المسألة الرابعة هل يجب كفاية المسلمين والأيتام؟
الجواب عن ذلك أن المسلمين هم المجاهدون ومن خذل الإمام ولم يجاهد بين يديه فهو فاسق وإن قام بجميع الفرائض لا يخالف في ذلك أحد من العلماء.
وأما الأيتام والضعفاء والمساكين والسؤال فالإمام موكول في ذلك إلى رأيه فإن رأى أن إعطاءهم لا يخل بالمجاهدين أعطاهم وإن كان يخل بالمجاهدين منعهم وقد كان الهادي عليه السلام قسم لهم الربع في أول أيامه ثم منعهم بعد ذلك فعاب عليه مُرَّاق عصره كما عابوا علينا فأجابهم عليه السلام بجواب يطول شرحه ومن جملته ومعناه: أرأيت لو أن ولي الأيتام معه لهم غلة ولهم زروع وعنوب فاجترفتها السيول فإن أصلحها ضاعوا في عامهم وصلحت أموالهم وإن أعطاهم الغلة عاشوا في عامهم وطاحت أموالهم ما الواجب عليه في ذلك، وضرب مثالاً آخر وكلاماً طويلاً هو عندنا موجود وأشرنا إليه لضيق الوقت، وكل السوال من اليتامى على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحتاجون ويطلبون والأموال فيها كثيرة، أتاه من البحرين سبعون ألفاً دفعة واحدة، وكان يحمل الدراهم إلى قريش وهم مشركون يتألفهم بها وبالمسلمين إليها حاجة شديدة، فأي عيب على من اقتفى آثارهم ينكر إن كنت من المنكرين فما يعلمها إلا العالمون.(1/207)


المسألة الخامسة هل يجوز عمالة بني هاشم وعمالة من لا يد له في الإسلام على أولياء الله وأمواله؟
الجواب [493] عن ذلك أن ولاية بني هاشم تكره وقد كرهها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم لما سألوه ذلك، فإن احتاج إليهم صاحب الأمر جاز استعمالهم كما فعل علي عليه السلام فإنه استعمل عبد الله بن العباس على البصرة، وقثم على مكة، وعبيد الله على اليمن وكل هؤلاء صميم بني هاشم لا ينكر ذلك أحد، وأخذ عبد الله مال البصرة وشرح ذلك يطول وإنما الكلام هل يجوز لهم أخذ الزكاة، لا يجوز ذلك ولا يحل لأحد منهم ولا أحللناه ولا أظهر لنا أحد أخذه ولا استحلاله ولا يجوز أن يخونوا كما خان عبد الله وغيره.(1/208)


وأما قوله: ولاية من لا يد له في الإسلام، فإن أراد من كان من العصاة ثم أظهر التوبة وليس من أهل العلم والعبادة فعندنا أن ذلك جائز وقد فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولّى أبا سفيان بن حرب على نجران وخالد بن سعد على اليمن وعتاب بن أسد على مكة وسعيد بن أبان على البحرين هؤلاء أربعة من بني أمية وبعضهم ليس لهم سابقة في الإيمان ومنهم من له ظاهرة ضعيفة لو كشف بان خلله، وولّى عمرو بن العاص وحاله ما علمه الناس على عمان وولّى خالد بن الوليد على العساكر وأمره عند أهل المعرفة ظاهر، فإن عرض بذلك إلى الولاة من قبلنا فما ولينا إلا من أظهر التوبة والإنابة وإن كان باطنه خلاف ظاهره فالله تعالى له بالمرصاد وليس علينا فيه تكليف وقد ولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل على أولياء الله ومن أفعاله في تلك الغزوة أنه صلّى بالمسلمين وهو جنب.(1/209)


المسألة السادسة
قال أرشده الله: وهل جوز الضيفة والهدية على طريق القهر والغلبة؟
الجواب عن ذلك أن ضيفة المجاهدين إن ألجأت إليها ضرورة جاز إكراه الرعية عليها وقد تعوذ أمير المؤمنين عليه السلام من معسرة العسكر إلا من جوعة المضطر، وفي حديث: ((من جوعة إلى شبعة)) ذكره في نهج البلاغة.
وأما الهدية للوالي فلا تحل له، فإن أجازها الإمام جازت وإلا فهي حرام وإن صرفها إلى بيت المال جاز ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((هدايا الأمراء غلول)) والغلول هو الحرام.(1/210)


المسألة السابعة هل يجوز أخذ الوصايا [494] المعينة للمساجد أم لا؟
الجواب عن ذلك: أن عندنا أن ذلك لا يجوز إلا للأئمة إن رأوا أن صرف صدقة المسجد إلى الجهاد صواباً جاز ذلك فإن لم يجزه الإمام لم يجز، وقد ورد أن الحسين بن علي الفخي عليه السلام أخذ أستار مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عملها خفاش لأصحابه وكانت من الديباج، وكذلك إبراهيم أخذ أستار الكعبة لمثل ذلك، فأما نحن فلم نر ذلك صواباً في وقتنا ولا وقع بعلمنا ولو ألجئنا لفعلنا ونرجو من الله تعالى أن لا نلجأ بل ننفق الأموال الجليلة في عمارتها ولو سلمنا من نفاق الجهاد لأغنينا الفقراء وعمرنا المدارس والمناهل والسبل ونرجو أن يكون ذلك إن شاء الله تعالى.(1/211)

42 / 170
ع
En
A+
A-