جواب سؤال
ومن جواب له عليه السلام قد سقط أوله: وصعده الجوف والمغرب إلا أمثل من وجدت من أصحابي، وأمرتهم أن يولوا مَن تحتهم أمثل من يجدون، وما انتهى إلي علمه مما لا يجوز أَزَلْتُه، فإن علمتم أحدا أمثل منهم فأعلموني لأوليه إن شاء الله، فإن لم أفعل كان حينئذ بعرف الغرض، وأنا أعتقد أن هذا فرضي, وحسابهم على ربي.
الفصل الثالث: وهو في الرعية وما يختص بها،
والأصل في ذلك أني أعتقد أنه يجب علي ويجوز لي أن أدفع ببعض أموالهم عن بعضها، وبأموالهم كلها عن أرواحهم، وبأرواحهم وأموالهم عن أديانهم، وهو نص كتاب الله تعالى, وسنة رسوله صلى الله عليه وآله.
فأما المساواة بينهم فقد أمرت بذلك, ووقع العمل بحسبه، إلا أن يكون كبير قرية يَصلُح أمرهم بصلاحه، ونعطيه حاله فعندي أن ذلك يصح.
وأما الفروق فقد أمرت أيضا بإحصائها, ودفع كل إنسان على ما في يده, صاحبُ الدولة وسواه.
وأما الحركة بهم إلى البلاد فهو يجوز لي أن أخرج بهم إلى بلاد الصلح، وإلى مواضع الجهاد.
وأما قول حضرته أنه لا يقع عنهم تخفيف, ولا يصل إليهم منه شيء، فهذا أيضا من قلة الخبرة والمعرفة، لأن الوجهين كليهما واقعان.
أما المحصول فأقل ما يصير إلى الواحد منهم في الشهر الخمسة الدنانير إلى العشرين دينارا كل إنسان على منزلته ونفعه من الخطط والشحاذات والهبات، ولا يجب علينا أن نعرَّفهم به.
وأما التخفيف فمن أين انعمرت الحصون وشحنت؟! وإلا فكان يقع من الخلل على الإسلام والمسلمين مالا ينجبر، لأن الحال توجب المطالبة لهم. فأما ضعف(1/71)


البلاد من قلة الأمطار فلسوء نياتهم, ومعرفة الباري تعالى بمصلحتهم, ووقعت الضرورة إلى قبض ما أمكن منهم على هذه الحالة، فإن وقع الإجماع من المسلمين فنحن نفعله إن شاء الله تعالى، والله قَسماً ما نقول ذلك استهزاء بل صدقا.
فأما الإعطاء من هذه الأموال والمنع في الكثرة والقلة، فلا شك أن أحوال الناس تختلف، فمنهم من يعلم أنه يسد مسد اثنين أو ثلاثة أو أربعة, بشرط أنه يعطى ما يأخذ اثنان أو ثلاثة أو أربعة، فأعطيناه هذا القدر وساغ لنا وهو مدين في أخذه، ومن علمنا أيضا من حاله أنه أن لم يعط القدر الذي نعطيه _مال _على المسلمين، وكان ضرره عليهم أكثر من ضرره في القدر الذي نعطيه.
فأما أفعال أهل البيت عليهم السلام في التزهد فليست توجب التحريم, مع أنا قد فعلنا أبلغ مما فعله المؤيد رضي الله عنه، لأنه أعطى ولده شيئا من بيت المال، ولم نعط أحدا من أولادنا قليلا ولا كثيرا، وهو الذي يمكننا التحكم فيه، ولو أمكننا أن المسلمين يجاهدون عن هذا الدين بغير دينار ولا درهم، ويحفظون هذه المعاقل التي للإسلام والمسلمين لما أخذنا دينارا ولا درهما، والله تعالى يعلم الصدق في ذلك والنية.
ثم بيان ذلك أن كل أمر أشكل على حضرته, أو ادعاه أحد من المسلمين، فيدعونا إلى حكم الله تعالى, فما وجب علينا بالشريعة النبوية أمضيناه والتزمنا به. فأما أنا نفعل في نفوسنا شيئا لم يدَّعِه علينا مدَّعٍ ولا اعتقدنا وجوبه، فهذا مما لا يعقل.
---(1/72)


