فإن ذكرتَ عنده القرابهْ....وفضلَهم بالعلم والنجابهْ
أجاب لا مبرهناً جوابه....جواب ذي عجز عن الإجابهْ
مجانب لمنهج الإصابهْ....مكشر في وجههِ صلابهْ
يقول ما تقول في الصحابهْ....فأيهم سد النبي بابهْ
وما الذي من فضلهم تشابه....فحارَ فيهم فكره ورأيهْ
وأيهم أدنى إليه في النسب....فرعان عن صنوين مِنْ أمٍّ وأبْ
ولم يزل يحنو إليه مُنْذُ دب....معلماً ملقناً له الأدبْ
لكي يكون مرتضى كما أحب....فلم يدنس عرضَه مسُّ الريبْ
وأيهم لدا الخطوب والخطب....يشهد بالفضل له كل العربْ
إلا الذي جلى الهموم والكرب....عن النبي في الوغى لا من هربْ
هل في وصي المصطفى المعصوم شك....سادس أخيار موفيهم ملكْ؟
وعترة كمثل أنجم الفلك....يفوز من لنهجهم طوعاً سلك
من لم يكن مستمسكاً بهم هلك....ليسوا كمن أسلافهم لهم شَرَكْ
وخائني نبيهم فيمن ترك....والغاصبين إرثهم حتى فدكْ
والمهدري دماءهم لمن سفك....فأيهم يجوز فيه أن يشُك؟
من لم يميز بينهم فقد رزي....ورام أن يحظى بأمر معوز
ليس المنى لخائف بمحرزِ....ولا الذي أيقن كالمجوزي
فاسمعْ لنصح ذي مقال موجزِ....وقل لمبدي رفضه والملغزِ
ليس الغلاطُ في المرا بمعجزِ....فانظر بعقل ثاقب مميزِ
كم بين من إلى الكتاب يعتزي....ومن بزخرف الشيوخ يجتزي(1/451)


إنَّ الشيوخَ المترفينَ في الدولْ.... والموهمين أنهم فوضىً هملْ
ما دينهم أكثره إلا حيل.... وشاهدُ الثباتِ في صدقِ العملْ
فعالمٌ ضلَّ وأغوى من أضلْ.... وراهبٌ للسحت بالصد أكل
وكلُّهم برفضهم نالوا الأملْ.... من لم يكن محارباً منهم خَذلْ
وشرُّهم مكيدةً من اعتزل.... وزخرف القول وسماه جمل
أو خاض في العلم بوهمٍ مغرقِ.... مجاوزٍ لحدِه مدققِ
مغلغلِ في لجةِ التعمقِ.... وتابعٍ لأهل علمِ المنطقِ
في وصفه للعلم بالتعلق.... بثابت من قبل أن لم يخلقِ
وفي اشتراك مبدع ملفق.... في اللفظ بالذات ووصف مطلقِ
ليثبت التجنيس للمحقق.... والفصل بالتنويع للمفرقِ
وكي يقيس ربه بشاهد.... من يقرن الذات إلى الزوائد
ويوهم التفريق بالفوائدِ.... معولاً على قياس فاسدِ
لبعض أوصاف القديم الواحدِ.... سبحانه عن فرية المناددِ
وعن قياس كل غاو عاندِ.... ينظر في الصانع كالمشاهدِ
وليس في قياسه بواحدِ.... إلا لمجبول على التزايدِ
وما الذي ألجأهم إلى الخطرْ.... والخوض في علم الغيوب بالنظرْ
وما يقال فيه للمخطي كفرْ.... وفي النبي أسوة ومعتبرْ
وقدوة محمودة لمن شكرْ.... ولم يخالف بالوهوم ما ذكرْ
فإنه في الفكر لله حظرْ.... وفي عجيب الصنع بالفكر أمرْ
فمن يكون بعده من البشرْ.... أدرى بما يأتي به وما يذرْ(1/452)


مدينةٌ في سوحها العلم ثوى....وقوله عن ربه إذا روى
فمَنْ حوى من العلوم ما حوى....ومَن يكون وعظه هو الدوا
لداءِ كل جاهل إذا ارعوى....إلا الذي أخلاقه لا تجتوا
ولم يَفُه بعلمه عن الهوى....ولا ادعاه ضلة ولا غوى
لكن به أوحى إليه ذا القوى....فهل يكون الوحي والخرصُ سوا؟
أم النبي بالإله أعلمُ؟....أم لم يكن موحداً أم يكتمُ؟
بل علمه مستيقن محكمٌ....على عقول الناظرين يحكمُ
وهو الذي عنه الفروض تعلمُ....ثم الوصي بعده المقدمُ
وآله للعالمين أنجمُ....من خص بالعلم الصحيح منهمُ
فقل لمن توحيدهم توهمُ....أرافض الهادين أدرى أم همُ؟
ليس الإله الواحد القدوسُ....كما يظنه الذي يقيسُ
من وصفه التشريك والتجنيسُ....بل قولهم مشارك تلبيسُ
إذ كل فكر دونه محبوسُ....وكل ما تخاله النفوسُ
فمدرك مكيف محسوسُ....فاحذر شيوخاً علمها تنميسُ
وهمها التدقيق والتدليسُ....قد حازها دون الهدى إبليسُ
فحكَّموا حَدْسَ الظنونِ الخائبهْ....واستنتجوا مقدمات كاذبهْ
عن القديم للمديح سالبهْ....فأنتجتْ لهم وهوماً ثالبهْ
مجهولة عن الصوابِ ناكبهْ....مخالفاتٍ للعقول الثاقبهْ
إلا عقولاً في الضلال ذاهبهْ....لخاشعاتٍ عاملاتٍ ناصبهْ
من فرقةٍ عَن الهدى مجانبه....قد جاوزوا حدَّ الفروض الواجبهْ
وألحقوا في علمه زيادهْ....حددها إدراكه إفادهْ
وميزوا الغيبَ عن الشهادهْ....وأثبتوا أيضاً له إرادهْ
من عرض قَدْ أوجبوا انفرادهْ....مخلوقة ولم تكن مرادهْ
وطال ما أجرى الغلو عادهْ....وأظهروا التزيين بالعبادهْ
مشائخٌ أكابرٌ وسادهْ....أضحوا إلى سبل الضلال قادهْ(1/453)


