[بيان اعتقاد أهل البيت(ع) في أبي بكر وعمر وعثمان]
وقوله: اعلم أن كافة أهل البيت الطاهرين، ذرية خاتم النبيين - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -، يدينون ويعتقدون أنه لا نجاة لأبي بكر وعمر وعثمان إلا بخلوص ولايتهم فيهم؛ لأن الله تعالى أوجب محبتهم على جميع المكلفين وهم منهم.
وقوله: لو لم يتقلد الأمر أبو بكر ما تأهل له عمر، ولو لم يتقلده عمر ما طمع فيه عثمان، ولولا تقلده عثمان لم يطمع فيه معاوية ومن تبعه من جبابرة بني أمية، ولولا أخذه جبابرة بني أمية ما تقلده بنو العباس.
وقوله في شرح الرسالة الناصحة: ولم يعلم بين هذه العترة الطاهرة اختلاف في ثبوت الإمامة لمن قام من [ولد] أحد البطنين الطاهرين الحسن والحسين - عَلَيْهم السَّلام - وهو جامع لخصال الإمامة إلى أيام المأمون، وتصنع في عمل مذهب الإمامية يريد بذلك تفريق الشيعة والعترة، وأطلق الأموال الخطيرة، لمن يعلم منه الإلحاد، وشدة كيد الإسلام؛ فصنفوا في ذلك كتباً ظاهرة السقوط والبطلان.
[جواب للإمام(ع) عمن سأله عن حكم من قال: أنا أقدم علياً (ع) وأرضَّي عن المشائخ وهل تجوز الصلاة خلفه؟]
وقوله - عَلَيْه السَّلام - في بعض أجوبته الموجودة بخطه: وسألتَ عمن يرضّي عن الخلفاء، ويحسن الظن فيهم وهو من الزيدية، ويقول: أنا أقدم علياً - عَلَيْه السَّلام - وأرضي عن المشائخ ما يكون حكمه، وهل تجوز الصلاة خلفه؟(1/401)
الجواب عن ذلك: أن هذه مسألة غير صحيحة فيتوجه الجواب عنها؛ لأن الزيدية على الحقيقة هم الجارودية، ولا يعلم في الأئمة -عَلَيْهم السَّلام - من بعد زيد بن علي - عَلَيْه السَّلام - من ليس بجارودي، وأتباعهم كذلك، وأكثر ما نقل وصحّ عن السلف هو ما قلنا [من التوقف] على تلفيق واجتهاد، وإن كان الطعن والسبّ من بعض الجارودية ظاهراً، وإنما هذا رأي المحصلين منهم، وإنما هذا القول قول بعض المعتزلة يفضلون علياً - عَلَيْه السَّلام - ويترضون عن المشائخ؛ فليس هذا يطلق على أحد من الزيدية.
ولأنا نقول: قد صح النص على أمير المؤمنين - عَلَيْه السَّلام - من الله و[من] رسوله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - وصحت معصية القوم وظلمهم وتعديهم لأمر الله سبحانه، وإن كانت جائزة المعصية والترضية فما أبعدَ الشاعرُ في قوله:
[إن كان يجزى بالخير فاعله.... شراً ويجزى المسيء بالحسن]
فويل تالي القرآن في ظلم الليـ.... ـل وطوبى لعابد الوثن
ومن حاله ما ذكرت لا يعد في الزيدية رأساً، وإنما هذا [القول] قول بعض المعتزلة، وصاحب هذا القول معتزلي لا شيعي، ولا زيدي..إلى قوله: والاحتراز من الصلاة خلف من يقول بذلك أولى.(1/402)
[ذكر جملة ما حكاه الإمام المنصور بالله (ع) من أقوال فضلاء العترة في مدح العترة وذم مخالفهم]
وأما الفصل الرابع: وهو في ذكر جملة مما حكاه من أقوال فضلاء العترة في معنى ذلك
[كلام أمير المؤمنين(ع) في الحض على التمسك بأهل البيت(ع)]
فمن ذلك: حكايته في شرح الرسالة الناصحة عن أمير المؤمنين - عَلَيْه السَّلام - أنه قال: (أيها الناس، اعلموا أن العلم الذي أنزله الله على الأنبياء من قبلكم في عترة نبيكم، فأين يتاه بكم عن علم تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة، هؤلاء مثلها فيكم، وهم كالكهف لأصحاب الكهف، وهم باب السلم فادخلوا في السلم كافة، وهم باب حطة من دخله غفر له؛ خذوها عني عن خاتم المرسلين حجة من ذي حجة قالها في حجة الوداع: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض))).(1/403)
[كلام فاطمة(ع) الذي لقِيَت الله تعالى عليه في مدح العترة وذم مخالفيهم]
وحكايته في الشافي لكلام فاطمة - عليها السلام - مع من زارها من نساء المهاجرين والأنصار، الذي منه قولها: (أصبحت والله عائفة لدنياكم، قالية لرجالكم، شنئتهم بعد أن سبرتهم، ولفظتهم بعد إذ عجمتهم، فقبحاً لفلول الحد، وخور القناة، وخطل الرأي، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، ويحهم لقد زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين، والطيبين لأهل الدنيا والدين، وما نقموا من أبي حسن؟
إلى قولها: (ولكن كذبوا وسيعذبهم الله بما كانوا يكسبون، ألا هلممن فاسمعن وما عشتن أراكن الدهر عجباً، إلى أي ركن لجأوا، وبأي عروة تمسكوا؛ لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلاً، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم، والعجز بالكاهل، وبعداً وسحقاً لقوم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون).
قال الإمام - عَلَيْه السَّلام -: فهذا قول فاطمة - عليها السلام - الذي لقيت عليه الله سبحانه؛ فلم نتعد طريقة من يجب الاقتداء به من الآباء والأمهات - عَلَيْهم السَّلام -.(1/404)
[كلام الإمام الحسين(ع) مع أعوان عمر بن سعد من أهل الكوفة]
وحكايته - عَلَيْه السَّلام - في شرح الرسالة الناصحة لكلام الحسين بن علي - عَلَيْه السَّلام - مع أعوان عمر بن سعد من أهل الكوفة في اليوم الذي استشهد فيه رحمه الله الذي منه قوله: (تباً لكم أيتها الجماعة وترحاً، أحين استصرختمونا ولهين متحيرين؛ فأصرخناكم موجزين مستعدين، سللتم علينا سيفاً في رقابنا، وحششتم علينا نار الفتن جناها عدوكم وعدونا، فأصبتحم إلباً على أوليائكم، ويداً عليهم لأعدائكم، بغير عدل أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، إلا الحرام من الدنيا أنالوكم، وخسيس عيش طمعتم فيه، من غير حدث كان منا، ولا رأي يقيل، فهلا لكم الويلات تجهمتمونا والسيف لم يشهر، والجأش طامن، والرأي لم يستخف، لكن أسرعتم إلينا كطيرة الذباب، وتداعيتم كتداعي الفراش؛ فقبحاً لكم وترحاً فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرفي الكتاب، ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الأنبياء، ومبيدي عترة الأوصياء).(1/405)