الجواب أنه يملك الأرض بين أقطارها، وخلف بحارها، ويفتح قسطنطينية العظمى، ويهدم سور رومية الكبرى ويهلكها.
روينا ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفي الحديث عن علي عليه السلام: فأين يتاه بكم عن أمرٍ تنوسخ من أصلاب أصحاب السفينة وهؤلاء مثلها فيكم ؟
الجواب: إن أهل البيت عليهم السلام بمنزلة سفينة نوح، وبذلك ورد الخبر، وتناسخوا من أصلاب أصحاب السفينة أنهم نطف تنتقل، ومن الله نستمد التوفيق لموالاة الأولياء.
وفي دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هل بلغت جميع المكلفين، ويأجوج ومأجوج أم لا؟
الجواب: أنها بلغت من تعبد بشريعته ومن لم يتعبد بقي على كلمة العقل ولسنا نعلم ما وراء هذا.
وعن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ((السعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي فيّ))؟
الجواب: أن السعيد من كانت مصيبة غيره في دينه موعظة له تمنعه من ركوب مثال يعلمه، والشقي من علم الله شقاؤه في بطن أمه لأنه يفعل، فعلم شقاه بقبح اختياره.
وفيمن يصلي ويتيمم ويغلب على ظنه أن الشمس على الغروب لكثرة الغمام، فلما أتم وسار في طريقه راحت العلة فإذا الشمس وعند ذلك وجد الماء، هل تجب عليه الإعادة أم لا؟
الجواب: إن إعادة الصلاة واجبة عليه، لأنه مأخوذ بالتلوم إلى آخر الوقت فاعلم.
وفي من يُسَلِّمُ ابتداءً على المطرفية إذا ابتلي بهم ويريد بذلك تقريبهم، هل يجوز له ذلك أم لا؟ وهم ممن لا يجد بداً من ابتدائه لعرف أهل البلاد، هل في ذلك رخصة أم لا؟(1/71)


الجواب: إن ذلك يجوز للدعاة إلى الدين لأنه من التأليف في من يطمع بصلاحه، فأما من ييئس منه فلا يجوز ذلك فيه، لأنهم أقبح المشركين ظلماً، وأغلظهم حكماً.
وفي من يحب يد المطرفي للسلام عليه، والغرض بذلك للتقريب، ويغلب على الظن أنهم ممن لا يقرب لقوله تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ…?الآية [البقرة:149]؟
الجواب: إنه إذا كان آيساً منه لم يجز له شيء، وإن طمع في قربه جاز، فاعلم.
وقوله تعالى: ?وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ...?الآية [الشورى:27]؟
الجواب: إن هذا غيب أخبرنا الله تعالى به وهو علام الغيوب، ولذلك أنزل الرزق بقدر وهو حكيم عليم والسلام.
والحمد لله وحده
وصلى الله على خير خلقه سيدنا محمد وآله وسلم(1/72)


مسائل سأل عنها الشيخ الأجل منيف بن مفضل بن أبي زراج الرعدي الحبسي رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وحده. الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، الذي هدانا لمعرفة دينه، وجعلنا من ذرية نبيه صلى الله عليه وآله وسلم حكاماً على خلقه، شهداء على عباده، وصلى الله على محمد المصطفى، وعلى الطيبين من آله وعليهم رحمة الله وبركاته.
ولما وردت المسائل التي سأل الشيخ الأجل منيف بن مفضل إيصالها إلينا نظرنا فيها على كثرة شواغل عارضة، وأحداث ناصبة، صرفنا إليها معظم الهمة، مستعينين بالله سبحانه، فرأينا مسائل من لم تضرسه نيوب المحققين، ولا جال في ميدان المدققين، جاء يحمل الريح بمسرة، ويغير وعود وبحره وجبلاً وسعره، فحملنا الأمر على المطارحة، ولم نر إلا تجريد الأجوبة، ونحن نرى ما لا بد من تحريره من الأسئلة، مستعينين بالله، متوكلين عليه.(1/73)


