ومن (مسند ابن حنبل) رويناه عنه، ورفعه بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما نزلت: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: ((علي وفاطمة وابناهماٍ)).
ومن (صحيح البخاري) بإسناده من الجزء السادس من صحيح البخاري على حد كراستين ونصف من أوله في تفسير قوله تعالى: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قال: حدثني محمد بن يسار، قال: حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل عن قوله تعالى: ?إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلوات الله عليهم.
ومن (صحيح مسلم) بإسناده موضعه من الجزء الخامس قال: وسئل في أوله رفعه إلى ابن عباس في تفسير الآية قال: هي قربى آل محمد صلوات الله عليهم.(1/438)
ومن (تفسير الثعلبي) في قوله تعالى: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23] بإسناده قال: اختلفوا في قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين أمر الله تعالى بمودتهم، فأخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل، رفعه إلى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه لما نزلت ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?[الشورى:23]، قالوا : يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟قال: ((علي وفاطمة وابنيهما صلوات الله عليهم أجمعين وسلامه)) قال ودليل هذا التأويل ما رواه بإسناده، ورفعه إلى علي بن أبي طالب عليه السلام قال: شكوت إلى رسول اللهً حسد الناس لي فقال: ((ما ترضى أن تكون رابع أربعة، أول ما يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذريتنا خلف أزواجنا، وشيعتنا من خلف ذريتنا)).
ورفع إلى أبي حاتم عن أبي هريرة قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم فقال: ((أنا حرب لمن حاربتم، وسلم لمن سالمتم)) فليت شعري هل علمت الأمة هذا الحديث فهو في نقلها أو لا؟ وإذ علمت هل علمت أن معاوية وولده حاربهم أم لا؟
وبإسناده إلى السدي عن أبي الديلم قال: لما جيء بعلي بن الحسين صلوات الله عليه أسيراً فأقيم على درج دمشق، قام رجل من أهل الشام فقال: الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرن الفتنة، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: أقرأت القرآن؟ قال: نعم. قال: قرأت آل حم؟ قال: نعم، قال: قرأت القرآن ولم أقرأ آل حم. قال قرأت: ?قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى?؟ قال: أأنتم هم؟ قال: نعم.(1/439)
وبإسناده إلى علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وآله قال: قال رسول الله ً: ((حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي، ومن صنع صنيعة إلى ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه غداً إذا لقيني يوم القيامة)).
وقد ذكر في تفسير الآية أقوال منها ما قدمنا، ومنها أنها في ولد عبد المطلب، ومنها أنها في الجنس من ولد عبد مناف وبني هاشم وبني المطلب، فكل واحد من هذه الأقوال لمن ذكرنا صفوه دون كدره؛ لأنهم خلاصة الخلاصة وصفوة الصفوة بلا اختلاف في ذلك.
وبإسناده إلى جرير بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله ً: ((من مات على حب آل محمد مات شهيداً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً، ألا ومن مات على حب آل محمد مات مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة، ثم منكر ونكير، ألا ومن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العرس إلى بيت زوجها، ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره الملائكة بالرحمة، ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة، ألا ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله، ألا ومن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة)).
ومن كتاب (المصابيح) تصنيف أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء، بإسناده عن أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة في بعض الحاجات، فخرج النبيً وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فكشفه فإذا الحسن والحسين على وركيه فقال: ((هذان ابناي وابنا بنتي اللهم إني أحبهما وأحب من أحبهما)) وهذا في ذكر ذريتهما وأتباعهم .(1/440)
ومن كتاب ابن المغازلي رويناه عنه، ورفعه بإسناده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يا علي إن شيعتنا يخرجون [من قبورهم] يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذنوب ووجوههم كالقمر ليلة البدر، وقد فُرِّجت عنهم الشدائد، وسُهّلت لهم الموارد، وأعطوا الأمن والأمان، وارتفعت عنهم الأحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك نعالهم تتلألأ نوراً، على نوق بيض لها أجنحة، قد ذللت من غير مهانة، ونَجُبتْ من غير رياضة، أعناقها من ذهب أحمر، ألين من الحرير لكرامتهم على الله عز وجل)).
هذا في فضل أهل البيت عليهم السلام ، وفضل شيعتهم، ووجوب اتباعهم، وفوز تابعهم، بما لا يختص به غيره، فلو روينا ما روت الشيعة في ذلك بأسانيدها لطال الشرح، ولكنا نريد الوفاء بما شرطنا في أول الكتاب، وهل بعد هذا رحمك الله من مطلب، وهل بعد وضوح المنهاج من مذهب، وإذا تقررت وظهرت، واستمرت الأدلة واشتهرت، فكيف المذهب، وإلى أين المهرب، وهل تصح طاعة بغير ائتمار؟ وهل تثبت مودة مع معصية؟ قال الشاعر:
تعصي الإله وأنت تأمل حبه .... هذا محال في المقال بديع
هيهات لو أحببته لأطعته .... إن المحب لمن يحب مطيع(1/441)
فكيف تصح دعوى ولاية آل محمد ومودتهم مع بغضهم، والتنفير عن طاعتهم، وترك الاعتماد على قولهم، ما قولكم فيمن استخان دليله، وشتم هاديه، ونابذ مرشده، ونازع نصحه، فنعوذ بالله من ضرر الفتنة، ووضوح المحنة، ومكابرة الدليل، ومعاصاة النصيح، ومخالفة الحبيب، وموالاة المضل، وإذ قد تقرر وجوب التمسك بهم تصريحاً وتمثيلاً لقرنهم بالكتاب الكريم، فكما أن الكتاب واجب الاتباع فكذلك هم، وأمّن الصادق مع ذلك من الضلال بشرط التمسك بهم وذكرهم بلفظ (لن) وهي لنفي الأبد فلا خوف مع ذلك، وجعلهم بمنزلة سفينة نوح، ومعلوم أنها العاصمة من القاصمة، فأخبرنا بتطهيرهم وهو لا يخبر إلا بالحق، وأيد ذلك لنا رسوله بأنهم المرادون، وأُوجبت علينا محبتهم في كتابه الكريم في أول حم، وفسره لنا نبيه برفع الألباس لئلا يقع عندنا أن المراد غيرهم، وبين لنا أنهم عترته وأهل بيته، ومنع من شركهم في الأيمان يدخل معهم، وبشر بالخير لسابق فضله.(1/442)