أَمِنْ فروضِ العلمِ بالتوحيدِ....وصف الإله الواحد المجيدِ
بالنوع والتجنيس في التحديدِ....وذاته بواجب المزيدِ
مخصص ومقتضى مفيدِ....وعلم ما يدرك بالتحديدِ؟
هل بعد ذا لطالب التحديدِ....وطالب التشبيه والتعديدِ
من مطلب يا مؤثر التقليدِ؟....فانظر بفكر سالم سديدِ
ما الفرق بين مقتضي وعلهْ....وزائد وكثرة وقلهْ
إلا اصطلاح سادةٍ مضلهْ....قد سلكوا في طرقٍ مزلهْ
فاقنع بنحلة النبي نحلهْ....قنوع ذي دين مسلم لهْ
فالمصطفى من أهل كل ملهْ....أعلم بالمدلول والأدلهْ
وبالفروض الواجبات لله....والشيخ أدنى أن يكون مثله
فانظر بعين ناقد بصيرِ....مستبصر في البحث للأمورِ
وموضع التلبيس والتغريرِ....من علم كل رافض نحريرِ
مجوز للصلح بالتغييرِ....والقلب والتحريف في التعبيرِ
وما حكوا من موجب التأثيرِ....والوصف للصانع بالتكثيرِ
وما ادعوا في قسم الحصورِ....وفي شروط الحد للمحصورِ
للشيخ من نشر العلوم الفائضهْ....أظهرها قالوا وكانت غامضهْ
وإنما تلك العلوم الغامضهْ....فاعلم وهوم في النفوس عارضهْ
فيما ورا حد العقول خائضهْ....وبعضها للبعض منها ناقضهْ
وحجةُ الغالينَ فيها داحضهْ....فارفض شيوخاً للهداة رافضهْ
وللمُوالي للوصي باغضهْ....وبالضلال للهدى معارضهْ(1/454)


في الجمع للإفراط والتفريطِ....بكل قول واضح التخليطِ
فاعرف مثال الخدع بالتغليطِ....عرفان ذي علم به محيطِ
فيما ادعوا للجوهر البسيطِ....في ذاته والمقتضى المشروطِ
بما به أفتوا من الشروطِ....ومنعه عن رتبة التوسيطِ
إذا التقت جواهر الخطوطِ....كلؤلؤ ينضم في سموطِ
واسمع لما أحكيه يا عذولُ....فإنه من قولهم منقولُ
جواهر العالم لا تحولُ....وكلها في صفة تزولُ
بعرض ما إن له حلولُ....وأي وهم فيه لم يجولوا
وما الذي بالخرص لم يقولوا....في كل ما تنكره العقولُ
لم يقضه الله ولا الرسولُ....وذكر كل قولهم يطولُ
وأحدثوا في الفقه رأياً يبتدعْ....فأصبحوا كمثل أحزاب الشيعْ
كلُّ امرءٍ لرأيهِ قَدْ اتبعْ....خوفاً من الجهل وفي الجهل وقعْ
ومنهم لمذهبين قد جمعْ....مُظَهِّراً تشيعاً به خدعْ
ولو وعوا من النبي ما شرعْ....ومن حبا بإرثه ومن منعْ
لأيقنوا أنّ الهدى فيما وضعْ....لا في الذي دانوا به من البدعْ
في كل قول حادث مخروصِ....والجعل للعموم كالخصوصِ
ليوهموا التشكيك في النصوصِ....مكيدة للأفضل المخصوصِ
وما لهم عن رتبة المنقوصِ....ورتبة المفضول من محيصِ
إلا إلى الإنكار والنكوصِ....وكونهم في العلم كاللصوصِ
لكل ما في الذكر من تخصيصِ....فهل لهم في ذاك من ترخيص؟
بل أُعجِبوا بعلمهمْ فاستكبروا....وكم لهم من بدعةٍ لو فكروا
لمثلها ممن عداهم أنكروا....وفَسَّقوا مَنْ قالها وكفَّروا
وكم إمام عاصروا لم ينصروا....بل ثبَّطوا عن نصره ونفَّروا
وأوهموا بأنه مقصر....ثم استعاضوا خمسةً واستشوروا
وقدموا برأيهم وأخروا....وخبْرُهم يعرفُهُ من يخبرُ(1/455)

91 / 94
ع
En
A+
A-