الصلاة مع أئمة الجور
حدثني منصور قال: حدثني عبدالله، قال: حدثني عمارة بن زيد، قال حدثنا بكر بن حارثة، قال سأل أبي الإمام أبا الحسين زيد بن علي عليهما السلام عن الصلاة مع هشام وعُمَّاله.
فقال عليه السلام: صَلّ لله عز وجل ولا تعتد بهم في صلاتك، ولا تعتدبهم في حلال ولا حرام.
وحدثني منصور قال: حدثنا عبدالله، قال: حدثني عمارة بن زيد، قال: حدثنا بكر بن حارثة، قال: سمعت أبي يقول للإمام أبي الحسين زيد بن على عليهما السلام: أكون في المسجد فتحضر الصَّلاة. فقال عليه السلام: صَلّ لله عز وجل، وأتم ركوعك وسجودك وتسبيحك، ولا عليك.
قال فقال أبي: فأجعلُها نافلة؟ قال عليه السلام: إن جعلتها نافلة فأنت أعلم، وإن جعلتها فرضاً لم يضرك ذلك، فإنما صليت لله تعالى.
ثم قال أبو الحسين زيد بن علي عليهما السلام: إلا أني أرى لك ألا تُكَثِّر جماعاتهم، فإنهم ملعونون، والله إن الظالم إذا ذكر اللّه بلسانه لعنته الملائكة عليهم السلام، وقالت: لست من أهل الذكر. وإنه ليتكلم بكلمة الإخلاص، فتقول الملائكة عليهم السلام لست من أهلها.(1/261)


من دعاء الإمام زيد
من دعائه على الظالمين
قال الإمام المرشد بالله حدثنا الشريف أبو عبدالله العلوي: حدثنا أبو عبدالله محمد بن سهل العطار، قال: حدثني عبدالله بن محمد الواعظ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبدالله بن العلا، قال: حدثني أبي أنه سمع أبا الحسين زيد بن علي عليهما السلام يقول في دعائه:
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَهُمَّ وقد شَمَلَنا زَيْغُ الفتنِ، واستولت علينا غَشْوَةُ الحَيْرَةِ، وقَارَعَنَا الذلُّ والصَّغَارُ، وحكم علينا غيرُ المأمونين على دِينِك، وابْتَزَّ أمورَنَا من نَقَّصَ حكمَك وسعى في إتلافِ عبادِك، وعَادَ فَيُّنا دُوْلَةً، وإمَامَتُنَا غَلَبَةً، وعَهْدُنَا مِيراثاً بين الفَسَقَةِ، واشْتُرِيَتِ الملاهي بِسَهْمِ اليتيم والأرْمَلةِ، ورَتَعَ في مال اللّه من لايَرْعَى له حُرْمَةً، وحكم في أَبْشَار المؤمنين أهلُ الذِّمة، وتولى القيامَ به فاسقُ كلِّ مَحَلَّةٍ، فلا ذائدٌ يذودهم عن هَلَكَةٍ، ولا رادعٌ يردعهم عن إرادتهم المَظْلِمَةِ، ولارَاعٍ ينظرُ إليهم بِعَيْنِ الرَّحمْة، ولا ذو شفقة يشفي ذاتَ الكبدِ الحَرَّاء من مَسْغَبَةٍ، فهم هؤلاء صَرْعَى ضَيْعَةٍ، وأسرى مَسْكَنَةٍ، وحُلَفَاء كآبةٍ وذِلَّةٍ.
اللَهُمَّ وقد اسْتَحْصَدَ زرعُ الباطلِ وبلغ نهايَتَه، واستغلظ عَمُودُهُ وخَرِفَ وليدُه، واستجمع طريدُه، وضَرَبَ بجِرَانِه .
اللَهُمَّ فأتح له مِن الحَقِّ يداً حاصِدَةً تَصْرَعُ بها قائمَهُ، وتُهَشِّمُ سُوْقَهُ، وتَجُتُّ سَنَامَه، وتَجْدَعُ مُرْغَمَه .
اللَهُمَّ ولا تَدَعْ لَهُ دعَامَةً إلا قَصَمْتَهَا، ولاجُنَّةً إلا هَتَكْتَهَا، ولاكلمةً مجتمعةً إلا فرقتَها، ولاسَرِيَّة تعلو إلا خَفَقْتَها ، ولاقائمةَ عَلَمٍ إلا خَفَضْتَهَا، ولا فائدةً إلا أبدتها.
اللَهُمَّ وكَوِّر شَمْسَه، وحُطّ نورَه، وادْمَغ بالحق رأسَه، وفُضّ جُيُوشَهُ، وأذْعِرْ قُلُوبَ أهله.(1/262)


