مسألة
قال أيده الله: ومن استؤجر للحج له أن يستأجر غيره من غير عذر أم لا؟ وما الفرق بينه وبين سائر الإجارات؟
الجواب أن المستأجر للحج لا يستأجر غيره إلا أن يأذن له المستأجر في ذلك لأن الحج من العبادات والأغراض فيها تختلف بالأشخاص، وهذا الوجه في الفرق بينهما وبين سائر الإجارات، لأن الغرض في سائر الإجارات وقوع العمل المخصوص من أي شخص كان، وليس كذلك الحج فإنه يريد وقوعه من شخص دون شخص، لما يظن من كثرة ثواب أحد الشخصين لمعرفته أو صلاحه، وتفاضل الإجارة بين الشخصين على صورة واحدة، وليس كذلك سائر الأعمال.(1/41)


مسألة
قال أيده الله: ما ترى في المُستأجر للحج إذا أتى ببعض أعمال الحج ومرض واستأجر غيره للإتمام هل يجب على الذي يتم إحرام أم لا؟
الجواب عن ذلك: إن الإحرام يجب على المستأجر لأنه يجب ملازمته لأجزاء أعمال الحج من الابتداء إلى الانتهاء.(1/42)


مسألة
قال أيده الله: ما ترون في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمشتري الذي يغبن فلا خلابة؟ أي: لا خداع ولك الخيار ثلاثا ؟
الجواب عن ذلك أن الخلابة في لسان العرب الخداع، قال الشيء الحاكي.
سبب قلبه أجدى مراد خلابة .... ببيسان أو بالغيل من عمران
يريد خداعاً.
وقوله: لك الخيار ثلاثاً، بياناً أن من عرف من البائع أنه يخدع وأنه مريد الخيانة لأن لا يجعل الخيار مجهولاً، وأنه وقَّته إلى وقت كان إلى وقته قلَّ أو كثر، وجعل أقله ثلاثا فليشرط الخيار لعمل على معلوم في أمره، إن له الخيار ثلاثاً لأن نفس الأمور فكانا في الأصل ثلاثاً لأنه أقل أجل مضروب في كتاب الله سبحانه، فله أمثال كثيرة فاعلم ذلك والسلام.(1/43)


[فصل في تعيين العترة الطاهرة]
ومن إملائه عليه السلام فصل مذهبنا أن عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هم علي وفاطمة والحسن والحسين وأولادهما في جميع الأعصار سلام الله عليهم جميعا.
والدليل على ما ذهبنا إليه الإجماع فإن الناس لم يختلفوا في كونهم عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما الخلاف فيمن سواهم من أقاربه هل يضمون إليهم أم لا؟ والإجماع حجة على ما نذكره من بعده ولأن كونهم عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم معلوم، وكون غيرهم مشكوك فيه ولا يجوز العدول عن المعلوم إلى المشكوك فيه لغير دلالة، ولا دلالة على ذلك فوجب الاقتصار على المقطوع به من ذلك.
ومما يزيد ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه جمع علياًّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام تحت كساء فجاءت أم سلمة رضي الله عنها لتدخل معهم فدفعها وقال: لست منهم وإنك لعلى خير ثم قال: ((اللهم إن هؤلاء عترتي أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) فنزل قوله تعالى: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا?[الأحزاب:33] وهذا الخبر مما ظهر ظهوراً يستغنى معه عن إقامة الدليل على صحته في نفسه، ووجه استدلاله لنا بهذا الخبر أنه صلى الله عليه وآله وسلم أفردهم بقوله: ((عترتي أهل بيتي)) من دون سائر أقاربه ، ولا يجوز إدخال غيرهم فيما خصهم به، فثبت أنهم عترته وأهل بيته دون من عداهم من أقاربه فصح ما ذهبنا إليه.(1/44)


فصل [في إجماع أهل البيت عليهم السلام]
اعلم وفقنا الله وإياك لإصابة الصواب أن العلماء من آل الرسول عليهم السلام وغيرهم من علماء العامة قد كثر كلامهم في الفروع، واشتدت عنايتهم في تمييز الحق من الباطل، وإيثار الراجح على الشائل ولم يقصر أحد منهم في ذلك وكان من جملة ما تكلم فيه الناس الإجماع، فإن الخلاف واقع فيه، فمن الناس من منع منه رأساً، ومنهم من أثبته؛ واختلف المثبتون، فمنهم من جعل لكافة الأمة ، ومنهم من ذكر إجماع العترة؛ ولا غرض لنا في تبيين كلام كل فرقة، وإنما قصدنا أن نبين إجماع أهل البيت عليهم السلام هو الحجة دون من عداهم من إجماع الأمة، ونذكر الأدلة على ذلك على وجه الاختصار والله المعين والموفق.
اعلم أن لك في الاستدلال على أن إجماعهم دون غيرهم طريقان: جدلية وعلمية؛ فالعلمية الكتاب والسنة؛ والجدلية ما نذكر من بعد إن شاء الله تعالى.(1/45)

9 / 170
ع
En
A+
A-