معنى قوله تعالى: ?وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ? الصافات:96
وسألته عن قول الله سبحانه: ?وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ?[الصافات:96]؟
قال: الذي عنى بذلك سبحانه فهي الحجارة التي ينحتونها أصناماً، ويعملونها لهم ألهة، وما أشبه ذلك من الأنصاب التي يعبدونها، فهذا معنى: ?وَمَا تَعْمَلُونَ?، فالله خلقهم ومفعولهم، ولم يخلق سبحانه فعلهم، والمفعول فهو الصنم الذي تنحتونه من الحجارة، وفعلهم فهو الحركة التي كانت منهم من الرفع والوضع والنحت، فالله خلق الحجر الذي عملوه صنماً، ولم يخلق الفعل الذي كان منهم في نحت الحجر.(1/623)


حال النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله قبل البعثة
وسألته صلوات الله عليه عن محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ما كان عمله قبل أن يتنبأ وهل كان على شريعة عيسى صلى الله عليه أم لا؟
فقال: سألت عن أمر محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما كان على ما كان عليه الأنبياء من قبله منذ خلق الله آدم إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم من الإقرار بالله والتوحيد له، والتعظيم والإجلال والمعرفة به وبعدله، وأنه ليس كمثله شيء، وأنه خالق كل شيء سبحانه وتعالى. وكان مقراً بالأنبياء كلهم، غير جاحدٍ لنبوتهم. وكان صلى الله عليه وآله وسلم ينظر ما يأتي به أهل الكتاب من عظيم محالهم، وقبيح فعالهم، الذي ذكره الله سبحانه عنهم وذمهم عليه، فكان ينكر فعلهم، ويذم جرأتهم على ربهم، ولم يكن صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ التوراة ولا الإنجيل، ولا يحسن ترجمتهما، وكان يعيب أفعال الذين يقرأونهما لما يأتون به من الأمر الذي لا يرضاه الله، ويستنكره عقله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يكن معهم في شريعتهم. وكان في أصل المعرفة بالله كمعرفة عيسى عليه السلام، مقراً عالماً بأن كل ما جاء به موسى وعيسى حق صلى الله عليهم جميعاً.(1/624)


تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله
وسألته عن تفسير: لا حول ولا قوة إلا بالله؟
فهو لا حول ولا محال، ولا إدبار، ولا إقبال، إلا بالله. ومعنى: إلا بالله فهو إلا بتمكين عباده. وذلك الحول بما جعل فيهم من الاستطاعة. ولا مقدرة على شيء من الأشياء إلا بما جعل الله من ذلك في تلك الأعضاء، وأعطى خلقه في كل ذلك من الأدوات والأشياء، التي تكون فيهم، بها القوة والحول، وينالون بوجودها ما يحبون من فعل وطول.(1/625)


تفسير العرش والكرسي
وسألته عن تفسير العرش والكرسي؟
فقال: معناهما واحد، وهو الملك الذي على كل شيء ملكه واقتهاره. ألاَ تسمع كيف يقول سبحانه إن كل شيء من الأشياء من الأرض والسماء في عرشه وكرسيه فقال: ?وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ?[البقرة: 255]، فأخبر أن الكرسي - الذي هو العرش - واسع على السموات والأرض، وإذ قد وسعهما بشهادة الله سبحانه فقد دخلتا فيه، وحازهما وأحاط بهما. وإذا كان ذلك بقول الله سبحانه فهما فيه لا هو فيهما، وهو المحيط بهما لا هما المحيطتان به. وإذ قد كان ذلك كذلك، فقد بطل ما يقول الملحدون، وزال ما يصف المشبهون، وثبت ما يقول الموحدون، من أن العرش هو الملك والإحاطة من الله سبحانه، ونفاذ الإرادة ومضى المشيئة في السموات والأرض وما فيهن، وأن ملكه المحيط بهن وعليهن، والمحيط بهن فهو كرسيه وعرشه.(1/626)


الرجل يكتفي باليسير ولا يطلب العلم
وسألته عن الرجل يقول: قد فهمت وعرفت ما افترض الله عليّ، فأنا أكتفي باليسير، ولا أتعب نفسي بتعلم الكثير، وأنا أقوم بحلال الله وحرامه؛ فهذا يجزيني عن طلب غيره من العلم؟
الجواب في ذلك أن الله عز وجل لم يغفر لأحدٍ بالجهل، فالواجب عليه أن يكون عمره كله في طلب الخروج من الجهل إلى العلم، وفي ذلك ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( اغد عالماً أو متعلماً ولا تكن الآخر فتهلك.))، يعني: الممسك عن طلب العلم.(1/627)

125 / 172
ع
En
A+
A-