قوله: ?وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى? معناه: قريب الدار والنسب، وقوله تعالى: ?وَالْجَارِ الْجُنُبِ? يريد: قريب الدار بعيد النسب، وقد حُدّ الجوار بأربعين داراً من الجهات، والأولى أن لا يحدد إلا بما يجري به العرف في المعاشرة.
قوله تعالى: ?وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ? معناه: من يصطحبك في السفر فإن له حرمة ، ولهذا يجب عليك شرعاً القيام بحاله ، وحفظ ماله إن جرى عليه تلف.
قوله تعالى: ?وَابْنِ السَّبِيلِ? وهو: المسافر، يلزم القيام بحقه لبعده عن أهله ورحله، ومساس الحاجة، والإسلام رحمه، وصل الله سبحانه بها ما قطعت جفوة الكفر وغلظة الشرك، وجعل تعالى قواعده مكارم الأخلاق، فله الحمد كثيراً.
قوله تعالى: ?وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ? معناه: وأوصاكم بما ملكت أيمانكم، والإحسان إليهم والرفق بهم وأن لا تكلفهم ما لا يطيقون ، وأن لا تمنعهم من عبادة الله سبحانه .
سأل أيده الله : عن رضا الله سبحانه وغضبه؟
الجواب عن ذلك: أن الرضا يرجع إلى الإرادة فما أراده فقد رضيه، والغضب يرجع إلى الكراهة فما كرهه فقد غضبة، وقد تقدمت إرادته للطاعة من فعلنا، بل ربما يريد الطاعة ممن لا يفعلها أصلا، فأما في فعله نفسه تعالى فتقديم الإرادة عزم؛ والعزم لا يجوز عليه لأنه إنما يكون بتوطين النفس على احتمال الفعل، وهو يتعالى عن ذلك.(1/232)


قال أيده الله: في تقديم الأهل لله سبحانه كيف هو ولم يعلم قصده في ذلك، فإن كان يريد ما نقول من أنا أهل الله فذلك مستقيم، ومعناه أهل ولاية الله واختصاصه بفعله وتشريفه بولادة أنبيائه، وإن كان المراد كيف تقديم الأهل لله في الاحتساب؟ فمعناه أن من قدم أهله معنى موتهم قبله أحرز من الثواب ما لا يعلم حقيقته إلا هو سبحانه، وفيه آثار كثيرة ضاق الوقت عن ذكرها.
سأل أيده الله: عن عداوة النفس ولا تعقل المعاداة إلا بين اثنين؟
الجواب عن ذلك: أن العقل لما صار يريد الحسن ويقود إليه، وهوى النفس تريد المشتهى وإن [ودَّا] إلى التلف، وكان من حق العدوين المخالفة في المقاصد، وأن يريد أحدهما بعض مراد صاحبه صار من يدل هوى نفسه لمتابعة دليل عقله كأنه عادى نفسه فصار في التمثيل كأن هناك مضاددة بين اثنين، وإن رجع إلى واحد في المشاهدة، فساغ ذلك وهو أسلوب العرب في لسانهم، فقلت لنفسي، وقالت لي، وليس هناك إلا واحد.
سأل أيده الله : عن العفو عن عدو الله إن لم يتب؟
الجواب عن ذلك: لا يجوز إلا لغرض صحيح من رجاء توبة، وإيثار جلب مودة، أو تأليف لغيره ممن يعظم حاله، والأغراض كثيرة، وإلا فإنزال حكم الله به هو الواجب.
سأل أيده الله: عن العذر الذي يجب معه العفو ما حقيقته؟
الجواب عن ذلك: أنه الذي يعلم الإنسان أو يغلب على الظن صحته، فأما الجواز فإنه يجوز قبوله وإن لم يغلب على الظن صحته، بل يغلب خلافه إذا كان في ذلك مصلحة دينية كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل مع المعذرين من الأعراب، والمنافقين يقبل عذرهم وإن علم الله سبحانه اختلافه.(1/233)


