المسألة الثالثة والعشرون في الاعتقاد في فضل الشرف والرفعة من الله ابتداء أم جزاءً؟
الجواب عن ذلك أنه على نوعين ابتداء وجزاءً، فأما فضل القرابة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا ابتداء وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وأما ما في مقابلته على الأعمال فهو جزاء وقد ذكر القاسم عليه السلام [499] في كتاب تثبيت الإمامة وصرح بفضل الله الابتداء.(1/227)
المسألة الرابعة والعشرون عن الأجسام هل تسمع وترى أم لا تسمع وترى إلا الأعراض؟
الجواب عن ذلك أن كل ما يصح أن يسمع يسمع وما يصح أن يرى يرى، فالمسموعات الأصوات وطريقها حاسة الأذن، والمرئيات الأجسام والألوان من بين الأعراض البياض والسواد والحمرة والصفرة والخضرة والأجسام تسمع أصوات وما لا صوت له لا يصح أن يسمع؛ لأنك لو ألصقت أذنك بالجبل ولا صوت لم تسمع شيئاً وهو أكبر الأجسام، وأما الرؤية فهي تدرك النوعين اللون والجسم دون سائر المحدثات فهذا ما اتفق من الجواب على وجه العجلة وما أمكن كتابه إلا والحوائج تقضى والأشغال متراكمة فنسأل الله تعالى التوفيق، فإن أراد البصيرة في الدين والخروج عن دائرة الملحدين والتمسك بعترة خاتم المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم وترك التعرض لشعار المحقين عند خمود نار المبطلين فليصل أمننا بأمان الله عز وجل وأمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى يسأل عن كل أمر عرض في نفسه ثم لا يقبل الجواب فيه إلا بآية محكمة وسنة واضحة أو برهان عقلي يلجي إلى الضرورة، فإن قبل هذه الثلاثة وإلا رجع إلى منامه بعد سماعه كلام الله عز وجل وكان من جملة المطالبين، وإن كره ذلك لم يضر إلا نفسه، والسلام، والحمد لله وحده، وصلاة على سيدنا محمد وآله وسلامه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، أجاب عليه السلام بيده عن هذه المسائل أول النهار من يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من سنة ستمائة بحصن ظفار حماه الله تعالى في ابتداء عمارته مع كثرة الأشغال وسعة الأعمال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على(1/228)
محمد وآله وسلم[500].(1/229)
مسائل وردت من الأمير نور الدين محمد بن يحيى بن عبد الله الهادي إلى الحق عليهم السلام
وهو الشريف الفاضل نور الدين محمد بن يحيى بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن المطهر بن علي بن الناصر أحمد بن يحيى الهادي إلى الحق عليهم السلام
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
الحمد لله الذي نور بالعلم قلوب العارفين، وأسكن النفوس إلى برد اليقين، وصلى الله على محمد الأمين، وعلى أهل بيته الطيبين.
أما بعد .. فإن مسائل الشريف الأمير الطاهر نور الدين أيَّده الله وأيَّد به، جاءت والأشغال متراكمة، والقلوب بتظاهر التكليف وقلة الأعوان واجمة، فلم نرَ بداً من إجابة سؤاله، لما يجب من تعظيمه وإجلاله، وتعرضاً لثواب الله سبحانه في معونة مثله، إذ هو من ورثة الكتاب وأهله، ومن الله سبحانه نستمد التوفيق، وعلى نهاية الإختصار يقع الجواب، لما حققنا من العذر.
سأل أيده الله عن التوبة أي فعل القلب هي؟
الجواب عن ذلك: أنها الندم على فعل ما فات لأجل قبحه، والعزم على أن لا يعود أبداً إلى مثله، طاعة لربه.
قال أيده الله تعالى: وذكر صلى الله عليه وآله وسلم الإيمان، ولم يذكر من القلب إلا المعرفة؟
الجواب عن ذلك: أن ذكر الشيء لا يدل على نفي ما عداه، ولم يذكر الخبر مفصلاً، فنجيب على معنى محقق إلا أن ذلك على وجه الجملة كافٍ إن شاء الله تعالى.
سأل عن النميمة؟.
الجواب عن ذلك : أنه ترديد الحديث بين الاثنين لإيجاب العداوة بينهما، وهي من الكبائر، ونعوذ بالله منه.(1/230)
الكلام في الغيبة: وحدها: أن يذكر الإنسان صاحبه بما فيه على وجه الانتقاص والاستخفاف.
الكلام في البهتان: وحده: أن يرمي الإنسان صاحبه بما لا حقيقة له مواجهة، ويظهر دعوى صحة قوله.
الكلام في العجب: وهو الاستعظام للنفس وإعطاؤها فوق حقها من الإجلال .
الكلام في الكبر: وحده التجافي عن سبل الحق واستصغار الناس.
قال أيده الله في الآية الشريفة وهي قوله تعالى: ?وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا?[النساء:36].
عبادته: نهاية الذل والاستكانة له، لأن العبادة التذلل، والتعبد التذلل، طريق معبد أي: مذلل، ولا يشرك شيئاً في عبادته لا يعبد من دونه أحداً، ولا يعتقد النفع والضر إلا من قبله، فإن أضفنا أحدهما إلى غيره جعلنا له شريكاً في ملكه، تعالى عن ذلك.
قوله: ?وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا?، معناه: يوصيكم الله أن تحسنوا إلى الوالدين إحساناً تاماً، والإحسان إليهما أن لا تشبع ويجوعان ، ولا تكتسي ويعريان، وإن كانا مشركين صاحبهما في الدنيا بحسن العشرة دون المساعدة في المعصية.
قوله تعالى: ?وَبِذِي الْقُرْبَى? معناه: يوصيكم بذي القربى، أن تصلوا رحمه، وترعوا ذممه.
قوله تعالى: ?وَالْيَتَامَى?: وهم الذين مات آباؤهم وإن حيت الأم ، فإن ماتت الأم فأعظم في باب اليتم، قوموا بحقهم وأحسنوا مواساتهم، ?وَالْمَسَاكِينِ? هم الطوافون للقمة والكف أوصى سبحانه بهم .(1/231)