وقوله: مُتْ غيظاً أيها المخالف إن كنتَ رافضياً لأهل البيت - عَلَيْهم السَّلام - الذين أوجب الله سبحانه عليك الصلاة عليهم في الصلاة، وذكر أبيهم في الأذان، وأوجب عليك مودتهم في القرآن، إلا أن تظلم رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - أجره على الهدى والبيان، قال الله سبحانه وتعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى:23]، وقال لنبيه - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: {وَءَاتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء:26]، فآتاهم الخمس عوضهم الحكيم سبحانه إياه عن الزكاة، فعلم الناس مراد الحكيم في المودة مع أنهم قد سألوه مَنْ قرابته الذين أمرهم الله تعالى بمودتهم؛ فقال: ((فاطمة وأبناؤها)).
والرافضي عند أهل البيت - عَلَيْهم السَّلام -: هو منكر فضلهم، وجاحد حقهم، كما أن الناصبي عندهم: من حاربهم لا يجهل ذلك أحد منهم، ولا من أتباعهم البررة العلماء - عَلَيْهم السَّلام وعلى أتباعهم الرحمة -.(1/396)


وقوله: ألا ترى أن العترة إذا أجمعت على حكم من الأحكام، وخالفهم فيه جميع الخلق لم يسغ لهم خلافهم عند أهل البصائر، وردتهم الأدلة إليهم صاغرين، ومتى أجمعت الأمة أسودها وأحمرها وخالفهم واحد من أهل البيت - عَلَيْهم السَّلام - على قول ساغ له خلافهم ولم تصح [دعوى] ادعاء الإجماع في تلك المسألة على قول الكافة، وهذا غاية الاختصاص بالشرف الكبير، والتمييز بالفضل العظيم.
وقوله في شرح الرسالة الناصحة: فإن قيل: إن إنكار الفضل للنسب هو قول الشيخ، وهو عابد كما تعلمون. قلنا: نوم النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - خير من عبادته، وقوله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - أولى بالاتباع من قوله، وقد قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور:63]، وخوفنا من مخالفة النبي - عَلَيْه السَّلام - ومخالفة عترته، ولم يخوفنا من مخالفة الشيخ ولا غيره، ممن تنكب منهاجهم؛ لأن النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - كان لا يقول شيئاً من تلقاء نفسه، وإنما يقول ما أوحي إليه من ربه، وقد قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى(3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى(4)} [النجم]، والشيخ قال ما قال من تلقاء نفسه.(1/397)


وقوله في الرسالة الناصحة للإخوان، بعد ذكره لشروط الاجتهاد، وشروط من يصح أن يجتهد: وأهل البيت - عَلَيْهم السَّلام - أحق بذلك؛ لأن الرجوع إليهم واجب لما ظهر من الأدلة بما قدمنا، ولأن اتباع آحادهم من العلماء، تكون النفس إليه أسكن، والظن لإصابته أغلب، والدليل على وجوب اتباع الإمام منهم قائم، وهو الأمر بطاعته في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، وأولوا الأمر هم الأئمة - عَلَيْهم السَّلام -.
وقوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ} [النساء:83]، والطاعة تشمل ذلك، وقد أمر بالرد إليه، والأمر يقتضي الوجوب.
ولأن قضاياه أحكام، وقضايا غيره فتاوى، والحكم يسقط الفتوى؛ فإن كان وقت فترة فاتباع عالمهم أولى.(1/398)


وقوله في شرح الرسالة الناصحة: واعلم أن من تأمل في أحد الأدلة فضلاً عن مجموعها إما في دلالة العقل، أو في كتاب الله سبحانه، أو في سنة الرسول، أو في إجماع الأمة، أو العترة، أو تتبع أقوال الأئمة - عَلَيْهم السَّلام - علم صدق ما قلناه، ولكن وأين من يترك يصل إلى ذلك، ويمنعه [من] ذلك إيجاب الرجوع إلى قول الشيخ.
وقوله: للدين قواعد لا يستقيم إلا عليها، وغايات لا ينتهي إلا إليها، [و]تفضيل أهل البيت - عَلَيْهم السَّلام - قواعده، والاقتداء بهم غاياته؛ فمن بنى على غير قاعدة انهار بناؤه، وتهافتت أركانه، ومن جاوز الغاية ضل سعيه، وكانت النار سبقته.
وقوله: فأعداء أهل البيت - عَلَيْهم السَّلام - الذين كانوا ربما اعترفوا بفضلهم في بعض الحالات يكونون أهون جرماً ممن ظاهره الدين، وباطنه الانتقاص لعترة محمد خاتم النبيين - صلوات الله عليه وعليهم أجمعين -.
ألا ترى أن من ناصبهم من بني أمية وبني العباس، لم يمكنهم صرف بواطن الناس، عن هذه العترة الطاهرة، ولا أنس الناس بهم في ذلك، وظاهرهم الحرب [لهم] والعداوة فكلامهم فيهم غير مستمع، ومنكر فضلهم ممن ظاهره التقشف والإسلام والعبادة قد غر الناس بعبادته فصرفهم عن عترة نبيهم - صَلَّى الله عَلَيْه وعليهم- باعتقاده، فهو فتنة لمن اغتر به، ضال عن رشده؛ فكيده حينئذ يكون أعظم من كيدهم، وجرمه عند الله أكبر من جرمهم.(1/399)


وقد روي عن أمير المؤمنين - صلوات الله عليه - أنه قال: (قطع ظهري اثنان: عالم فاسق يصد الناس عن علمه بفسقه، وذو بدعة ناسك يدعو الناس إلى بدعته بنسكه).
[بيان الشيء الذي يجب عليه حمل كلام الأئمة(ع)]
وقوله - عَلَيْه السَّلام -: ربما احتجوا بقول يضيفونه إلى بعض آبائنا - عَلَيْهم السَّلام - جهلاً بأحكام الإضافة، وهو لم يصح، وإن صح وجب تأويله على موافقة كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -، وحجج العقول.
إلى قوله: فهذا الذي يجب عليه حمل كلام الأئمة - عَلَيْهم السَّلام - لئلا تتناقض حجج الله وبيناته، وينسب إلى أئمة الهدى - عَلَيْهم السَّلام - مخالفة نصوص الكتاب، وأدلة العقول.
[قول الإمام (ع) أن المفرق بين العترة الهادين كالمفرق بين النبيين]
وقوله في الشافي: ألم تعلم أن المفرق بين العترة الهادين كالمفرق بين النبيين.
وقوله - عَلَيْه السَّلام -: كيف تخالف الذرية أباها، وقد شهد لهم النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - بالاستقامة بقوله: ((إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).(1/400)

80 / 94
ع
En
A+
A-