قيل له ولا قوة إلا بالله: الحجة بعد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم أقدر الخلق على القيام بأمور الدين، وأكمل جميع المسلمين، ولم يعلم ذلك غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه صلوات رب العالمين، وفيه يقول أخوه رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم: ((علي منى بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي)).
ويقول صلوات الله عليه: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، واخذل من خذله، وانصر من نصره)).
- - -
باب الرد على من زعم أن الإمامة بعد رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذريته
وفي غيرهم من الأمة
قال الحسين بن القاسم صلوات الله عليه: فإن رجع إلى مذهب أمة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فقال: وما أنكرت أن تكون الإمامة بعد النبي في أهل بيته وفي غيرهم، إذ ليس معكم من الروايات شيء إلا ومعنا أكثر منها؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: الحق يعرف من ثلاثة أوجه وهي:
محكم الكتاب، والسنة، وحجج الألباب.
فأما أصل ذلك في حجج العقول فإن الحكيم لو جعلها في جميع الناس، لوقعوا في أعظم الالتباس، لكثرة دعاوي الفاسقين، واغتيال الظلمة المنافقين، فمن هاهنا وجب أن تكون الإمامة في أهل بيت معروفين، وبالفضل والشرف مخصوصين.
وأما في الكتاب فقول الله سبحانه: ? ????????? ???????? ?????? ?????????? ??????? ?????????? ????????? ??????????? ????????????????? ??????????? ???? ? [الأحزاب:33]. وقوله سبحانه لنبيه: ? ???? ????? ???????????????? ????????? ????????? ??????? ????????????? ? ??????????????? ? [الشورى:23]. فافترض سبحانه مودة ذوي القربى من رسوله.(1/196)


فيأيها الأمة الضالة عن سبيل رشدها، الجاهدة في هلاك أنفسها، أمرتم بمودة آل النبي؟! أم فرض عليكم مودة تيم وعدي؟! ومَن الذين أذهب لله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، إلا الذين أمرتم بمودتهم من ذوي القربى من آل نبيكم! فهذه بحمد الله حجج واضحة منيرة لا تطفأ، وشواهد مشهورة ولا تخفى، إلا على مكابر عمي، أو شيطان غوي، قد كابر عقله، ورفض لُبَّه.
وأما السنة فهي (1) ما أُجمع عليه من إمامتهم، والباطل ما اختلف فيه من إمامة غيرهم.
- - -
باب الرد على الإمامية الرافضة
قال الحسين بن القاسم بن علي عليهما السلام: فإن رجع إلى قول الإمامية فقال: وما أنكرت من أن تكون الإمامة لولد الحسين من دون ولد الحسن صلوات الله عليهما؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأنهما في الولادة سواء لا فرق بينهما، وكذلك لا فرق بين ذريتهما، وإلا فما حجتك في رفضهم، وما عذرك عند الله في إبطال إمامتهم؟!
فإن قال: بإجماعكم معنا على إمامة ولد الحسين، ولسنا مجمعين معكم على إمامة ولد الحسن؟
__________
(1) في (ب): ففي.(1/197)


قيل له ولا قوة إلا بالله: ليس إجماعنا معكم على الحق بحجة تُثبت لكم باطلكم، ولا رفضكم لحجج الله عز وجل مما يصحح دعواكم، وإنما إجماعنا معكم على إمامة ولد الحسين طاعة منا لربنا نستحق بها منه الثواب، وففريقكم بين آل (1) الرسول معصية تستحقون بها منه العقاب، والله يقول عز من قائل: ?? ???? ????? ???????????????? ????????? ????????? ??????? ????????????? ? ??????????????? ? [الشورى:23]. فإن كان أولاد الحسن من ذوي القربى فقد افترض الله (2) مودتهم، وإن آخرجتموهم من قرابة النبي فأنتم بالبعد أولى منهم، وقال سبحانه: ? ??????????????? ????????? ??????????? ???? ??????? ??? ????????????? ???? ? [النحل:43، الأنبياء:7]. والذكر فهو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الموضع، وذلك قول الله سبحانه: ? ????? ???????? ?????? ???????????? ??????? ???? ????????? ? [الطلاق:10 - 11]. فسمى رسوله ذكرا، ثم أمر بسؤال أهله.
فإن كان ولد الحسن من آل الرسول لزمكم الإقرار بإمامتهم، وإن كانوا من غير آل الرسول فقد صدقتم في رفضهم، وأصبتم في عداوتهم، ثم أنتم بين أحد وجهين:
إما أن تقروا بإمامتهم، وتتبعوا ما أمركم الله به من سؤالهم، أعني من كان حجة لله (3) منهم، إذ لم يستثن إحدى الطائفتين من دون الأخرى، وأمركم بسؤالهم أمرا.
وإما أن تلجوا في عتوكم ونفوركم، وتخالفوا أمر ربكم، وتظهروا خالفكم (4)، فتثبت حجة الله عليكم.
- - -
باب الرد على الإمامية في صفة الإمامة
قال المهدي لدين الله الحسن بن القاسم بن علي عليهما السلام: فإن رجع إلى الحق وأقر بولاة الأمر من آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فقال: قد أقررت بأن الإمامة في ولد السبطين، فما صفة الإمام الذي تلزم الأمة حجته، وتجب عليهم طاعته؟
__________
(1) سقط من (أ): آل.
(2) سقط من (أ): الله.
(3) في (أ): الله.
(4) في (أ): خلافكم.(1/198)


