ثالثاً: الوصية السنية الدرية الزكية
وهي مما أوصى بها ولده المؤيد بالله محمد يوصيه بتقوى الله وطلب العلم والإكثار من قراءة القرآن والتواضع وغيرها من الوصايا الحسنة والنافعة.
أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن يوفقنا لإخراج ما تبقى من تراث أئمة وعلماء أهل البيت النبوي "، وأن يجزي كل من بذل ويبذل جهوداً في سبيل إخراج هذه الكتب إلى النور وفي المقدمة أستاذي وشيخي العالم المحقق عبد السلام بن عباس الوجيه، حفظه الله، والذي استقيت منه حب العلوم الشرعية والخوض في غمار التحقيق بتشجيعه ودعمه لي في أحلك الظروف، وكذا جميع الإخوان الداعمين والعاملين في مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية أثابهم الله وجزاهم خير الجزاء.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

محمد قاسم محمد المتوكل
جمادى الأولى 1424ه‍
الموافق يوليو 2003م(1/6)


ترجمة المؤلف عليه السلام
نسبه الشريف
هو الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن الرشيد بن أحمد بن الأمير الحسين بن علي بن يحيى بن محمد بن الإمام يوسف الأصغر الملقب الأشل بن القاسم بن الإمام الداعي إلى الله يوسف بن المنصور بالله يحيى بن الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الحافظ ابن نجم آل الرسول الإمام القاسم بن إبراهيم الغمر طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الشبه بن الحسن الرضا بن الحسن السبط بن أمير المؤمنين الإمام علي سلام الله عليهم أجمعين.
نسب أضوأ من الضياء وأعذب من شرب الماء على الظمأ.(1/7)


مولده ونشأته
ولد عليه السلام ليلة الإثنين في الثاني عشر من شهر صفر سنة 967ه‍ بالشاهل من بلاد الشرف، وكان والده يسكن جهات بني مديخة من بلاد الشرف الأسفل، وكان يعمل بعسكر المطهر بن شرف الدين، وخاض معه حروباً كثيرة ضد الباشا سنان، عايش الإمام القاسم هذه الحروب ورأى في أبيه المجاهد الشجاع الذي وقف يقاتل للدفاع عن المذهب والعقيدة والأرض اليمنية مثالاً يحتذى.
ولما بلغ الإمام سن العاشرة قرأ القرآن الكريم، وكان فيه فطنة وفصاحة، وقد أخذ العلم عن كبار العلماء في شتى أنواع العلوم، واتصل بالإمام الحسن بن علي بن داود وظل ملازماً له حتى نفي الأخير إلى الاستانة، ومن أشياخه أيضاً السيد أمير الدين عبد الله بن نهشل بن المطهر، والسيد الحسن بن شرف الدين، والسيد عز الدين بن علي بن عبد الله وغيرهم.
ووسط ذلك الجو العلمي والروحي والجهادي نشأ معروفاً بالطهارة وقوة القلب والشجاعة، وقيل عنه: إنه لم يروعه شيء مما يروع الصبيان، وكان حريصاً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.(1/8)


اختياره للنهوض بواجب الدعوة
قال عنه المولى مجد الدين المؤيدي في التحف: (قام بعد إياسه من خروج الإمام الناصر الحسن بن علي، ولقد جدّد الله بعلمه، وطهر الأرض من الردى، ونشر فيها الإيمان والهدى).
نتيجة للفتن والاضطرابات التي كانت تعيشها اليمن آنذاك، ونظراً للمؤهلات الفذة التي تمتع بها الإمام القاسم، فقد وقع اختيار العلماء والأعيان من أهل الحل والعقد عليه للقيام بواجب قيادة الأمة وتحمل المسئولية، ينقل لنا الجرموزي صاحب سيرته قول الإمام: (كانت الإمامة ما تعرض في فكري لما أرى من شرارة الخلق وقوة سلطان الترك على الأرض).
وبعد إلحاح الكثير من العلماء نهض الإمام القاسم بالأمر، فأخذ ينتقل من مكان إلى آخر من بلاد الشرف، ثم دخل صنعاء متخفياً يقرأ القرآن ويدعو الأعوان، وكان العثمانيون قد شعروا بخطورته قبل ظهور إمامته فأخذوا يجتهدون في التجسس عليه ومطاردته، وبذل الأموال الكثيرة في سبيل ذلك.
وكان أول ظهور دعوته من (جبل حديد) قارة، سنة 1006ه‍.
وقد اعتمد الإمام على الأسلوب الإعلامي والتوعية للجماهير من خلال الخطابات والرسائل المطولة والكتب الكثيرة التي كان يرسلها للأفراد والجماعات، وكانت تحمل المبادئ التي يدعو إليها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة دين الله في أرضه وتطهيرها من الفساد ومما يخالف شرع الله.
عن هذه الرسائل انظر كتاب النبذة المشيرة. سيرة الإمام عليه السلام للجرموزي.(1/9)


جهاده وانتصاراته العسكرية
بعد انطلاق دعوته من جبال قارة شمالي بلاد الشرف أجابه أعيان تلك الجهات حتى اجتمع عنده نحو أربعمائة نفر، وكان الوالي من قبل الأتراك في بلاد الشرف الأمير حسين بن ناصر، فتقدم نائبه لحرب الإمام، فهزمه أصحاب الإمام، ثم شاع خبره عند الوالي التركي الباشا حسن، فوجه إليه عبد الله بن المعافا في عساكر كثيرة وأتبعه بعساكر عامل (حديد)، فأمر الإمام القاسم أتباعه بالكف عن محاصرة وشحة، والاجتماع به في (حديد) قارة، فاجتمعوا هناك وبينما هم في اجتماعهم إذ وصلتهم جنود الأتراك، ووقعت حروب أسفرت عن إصابة بعض أصحاب الإمام بجروح، وتوغل داخل بعض الأودية، وواصل الغارة من فوره على ناحية عذر، وكانت سنة إمامته الأولى هي سنة الفتوحات، فدخل جنده الحيمة وشظب وحصن السودة وغيره.
لقد كانت لشخصيته الفذة وسيرته الحسنة في الناس أثرها في تحقيق الانتصارات ضد الأتراك، وكانت انتصارات الإمام موضع الدهشة للجميع حتى قيل: (إنه كان من العجائب أن أصحابه إذا توجهوا على حصن فتحوه في أقرب مدة).(1/10)

2 / 85
ع
En
A+
A-