المسألة العاشرة في الأعراض
أتقع عليها الحواس السمع والبصر وغير ذلك أم لا تقع إلا على الأجسام؟
الجواب عن ذلك أن الحواس تقع على الأجسام وما يصح وقوعها عليه من الأعراض هو الذي يصح وقوعها عليه من الأعراض هي المدركات من الأصوات تدركها حاسة السمع وهي الآذان، والطعوم وتدركها آلة الطعم وهي اللسان واللهوات، والروائح تدركها آلة الشم وهي الأنف والخياشيم، والحرارة والبرودة وما شاكلها تدرك بمحل الحياة، والألوان بحاسة البصر وهي العين، وهذه أمور مشاهدة فبرهانها الإدراك وإحالتها عدمه.(1/197)


المسألة الحادية عشر
قال أرشده الله فيما يحدث من الحيوان والبهائم أيكون فعل الله سبحانه أم ينسب إلى البهائم.
الجواب عن ذلك أن أفعال البهائم منسوبة إليها والله تعالى منزه عنها وقد قال تعالى: ?إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ?[لقمان:19] فأضاف الصوت إلى الحمير ووصفه بالإنكار وفعله غير مستنكر ويحدث من الكلاب والسباع أفعال تنافي الحكمة كعضال الكلاب وعبث الحيوان ولعبه وهي حية قادرة يصح منها الفعل وإن كانت فاقدة العلم وإنما معها إلهام ينفع العباد ويسره في ذوات الشر منها لمحنتهم وشرها وخيرها مضاف إليها قال تعالى: ?وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ?[النحل:7] فمن [488] علينا بإقرارها وتذليلها فله الحمد، وقال تعالى في الذم: ?فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ?[الأعراف:176] وقال في فقد العلم: ?كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا?[الجمعة:5] إلى غير ذلك.(1/198)


فاعلم أيدك الله أن هذه الأمة أتيت من الاكتفاء بنفوسها وعدولها عن عترة نبيها صلى الله عليه وآله وسلم فخبطوا العشواء وتفرقوا التفرق الأهوى فصاروا كالأعمى ينقاد للأعمى لا تدري أيها أهدى، وقد قال تعالى: ?فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ?[النحل:43]، وقال تعالى: ?وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ?[النساء:83] وأولوا الأمر هم آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام هم بحار العلم، وجبال الحلم، وسفينة النجاة، وماء الحياة، وعصمة اللاجئين، ونور الحكمة، ومنهاج الرحمة، وسبيل الهدى، وعروة الله الوثقى، وحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وورثة النبيين، وأهل التأويل والتنزيل والتحريم والتحليل، لا تنال السعادة إلا بهم، ولا تكتب الشقاوة إلا ببغضهم، على الناس جميعاً اتباعهم، وعليهم اتباع سلفهم، فالويل لمن حاربهم وأنكر فضلهم وطعن في أمرهم ورام الاستئثار بالأمر دونهم لقد ارتكب عظيماً، وامتطى خطأ جسيما وكان من الأخسرين أعمالا ?الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا?[الكهف:104] فعليك باقتفاء آثارهم واحتذا أمثالهم وترك التفريق بينهم لا تفرق بين أحد منهم.
اعلم أن المفرق بين الأمة الهادين كالمفرق بين النبيين، وأن علمك لإمام عصرك من أهل بيت الذكر كما كان على سلفك لسلفه حذو المنتعل بالنعل والقذة بالقذة.(1/199)


ونسأل الله لنا ولك ولكافة المسلمين حسن الخاتمة، والحمد لله وصلاة على نبيه سيدنا محمد وآله وسلم تسليماً يا كريم يا رحمن يا رحيم يا الله.(1/200)


مسائل العلم الرجوي المرشد لكل ضال غوي
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى وسلم على سيدنا محمد وآله
سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ونسأله لنا ولك التوفيق إلى سبيل الرشاد.
أما بعد.. فقد بلغنا كتابك وفهمنا مضمونه وما ذكرت أنك أول من بايع فلعمري أن السابق إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وإمام الهدى وعترة نبيه سلام الله عليهم من الفائزين المغبوطين المكتوبين في زمرة السابقين ?ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ?[الحديد:21] وقد بقيت الاستقامة المحمودة، قال تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا?[فصلت:30] فجعل الاستقامة خاتمة العمل وملاكه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((ملاك العمل خواتمه)).
وأما أمر الجمعة وقيامه بها وتركها قال من قال إنه من المنافقين فهي من الفرائض التي لا تترك لقول القائلين وتركها من الكبائر التي تحبط الحسنات عند علماء العترة الطيبين وأتباعهم من علماء المسلمين ولا تقبل لتاركها شهادة ولا يعد في زمرة الصالحين ولا فرق بينها وبين سائر الصلوات في الوجوب وقد ميزت بوجوب السعي إليها والمحافظة عليها عند المستبصرين.
وأما قوله لو تكلم عليه المتكلمون في الصلوات أكان يتركها لقولهم أم يصبر كما صبر الصالحون.(1/201)

40 / 170
ع
En
A+
A-