وقال - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: ((من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً)).
وقال - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: ((مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى)).
وقال الإمام - عَلَيْه السَّلام -: لم يُخْتَلَفْ في صحة هذا الخبر، ولا في صدق راويه - وهو أبو ذر رحمة الله عليه-.
وقال - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: ((ليس أحد يفضل أهل بيتي غيري)).
وقال - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: ((قَدِّمُوهم ولا تَقَدَّمُوهم، وتعلموا منهم ولا تعلموهم، ولا تخالفوهم فتضلوا، ولا تشتموهم فتكفروا)).(1/371)
قال الإمام - عَلَيْه السَّلام -: وهذا نص في موضع الخلاف لا يجهل معناه إلا من خُذِل.
وقال - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها أكبه الله على منخريه في نار جهنم)).
وقال: ((إن عند كل بدعة تكون من بعدي يكاد بها الإسلام ولياً من أهل بيتي موكلاً يعلن الحق وينوره، ويرد كيد الكائدين؛ فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله)).
[ذكر شبه واعتراضات مما حكاه الإمام المنصور بالله (ع) عن المخالفين وأجاب عنها]
وأما الفصل الثاني: وهو في ذكر شبه واعتراضات مما حكاه عن المخالفين، وأجاب عنه
[شبه الخوارج في الإمامة والجواب عليها]
أما الشبه:
فمن ذلك: استدلال الخوارج بقول الله سبحانه وتعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ...الآية} [آل عمران:104]، وبقوله سبحانه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ(10)} [الواقعة]، وقوله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران:133].
وبما روي عن النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - أنه قال: ((أطيعوا السلطان ولو كان عبداً حبشياً)).(1/372)
أما آية الأمر بالجهاد؛ فأجاب - عَلَيْه السَّلام - عن ذلك: بأنه خطاب لبعضٍ أمرهم الله سبحانه بالجهاد خاصة؛ لأجل قوله: (منكم) ومن حرف تبعيض، وهم العترة بالأدلة الواضحة.
وأما آيتا المسابقة؛ فأجاب - عَلَيْه السَّلام - عن ذلك بجملة منها قوله: إن جعلوا الخطاب بالمسابقة دليلاً على الإمامة عاماً وجب تناولها لأهل العاهات والنساء والمماليك، وذلك خلاف ما وقع عليه الإجماع، وإن رجعوا إلى التأويل لم يكونوا أولى به من غيرهم، من غير دليل.
وأما الخبر: فأجاب عنه - عَلَيْه السَّلام - بجملة منها قوله: لفظ السلطان لا يفيد الإمام مطلقاً بغير قرينة لكونه مشتركاً، وكذلك لفظ العبد إذا أطلق أفاد في الشريعة نقيض الحر، والمملوك لا يصلح للإمامة؛ لأنه لا يملك التصرف في نفسه فضلاً عن غيره؛ فبطل تعلقهم بظاهر الخبر لو صح، وإن رجعوا إلى التأويل لم يكونوا أولى به من غيرهم.
قال - عَلَيْه السَّلام -: وإن صح الخبر فالمراد به الحض على طاعة أمير البلدة أو الجيش وإن كان عبداً حبشياً كما أمَّر النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - زيداً، وكان فيما تقدم عبداً.
[شبه المعتزلة في الإمامة والجواب عليها]
ومن شبه المعتزلة: استدلالهم بقول النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -: ((الأئمة من قريش)) وبادعائهم لإجماع الأمة على اختيار أبي بكر والعقد له.(1/373)
أما الخبر؛ فأجاب عنه: بأن الاحتجاج به للعترة أولى لأن قوله: ((من قريش)) يدل على بعض منهم دون كلهم؛ لكون (من) للتبعيض، ولبيان الجنس.
وأما دعوى الإجماع؛ فأجاب عَلَيْه السَّلام عنها: بأنها دعوى باطلة؛ لأن الإجماع لم يقع على إمامة أبي بكر وقتاً واحداً بل وقع النزاع في الابتداء على أبلغ الوجوه وذلك ظاهر.
قال - عَلَيْه السَّلام -: وأما العقد والإختيار فلا يجوز أن يكونا طريقاً إلى الإمامة لكون ذلك بدعة لا دليل على صحتها من عقل ولا سمع، ولأنهما لا يوصلان إلى العلم بصحة الإمامة لمن عقدت له؛ لأن أكثر ما قيل يعقد ويختار خمسة، وليس تجويز نصيحتهم أولى في العقل من تجويز خيانتهم؛ لأنه لا قائل بعصمتهم، ولا مانع من خطئهم كما قد وقع -يعني كما قد أخطأ من قدم المشائخ على علي؛عَلَيْه السَّلام؛-.
قال عَلَيْه السَّلام: ولأن الإمامة مصلحة في الدين، والمصالح غيوب لا يعلمها إلا الله سبحانه؛ فلا يجوز أن تكون الأدلة عليها إلا من جهته سبحانه.
[اعتراضات المخالفين في أدلة إمامة أمير المؤمنين(ع) والجواب عليها]
وأما ما ورد من اعتراضات المخالفين:
فمن ذلك: إذا قيل: إن القول بالنص مطلقاً يقتضي إمامة علي - عَلَيْه السَّلام - والحسن والحسين عَلَيْهما السَّلام في أيام النبي صَلَّى الله عَلَيْه وعلى آله وسَلّم.(1/374)
الجواب: قال الإمام عَلَيْه السَّلام: أما الاستحقاق للإمامة فهو ثابت في كل وقت، وأما التصرف على الكافة فهو مخصوص بدلالة الإجماع الذي هو آكد الدلالة، ويجوز تخصيص الكتاب والسنة به.
فإن قيل: إن زيد بن حارثة قال لعلي عَلَيْه السَّلام: لست مولاي، فقال النبي صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم: ((من كنت مولاه فعلي مولاه)).
الجواب: قال الإمام - عَلَيْه السَّلام -: هذا اعتراض ظاهر البطلان؛ لأن زيداً - رضي الله عنه - استشهد بمؤتة، والخبر كان في منصرف النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - من حجة الوداع.
فإن قيل: يجوز أن يكون المراد بقوله تعالى: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55)} [المائدة]، أي والركوع من شأنهم لا أن التصدق كان في حال الركوع.
الجواب: قال الإمام - عَلَيْه السَّلام -: لو كان كذلك لم يكن للآية معنى، مثاله: لو قيل: فلان يلقط الرمح من الأرض وهو راكب، ولأنه تعالى خاطب المؤمنين فيجب أن يكون المخاطَب من أجله غيرَ المخاطَب، وإلا كان معنى الآية: إنما وليكم الله ورسوله وأنتم، وذلك مما لا يجوز في كلام المخلوق مثله فضلاً عن الخالق تعالى.
فإن قيل: لو تصدق في حال الصلاة لفسدت.(1/375)