ثم قال: ثم اعلم من بعد كل علم وقبله، وعند استعمالك لعقلك في فهمه، أن الذين أمرنا باتباعهم؛ من آل رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -، وحضضنا على التعلم منهم، وذكرنا ما ذكرنا من أمر الله برد الأمور إليهم، هم الذين احتذوا بالكتاب من آل رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم-، واقتدوا بسنة رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - الذين اقتبسوا علمهم من علم آبائهم وأجدادهم جداً عن جد، وأباً فأباً؛ حتى انتهوا إلى مدينة العلم، وحصن الحلم، الصادق المصدق، الأمين الموفق، الطاهر المطهر، المطاع عند الله سبحانه المقدم محمد - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - فمن كان من آل رسول الله على ما ذكرنا ناقلاً عن آبائه، مقتبساً عن أجداده، لم يزغ عنهم، ولم يقصد غيرهم، ولم يتعلم من سواهم؛ فعلمه ثابت صحيح.
وقال في رفضة الأئمة: لا يجهل فضلهم إلا جهول معاند، ولا ينكر حقهم إلا معطل جاحد، ولا ينازعهم معرفة ما أتوا به عن الله سبحانه إلا ظلوم، ولا يكابرهم فيما ادعوه عن الله إلا غشوم...(1/276)


وقال في الأحكام، أيضاً وأوثق وثائق الإسلام: إن آل محمد لا يختلفون إلا من جهة التفريط؛ فمن فرط في علم آبائه، ولم يتبع علم أهل بيته، أباً فأباً حتى ينتهي إلى علي بن أبي طالب – رحمة الله عليه – والنبي – صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم – شارك العامة في أقاويلها، وتابعها في سيء تأويلها، ولزمه الإختلاف لا سيما إذا لم يكن ذا نظر وتمييز، ورد لما ورد عليه إلى الكتاب، ورد كل متشابه إلى المحكم.
وقال الناصر للحق الحسن بن علي - عَلَيْه السَّلام - فيما حكاه عنه مصنف المسفر في ذكر علي - عَلَيْه السَّلام -: كان وصي رسول الله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - وخليفته، وخير هذه الأمة بعده، وأحق الناس بمجلسه؛ لأنه خص بالدعاء إلى الإيمان قبل البلوغ فضيلة له دون غيره، وأن من حاربه وظلمه كافر تجب البراءة منه.
وقال: لا إيمان إلا بالبراءة من أعداء الله وأعداء رسوله - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - وهم الذين ظلموا آل محمد - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - وأخذوا ميراثهم، وغصبوا خمسهم، وهموا بإحراق منازلهم.(1/277)


وحكى - عَلَيْه السَّلام - أن أبا بكر وعمر اختلفا في المشورة على النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - فيمن يرأس على بني تميم فأشار أبو بكر بالأقرع بن حابس، وأشار عمر بغيره؛ حتى علت أصواتهما فوق صوت النبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - فأنزل الله فيهما: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ(2)} [الحجرات].
قال - عَلَيْه السَّلام -: فإذا كانت طاعتهم تحبط برفع الصوت، فما ظنك بمن قلَّت طاعته، وعظم خلافه للنبي - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم -
وقال: ولله أدلة على الحوادث على المكلف إصابتها التي الأمة فيها (على) سواء؛ فأما سوى هذه الأصول والأحكام في الحوادث النازلة التي يسوغ فيها الاجتهاد إذ لا نص فيها من كتاب ولا سنة، ولا إجماع من الأمة والأئمة؛ فالإجتهاد فيها إلى علماء آل الرسول - عَلَيْهم السَّلام - دون غيرهم لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء:59] ، ولقوله [تعالى] (أيضاً): {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ...الآية} [النساء:83].
قال: فإذا نظر الطالب للحق في اختلاف علماء آل الرسول -صلوات الله عليهم-، فله أن يتبع قول أحدهم، إذا وقع له الحق فيه بدليل من غير طعن ولا تخطئة للباقين.......(1/278)


وذكر - عَلَيْه السَّلام - أن المعتزلة وأصحاب الرأي يرون الإجتهاد ويقولون: إن أول من اجتهد عمر.
ومن شعره - عَلَيْه السَّلام - في معنى ذلك قوله:
لا تبتغوا غير آل المصطفى علماً.... لهديكم فهمو خير الورى آلُ
آل النبي وعنه إرث علمهمُ.... القائمون بنصح الخلق لم يألوا
وقولهم مسند عن قول جدهم.... عن جبرئيل عن الباري إذا قالوا
وقوله:
أشكو إلى الله أن الحق مُتَّرَك.... بين العباد وأن الشر مقبولُ
إلى قوله:
وأن أمتنا أبدت عداوتنا....أن خصنا من عطاء الله تفضيلُ
إذا ذكرنا بعلم أو بعارفة....صاروا كأنهم من غيظهم حولُ
وقال المرتضى لدين الله محمد بن يحيى - عَلَيْه السَّلام - في كتاب مسائل الطبريين: فأمر الله عز وجل أمة محمد -صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم- أن يجعلوا مكافأته المحبة لولده، وأوجب عليهم بذلك طاعتهم، وافترض محبتهم، كما افترض الصلاة، وذلك لإقامة الحجة في رقابهم، وقطع عللهم؛ لما قد علم سبحانه بما سيكون من أمة محمد - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - [فيهم] ولهم من العداوة والبغضة.(1/279)


وقال في كتاب الشرح والبيان: ولسنا نطلق في أهل الفضل والدين، والتصديق لذي القوة المتين، من أصحاب محمد خاتم النبيين، الذين آمنوا به واتبعوه، وجاهدوا معه وصدقوه، ولا نقول فيهم إنهم اختلفوا ولا تضادوا، ولكن كان معه - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - منافقون قد ذكرهم الله في كتابه في غير موضع.
وقال في الرسالة السابعة: قد حكم الله سبحانه بهذا الأمر لقوم سماهم، ودل عليهم ونصبهم، وحظره على غيرهم؛ فجعله لهم فضيلة على سواهم، وذلك قوله سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...الآية} [فاطر:32] "{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...الآية} [فاطر:32]" "{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا...الآية} [فاطر:32]" ، ثم ذكر كثيراً من الآيات والأخبار.
وقال بعد ذلك: فمن غدا بهذا الأمر في غير أهل بيت نبيه - صَلَّى الله عَلَيْه وآله وَسَلَّم - فقد عبث بنفسه، وتمرد في دين خالقه...(1/280)

56 / 94
ع
En
A+
A-