وقال: فكلما سواه فخلق ابتدعه وابتداه، فوجدنا لله خلقاً بدءاً بعد عدمه، برياً من مشاركة الله في قدرته وقدمه.
وقال في كتاب الرد على ابن المقفع: الأشياء ليست إلا قديماً أو حادثاً، لا يتوهم متوهم فيها وجهاً ثالثاً.
وقال في كتاب المسترشد: فإن سأل من الجهمية سائل فقال: هل الله شيء؟
قيل له: نعم، الله شيء لا يشبه الأشياء، الأشياء مُشَيَّأةٌ وهو سبحانه شيءٌ لا مُشَيَّأ بل الله مُشَيِّءُ الأشياء لا يشبه ما شَيَّأه، وليس في قولي أنا شيء والله شيء تشبيه.
..إلى قوله: وقد يشتبه قولي شيء وشيء، ولا يشتبه المسمى إلا إن أوقع عليه من أي الأشياء هو وما هو فحينئذ تشتبه المسميات.
وقال في كتاب الدليل الكبير: وهذا الباب من خلافه سبحانه لأجزاء الأشياء كلها، فيما يدرك من فروع الأشياء جميعاً وأصلها، فيما لا يوجد أبداً إلا بين الأشياء وبينه، ولا يوصف بها أبداً غيره سبحانه، وهي الصفة التي لا يشاركه فيها سبحانه مشارك، ولا يملكها عليه تعالى مالك، ولا يعم الأشياء اختلاف عمومه، ولا يصحح الألباب أبداً إلا لله معلومة؛ لأنه وإن وقع بين الأشياء ما يقع من الإختلاف، فليس يوجد واقعاً إلا بين ذوات الأوصاف، وكل واحد منها وإن خالف غيره في صفة فقد يوافقه في صفة أخرى سواء كان مما يعقل أو كان مما يلمس ويرى.(1/306)
وقال في جواب مسألة الطبريين: فهذه صفته تبارك وتعالى في الأينية الثبوت، والذات ليست فيه جل ثناؤه بمختلفة، ولا ذات أشتات، ولو كانت فيه مختلفة لكان اثنين أو أكثر في الذكر والعدة، وإنما صفته سبحانه هو.
وقال في كتاب التوحيد: وهو الواحد لا من عدد، ولا فيه عدد يجزأ، وليس شيء يقال إنه واحد في الحقيقة غير الله تعالى.
[أقوال الإمام محمد بن القاسم(ع)]
وقال محمد بن القاسم - عَلَيْه السَّلام - في كتاب الوصية: الحمد لله الحي القيوم ذي العظمة والجلال، الذي لم يزل ولا شيء غيره.
وقال: حقيقة الإيمان به أنه هو الذي هو خلاف الأشياء كلها.
وقال: حقيقة اليقين به والمعرفة له أنه لا يدرك بحلية ولا تحديد ولا تمثيل ولا صفة، وكيف يوصف من لا تدركه العقول ولا الفكر ولا الحواس.
..إلى قوله: وقد روي عن النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - أنه قال: ((تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في الخالق)) فاجعل تفكرك في صنعه، تستدل منه على عجيب فعله، وعظيم قدرته، في كل محدث، ولا تفكر فيه فإنك تتيه، وتهلك نفسك، فاستعمل العقل، وتابع السمع، واستدل باليسير على الكثير تسلم.
وقال في كتاب الأصول: وصفته لذاته، هو قولنا لنفسه، نريد بذلك حقيقة وجوده.(1/307)
وقال في كتاب الشرح والتبيين: وإنما عنى بقوله تبارك وتعالى سميع بصير الدلالة لخلقه على دركهم وعلمه لأصواتهم، التي إنما يعقلون دَرَكَها عندهم بالأسماع، وأنه مدرك عالم بجميع أشخاصهم وهيآءتهم وصورهم، وألوانهم وصفاتهم وحركاتهم، التي إنما يعقلون دَرَكها بالعيون والأبصار إذ إدراك المخلوقين للأصوات والأشخاص بالأسماع والعيون، التي ربما كَلَّت وتحَيَّرَت، وأخطأت وأدركت ظاهراً دون باطن وقَصُرَت، ودَرَكُ الله تبارك وتعالى لهذا كله دَرَكٌ واحد محيط بما ظهر وبطن، وبما بَعُدَ وقَرُبَ، وهو دَرَكُ علمه الذي لا يفوته من المدركات شيء.