قيل له ولا قوة إلا بالله: اعلم إن الإمام الذي تجب طاعته، يكون كاملا في جميع خلال الخير، غير ناقص من الصفات المحمودة، عالما بما يُحتاج إليه من السنة والكتاب، فَهِماً بما يُحتاج إليه من الأسباب، تابعا لآثار سلفه المهتدين(1)، مخالفا لمذاهب الضالين، شجاعا كريما بذولا لماله زاهدا، وفي أمور الله سبحانه جاهدا، رصين العقل، بعيد الجهل.
فإن قال: فما أنكرت من أن يكون يطبع بخاتمه الحصى، ويعلم ما وراء الجدار، وما يحدث في آفاق الأرض والسماء؟
قيل له ولا قوة إلا بالله: أنكرنا ذلك لأن هذا الإمام الذي زعمت لا يخلو من أحد ثلاثة أوجه:
إما أن يكون يعلم الغيب.
وإما أن يكون يوحى إليه.
وإما أن يكون كاهنا ساحرا.
فإن قلتم: إنه كاهن ساحر، فهذا من القول أعيبه وأفضحه، على من ينتحل التشيع (2) في آل الرسول، لأن من نسب إليهم السحر والكذب فقد غابهم بأعظم العيب، ومن كان ساحرا كذابا فهو ظالم، و ? ??? ???????? ??????? ???????????????? ????? ? [البقرة:124]، ولا يوفق الله الكافرين.
وإن قلتم حاش لله أن يكون كذلك (3) ولكنه يوحى إليه!! خرجتم إلى ما هو أعظم مما نفيتم وجعلتموه نبيا، وجحدتم قول الله سبحانه: ? ???? ????? ?????????? ???????? ??????? ???? ???????????? ????????? ???????? ?????? ?????????? ????????????????? ? [الأحزاب:40].
__________
(1) في (أ): المهتدي. مصحفة.
(2) في (ب): التشنيع.
(3) في (ب): ذلك.(1/199)


وإن قلتم: إنه يعلم الغيب خرجتم من ملة الإسلام، ورجعتم إلى الشرك والآثام، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم بالاحتجاج على المشركين فقال: ? ?????? ????? ?????????? ???????????? ?????????????????? ???? ??????????? ????? ????????? ????????????? ? [الأعراف:188]. وقال: ? ?????? ???????? ??? ?????????? ??? ????? ???????? ? [الأحقاف:9]. وقال: ? ????? ???????? ???????? ??????? ????????? ??????? ????? ???????? ????????? ???????? ??????? ????????? ? [لقمان:34]. والحمد لله رب العالمين (1)، وصلى الله على محمد النبي وعلى آله الطيبين وسلم تسليما.
تم كتاب الرد على الملحدين
- - -
كتاب
التوحيد والتناهي والتحديد
كتاب التوحيد والتناهي والتحديد
الحمد لله الواحد (2) الذي لا يوصف بالتعديد، العظيم الذي جل عن التحديد، العدل الذي تنزه عن ظلم العبيد، أحمده حمد متوكل عليه، وأعتصم به اعتصام من أناب إليه، وكيف يوصف بالتعديد من أحصى كل شيء عددا؟! بل كيف يوصف بالتبعيض واحد (3)؟! لما في التبعيض والتعديد، من صفات التناهي والتحديد، وإذ لا بد لكل تعديد من معدد، ولكل تحديد من محدد، ولا بد لكل مفترق أو مجتمع من مفرق وجامع، ومفتطر صانع، لما في الافتراق والاجتماع، من بيان الصنع والابتداع، والله سبحانه بخلاف خلقه المدبَّرين، ذوي الأماكن المصوَّرين، إذ المصوَّر مضطر إلى مصوِّره، والمدبَّر محتاج إلى مدبِّره، والمقدَّر غير ممتنع من مقدِّره، لا ينفك من أماكنه ومواضعه، ولا يقدر على دفع إحاطة علم صانعه، فهو إلى محله مضطر مدفوع، وجهاته وأقطاره تدل على أنه مصنوع.
__________
(1) سقط من (أ): والحمد لله رب العالمين.
(2) سقط من (ب): الواحد.
(3) في (ب): تصف بالتبعيض واحدا.(1/200)

40 / 58
ع
En
A+
A-