[كلام منقول من إجازة الفقيه شمس الدين أحمد بن عثمان للإمام القاسم]
منقول من إجازة الفقيه العارف المحدث شمس الدين أحمد بن عثمان بن عبد الرحيم صاحب المسوح للإمام المنصور بالله عليه السلام.
قال بعد أن ذكر البسملة والحمد والشهادة والصلاة على النبي وآله.
أما بعد:
فإن موالاة آل محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرض على البرية محتوم، والتدين بحبهم بالضرورة من الدين معلوم، خصوصاً الإمام المجتبى والولي المرتضى يعسوب الدين ومولى كافة الموحدين، قرين التنزيل، وعيبة العلم الجزيل، أمير المؤمنين وأخا سيد المرسلين، عنصر الأطايب على المطالب علي بن أبي طالب عليه السلام، وزكي التحية والإكرام، وذلك لما ورد من عظم التنويه بقدره وقدر بيته.
ولنغترف الآن نبذ الولاية غرفةً من يم فضلهم الذي ليس لقعره غاية، ومن ثم قال أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله مع غيره من علماء الصدر الأول كإسماعيل القاضي، والنسائي، وأبي علي النيسابوري رحمهم الله: ما جاء لأحد من الفضائل ما جاء لعلي عليه السلام، ولم يرد في حق أحد من الصحابة رضي الله عنهم أكثر مما جاء فيه.
وقد أخرج ابن عساكر عن حبر الأمة، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (ما نزل في أحد من كتاب الله عز وجل ما نزل في علي كرم الله وجهه).
وأخرج عنه أيضاً قال: (نزلت في علي ثلاثمائة آية).(1/407)
وأخرج الطبراني، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما أنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إلا وعلي أميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غير مكان، وما ذكر علياً إلا بخير.
وقال ابن عباس: (كانت لعلي عليه السلام ثماني عشرة منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة).
وأما الأحاديث فأكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، فنذكر منها نزراً يسيراً تبركاً بالجناب العلي، وتشرفاً بخدمة مولانا علي.
منها: حديث غدير خم المشهور:
وهو ما أخرجه كثير من المحدثين، ورواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثون صحابياً، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جمع الصحابة رضي الله عنهم مرجعه من حجة الوداع بالغدير المذكور، وخطب وكرر عليهم: ((ألست أولى بكم من أنفسكم))؟ ثلاثاً، وهم يجيبون بالتصديق والإعتراف، ثم رفع يد علي عليه السلام وقال: ((من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وابغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار)) فكيف يسوغ الاعتذار لمن خالف بعد هذا النص علياً! وبِمَ يلقى الله من لم يكن له موالياً وولياً!
وما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما، عن جماعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وآله استخلف علياً كرم الله وجهه على المدينة لما خرج إلى تبوك فقال له: يارسول الله تخلفني في النساء والصبيان، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي)).(1/408)
وأخرجا أيضاً، والطبراني، والبزار عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم خيبر: ((لأعطين الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)) فأعطاها علياً كرم الله وجهه.
وأخرج الحاكم في (المستدرك) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((علي إمام البررة، وقاتل الفجرة، منصور من نصره، مخذول من خذله)).
وأخرج الخطيب في (التأريخ): عن البراء بن عازب، والديلمي في (مسند الفردوس) عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((علي مني بمنزلة رأسي من بدني)).
وأخرج أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((علي مني وأنا من علي ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي)).
وأخرج ابن أبي شيبة، عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الطائف قام خطيباً فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: ((أوصيكم بعترتي خيراً، وإن موعدكم الحوض، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو ليبعثن إليكم رجلاً مني أو كنفسي يضرب أعناقكم)) ثم أخذ بيد علي كرم الله وجهه ثم قال: ((هو هذا)).
وأخرج البيهقي، والديلمي، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((علي يزهر في الجنة ككواكب الصبح لأهل الدنيا)).(1/409)
وأخرج الترمذي، عن ابن عمر قال: آخا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه، فجاء علي بدمع عيناه، فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنت أخي في الدنيا و الآخرة)).
وأخرج الطبراني في (الكبير) عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((علي أخي في الدنيا والآخرة)).
وأخرج مسلم عن علي عليه السلام: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي إليَّ أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق).
وأخرج الترمذي والحاكم عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((إن الله أمرني بحب أربعة، وأخبرني أنه يحبهم)).
قيل: يارسول الله سمهم لنا؟
قال: ((علي منهم)) يقول ذلك ثلاثاً ((وأبو ذر، والمقداد وسلمان)) رضي الله عنهم.
وأخرج أبو الخير الحاكمي، وصاحب (كنوز المطالب في بني أبي طالب) أن علياً عليه السلام دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده العباس رضي الله عنه فسلم فرد عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وقام فعانقه وقبّل ما بين عينيه، وأجلسه عن يمينه، فقال له العباس: أتحبه؟
فقال ياعم: ((والله لله أشد حباً له مني، إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا)).
وأخرج أحمد والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((من سب علياً فقد سبني)).
وأخرج الدارقطني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((علي باب حطة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً)).(1/410)
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((الصديقون ثلاثة: حبيب النجار، ومؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟ وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه)).
وأخرج ابن المظفر وابن أبي الدنيا عن أبي سعيد الخدري قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مرضه الذي توفي فيه، ونحن بصلاة الغداة فقال: ((إني تركت فيكم كتاب الله عز وجل وسنتي استنطقوا القرآن لسنتي، فإنه لن تعمى أبصاركم ولن تزل أقدامكم، ولن تقصرأيديكم ما أخذتم بهما))، ثم قال: ((أوصيكم بهذين خيراً))، وأشار إلى علي والعباس رضي الله عنهما لا يكف عنهما أحداً ولا يحفظهما إلا أعطاه الله نوراً حتى يرد به عليَّ يوم القيامة)).
وأخرج ابن السمان أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((لا يجوز أحد الصراط إلا من كتب له علي الجواز)).
وأخرج أحمد في (المناقب) عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ((أنت أخي وأبو ولدي تقاتل على سنتي، من مات على عهدي فهو في كنز الجنة، ومن مات على عهدك فقد قضى نحبه، ومن مات بحبك بعد موتك ختم له بالأمن والإيمان)).
وأخرج الديلمي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((خير أخوتي علي، وخير أعمامي حمزة، ذكر علي عبادة)).
وأخرج الخطيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((عنوان صحيفة المؤمن حب علي)).(1/411)