[أقوال الإمام الهادي(ع)]
وقال الهادي للحق يحيى بن الحسين - عَلَيْه السَّلام - في كتاب المسترشد: نقول إن ربنا جل وتقدس إلهنا شيء لا كالأشياء سبحانه وتعالى وتبارك لا شبيه له ولا يدانيه شيء، ولم يزل سبحانه قبل كل شيء، وهو المشيء لكل الأشياء.
وقال: نريد بقولنا شيء إثبات الموجود، ونفي العدم المفقود؛ لأن الإثبات أن نقول: شيء، والعدم أن لا نثبت شيئاً.
وقال: يعلم ما يكون قبل كينونته، كما يعلمه من بعد بينونته.
وقال: وليس قولنا صفتان قديمتان أن مع الله سبحانه صفة يوصف بها، ولا نقول إنّ ثم صفة وموصوفاً، ولا أن ثم شيئاً سوى الله عند ذوي العقول مجهولاً ولا معروفاً.(1/308)
وقال: معنى سميع: هو عليم، والحجة على ذلك قول الرحمن الرحيم: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف:80]، والسر هو ما انطوت عليه الضمائر، وقوله: {بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ(15)} [آل عمران]، يريد عالم بهم، محيط بكل أمرهم، مطلع على خفي سرائرهم.
وقال: ألا ترى أن الفاعل لما لا يريد، فجاهل مذموم من العبيد، فكيف يقال بذلك في الله الواحد الحميد؟
وقال: لا فرق بين إرادة الله ومراده، وأن الإرادة منه هي المراد، وأن مراده هو الموجود الكائن المخلوق.
وقال في كتاب الديانة: ليس قدرته وعلمه سواه، وهو القادر لا بقدرة سواه، وهو السميع البصير ليس سمعه غيره، ولا بصره سواه، ولا السمع غير البصر، ولا البصر غير السمع.
وقال: من زعم أن علمه وقدرته، وسمعه وبصره، صفات له، وأنه لم يزل موصوفاً بها قبل أن يخلق وقبل أن يكون أحد يصفه بها، وقبل أن يصف بها نفسه، وتلك الصفات زعم لا يقال هي الله ولا يقال هي غيره فقد قال منكراً من القول وزوراً.(1/309)
وقال في كتاب الرد على أهل الزيغ من المشبهين: فلما صح عند ذوي العقول والبيان وثبت في عقل كل ذي فهم وبيان أن الحواس المخلوقة، والألباب المجعولة، لا تقع إلا على مثلها، ولا تلحق إلا بشكلها، ولا تَحُدُّ إلا نظيرها، صحت له لما عجزت عن درك تحديده الوحدانية، وثبت للممتنع عليها من ذلك الربوبية؛ لأنه مخالف لها في كل معانيها، بائنٌ عنها في كل أسبابها، ولو شاكلها في سبب من الأسباب، لوقع عليه ما يقع عليها من دَرَكِ الألباب، فلما تباينت ذاتُه وذاتَها، وكانت هي فعله وكان هو فاعلها، بانت بأحق الحقائق صفاتُه وصفاتُها، فكان درك الأوهام والعقول لها بالتبعيض والتحديد، وكان درك معرفته سبحانه بأفعاله، وبما أظهره من آياته، ودل على نفسه من دلالاته.
[أقوال الإمام الناصر الأطروش(ع)]
وقال الناصر للحق - عَلَيْه السَّلام - الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - عَلَيْهم السَّلام - في كتاب البساط: وتمام توحيده نفي الصفات والتشبيه لخلقه عنه لشهادة كل عقل سليم من الرين بما كسب، والإفك فيما يقول ويرتكب، واتباعِ الأهوى والرؤساء، أن كلَّ صفة وموصوف مصنوعٌ، وشهادة كل مصنوع بأن له صانعاً مؤلفاً، وشهادة كل مؤلَّفٍ بأن مؤلفه لا يشبهُهُ، وشهادةِ كل صفة وموصوف مؤلف بالإقتران والحدث، وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل، فلم يعرف اللهَ سبحانه من وصف ذاته بغير ما وصف به نفسه.(1/310)