسجد، هل يكبر حين يسجد وحين يرفع ؟
فقال :يفعل وذلك أفضل لما فيه من ذكر الله، وما يفعل من غيره في الصلاة كلها لله.
17- وسألته: عن الصلاة في السراويل والرداء ؟
فقال: لا بأس إن شاء الله.
وسمعته رضي الله عنه يقول: لا بأس بالصلاة في الإزار والعمامة.
18- وسألته: عن الرجل يكتب العلم وفيه ذكر الله، والرسالة هل يكتب في ذلك بسم الله الرحمن الرحيم وهو جنب ؟
فقال: لا يكتب شيئا من القرآن. وبسم الله الرحمن الرحيم لا شك من القرآن في ذلك.
19- وسألته: عن الصلاة تحت السقايف في المسجد الحرام ؟
فقال: التقدم إلى البيت والدنو منه أفضل، إلا أن يخشى من الشمس - إن ظهر لها عينا أولها - ضررا.
20- وسألته: عن من صلى والناس يطوفون حول البيت فيمرون عليه بين يديه ؟
فقال: لا بأس عليه في ذلك.
21- وسألته: عن غسل الجمعة أواجب هو ؟
فقال: غسل الجمعة من السنة ومن الأمر بالمعروف، وليس وجوبه وجوب الفرائض.
22- وسألته: عن من نسي التشهد مع إمام يؤمه ؟
فقال: يتشهد إذا سلم الإمام، ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم.
23- وسألته: عن مسافر شغل في جهازه لسفره حتى خرج - وقد صُليت العصر - من قريته، وتوارت عنه بيوت أهله وقريته ؟
فقال: يصلي العصر ركعتين.
24- وسألته: عن من يحول خاتمه في أصابعه ليحصي به صلاته وطوافه بالبيت ؟
فقال: لا بأس بذلك، وهو من المحافظة عليهما وحسن العناية بهما إن شاء الله.
25- وسألته: عن من ألصق قرطاسا بدواء على صدغيه لصداع يجده، أينزعه عند الوضوء ؟
فقال: إن كان يخاف أن يضره فليمر عليه الماء، وإن كان شيئا لا يخاف ضره فلينزعه، وكذلك الجراح والكسر.
26- وسألته: عن الرجل يصلي بعد الوتر ؟(2/483)

182 / 201
ع
En
A+
A-