النهضة الفكرية والعلمية في عهده
الجانب العلمي: كانت المساجد والجوامع هي المدارس التي يذهب إليها طلبة العلم حيث يتلقون فيها العلوم الدينية مثل قراءة القرآن والحديث والتفسير والفقه والفرائض، وكان الإمام القاسم نفسه يقوم بالتدريس في جامع شهارة، وكان ذلك الحال بالنسبة لأبنائه يقومون بمهمة التدريس إلى جانب مهام الحكم.
لم يقتصر دور الإمام القاسم عليه السلام على الجانب السياسي والعسكري الذي تفوق فيه على الخصوم الأكثر عدداً وعدة لا سيما الأتراك، بل إن نهوضه بذلك الأمر لم يكن لولا نبوغه في العلم وتحصيل الاجتهاد كشرط لقبول الدور الجهادي والسياسي مما جعله في الصدارة من علماء ذلك الزمان المؤهلين للنهوض بالرسالة الجهادية والفكرية لليمن آنذاك.(1/11)


الإمام القاسم شاعراً
ومن قصيدة له عليه السلام يحث فيها على اتباع أهل البيت ":
ياذا المريد لنفسه تثبيتا .... ولدينه عند الإله ثبوتا
اسلك طريقة آل أحمد واسألن .... سفن النجا إن تسألوا ياقوتا
لا تعدلن بآل أحمد غيرهم .... وهل الحصاة تشاكل الياقوتا
الله أوجب ودهم في وحيه .... والرجس أذهب عنهم إن شئتا
وأئمة الأخيار تروي فضلهم .... فابحث تجده مجملاً وشتيتا
ما إن تلم بمسندٍ أو مرسلٍ .... إلاَّ وجدت لهم هناك نعوتا
إلى آخرها.
وله عليه السلام القصيدة المسماة باستفتاح الفرج (المنفرجة) وهي مائة بيت اخترت منها الأبيات التالية:
يا ملجئاً للخائف المحتارا .... يا من يغيث مشرداً قد طارا
يا حي يا قيوم يا غوث الذي .... يشكو إليك من الذي قد جارا
يا من يجير بفضله مستضعفاً .... مستصرخاً متضرعاً لك جارا
يا من يجير ولا يجار عليه في .... سلطانه يا قاصماً جبارا
يا من هو الله الشديد محاله .... يا قادراً يا غالباً قهارا
يا من تنزه أن يراه بناظرٍ .... يا من يحيط ويدرك الأبصارا
يا أولاً يا آخراً يا ظاهراً .... يا باطناً يا عالماً أسرارا
يا واحداً يا دائماً يا باقياً .... يا من أبان عجائباً وأثارا
يا نافخ الأرواح في أشباحها .... ومقدراً لبقائها مقدارا(1/12)


إلى قوله:
يا رب يا حنان يا منّان يا .... رحمان يا ديّان يا جبارا
يشكو عُبيدك بعد أن نزلت به .... دهماء يسعر حرها إسعارا
يشكو إليك من الذي بعث الأُولى .... يبغون فجعة مؤمنٍ ودمارا
يشكو شكاية محرق مستضعفٍ .... كثرت جنود عدوه فتجارا
أعوانه متجبرون فأشبهوا .... فرعون أو هامانه الكفارا
إلى قوله:
فبحق ذاتك يا مغيث عُبيده الـ .... ـمضطر ممّن قد أراد ضرارا
وبحق ذاتك يا رحيم برحمة .... رادفتها بتفضل مدرارا
إلى آخرها.
وله الكثير من القصائد، انظرها في (النبذة المشيرة) للجرموزي.(1/13)


مؤلفاته عليه السلام
1- الإجازات في تصحيح الأسانيد والروايات لعلوم آل محمد عليه السلام.
2- الإرشاد إلى سبيل الرشاد في طريق أعمال العباد عند فقد الاجتهاد.
3- الأساس لعقائد الأكياس. وهو من أشهر كتبه وأهمها وله شروح كثيرة.
4- الاعتصام بحبل الله المتين القاضي بإجماع المتقين ...(فقه وحديث).
5- التحذير للعباد من معاونة أهل البغي والفساد.
6- تحف ذوي الألباب في علم الإعراب -مخطوط-.
7- تفسير القرآن -مخطوط-، وهو تفسير موجز لآيات الأحكام وصل فيه إلى بعض سورة المائدة.
8- الجواب المختار على مسائل القاضي عبد الجبار.
9- جواب السؤالات الصنعانية عن الاختلافات العقائدية.
10- حتف أنف الآفك في الرد على أهل العقائد الزائفة.
11- الدرر في معرفة الله تعالى.
12- مرقاة الوصول إلى علم الأصول.
13- طرفة الراغب في الإعراب عن مقدمة ابن الحاجب.
14- المتجر الرابح في جوابه على مسائل الحاج صالح.
15- المقنع في علم أصول الدين المطلع على مذهب العلماء المتكلمين.
16- الوصية السنية الدرية الزكية، وصيته لولده المؤيد بالله محمد بن القاسم.
وله الكثير من المؤلفات والرسائل انظرها في كتاب (أعلام المؤلفين الزيدية) للأستاذ عبد السلام الوجيه، و(حكام اليمن المؤلفون المجتهدون) للأستاذ عبد الله الحبشي.(1/14)


النظم العمرانية في عهده
أول أعمال الإمام العمرانية هي عمارة قرية الهجرة في برط سنة 1010ه‍، بعد خروجه من شهارة، فقد حفر بئراً وبنى مسجداً وسماها بالهجرة.
وقد أسس الإمام عليه السلام جامع شهارة في الرابع عشر من شهر محرم عام 1015ه‍، وانتهى من إنشائه في العشر الأواخر من محرم سنة 1018ه‍، وهذا الجامع متسع، به محراب وبه منهل ومنازل لقراءة القرآن، ومساكن لطلاب العلم.
وبعد استقرار الإمام في شهارة كان يدرس فيه طلبة العلم فأصبح مركزاً علمياً شهيراً في شهارة.
كما أسس الإمام السمسرة في مدينة الهجر، وهي عظيمة البناء، فإن أهل النظر في العمران يقولون: إن هذه السمسرة وأساطين جامع شهارة وعقودهما من عجائب اليمن.
كما أسس الإمام مسجد الهجر، وقد بنى الطريق المدرَّج إلى شهارة الفيش حيث مهدها للجمال والخيل، وأقام الحوانيت والبيوت والسوق، وأنشأ السمسرة التي في سوق الثلوث والمسارحة.
وقد أسس المسجد المعروف بمسجد علي بن الإمام في مدينة صعدة.
وفي عهده ازدهر العمران وأُصلِحت السُّبل والمناهل وبنيت عشرات المساجد والهجر العلمية.(1/15)

3 / 85
ع
En
A+
A-