اللَهُمَّ لاتَدَعَنَّ منه بقيةً إلا أفنيتَ، ولانَبْوَةً إلا سَوَّيْتَ، ولاحَلْقَةً إلا أكلَلْتَ ، ولاحَدّاً إلا فَلَلْتَ، ولاكراعاً إلا اجتحتَ، ولاحاملَ عَلَمٍ إلا نكستَ.
اللَهُمَّ وأرنا أنصاره بَعَائِدَ بَعْدَ الإلْفَةِ، وشَتَّى بعد اجتماع الكَلِمَةِ، ومُقْنِعِي الرؤوس بعد الظُّهور على الأمَّة.
اللَهُمَّ وأسْفِرْ عَنْ نَهَارِ العَدْلِ، وأرناهُ سَرْمَداً لاليلَ فيهِ، وأهْطِل علينا نَاشِئَتَهُ، وأدِلْه ممن ناواه .
اللَهُمَّ وأحيي به القلوبَ الميِّتة، واجمع به الأهواءَ المختلفةَ، وأقمْ به الحدودَ المُعَطَّلة، والأحكامَ المُهْمَلَةَ، واشبع به الخِمَاصَ السَّاغِبَةَ ، وأرحْ به الأبدان اللاَّغِبَةَ من ذرية محمد نبيك صلى اللّه عليه وآله وسلم، وأشياعهم، وأنصارهم، ومحبيهم، وعَجِّل فَرَجَهُم وانْتِيَاشَهُم ، بقدرتك ورحمتك رب آمين رب العالمين.(1/263)


ومن دعائه عليه السلام في الإنابة
قال الإمام المرشد بالله حدثنا الشريف أبو عبدالله العلوي: أخبرنا محمد بن علي بن الحكم، قال: أخبرنا محمد بن عمار العطار قراءة، قال: حدثني أبو بكر محمد بن إبراهيم بن يحيى بن جناد البغدادي، قال: حدثني عمرو بن عون الواسطي، قال: حدثنا خالد بن عبدالله، عن عبيدالله بن محمد بن عمر، قال: كان من دعاء زيد بن علي:
اللَهُمَّ إني أسألك سُلُوّاً عن الدنيا، وبغضاً لها ولأهلها، فإنَّ خَيْرَها زَهِيْدٌ، وشرَها عتيدٌ، وجَمْعَها يَنْفَدُ، وصَفْوَها يَرْنَقُ ، وجديدَها يَخْلَقُ، وخيرَها يَنْكَدُ، ومافات منها حَسْرَةٌ، وما أُصِيْبَ منها فِتْنَةٌ، إلا من نالته منك عِصْمَةٌ، أسألك اللَهُمَّ العِصْمَةَ منها، ولاتجعلنا ممن رضي بها، واطمأن إليها، فإِنها مَنْ أمنها خانَتْهُ، ومن اطمأن إليها فَجَعَتْهُ، فلم يُقِمْ في الذي كان فيه منها، ولم يَضْعَنْ به عنها، وكَمْ رجلٍ غَبِيٍّ غَرَّتْهُ أُخّرَ للعذاب وشدته ، فلا الرضاء له بقي، ولا السخط منه نسي، انقطعت لذة الإسخاط عنه، وبقيت شِقوة الانتقام منه، فلاخَلَدَ في لذة ، ولاسَعُدَ في حياة، ولانفسه ماتت بموته، ولانفسه حييت بنشره ، أعوذ بك اللَهُمَّ مِنْ مثل عَمَلِه ومثل مصيره.
كم لي من ذَنْبٍ وذَنْبٍ وسَرَفٍ بَعْدَ سَرَفٍ، قد سَتَره ربِّي وماكَشَفْ.(1/264)


أَجَلْ أَجَلْ سترَ ربي فيه العَوْرَةَ، وأقَالَ فيه العَثْرَةَ، حتى أكثرتُ فيهِ من الإساءةِ، وأكثر رَبِّي فيه من المُعَافاتِ، وحتى أني لأخافُ أن أكون مُسْتَدْرَجاً، إني لأسْتَحْيِي من عَظَمَتِه أن أُفْضِيَ إليه بما أسْتَخْفِي به من عَبْدٍ له، وبما إنَّه لَيَفْضَحُ مَنْ هو خيرٌ مِنِّي بما هو أدنى منه، ثمَّ ماكشفَ ربِّي لِيَ فيه سِترْاً ، ولاسَلَّطَ عَلَيَّ فيه عَدُوّاً، فكم له في ذلك من يَدٍ ويَدٍ، ما أنا إن نَسِيتُها بِذَكُورٍ، وما أنا إن كَفَرْتُها بِشَكُورٍ، وماندمت عليها إن لم أعتبك منها، ربي لك العُتْبَى لَكَ العُتْبَى بما تُحِبُّ وتَرْضَى، فهذه يَدِي وناصيتي، مُقِرٌّ بِذَنْبِي، مُعْتَرِفٌ بَخَطِيْئَتي، إن أنكِرُها أكْذِبْ، وإن أعترفُ بها أُعَذَّب، إن لم يَعْفُ الربُّ ويَغْفِرِ الذَّنْبَ، فإن يغفرْ فَتَكَرُّماً، وإن يُعَذِّبْ فبما قَدَّمَت يَدَايَ، وإن اللّه ليس بظلام للعبيد، فهو المُسْتَعَان لايزال يَعِيْنُ ضَعِيْفاً، ويُغِيْثُ مُسْتَغِيْثاً، ويُجِيْبُ داعياً، ويَكْشِفُ كَرْباً، ويَقْضِي حاجةَ ذي الحاجةِ في كل يوم وليلة.
أجل أجل أنت كذاك، وخَيْرٌ مِنْ ذَاكَ.(1/265)

53 / 55
ع
En
A+
A-