قال أيده الله وأيد به: ما المانع من سكون الجن في الهواء كما يدعيه ناس أنهم جن هوائيون؟
الجواب عن ذلك: أنه لا مانع من ذلك لأن الأصل في إثبات خلق غير المشاهدة من ملائكة أو جن هو السمع، فإن ورد السمع بذلك قبل؛ إلا أنا لم نعلم إلا ما وصلنا من أخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فسكونهم الأرض وتناسلهم أيده القرآن الكريم بقوله: ?وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا?[الجن:12] ولم يقل في الهواء ، ولو كان لا يصح قولهم كونهم في الأرض تعرت الآية عن المعنى وذلك لا يجوز لأنه لا يقول: لن نعجزه حيث يستحيل أن نكون فيه، وفيهم رجال، كما قال تعالى: ?وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ?[الجن:6]، وقال: ?وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ?[الذاريات:49] ذكر أهل العلم الأشياء وهم من معظمها، وقد روينا بالإسناد الموثوق به إلى الإمام المرشد بالله عليه السلام بالإسناد له، رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ذكره في (باب النبوءة) قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في جبل من جبال تهامة، إذ وقف عليه إنسان فقال: السلام عليك يا رسول الله. فرفع صلى الله عليه وآله وسلم رأسه وقال: ((وعليك السلام من أنت؟ نغمه الجن وخنتهم))؟ قال: يا رسول الله أنا هامة بن الهيثم بن لا قيس بن إبليس. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((ما بينك وبين إبليس إلا من ذكرت؟)) قال: ما بيني وبينه إلا من ذكرت. قال: ((فكم مضى لك من السنين؟)) قال: أفنيت(1/234)


الدنيا عمرها إلا القليل، وإني كنت وأنا ابن أعوام أمر بفعل الحرام، وارتكاب الآثام، وقطع الأرحام، وشركت في قتل الشهيد هابيل بن آدم. قال : فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ((بئس –لعمر الله- فعل الشيخ المتوسم!!، والشاب المتلوم!!)) قال : يا رسول الله، دعني من استعاذك، فإني تبت إلى الله، إني أتيت إلى نوح فقلت: يا نبي الله، إني شركت في دم الشهيد هابيل بن آدم، فهل لي من توبة؟ فقال: ما وجدت في ما أنزل الله ذنبا إلا وعفو الله أكبر منه، قم فتوضأ، وصل ركعتين. فتوضأت وصليت ركعتين. فقال: ارفع رأسك فقد غفر الله لك، وأني كنت معه في مسجده مع من آمن به من قومه فلم أزل أعاتبه في دعوته على قومه حتى بكى وأبكاني وقال: اللهم، إني إليك من التائبين، وأعوذ بك أن أكون من الجاهلين، وإني كنت مع هود في مسجده مع من أمر به من قومه فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى وأبكاني، وقال: اللهم، إني إليك من التائبين، وأعوذ بك أن أكون من الجاهلين، وإني كنت مع صالح في مسجده مع من آمن به من قومه فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى وأبكاني، وقال: اللهم إني إليك من التائبين، وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، وإني كنت دوّاراً ليوسف عليه السلام، وكنت من يعقوب بالمكان المبين، وإني أتيت موسى فقلت: يا كليم الله، علمني مما علمك الله فعلمني مما علمه الله، وقال: إذا لقيت أخي عيسى فأقرئه مني السلام. فأتيت عيسى فقلت: يا روح الله، إن أخاك موسى يقرئك السلام فعلمني مما علمك الله. فقال: وعلى أخي موسى السلام، وعلمني مما علمه الله، وقال:(1/235)


إذا لقيت أخي محمداً فأقرئه مني السلام، يا رسول الله إن أخاك عيسى يقرئك السلام، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((وعلى أخي عيسى السلام ما دامت الدنيا، وعليك يا هامة لتأديتك الأمانة)) فقال: يا رسول الله، علمني مما علمك [الله] فعلمه الحمد وذاوت قل. فقال: ((ارفع حوائجك إلينا، وزرنا في الحين بعد الحين))، فما جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعدها، وإنما ينكر هذه الأمور الباطنية ومن تابعهم من المطرفية تكذيباً لظاهر القرآن، وإلحاداً في الإيمان، وهذه المسألة مما يهون الخطب فيها، فمن لم تبلغ سمعه وسعه الجهل لأنها ليست من أصول الدين ، وإنما ذكرنا لك طرفاً مما بلغنا لكونك ممن يهتدي بالهدى .
سأل أيده الله: عن العقوبة بالهرم ، قال: وهل يكون العبد معاقباً مكلفاً معاً؟
الجواب عن ذلك: أن الهرم إن انتهى إلى زوال العقل سقط السؤال لانتفاء التكليف، وإن كان العقل باقياً كان ذلك من طريق الامتحان والتأديب، ويسمى عقوبة توسعاً، كما قال تعالى: ?وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ?[الأعراف:130]، والأخذ في كتابه العقوبة، كما قال تعالى: ?وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ?[هود:102] فهذا سائغ لأنه إن لم يضطر وأنه مؤد إلى العقوبة، فسمي باسم ما يؤدي إليه.
قال أيده الله في السدل: ما هو هو الالتحاف بالثوب وإرخاء أطرافه ويد لابسه من تحته.
سأل أيده الله : عن أكل أمير المؤمنين عليه السلام ثلاث لقم كل ليلة من شهر رمضان الذي قتل فيه وهو خلاف العادة؟(1/236)

47 / 170
ع
En
A+
A-