قول الإمام زيد عليه السلام في رسالته إلى علماء الفرق
وقال زيد بن علي -عليهما السلام- في رسالته إلى علماء الفرق في كلام له ما لفظه: (إن الظالمين قد استحلوا دماءنا، وأخافونا في ديارنا، وقد اتخذوا خذلانكم حجة علينا، فيما كرهوه من دعوتنا، وفيما منعوه من حقنا، وفيما أنكروه من فضلنا، عباد الله فأنتم شركاء لهم في دمائنا، وأعوانهم على ظلمنا، فكل مال الله أنفقوه، وكل جمع جمعوه، وكل سيفٍ شحذوه، وكل عدلٍ تركوه، وكل جورٍ ركبوه، وكل ذمة لله أخفروها، وكل مسلم أذلّوه، وكل كتاب نبذوه، وكل حكم لله عطّلوه، وكل عهدٍ لله نقضوه، وأنتم المعاونون لهم بالسكوت عن نهيهم عن السُوء)، رواه السيد حميدان في كتاب (التصريح في المذهب الصحيح).
وعن عيسى بن عبد الله، قال: (مرّ حسن بن حسن بن حسن على إبراهيم بن حسن بن حسن وهو يعلف إبلاً له، فقال له: أتعلف إبلك وعبد الله بن الحسن محبوس! أطلق عقالها ياغلام فأطلقها وصاح في أدبارها فذهبت فلم يوجد منها واحدة)، رواه أبو طالب عليه السلام.(1/327)
قلت وبالله التوفيق: وذلك لا يخلو إما أن يكون جزعاً من حبس عبد الله بن الحسن، أو يكون خوفاً من أن يأخذها الظلمة، فينفقونها في المعاصي، وظنا -عليهما السلام- أن حبس عبد الله بن الحسن عليه السلام كان مبتدأ به في الغشم عليهم، والظلم لايصح أن يكون جزعاً؛ لأن الجزع معصية، وإضاعة المال معصية، وهما عليهما السلام من الأخيار البررة الأطهار، وحملهما على ذلك سوء ظن بهما، وهو لا يحل، بقي أن يكون خوفاً من أن يأخذها الظلمة فينفقونها في المعاصي، فكان الضياع للمال أهون من أن يأخذوه؛ لأنهم يتقوّون به في المعاصي، فصار الضياع مباحاً للضرورة، فافهم ذلك.(1/328)
قول الإمام محمد النفس الزكية (ع)
وقال محمد بن عبد الله النفس الزكية عليه السلام في كلام تركت بعضه اختصاراً ما لفظه: (يا أبا خالد إن امرأً مؤمناً لا يُصبح حزيناً ويُمسي حزيناً مما يعاين من أعمالهم إنه لمغبون مفتون، قال: قلت: يا سيدي والله إن المؤمن لكذلك، ولكن كيف بنا ونحن مقهورون مستضعفون خائفون لا نستطيع لهم تغييراً؟! فقال: يا أبا خالد إذا كنتم كذلك فلا تكونوا لهم جمعاً، وانفذوا من أرضهم). رواه أبو طالب عليه السلام في (الأمالي) .
فقال عليه السلام: (لا تكونوا لهم جمعاً) أي: أهل جمع، وأمر بالنفوذ من أرضهم، وهو: الذهاب من أرضهم والخروج إلى غيرها.(1/329)
قول الإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام
وقال القاسم بن إبراهيم عليه السلام في الجزء الثاني من مسائله في تفسير قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}[النساء:5] ما لفظه:
(فكيف يجوز أن يؤتي أحدٌ ماله أحداً إذا كان في أرض الله أو لدينه مفسداً، وقد نهى الله عن ذلك...) إلى آخر كلامه عليه السلام.
(وسُئل عليه السلام عن أموال التجار التي تكون في عساكر الظلمة الفجار، هل تكون غنيمة للمسلمين وفيئاً؟ أم لايحل ذلك للمؤمنين عند ظهورهم عليهم؟ فقال: ما كان للتجار في عساكرهم أو لغيرهم وسلم أهله من أن يجلبوا به على المسلمين، أو ينصبوا بما في أيديهم منه لمحاربة المؤمنين، فلا يحل للمؤمنين أخذه ولا اغتنامه، وعلى المسلمين تسليمه إلى أهله وأسلامه؛ لأن متاجرتهم لهم في تلك الحال، ورفقهم عليهم بمرافق تجارتهم، وإن كانت فسقاً فلم يجعل الله تغنم أموالهم بفسقهم في تلك الحال للمؤمنين حلالاً ولا حقاً، والمؤمنون وإن قالوا بعداوتهم في ذلك ونكالهم، فليس يستحلون مع ذلك وإن قالوا به فيهم تغنم شيء من أموالهم). رواه الهادي عليه السلام، عن أبيه عنه " في باب أموال تجار عسكر البغي في السير من كتاب (الأحكام)، ونقلته بلفظه.
قلت وبالله التوفيق: إذا كان ذلك فسقاً مع أخذ العوض فكيف بتسليم الأموال إليهم بغير عوض!(1/330)
قول الإمام الهادي عليه السلام
وقال الهادي عليه السلام في باب القول فيما يجب على المحرم توقيه في أبواب الحج من كتاب (الأحكام) ما لفظه: (والفسوق فهو الفسق [والتجني] والكذب، والظلم...إلى أن قال: والإدخال بشيء من المرافق على عدوٍ من أعداء الله) فجعل عليه السلام ذلك في الفسوق.
وقال الهادي عليه السلام أيضاً في الباب الثاني من أبواب البيع في كتاب (الأحكام) ما لفظه: (ولا بأس أن يتجر المسلم ليغني أهله وعياله عن ذل المسألة واستكانة الحاجة، وتكون تجارته في أقل الأشياء منافع للظالمين الجورة الفاسقين، وفي أقلّها ضرراً على المسلمين، ولا يجوز [ولا يحل] له أن يتجر في دهره هذا في شيء من السلاح والكراع ولا العبيد والإماء، فإن ذلك أكثر منافع للظالمين، وأقوى قوة للفاسقين، وليتجر في غير ذلك من الأشياء أقلها منفعة لهم، وأبعدها من مرافقهم، ويستحب له إن اتجّر في شيء فاحتاج ممن سمينا محتاج إلى شيء مما عنده أن يدفعه بعلل يتعلل بها عليه من إغلاء [ثمن] عليه، أو غيره مما يدفعه به عن المبايعة له، ولا يفعل ما يفعل فجرة التجار والخونة الأشرار من التعمد لمنافعهم، والايثار بذلك لهم دون غيرهم والتعمد لشراء مايصلح لهم يطلبون بذلك ازدياداً في الربح يسيراً، ويستوجبون به من الله عذاباً كبيراً).(1/331)