وأما قول حضرته في أنه صح عنده أن إنسانا من الرعية فعل فيه كذا وكذا، وحرص عليه أكثر من ماله, فهو يعلم أن القياس في ذلك لا يصح في جميع الرعية، وإنما إذا صح عند حضرته شيء فليقل: صح عندي في أمر فلان بن فلان ما هو كذا وكذا، وينبغي أن يُفعل في حقه كذا وكذا. فحينئذ يجب علينا أن نفعل ذلك بمقتضىحكمه, فهو يعلم أنه لا يلزم أن نأمر برفع الحروص كلها لأجل ما وقع على ذلك الرجل, وهو يعلم أن تحصيل الظن بالمسلمين هو من الأصول الواجبة، ويعلم _أبقاه الله _ أن هذا الأمر الذي نحن فيه ما نريد فيه بطرا ولا تجبرا ولا ذكرا لدنيا، بل نريد به سلامة الأديان وحماية لأهل هذا البيت الشريف، والدفع عن المسلمين بكل وجه, بأنفسنا وأموالنا وأهلنا ومن يتعلق بنا، لأنا نعلم أنه لا ينبغي أن نقدم أرواح المسلمين ونؤخر أرواحنا, ولا أن نقدم أموالهم ونؤخر أموالنا، ولنا بذلك الفوز والنجاة إن شاء الله تعالى، ? وما أبري نفسي أن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي وإن ربي غفور رحيم } .
وحضرته يعلم أنه لاتعدم الهفوة منا, ثم ممن دوننا إلى منتهاه، لأن العصمة مخصوصة بمن تعرف، فعند معرفتها لا يتركها لا منا ولا ممن دوننا بحمد الله تعالى وفضله, وما يستر سبحانه أكثر, وما يعفو عنه سبحانه أبلغ, ولو عددنا ما في السَّيَر من وقت رسول الله صلى الله عليه وآله إلى اليوم لطال الشرح في ذلك، ونحن نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لنا والهداية إلى طريق النجاة.
وعجبنا من قول حضرته أيضا في الأيام الماضية إنه لم يكن حرب ولا وقع تخفيف عن الرعية، ولم ندر كيف تَصوَّر ذلك _ أبقاه الله تعالى _إذا كان الجند والديوان معدين بالجرية كل شهر لشهره, والحصون ومن فيها كذلك, وعماراتها وشحنها لم تنقطع, غير ما استئونف منها لحادث إن حدث مثل ما قد رأت حضرته.
---(1/73)


ونحن نجيب في هذا بمثل جوابنا الأول, إذا وقع الإجماع على أنا نفسح للجند والديوان ولأهل الحصون أو للبعض، ثم يكون عند أن يبدو بادي من العدو, نطلب من الناس الأموال ونستخدم بها فلا بأس، هذا إذا أمكن منهم تسليم في ذلك, ولا بد من تفصيل ما ذكرناه مجملا، لأن يكون هو وكافة المسلمين من أمورهم على معلوم إن شاء الله تعالى، وهو المسؤل أن يصلحنا ويوفقنا ويثبتنا، ويصلي على محمد وآله والسلام.
جواب مسائل ابن معرف
وقال الإمام أحمد بن الحسين عليه السلام في جواب مسائل ابن معرِّف ما لفظه: المسألة الثانية في باب الخلاص الذي يطلبه الناس عما لزمهم من المظالم، وما تفاوت من الزكوات والأعشار، وهذه المسألة مسألة كبيرة, وتفتقر إلى بسط وتفصيل، والذي يصح من الخلاص ونعتمده فيما فعلناه مع الناس في ذلك أحد وجوه ثلاثة:
إما أن يكون الطالب لذلك ممن يُقصد تأليفه, لمنفعة تعود على الإسلام, أو دفع مضرة عنه، فيفعل له ذلك قبضا وردا، لأنه يجوز لنا أن نتألفه للدين بما في أيدينا، فكيف بما في يده؟!
والوجه الثاني: أن يكون في يد الطالب مال فيطلب الخلاص فيما ذكره، فنعلم أو يغلب في ظنوننا أن قبض هذا المال ورده عليه وكونه في يده, أنفع للإسلام وأهله من أن يكون فقيرا، فيفعل له ذلك, ونتحرى في ذلك الأمارات التي يُعمل عليها في الاجتهاديات.
الوجه الثالث: أن يتفضل الإمام بشيء مما يملكه على هذا الطالب، فيملَّكه إياه, ويصرفه عنه بوكالته في مصرف هذه الحقوق، فهذا هو كيفية ما نحن نعتمده في تخليص الناس. الشيخ عطية النجراني
عطية بن محيي الدين محمد بن أحمد النجراني , الصعدي , من كبار علماء الزيدية , مفسر , فقيه , ولد سنة 603هـ وعاش بمدينة صعدة , وعاصر الإمام المهدي لدين الله أحمد بن الحسين , واعترض عليه في بعض الأمور , منها أخذه المعونة في الحرب , ولما دخلت جيوش الإمام المهدي فر بنفسه , وفاته في جمادى الأولى سنة 665ه بصعدة , وقال ابن أبي(1/74)


الرجال: علاّمة , متضلع بحَّاث و مطلع , ل‍ه في الفقه مقالات مشهورة , ولأهل بيته عدة كتب مصنفة في الإسلام نافعة .
ومن مؤلفاته:
1- البيان في التفسير .
2- المذاكرة في الفروع .
3- الجامع لقواعد دين الإسلام .
4- تنبيه المتدرسين في فقه الأئمة الراشدين شرح منظومة ددر القلائد ونكت الفرائد لصالح بن منصور الكوفي .
(1/71)(1/75)

15 / 16
ع
En
A+
A-