وقال تبارك وتعالى: ?سَابِقُوْا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ ربكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِيْنَ آمَنُوْا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ?[الحديد: 21].
وقال تعالى: ?وَالْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْنَ الزَّكَاةَ وَيُطِيْعُوْنَ اللّه وَرَسُوْلَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِيْنَ فِيْهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِيْ جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوْ الْفَوْزُ الْعَظِيْمُ?[التوبة: 71 - 72].
وقال تعالى: ?يَآأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا اذْكُرُوْا اللّهَ ذِكْراً كَثِيْراً وَسَبِّحُوْهُ بُكْرَةً وَأَصِيْلاً هُوَ الَّذِيْ يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى الْنُّوْرِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِيْنَ رَحِيْماً تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَريْماً?[الأحزاب: 41 - 44]، فالمؤمنون عند اللّه بهذه المنزلة عليهم الصلاة وحق عليه رحمتهم.(1/26)
ومن زعم أن اللّه تعالى: يعذب المؤمنين [فقد أخطأ]، فإن اللّه جعل النار للكافرين. قال تعالى: ?فَاتَّقُوْا النَّارَ الَّتِي وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرينَ?[البقرة: 24]، وقال تعالى: ?قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمْ النَّارُ وَعَدَهَا اللّهُ الَّذِيْنَ كَفَرُوْا وَبِئْسَ الْمَصِيْرِ?[الحج: 72]. وقال تعالى: ?وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيْطَةٌ بِالْكَافِرينَ?[التوبة: 49]، وقال تعالى: ?وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرينَ حَصِيْراً?[الإسراء: 8] وقال تعالى: ?وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِيْنَ?[الحجر: 43].
وإنها لا تحيط بمؤمن، وقال تعالى: ?يَآأَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا اتَّقُوْا اللّه وَآمِنُوْا بِرَسُوْلِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوْراً تَمْشُوْنَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ?[الحديد: 28].
والإيمان: إيمانان: إيمان تصديق. وإيمان عمل وتقوى. وحقيقة الإيمان: العمل. قال اللّه تبارك وتعالى: ?وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الْصَّالِحَاتِ وَآمَنُوْا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمِّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ ربهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ?[محمد: 2] وكان إيمانهم بما نزل على محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم العمل بطاعة اللّه وطاعة رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم.(1/27)
وقال اللّه تعالى: ?إِنَّ الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَالَّذِيْنَ هَادُوْا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِيْنَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ ربهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُوْنَ?[البقرة: 62]، فسماهم الذين آمنوا، ثم قال تعالى: ?مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنَدَ ربهِمْ وَلاَ خُوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُوْنَ?[المائدة: 69]، وقال تعالى: ?هَذَا مَاتُوْعَدُوْنَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيْظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيْبٍ?[ق: 32 - 33].
وقال تبارك وتعالى: ?وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ ربهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُوْرُهُمْ?[الحديد: 19].
وقال تعالى: ?اللّه وَلِيُّ الَّذِيْنَ آمَنُوْا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلِى النُّوْرِ وَالَّذِيْنَ كَفَرُوْا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوْتُ يُخْرِجُوْنَهُمْ مِنَ النُّوْرِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيْهَا خَالِدُوْنَ?[البقرة: 257].
وإنما الإيمان اسم حق من أسماء اللّه، والإسلام كذلك، والله هو المؤمن، وهو السلام، ولا يحرق اللّه بالنار من لقي اللّه تعالى واسم الإيمان له ثابت.
وقال اللّه تعالى: ?إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيْمَ لَلَّذِيْنَ اتَّبَعُوْهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِيْنَ?[آل عمران: 68].
وقال تعالى:?ذَلِكَ بِأْنَّ اللّه مَوْلَى الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَأَنَّ الْكَافِرينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ?[محمد:11].(1/28)
قال تعالى: ?يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا مَعَهُ نُوْرُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيْهُمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُوْلُوْنَ ربنَا أَتْمِمْ لَنَا نُوْرَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيْرٍ?[التحريم: ].
وقال تبارك وتعالى [حكاية عن المؤمنين]: ?ربنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِيْنَ مِنْ أَنْصَارٍ?[آل عمران: 192]. فبرأ اللّه المؤمنين يوم القيامة من الخزي والذل والخوف.
وقال تبارك وتعالى: ?إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوْءَ عَلَى الْكَافِرينَ?[النحل: 27].
وقال تعالى: ?إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا فِيْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُوْمُ الأَشْهَادُ?[غافر: 51].
وقال تعالى:?وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُوْلِهِ وَلِلْمُؤْمِنِيْنَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِيْنَ لاَ يَعْلَمُوْنَ?[المنافقون:8].
فمن زعم أن اللّه تعالى يسود وجه المؤمن ويرهقه ذلة لم يشفه اللّه بالقرآن، فإن اللّه تعالى قال: ?يَوْمَ تَبْيَّضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَّدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِيْنَ اسْوَدَّتْ وُجُوْهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيْمَانِكُمْ فَذُوْقُوْا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُوْنَ وَأَمَّا الَّذِيْنَ ابْيَضَّتْ وُجُوْهُهُمْ فَفِيْ رَحْمَةِ اللّه هُمْ فِيْهَا خَالِدُوْنَ?[آل عمران: 106].
وقال تعالى: ?وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسِتَبْشِرَةٌ وَوُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ?[عبس: 38 - 42].(1/29)
فسل من خاصمك من أهل البدع والباطل: أرأيتم هذا المؤمن الذي تزعمون أن اللّه تعالى سيدخله النار، ما لونه في النار، وما طعامه، وما شرابه، وما حليته، وما اسمه، وما منزله في النار؟ فإن اللّه قد بين منازل أهل النار فقال تعالى: ?فَالَّذِيْنَ كَفَرُوْا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوْسِهِمُ الْحَمِيْمَ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِيْ بُطُوْنِهِمْ وَالْجُلُوْدِ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيْدٍ?[الحج:19-21].
فسلهم عن هؤلاء الذين أدخلهم اللّه تعالى النار من أهل القبلة هل تُقَطَّع لهم ثياب من نار ويصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد؟ أم لهم إذا أدخلهم اللّه النار من الطعام الذي أطعمه اللّه أهل الجنة، والشراب الذي سقى اللّه أهل الجنة، والمساكن، والفُرُش، والأزواج، واللباس، والنمارق، والسرر المصفوفة، والآنية من الذهب والفضة، والكرامة التي أنزل اللّه بها أهل الجنة؟! فإنه ليس بينهما منزلة. فإن اللّه تعالى يقول: ?تِلْكَ عُقْبَى الَّذِيْنَ اتَّقُوْا وَعُقْبَى الْكَافِرينَ النَّارُ?[الرعد: 35].
وقال تعالى: ?وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيْطَةٌ بِالْكَافِرينَ?[التوبة: 49]، وإنها لا تحيط بمؤمن? فَلاَ تَفْتَرُوْا عَلَى اللّه كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى?[طه:61].
فإنهم سيخاصمونك بآية أنزلها اللّه تعالى في القرآن، فقال تعالى: ?وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِيْنَ اقْتَتَلُوْا فَأَصْلِحُوْا بِيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوْا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللّه فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوْا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأقْسِطُوْا إِنَّ اللّه يُحِبُّ الْمُقْسِطِيْنَ?[الحجرات: 9].(1/30)