وقال: ?قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِيْ جَاءَ بِهِ مُوْسَى نُوْراً وَهُدًى لِلْنَّاسِ?[الأنعام: 91]. فجعل اللّه الكتب التي أنزلها كلها هدى للناس، وجعل لها من ذرية إبراهيم أهلا تعرفون ذلك لبني إسرائيل، ولا تعرفونه لآل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم.
قال الله عز وجل: ?وَلِيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيْلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيْهِ?[المائدة: 47].
وقال اللّه عز وجل: ?إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيْهَا هُدًى وَنُوْرٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيْئُوْنَ وَالَّذِيْنَ أَسْلَمُوْا لِلَّذِيْنَ هَادُوْا وَالربانِيُّوْنَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوْا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوْا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ?[المائدة: 44]، ثم قال لنبيكم صلى اللّه عليه وآله وسلم: ?وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِيْنَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يُؤْمِنُوْنَ بِهِ وَمِنْ هَؤْلاَءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ?[العنكبوت: 47].
ثم قال: ?الَّذِيْنَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَتْلُوْنَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُوْنَ بِهِ?[البقرة: 121] ومن هؤلاء من يؤمن به، ثم قال تعالى: ?وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الخَاسِرُوْنَ?[البقرة: 121] فَمَن أمته الذين يتلونه حق تلاوته؟ وهذه الأمة تختلف في تلاوته ويقتل بعضهم بعضاً عليه.
وقال: ?الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيْهِمْ ربهُمْ بِإِيْمَانِهِمْ?[يونس: 9]، ثم قال للذين آمنوا: ?إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُوْلُهُ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا الَّذِيْنَ يُقِيْمُوْنَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوْنَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُوْنَ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُوْلَهُ وَالَّذِيْنَ آمَنُوْا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الغَالِبُوْنَ?[المائدة: 55 - 56] فآل محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم فالمتولي الذي أنزل اللّه من البر والكتاب.(1/121)


فالله بيننا وبين من جحدنا حقنا وبغى علينا من يخالفنا فوضعنا على غير حقنا ، وقال فينا غير مانقول في أنفسنا، فمن برئ منا برئنا منه، ومن تولانا على ماوصفناه من الحق توليناه من أهل هذه القبلة.
قال اللّه عز وجل: ?فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوْا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوْا اللَّهَ وَاعْلَمُوْا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِيْنَ?[البقرة: 194]، فلا عدو أعدى ممن اعتدى على أقوام من أهل بيت نبيكم وذريته، وهم متبعون له ومتمسكون بالكتاب الذي جاء به، حسبنا اللّه ونعم الوكيل. ?سَيَجْعَلُ اللّه بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً?[الطلاق: 7]، ?إِنَّ اللّه مَعَ الَّذِيْنَ اتَّقَوْا وَالَّذِيْنَ هُمْ مُحْسِنُوْنَ?[النحل: 128]، وقال: ?وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّه فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدْراً?[الطلاق: 3].
والحمدلله رب العالمين وصلى اللّه على خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين.
[تم بحمد لله كتاب الصفوة](1/122)


كتاب تثبيت الإمامة
سند الكتاب
قال الإمام الحسن بن بدر الدين في ((أنوار اليقين)): حدثنا القاضي الأجل يحيى بن عطية، قال حدثنا الفقيه الأجل حَبْر المدارس وصدر المجالس حسام الدين زين الموحدين حميد بن أحمد أدام اللّه علوه، بعضه إجازة وبعضه سماعاً، قال: حدثنا الفقيه الأجل العالم الزاهد العابد بهاء الدين علي بن أحمد بن الحسين بن مبارك الاكوع رضوان اللّه عليه، قال: حدثنا الشيخ الأجل العالم الفاضل الصالح أبو علي سعيد بن صالح السُّمانة الكوفي الزيدي أيده اللّه تعالى بمكة حرسها اللّه تعالى بظهور الحق وأهله، قال: حدثنا الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزيدي [قال: حدثنا الشيخ أبو علي الحسن بن علي] بن مُلاَعِب الأسدي المُفَسِّر، قال: أخبرنا السيد الشريف تاج الدين أبو البركات عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي الحسني إجازة، قال: أخبرنا السيد الشريف العلامة أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي رضي اللّه تعالى عنه، قال: أخبرنا أبي رضي اللّه عنه، قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن سعيد الرَّقي قراءة عليه سنة ست وخمسين وثلاثمائة، قال: حدثنا محمد بن علي بن خَلَف العَطَّار، قال: حدثنا محمد بن مروان القطان، عن إبراهيم بن الحكم بن ظهير، عن أبيه،
عن السدي، أن أبا الحسين زيد بن علي قال:(1/123)


مقدمة في معرفة الْمَرْجَع عند الاختلاف
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا قولُ مَنْ خاف مقام ربه واختار لنفسه دِيْنَه ، وأطاع اللّه ورسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم، واجتنب الشكَّ واعتزل الظنَّ، والدَّعَوَى، والأهواء، والشُّبُهَات، والرأي، والقياس، وأخذ عند ذلك بالحق من طاعة اللّه وطاعة رسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم: بالحُجَّةِ البالغة، والثِّقَةِ واليقين، فاحتج بذلك على من خالفه وحَاجَّه، ويرى الواجبَ: ما جاء به الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، وما اجتمعت عليه الأمة بعد الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، مِنْ كِتَابِ اللّه تعالى وسُنَّة نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم، وترك ما قالت الأمَّةُ برأيها، فليس ما قالت الأمَّةُ برأيها فاختلفت فيه بثَقَة ولا يقين ولا حُجَّة، لأن الرأي قد يخطئ ويصيب، وما كان يخطئ مرة ويصيب مرة فليس بحجة ولا يقين ولا ثقة.
وذلك أن الأمة اجتمعت على أن النبي - صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم - وأصحابه البدريين اجتمعوا يوم بدر، حيث شاورهم النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم في أسرى أهل بدر، فاتفق رأيهم ورأي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أن يقبلوا الفداء من الأسارى، وكان ذلك الرأي من النبي صلى اللّه عليه وآله وأصحابه البدريين صواباً، وقد كان خطأً عند اللّه عز وجل ، حتى نزَّل على نبيه صلى اللّه عليه وآله وسلم: ?مَاكَاْنَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ أَسْرَىْ حَتَّىْ يُثْخِنَ فِيْ الأَرْضِ تُريدُوْنَ عَرَضَ الْدُّنْيَا وَاْللَّهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاْللَّه عَزِيْزٌ حَكِيْمٌ لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيْمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ فَكُلُوْا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقوْا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُوْرٌ رَحِيْمٌ? [الأنفال:67 - 69].(1/124)


فالذي يخطئ مرة ويصيب مرة ليس بيقين ولا حجة ولا ثقة؛ ولكن الحجة عند اللّه الطاعة لله ولرسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم، وما اجتمعت عليه الأمة بعد الرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم.
وقد بين اللّه تبارك وتعالى في كتابه فقال: ? مَنْ يُطِعِ الْرَّسُوْلَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّىْ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيْظاً? [النساء: 80]، والآخذون بما جاء به الرسول صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم من كتاب اللّه والسُّنَّة، مطيعون لله وللرسول صلى اللّه عليه وآله وسلم، مستوجبون من اللّه تعالى الكرامة والرضوان، والتاركون لذلك عاصون لله ولرسوله صلى اللّه عليه وآله وسلم مستوجبون من اللّه تعالى العذاب.(1/125)

25 / 55
ع
En
A+
A-