المسألة الأولى[هل هناك دار للفسق]
قال أرشده الله: إن إمامه القائم ذكر في بعض تصانيفه أن للفسق داراً ثالثة بين الدارين، دار الكفر ودار الإسلام، كالمنزلة بين المنزلتين وسماها دار الفاسقين، قال: يقال لهم هل قال بهذا أحد قبل إمامكم؟ وما دليله إلى آخر القول؟
الجواب عن ذلك وبالله التوفيق: أنا نقول بإثبات دار ثالثة بين دار الكفر ودار الإسلام، ونسميها دار الفاسقين، وقد قال بذلك أعني التسمية من أهل العلم أبو علي الجبائي ومن اتبعه من أهل العلم، ولو لم يقل به لم يستوحش مع البراهين إلى أحد، لأنا نسأل السائل: لِمَ قيل في دار الكفر دار الكفر؟ ولِمَ قيل في دار الإسلام: دار الإسلام؟ فإن قيل: ذلك من أسماء الأعلام كذبه جميع أهل المعرفة من الأنام، لأن لنا أن نغير الاسم العلم واللغة بحالها فنسمي زيداً بعمرو، وعمراً بزيد، ولا يختل المعنى، ولا يصح ذلك فيما نحن بصدده؛ لأنا لو سمينا دار الكفر دار الإسلام لم يجز، وإن قال الغلبة الكفر في ذلك كما أنا نعلم أن مكة حرسها الله حرم الله، ومهبط وحيه، كانت في حال غلبة الكفر عليها دار حرب وكفر، فلما غلب الإسلام عليها، فصارت بحبوحة دار الإسلام حمى الله، فلما أصبت في قولك، ونحن ما سمينا دار فسق إلا لغلبة الفسق فيها ولا دار الفاسقين، فأما أموال هذه الدار ونساؤها وذراريها فلها حكم بين الحكمين، كما أن لها اسم بين الاسمين، وهو أن الأموال موقوفة على رأي الإمام إن شاء أباحها، وإن شاء حضرها، فإن أباحها حلت، وإن حضرها حرمت، كما فعل علي عليه السلام في أموال أهل الجمل والنهر بالبصرة، والنهروان،(1/74)


وكما فعل بمال المحتكر في الكوفة، فإنه قسم ماله نصفين، فحرق نصفه وأمر بنصفه إلى بيت المال، وقال: لو ترك لي علي مالي لربحت مثل عطاء أهل الكوفة.
وأما ما ذكر من أنا إن قلنا لا تحل، أصبنا طريقة علي عليه السلام في أصحاب الجمل والنهر وصفين، فهذا من النظر الدقيق أناّ إذا قلنا بقول علي أصبنا طريقة علي، وهل يلتبس هذا على الجاهل فضلاً عن العالم، وكان الأولى أن يقول: إصابتنا قول علي عليه السلام في الفقهيات واجب، فإن قال بذلك خالف الأمة والأئمة، وإن قال قوله أولى من فعل غيره طابق الزيدية؛ لأن علياً عليه السلام خولف في الفقهيات، ولم يعلم منه تضليل من خالفهم، ولا ولده الحسن عليه السلام لم ير توريث الغرقى والهدمى بعضهم من بعض.
وروي عن علي عليه السلام جواز بيع أمهات الأولاد إلى غير ذلك مما خالف فيه أولاده سلام الله عليه وعليهم، وخالفه الصحابة رضي الله عنهم في غير مسألة، وأكثر ما فيه أن يخالف اجتهادنا اجتهاده في مسألة أو أكثر، وقد جمع محمد بن منصور رحمه الله تعالى خلاف أهل البيت عليهم السلام وجعله كتاباً، وكما نعلمه بين الهادي والقاسم عليهم السلام، وهذا من رحمة الله سبحانه لعباده أن جعل ميدان الشرع رحيباً، وكل مجتهد فيه مصيباً إذا بلغ درجة الاجتهاد ووفَّا الاجتهاد حقه.(1/75)

15 / 170
ع
En
A+
A-